الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك وانعم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد فلا زلنا في بيان ما يتعلق باسم الله عز وجل الرحيم هذا الاسم الذي يكرره المسلم في كل بسملة في اول افتتاح ويرد كثيرا في كتاب الله تبارك وتعالى كنا قد وقفنا على بيان اثار هذه الصفة وهذا الاسم في افعال الرب تبارك وتعالى وعلى عباده فمن اثار رحمة الله عز وجل ومن اعظم اثار الرحيم قبوله سبحانه وتعالى توبة عباده فلولا رحمته ما كان لاحد عليه استحقاق في ان يقبل توبة العبد لكنه جل في علاه لانه الرحيم فهو يقبل توبة التائبين فقال سبحانه عن ادم عليه السلام فتاب عليه انه هو التواب الرحيم وقال فتاب عليكم انه هو التواب الرحيم ومن دعاء الصالحين وتب علينا انك انت التواب الرحيم ليس هكذا فحسب بل من اثار هذا الاسم الرحيم في افعال الرب جل في علاه انه يقبل توبة العبد وان حصل منه ما حصل فذاك الرجل الذي قتل تسعة وتسعين اسما قتل تسعة وتسعين شخصا ثم اراد ان يتوب قبل الله توبته وارسل اليه ملائكة رحمته بل واعظم من ذلك انه سبحانه وتعالى من رحمته عرظ التوبة على اصحاب الاخدود مع ما صدر منهم من الافعال الشنيعة فلو انهم تابوا لتاب عليهم لانه الرحيم بل واعظم من ذلك ان الرحيم سبحانه وتعالى يبدل السيئات الى حسنات هذا من اثار رحمته سبحانه وتعالى الا من تاب وامن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ومن اثار اسم الرحيم كشفه الظر عن عباده وارادته بعبده الخير من رحمته سبحانه وتعالى فكم من مريض عافاه الله وكم من فقير اغناه الله وكم من مبتلى عافاه الله وكم وكم ولهذا قال سبحانه وان يردك بخير فلا راد لفضله وقال قبلها وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو وان يردك بخير فلا راد لفظله يصيب به من يشاء يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم والله سبحانه وتعالى اذا اراد ان يمسك رحمته فلا احد يستطيع ان يرسلها واذا اراد ان يبسطها لا احد يستطيع ان يقبضها بل من اثار رحمة الله ايجاده البحر وما فيه وتحريكه اياه وتسكينه اياه من اثار رحمته تبارك وتعالى ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله انه كان بكم رحيما ومن اثار رحمة الله عز وجل العظيمة من الناحية الشرعية انزاله القرآن فنقرأ كلامه ونتلذذ باياته وارساله الرسل فان ذلك من اثار رحمة الله قال جل في علاه ياسين والقرآن الحكيم انك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم وقال قل انزله الذي يعلم السر في السماوات والارض انه كان غفورا رحيما وقال تنزيل من الرحمن الرحيم ومن اثار رحمة الرحيم اعطاؤه الثواب واثابته الطائعين قال تعالى والذين امنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين احد منهم اولئك سوف يؤتيهم اجورهم وكان الله غفورا رحيما وقبوله الشفاعة قبول الرب عز وجل الرحيم شفاعة الشافعين واقامة الشفاعات يوم الدين ورضاه عن الشافعين والمشفوع فيهم من اثار رحمة الله تعالى يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون الا من رحم الله انه هو العزيز الرحيم قبوله سبحانه وتعالى الدعاء من اثار رحمة الله جل في علاه كما قال انا كنا من قبل ندعوه انه هو البر الرحيم والامر كما قال بعض العلماء ما من تسكينة ولا تحريكة الا برحمة الله عز وجل وعدله ننتقل الى بيان الموارد التي وردت فيها اسم الرحيم وردت في البسملة وذلك لان استعانتك اياه هو من رحمة الله تعالى واعانته لك من رحمته تعالى فانت تقول بسم الله الرحمن الرحيم اي استعين بالله الموصوف بالرحمة ووردت في مورد وورد هذا الاسم في مورد استحقاق الالوهية فقال جل وعلا والهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم وفيه التنصيص على ان الذي يستحق العبادة هو من يقدر ان يرحم اما من لا يقدر ان يرحم فانه لا يستحق ان يعبد وورد هذا الاسم في موضع الاستغفار فدل ان توفيقه العبد بالاستغفار من رحمته جل وعلا. قال سوف استغفر لكم ربي انه هو الغفور الرحيم قال ربياني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له. انه هو الغفور الرحيم وورد هذا الاسم العظيم في مورد التوكل قال تعالى وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم ومناسبة ذكر اسم الرحيم ها هنا انك لن تجد ايها العبد ويا امة الله لن تجدوا احدا ارحم من الله فتتوكل عليه وتوكلوا اموركم اليه وتستعينوا به وجاء اسم الرحيم في موضع النصر قال تعالى يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم فدل ان من رحمته نصره المؤمنين وادالتهم على الكافرين وجاء ذكر الرحيم في موضع الشهادة قال تعالى ام يقولون افتراه قل ان افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو اعلم بما تفيضون فيه. كفى به شهيدا بيني وبينكم. وهو الغفور الرحيم فشهادته جل في علاه لنفسه بالوحدانية شهادته بالحق واقامته الشهداء وشهادته على الخلائق من رحمته جل في علاه وفي سورة الشعراء في عدة مواضع بعد اهلاكه للظالمين ورد اسم الرحيم ورد في عدة مواضع انه هو العزيز الرحيم وذلك لان اهلاكه الظالمين رحمة بالمظلومين اهلاكه جل في علاه بالمشركين رحمة للمؤمنين وجاء ايضا في مورد ذكر الاصلاح والتقوى. قال جل في علاه وان تصلحوا وتتقوا فان الله كان غفورا رحيما فدل على ان الاصلاح من رحمة الله عز وجل وان الوصول الى التقى من رحمة الله عز وجل وجاء صفة الرحمة بصيغة الفعل الماضي في مواضع كقول نوح عليه السلام لابنه لا عاصم اليوم من امر الله الا من رحم وقوله جل وعلا الا من رحم ربك وجاء الوصف بمدلول هذا الاسم على صيغة افعل التفضيل الدال على الاحدية في هذا الوصف قال ربي اغفر لي ولاخي وادخلنا في رحمتك وانت ارحم الراحمين وجاء مضافا وجاء ذكر هذا الوصف مضافا الى الله وادخلنا في رحمتك كيف ندعو الله عز وجل باسمه الرحيم؟ اولا بالذكر كما في البسملة فنقول بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين او عند كتابة الرسائل بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله بسم الله الرحمن الرحيم والا تعلوا علي واتوني مسلمين ثانيا بالاستعانة باسمه الرحيم فان ذلك من دعاء الله بالرحيم فانت تقول بسم الله الرحمن الرحيم او بسم الرحيم ثالثا الدعاء والنداء والاستغاثة فتستغيث الله عز وجل بهذا الاسم فتقول يا رحيم ارحمني يا رحيم اعني يا رحيم وفقني وكقول ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال فاللهم اجعلنا ممن يؤذن له في دخول الجنة يا بر يا رحيم وكقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما اللهم يا رحمن يا رحيم اسألك برحمتك التي سبقت غضبك واسألك بقدرتك على جميع خلقك الا تميتني من الدنيا حتى توجب لي الجنة وكما جاء في دعاء بعض الصالحين يا رحمن يا رحيم يا قادر يا قاهر يا من يتودد الى عباده بالجود والكرم اسألك عفوك ومعافاتك وموجبات رحمتك ونحو ذلك رابعا ان ندعو الله عز وجل بهذا الاسم على صيغة افعل التفظيل مظافا كما في دعاء يعقوب ويوسف وموسى وايوب عليهم السلام قال رب اغفر لي ولاخي. قال موسى ربي اغفر لي ولاخي وادخلنا في رحمتك. وانت ارحم الراحمين وقال يعقوب فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين وفي الجمع بين الحفظ وارحم الراحمين مناسبة عظيمة وذلك لان حفظ الله العبد من رحمته سبحانه وتعالى وقال يا يوسف عليه السلام لاخوته لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين وايوب اذ نادى ربه اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين اما كيف نتوسل الى الله تعالى بالوصف الدال عليه اسم الرحيم فبان نقول او يقول العبد رب اغفر لي انك انت الغفور الرحيم او ربي ارحمني انك انت الرحيم فيقدم التوسل باسم الرحيم قبل الطلب او بعد الطلب ونحو ذلك كما في دعاء ابراهيم واسماعيل عليهما السلام ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك. وارنا مناسكنا وتب علينا. انك انت التواب الرحيم وفي الاية جملة من الفوائد منها ان تمام الاستسلام من رحمة الله عز وجل بالعبد وان البركة في الذرية من رحمة الله عز وجل بالعبد وان معرفة العبد التعبد من رحمة الله عز وجل بالعبد وان توبة العبد واستدامته على التوبة من رحمة الله عز وجل بالعبد اما كيفية القسم باسم الرحيم فلم ياتي باسم الرحيم القسم الا بالباء. كما ذكر ذلك علماء اللغة. فتقول اقسم او بالواو والرحيم او تقولوا بالصفة المدلول عليها الاسم اقسم بمن هو موصوف بالرحمة او اقسم بارحم الراحمين ونحو ذلك اما الاثار العظيمة الاسم الرحيم في الاعتقاد. فاولا الرحيم عظيم في فعله سبحانه وتعالى ولا يوجد احد من الورى لا ممن مضى ولا ممن يأتي يمكن ان يكون رحمته كرحمته ولا وصفه كوصفه ولا افعاله مثل افعاله مشمولا بالرحمة. ولهذا يقال انه ارحم الراحمين ثانيا الرحيم حقه ان يعبد وان يطاع لانه الرحيم ثالثا الرحيم حقه ان يذكر فرحمته في كل شيء وان يشكر فما من نعمة الا من اثار رحمته تبارك وتعالى رابعا الرحيم حقه ان يعلم ان افعاله تبارك وتعالى مبنية على الرحمة التامة العظيمة الشاملة والعدل والبر والاحسان خامسا الرحيم انزل الكتب والقرآن وارسل الرسل وشرع الشرائع للانس والجان سادسا الرحيم اقام الحساب ويقيمه يوم يقوم الناس للوهاب ليثيب الطائعين برحمته ويتم رحمته عليهم بعقاب العصاة المناوئين لهم سابعا الرحيم يرحم من شاء كما في حديث الشفاعة فيقول جل في علاه ولم يبق الا ارحم الراحمين. فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما فيلقيهم في نهر في افواه الجنة يقال له نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل ومن الاثار العظيمة لاسم الرحيم في الاقوال ان تذكر الله تعالى بهذا الاسم لفظا كما في البسملة او استغاثة يا ارحم الراحمين ان تشكر الله بهذا الاسم بلسانك وتذكره سبحانه وتعالى بالتسبيح والتحميد. لانه الرحيم الكامل وعند النوم على وجه الخصوص. تقول ذكرا يدل على انك بحاجة الى رحمة الله تعالى وتلح ذلك كما في حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا اوى احدكم الى فراشه فلينفض فراشه بداخلة فانه لا يدري ما خلفه عليه ثم يقول باسمك ربي وضعت جنبي وبك ارفعه ان امسكت نفسي فارحمها وان ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين. متفق عليه ومن الاثار العظيمة لاسم الرحيم في الافعال ان تكون مقابلا للرحيم بالشكر في افعالك وبالصبر على اقدارك وترحم حتى تنال الرحمات من ارحم الراحمين كما قال صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله الله. ومن قطعها قطعه الله. رواه احمد وابو داود والترمذي وقال حسن صحيح من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وان تقابل الناس بالرحمة لتقابل بالرحمة من الله تعالى قال صلى الله عليه وسلم على المنبر ارحموا ترحموا واغفروا يغفر الله لكم ويل لاقماع القول ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون رواه الامام احمد في مسنده بسند حسن. اخيرا ان من الاثار العظيمة لاسم الرحيم في الاخلاق ان تتخلق باخلاق الرحيم فترحم اهل الارض تكون رحيما ودودا تكون هينا لينا تكون اليفا مألوفة وهذا يشمل كل شيء في الارض حتى الدواب والهوام لقوله صلى الله عليه وسلم ارحموا من في الارض فضلا عن الانسان فضلا عن اهل الايمان فعن معاوية ابن قرة عن ابيه رضي الله عنه ان رجلا قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم اني لاذبح الشاة فارحمها اني لاذبح الشاة فارحمها يعني هو هو يمرر السكين يحصل في قلبه شفقة على الشاه قال صلى الله عليه وسلم والشاة ان رحمتها رحمك الله والشاة ان رحمتها رحمك الله فكيف برحمة الانسان فكيف برحمة اهل الايمان نسأل الله جل وعلا ان يرزقنا واياكم التخلق بهذا الاسم العظيم ان شاء الله في المحاضرة القادمة نتحدث عن اسم الله عز وجل الرب ونسأله تبارك وتعالى ان يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك بارك الله فيك