بعد الحديث المطول عن بني اسرائيل ساقت سورة البقرة قصة من اعجب قصص بني اسرائيل انها قصة البقرة. استمع للقرآن وهو احكي هذه القصة باسلوبه البليغ الحكيم ومتى القلوب وبحكمة واذ قال موسى لقومه ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة قالوا اتتخذنا هزوا قال اعوذ بالله ان اكون من الجاهلين. القرآن الكريم قسم احداث قصة البقرة الى اربعة فصول. والاصل ان تعرض هذه الفصول مرتبة. الفصل الاول ثم بخلاصة التفسير للقرآن لا تهجر القرآن يا احبابي. فهو الشفيع لنا بيوم حساب وهو المعلم يا اولي الالباب. هيا بنا نحيا هيا بنا. بخلاصة التفسير للقرآن اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم الثالث ثم الرابع. لكن العجيب في العرض القرآني للقصة ان احداث القصة بدأت من الفصل الثاني الرابع ثم الاول ثم الفصل الثالث. فعرظت القصة بصورة فيها تقديم وتأخير فقدم ما كان يتوقع تأخيره. واخر ما كان يتوقع تقديمه. بطريقة ابداعية رائعة خذوا بمجامع القلوب وتثير التشويق وتوجد الغموض لتصل معنا القصة مع تصاعد الاحداث الى مرحلة الصدم اما البداية فكانت عجيبة. ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة. تبدأ قصة من الفصل الثاني. طيب لماذا امر الله بني اسرائيل بان يذبحوا بقرة؟ حاليا لا نعلم القرآن ذكر السبب في الفصل الاول والذي سيأتي معنا متأخرا. اذا فالقصة تبدأ بعنصر الغموظ لتثير لدى القارئ عنصر التشويق. فدعونا نحافظ على هذه العناصر الابداعية في سرد احداث القصة ونسردها كما سردها القرآن بدون حرق لاحداث القصة ابدأ قصة البقرة ونحن نرى موسى عليه السلام وحوله بنو اسرائيل. يصدر الامر من الله. لم يقل انا امركم بل قال ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة ليكون اعظم وقعا في نفوس بني اسرائيل. وكان الواجب عليم المبادرة الى الاستجابة لامر الله. ولكنهم ابوا الى الاعتراض والمماطلة والمجادلة وقالوا بسفاهة وحماقة اتتخذنا هزوا؟ اي اتجعلنا يا موسى موضع السخرية قمة السفه وسوء الظن. هل هذا خطاب يليق بنبي كلمة مؤذية وعبارة وقحة نبي لهم امر الله وهم يظنون انه يلاعبهم وانه يهزأ بهم فكيف كان رد موسى؟ قال موسى اعوذ بالله ان اكون من الجاهلين ابرأ الى الله من ان اكون من السفهاء الجاهلين الذين ينسبون الكذب الى الله ما ابلغ دفاع هذا الداعي عن ذاته. ونفي السفه عن نفسه مؤكدا لبني اسرائيل بانه في غاية الجدية فلا ينبغي للداعية ان يتساهل او يتلاعب وهو يبلغ دين الله قالوا ادعوا لنا ربك يبين لنا ما هي قال انه يقول انها بقرة لا فارض ولا بكر بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون وهنا انتقل سياق القصة الى الفصل الرابع. انما ارشدهم اليه موسى عليه السلام. كان كافيا لحملهم على ان يذبحوا اي بقرة. ولكن بسبب طبيعتهم المعقدة اخذوا يجادلون قائلين يا موسى اطلب لنا من ربك. يبين لنا صفات هذه البقرة. ولسان حالهم يقول انت حيرتنا فكلامك غير واضح. يحتاج الى زيادة تفصيل. حدد لنا عمر هذه البقرة ولاحظوا الى سوء الادب ادعوا لنا ربك. فكأنما الله تعالى هو رب موسى وحده لا ربهم كذلك. ومع هذا فقد صبر موسى على تعنت قومه. واجابهم اجابة المربي الحكيم واخبرهم بسنها. هي لا مسنة ولا صغيرة. بل وسط بينهما. ثم قال فافعلوا ما تؤمرون. اي اتركوا الالحاح في السؤال اتركوا التلكؤ او الاعتراض بل اشرعوا في التنفيذ. لكن هل امتثلوا الامر؟ الجواب كلا قالوا ادعوا لنا ربك يبين لنا ما لونها قال انه يقول انها بقرة صفراء فاقعة لونها تسر الناظرين. موسى عليه السلام حث قومه على الطاعة ومع ذلك فقد ابوا الا التنطع. وانتقلوا الى سؤال اخر عن لون البقرة فاجابه موسى بانها بقرة صفراء شديدة الصفرة. وهي في حسن منظرها تعجب الناظرين اليها. ومع ان اللون الاصفر الفاقع في البقر نادر. لكن بني اسرائيل لما شددوا شدد الله عليهم. والى هنا المفترض انهم عرفوا وصف البقر من حيث سنها ولونها. فهل اغنتهم هذه الاوصاف؟ كلا. بل عمدوا الى سؤال ثالث في مشوار مع المماطلة قالوا ادعوا لنا ربك يبين لنا ما هي ان البقرة شابهة اين وانا الله لمهتدون بعد ان عرف بنو اسرائيل سن البقرة ولونها قالوا لموسى سل ربك من اجلنا ان يزيدنا ايضاحا لحال تلك البقرة. ما عمل هذه البقرة وما وظيفتها؟ فانه قد علينا ايها نذبح وانا ان شاء الله بعد هذا البيان منك لمهتدون الى تلك البقرة بما تأمرنا به قال انه يقول انها بقرة لا تثير الارض ولا تسق الحرف مسلمة لا شية فيها قالوا الان جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون هذه اوصاف اضافية جديدة للبقرة المطلوبة. بانها بقرة نفيسة سائمة ليست مسخرة للعمل لا لحراسة الارض ولا لسقاية الزرع. اضافة الى انها سليمة من العيوب ليس فيها لون يخالف لون جلدها من بياض او سواد او غيرهما. بل هي صفراء كلها فلما وجد بنو اسرائيل ان كل الصفات للبقرة اكتملت قالوا لموسى الان جئت تبي الحق. اي الان بينت لنا بيانا شافيا ونطقت بالحق وهي عبارة اشتم منها رائحة سوء الادب. وكأن موسى عليه السلام كان يتكلم قبل ذلك بالباطل وحاشا. ذكر المفسرون ان بني اسرائيل بعد البحث الشديد وجدوا بقرة بتلك الاوصاف وجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها. فقال والله لا ابيعها الا بملئ جلديها ذهبا فاضطروا الى شرائها بملئ جلدها ذهبا. كان الامر يسيرا فعسروه. وكان واسعا ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما لو ان القوم ذبحوا ادنى بقرة لاجزأهم لكنهم شددوا فشدد الله عليهم. وفي النهاية ذبحوا البقرة. فذبحوها او ما كادوا يفعلون اي ذبحوها بعد ان اوشكوا الا يذبحوها بسبب الجدال النت واذ قتلتم نفسا فالدارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون هنا الفصل الاول من القصة. وقد تأخر ليزيد القصة تشويقا. فاول القصة هو وقوع جريمة قتل لاحد اثرياء بني اسرائيل في ظروف غامضة. ذكر المفسرون انه كان في بني اسرائيل رجل غني. وله ابن اخ فقير. قام فقتل عمه الغني ليرثه ثم احتمله ليلا فوضعه على باب رجل منهم ثم اصبح يطلب ثأره. فادارأتم فيها اي تخاصموا بنو اسرائيل وتدافعوا بشأنها واصبح كل فريق يدفع التهمة عن نفسه وينسبها لغيره حتى كادت تثور الفتنة بين بني اسرائيل. فقالوا لا حاجة الى ان نتقاتل لنذهب الى نبينا موسى ويخبرنا من الذي قتله فذهبوا اليه وسألوه فقال موسى لهم ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة وهنا تعجب بنو اسرائيل ووجه التعجب ما هي الصلة بين ذبح البقرة وبين كشف هوية القاتل ولسان حالهم يقول نحن جئناك من اجل حل قضية جنائية وانت تطلب منا ان نذبح بقرة ما علاقة هذا بهذا وجه الاستغراب قد يكون واردا. لكن المشكلة لدى بني اسرائيل تمثلت في طريقة تلقيهم لهذا الامر الهي حتى اساءوا الظن بموسى عليه السلام ورأوا ان طلبه هذا مريب وظنوا انه يريد اشغالهم عن قضيتهم الاساسية وان موسى بهذا الطلب يسخر من كبريائهم اتتخذنا هزوا بهذه النفسية واجهوا الامر الالهي وبهذا التقديم والتأخير في فصول القصة تنكشف امامنا الحقائق بصورة اوضح هذه التقنية في سرد قصة البقرة تستخدمها مؤخرا كبريات شركات الانتاج السينمائي في هوليوود وغيرها وتسمى تقنية الفلاش باك لخلق مزيد من الغموض والتشويق في احداث القصة. وقد سبق القرآن كل هذا بقرون. واذ قتلتم نفسا دارأتم فيها. هذا الفصل الاول من القصة. وبعد ان تأخر في الترتيب اوجد لدينا عنصر الصدمة جعلنا تدرك حجم وقاحة وسفالة هؤلاء. في حق نبيه موسى عليه السلام. اولا القصة بدأت من بني اسرائيل وليست من موسى. فالامر بذبح البقرة لم يكن امرا ابتدائيا من موسى. بل كان نتيجة جريمة ارتكبت من قبل بني اسرائيل. ثانيا بنو اسرائيل هم الذين سعوا الى موسى لن يسعه اليهم. فبنو اسرائيل هم الذين طلبوا من موسى ان يجد لهم الحل فبعد ان وجد لهم الحل جادلوه. ثالثا اكتشفنا من هذا الفصل الاول ان موسى عليه السلام انما اراد انقاذ بني اسرائيل من الاقتتال عن طريق ايجاد مخرج لهم من ورطتهم بعد ان تخاصموا وتنازعوا وكادوا تقتلون وتجري بينهم مذبحة. فالنبي الكريم الذي اراد ان ينقذهم اذ بهم يتهمونه وهذه هي الصدمة تجعلك تشعر بمقدار الحسرة والالم الذي وجدها موسى في صدره. عندما قالوا له اتتخذنا هزوا فلم يجد موسى من الكلمات التي يدافع بها عن نفسه الا ان قال اعوذ بالله ان اكون من الجاهلين. بدأوها باتهام ثم واصلوا اذيتهم لموسى طول الجدال فلله در موسى. كم اوذي وصبر. وقد اتخذه نبينا محمد عليه الصلاة سلام اسوة له في صبره على بني اسرائيل. فقد قال صلى الله عليه واله وسلم حين اذاه او رجل بكلام قال رحم الله موسى. فقد اوذي باكثر من هذا فصبر فقل نضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم اياته لعلكم تعقلون هذا هو الفصل الثالث من فصول القصة. الا انه اتى في خاتمة القصة. فبعد ان امر موسى بني اسرائيل بذبح البقرة. اخبرهم بان عليهم ضرب القتيل ببعض اجزاء تلق البقرة المذبوحة. فبعد ان ذبحوها ظرب القتيل فاحياه الله عن قاتله ثم رجع ميتا. في وسط دهشة بني اسرائيل. فكما احيا الله ما هو هذا القتيل امام ابصاركم؟ كذلك يحيي الله الموتى ويخرجهم من قبورهم. يا بني اسرائيل ان الله يريكم دلائل قدرته لعلكم تعقلونها فتؤمنون حقا بالله تعالى وتأخير هذا الفصل من القصة له هدف ومغزى. ليبقى اثبات قدرة الله تعالى على احياء الموتى عالقا في الذهن وهو الدرس المهم في القصة. بل هو احد مقاصد سورة البقرة والسؤال بعد هذه المواعظ البليغة والمعجزات الباهرة. هل صلحت قلوب في اسرائيل ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة او اشد قسوة وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون. ان من المعجزات الباهرة والمواعظ البليغة كفيلة بتليين القلوب الجامدة. لا ان قلوبكم يا بني اسرائيل قست قسوة شديدة. فهي كالحجارة او اشد صلابة منها لا يؤثر فيها وعظ ولا تذكير. فكأنما خرجت عن دائرة الاحياء الى دائرة الجمال بل نزلت عن درجة الجماد ايضا. فبعض الحجارة تتدفق منها مياه الانهار وزيرا وبعض الحجارة تتصدع فينبع منها الماء وبعض الحجارة تسقط من اعالي الجبال رهبة انه وخشية من الله الحجارة قد تتأثر بالمؤثرات الخارجية. الحجارة تلين ارى تتصدع الحجارة تخشع لكن قلوبكم يا بني اسرائيل لا تتأثر بالمؤثرات ولا بالمواعظ. قلوبكم لا تلين قلوبكم لا تخشع. قلوبكم لا تتأثر. لانها صارت اشد قسوة بالحجارة. وان الله رقيب على اعمالكم. لا تخفى عليه خافية. وسيجازيكم عليها يوم القيامة ونذوق طعم الشند فيك كلماته متعلمين الفقم اللمحاته. انا راض ارواحنا تسمو بنا بخلاصة التفسير للقرآن طاسة به تعطي لنا اسم العبر تحكي لنا ان افيها مزدجر؟ عمق قصة الرسل الكرام مع البشر تكون تثبيتا لقلب حبيبنا. بخلاصة التفسير للقرآن الين بخلاصة التفسير للقرآن