بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين. امين. نقل الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين. قال رحمه الله باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر عن بريرة عن بريدة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها. رواه مسلم بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر الزيارة هي قصد المزور اكراما له واستئناسا به. هذا هو الاصل وقوله القبور جمع قبر. والقبر هو مدفن الميت. قال الشاعر لكل اناس مدفن فيه بفنائهم فهم ينقصون والقبور تزيد وقوله رحمه الله للرجال اي لا للنساء فان زيارة النساء للقبور محرمة. بل من كبائر الذنوب فان النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور وقول وما يقوله الزائر يعني من الذكر واعلم ان المقصود من زيارة القبور امران عظيمان. الامر الاول انتفاع الزائر بالاتعاظ والادكار والاعتبار وتذكر الموت والثاني انتفاع المزور بالدعاء له ثم ساق المؤلف رحمه الله الاحاديث في هذا الباب الحديث الاول حديث بريدة بن حصيب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه قال كنت نهيتكم عن زيارة القبور وذلك في اول الاسلام نهاهم عن زيارة القبور لانهم حديث عهد بجاهلية فخوفا عليهم من الشرك نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم فزوروها. هذا امر بعد النهي. فيكون لرفع النهي وعلى هذا فتكون زيارة القبور مستحبة فانها تذكر الاخرة. اي ان الانسان اذا زار القبور تذكر الاخرة. وتذكر مآله ومصيره. وفي رواية فانها تزهد في الدنيا. وفي رواية فانها تذكر الموت. فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث علل ثلاثة علل زيارة القبور العلة الاولى انها تذكر بالاخرة والعيلة الثانية انها تذكر الموت. والعلة الثالثة انها تزهد في الدنيا. ففي هذا الحديث فوائد منها اولا اثبات النسخ في الاحكام الشرعية. وان من الاحكام الشرعية ما ينسخه الله عز وجل. قال الله عز وجل ما ننسخ من اية او نمسها نأتي بخير منها او مثلها ومنها ايضا مشروعية زيارة القبور. لان الرسول عليه الصلاة والسلام قال فزوروها واعلم ان زائر القبور لا يخلو من احوال الحالة الاولى ان يزور القبور ليدعو اهلها. بان يقول لصاحب القبر المدد المدد او اعطني كذا او ارزقني كذا او تأتي اليه المرأة تطلب منه ان ان يحصل لها الحمل ونحو ذلك فهذا من الشرك الاكبر والذنب الذي لا يغفر الحال الثانية ان يأتي الى القبور ليدعو الله عز وجل باهلها. بان يتخذهم وسائط ووسائل من الله عز وجل فهذا بدعة محرمة. كما لو قال اللهم اني اسألك جاه صاحب هذا القبر او بما لصاحب هذا القبر من الحق. او بحق صاحب هذا القبر ونحو ذلك فهذا بدعة محرمة. لانه قد يكون سببا لدعاء اصحاب القبور الحال الثالثة ان يزور القبور ليدعو الله عز وجل عندها. فيذهب الى المقبرة ويدعو الله تعالى. وهذا ايضا محرم لان الله عز وجل قد يجيب دعاءه فيظن ان سبب اجابة الدعاء هو انه دعا في المقبرة ولم يعلم ان الله عز وجل اجاب دعوته عند القبور لا بسبب القبور. فربما اتخذ ذلك وسيلة الى توسل باصحاب القبور او سؤاله من حاجات من دون الله تعالى الحال الرابعة ان يزور القبور لتهييج الاحزان. بحيث انه كلما تذكر اباه او امه او اخته او اخاك او صديقه ذهب الى المقبرة لاجل ان يهيج احزانه فهذا محرم وهو من النياحة الحال الخامسة ان يزور القبور للاتعاظ والاعتبار والادكار والحال السادسة ان يزور القبور للدعاء لاهلها. فيدعو الله عز وجل لاهلها بالمغفرة والرحمة. وهاتان هما المشروع ان يزورها للاتعاظ والاعتبار او ان يزورها للدعاء لاصحاب القبور بالمغفرة والرحمة ويستفاد من هذا الحديث ايضا انه ليس لزيارة القبور وقت محدد. لان النبي صلى الله عليه وسلم قال فز ولم يعين وقتا وزمنا فالفعل يدل على الاطلاق. وعلى هذا فتحليل زمن لزيارة القبور. اما في يوم الجمعة او في يوم العيد يذهب الى اصحاب القبور ليعايدهم فهذا لا اصل له. فزيارة القبور ليس لها وقت محدد ومن فوائد هذا الحديث ايضا انه ينبغي للانسان ان ان يفعل كل امر يكون سببا ليقظة قلبه بكاره واعتباره لان الرسول عليه الصلاة والسلام شرع زيارة القبور من حكمها الاتعاظ والاعتبار والانسان قد يتأثر بموعظة دون موعظة. فبعظ المواعظ ربما لا يتأثر الانسان بها. لكثرة ورود على قلبه ومع كثرة المساس يقل الاحساس. فعلى هذا ينبغي للانسان ان يحرص على ايقاظ قلبه بالمواعظ وما يكون سببا بحياة قلبه ويستفاد ايضا من هذا الحديث ان القبر هو اول منازل الاخرة. ولهذا قيل ان من مات فقد قامت قيامته قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ومن الايمان باليوم الاخر الايمان بكل ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت ما يحصل للميت في قبره من سؤال الملكين ومن النعيم ومن العذاب كل هذا داخل في اليوم الاخر. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. وصلى الله على نبينا محمد