بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال رحمه الله تعالى في باب الورع وترك الشبهات ذكر حديث عائشة رضي الله عنها ان الصديق رضي الله عنه كان له غلام اي كان له عبد مملوك وكان يخرج له الخراج يعني يعطيه الخراج والخراج هو ان يجعل السيد على عبده قدرا معينا من المال كل يوم من كسبه. بان يقول مثلا اعطني كل يوم مئة ريال وما زاد فانه يكون للعبد فكان يخرج له الخراج وكان ابو بكر رضي الله عنه يأكل من هذا الخراج. يعني مما يأتيه به هذا العبد. فاتاه يوما بخراج فاكل منه وكان من عادته رضي الله عنه انه كان يسأله عن مصدر هذا الخراج ففي ذات يوم اتاه واعطاه شيئا من الخرج فاكل منه ثم سأله فقال ما هذا؟ فقال العبد تدري ما هذا؟ يعني هذا الذي اكلت من الخراج اتدري ما هو؟ قال ابو بكر لا فقال هذا العبد اني كنت قد تكهنت الجاهلية لرجل فخدعته وانا لا احسن كهانه. قالوا اني كنت قد تكهنت الكهانة او الكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل اعتمادا على الشياطين. وقيل انه الذي يخبر بما في الظمير هذا العبد قد تكهن لرجل في الجاهلية ولا وكان لا يحسن الكهانة. فخدع فجمع بين امرين محرمين الكهانة والغش والخداع. فلما تكهن لهذا الرجل ولقيه هذا الرجل بعد ان اسلم فاعطاه ثمن كهانته التي تكهن له في الجاهلية. فدفعها الى ابي بكر رضي الله عنه فلما اخبر ابي بكر بذلك ادخل رضي الله عنه يده في فمه ادخل اصبعه في فمه فقال ما اكل من هذا الطعام. لانه طعام محرم. والله عز وجل اذا حرم شيئا حرم ثمنه ففي هذا الحديث دليل على فوائد منها اولا جواز المخارجة. اي مخارجة العبد المملوك وذلك بان يجعل السيد على عبده قدرا معينا من المال كل يوم وما زاد فانه يكون للعبد. وهذا خاص بالمملوكين من الارقاء والعبيد. واما عمال الذين يجذبهم الانسان فلا يجوز ان يصنع معهم هكذا. لانهم ليسوا بمملوكين له كون الانسان يفرض على العمال قدرا معينا من المال كل يوم او كل شهر بان يقول كل شهر تأتيني بكذا وكذا من المال فهذا حرام وظلم. وفيه ايضا مخالفة للنظام لان هذا نوع من التستر الذي تمنعه الدولة والحكومة وفقها الله. وفي هذا الحديث ايضا دليل على شدة ورع ابي بكر الصديق رضي الله عنه لانه لما علم ان هذا المال انه عوض عن الكهانة ادخل اصبعه في فمه فقاء. وفيه ايضا دليل على تحريم الكهانة. ولهذا حرم النبي صلى الله عليه وسلم حلوان الكاهن وهو ما يأخذه من العوظ بدلا او عوضا عن كهانته واتيان كهان محرم. لان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك. والذي يأتي الى الكهان لا يخلو من معي حالات الحال الاولى ان يأتي الى الكهان اتيان مجردا من غير ان يسألهم. فهذا محرم. ولهذا ثبت في صحيح مسلم من حديث معاوية ابن حكم رضي الله عنه انه قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله امورا كنا نفعلها في الجاهلية كنا نأتي الى الكهان فقال النبي صلى الله عليه وسلم فلا تأتوا الى الكهان. والحال الثانية ان يأتي الى الكهان فيسأل لهم سؤالا مجردا من غير ان يصدقهم. فهذا عقوبته انه لا تقبل له صلاة اربعين يوما. قال النبي النبي صلى الله عليه وسلم من اتى كاهنا او عرافا فسأله لم تقبل له صلاة اربعين يوما والحال الثالثة ان يأتي الى الكهان او العرافين فيسألهم ويصدقهم ويعتبر قولهم فهذا كفر بما انزل على الرسول صلى الله عليه وسلم. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم من اتى كاهنا او عرافا فسأله فصدقه فقد كفر بما انزل على محمد صلى الله عليه وسلم. ولان تصديق الكاهن والعراف تكذيب لقول الله عز وجل قل لا يعلم من في السماوات والارض الغيب الا الله فلا احد يعلم الغيب الا الله عز وجل والحال الرابعة ان يأتي الى الكهان امتحانا لهم واختبارا لهم ليبين للناس كذبهم وانهم دجاجلة وانهم كذابون. فهذا جائز بل قد يكون واجبا. اذا كان المقصود ان يظهر عجزهم وان يظهر كذبهم. ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ابن الصياد فقال له ماذا خبأت لك؟ يعني ماذا فاخفيت في نفسي لك. فقال ابن صياد الدخ ومراده الدخان لكنه لم يستطع ان ينطق بها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدو قدرك فانما انت من اخوان الشياطين. فتبين بهذا ان اتيان الكهان محرم بكل حال. لكن قد يكون كفرا وقد يكون دون ذلك بحسب قصده الذي يأتي اليهم ونيته. فان كان قصده ان يسألهم وان يصدقهم فهذا كفر بالله عز وجل. واما اذا سألهم سؤالا مجردا فلا تقبلونه صلاة اربعين يوما واما اذا ذهب اليهم مجرد ذهاب واتيان فهذا ايضا من المحرم لان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنه وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد