الحمد لله المستحق للحمد والصلاة والسلام على رسولنا محمد وعلى اله وصحبه ومن سار على دربه وسدد وبعد فمستمعي الاكارم والمستمعات الكريمات لا ريب انا نهتم غاية الجد في مسألة بناء بيت في الدنيا بكل كد ونحرص على ذلك بجمع الدنانير والدراهم بالعد ونبذل في سبيل بيوت الدنيا كل حد وقد ندرك ذلك ومنا من لا يدرك ذلك قد لكن الدنيا فانية وان طال الامد فهل فكرنا في الاخرة دار الابد وكيف نبني لانفسنا بيتا او بيوتا في دار الجنة السرمد ما سبيل ذلك؟ وهل له حد ايها الاخوة والاخوات فلنذكر بعضا مما ورد من الاسباب الشرعية التي تكون سببا في امتلاكنا لبيوتات في الجنة وها نحن مع السبب السابع الا وهو ملازمة الحمد الحمد معناه الثناء على الله جل وعلا بما هو اهل له وهو سبحانه وتعالى اهل لكل مجد ولكل ثناء كيف لا. وهو العظيم في صفاته. العظيم في اسمائه. العظيم الجليل في ذاته العظيم الجليل في افعاله فما من فعل في افعاله الا وهو خير وما من تقدير من تقديراته الا وهو خير وهو سبحانه وتعالى المستحق للحمد في كل وقت وان وفي كل زمان ومكان وملازمة الحمد وملازمة الحمد في الشدائد على سبيل الخصوص سبب عظيم من اسباب تحصيل البيوتات في الجنة. بل من لازم الحمد في المحن كان له بيت خاص في الجنة يسمى ببيت الحمد نعم ان لبيوتات الجنة اسماء فثم بيت يسمى بيت الحمد فكيف ندركها ايها المستمعون والمستمعات عن حماد بن سلمة عن ابي سنان قال دفنت ابني سنانا وابو طلحة الخولاني جالس على شفير القبر فلما اردت الخروج اخذ بيدي فقال الا ابشرك يا ابا سنان قلت بلى فقال حدثني الظحاك ابن عبد الرحمن ابن عرزب عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال اذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون نعم فيقول ماذا قال عبدي؟ فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد رواه الامام احمد والترمذي وقال حسن غريب ورواه ابن حبان في صحيحه وحسنه الالباني في الجامع وعند ابن السني في عمل اليوم والليلة بسنده عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قبض ولد المسلم قال الله عز وجل للملائكة قبضتم ولد عبدي؟ قالوا نعم قال فماذا قال قالوا استرجع وحمد قالوا ابنوا له بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد وعن ابي سلمى رضي الله عنه راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بخن بخن واشار بيده لخمس ما اثقلهن في الميزان واشار بيده لخمس ما اثقلهن في الميزان اي اشار باصابعه الخمس ثم قال ما اثقلهن في الميزان اي هذه الامور الخمس سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه. رواه النسائي وابن حبان في صحيحه واللفظ له والحاكم وحسنه الالباني وعن معاذ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ان السقط ليجر امه بسرره الى الجنة اذا احتسبته رواه احمد والطبراني واسناد احمد حسن او قريب من الحسن كما قال العلامة الالباني وعن قرة بن اياس رضي الله عنه ان رجلا كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له فقال النبي صلى الله عليه وسلم تحبه قال نعم يا رسول الله احبك الله كما احبه ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما فعل فلان ابن فلان قالوا يا رسول الله مات فقال النبي صلى الله عليه وسلم لابيه الا تحب الا تأتي بابا من ابواب الجنة الا وجدته ينتظرك فقال رجل يا رسول الله اله خاصة؟ ام لكل لنا قال صلى الله عليه واله وسلم بل لكلكم رواه احمد ورجاله رجال الصحيح وابن حبان في صحيح وفي رواية للنسائي قال كان نبي الله صلى الله عليه وسلم اذا جلس جلس اليه نفر من اصحابه فيهم رجل له ابن صغير يأتيه من خلف ظهره ويقعده بين يديه فهلك. فامتنع الرجل ان يحظر الحلقة لذكر ابنه ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما لي لا ارى فلانا قالوا يا رسول الله بنيه الذي رأيته هلك فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن بنيه فاخبره انه هلك. فعزاه عليه ثم قال يا فلان ايما كان احب اليك ان تتمتع به عمرك او لا تأتي الى باب من من ابواب الجنة الا وجدته قد سبقك اليه يفتحه لك قال يا نبي الله بل يسبقني الى باب الجنة فيفتحها له واحب الي قال صلى الله عليه وسلم فذاك لك قال الطيبي رحمه الله رجع السؤال اي في قول الله جل وعلا قبضتم ثمرة فؤاده فماذا قال قال الطبي رحمه الله رجع السؤال الى تنبيه الملائكة على ما اراد الله من التفضل على عبده الحامد لاجل لتصبره على المصائب وعدم التشكي بل اعداده اياها من النعم الموجبة للشكر ثم استرجاعه وان نفسه ملك لله وانه اليه المصير وقال اولا ولد عبدي اي فرع شجرته ثم ترقى الى قوله ثمرة فؤاده اي نقاوة قصته فان خلاصة المرء الفؤاد انما يعتد به لمكان اللطيفة التي خلق لها فحقيق لمن فقد تلك النعمة متى؟ وتلقاها بالحمد ان يكون هو محمودا حتى المكان الذي يسكنه يكون محمودا ولذلك قال صلى الله عليه وسلم فيقول الله تعالى لملائكته ابنوا لعبدي بيتا في الجنة في الاخرة وسموه بيت الحمد انتهى كلام الطيبي طيب الله ثراه قال المناوي رحمه الله ظاهر ترتيب الامر ببناء البيت على الحمد والاسترجاع معا انه لو اتى باحدهما دون الاخر لا يبنى له شيء وعليه فكان القياس في وجه التسمية ان يقال سموه بيت الحمد والاسترجاع لكن الاقرب ان الخصلة التي يستحق بها ذلك انما هي الحمد وذلك الاسترجاع معه كالتتمة والرديف بدليل افراده بالتسمية. ومعلوم ان موت الاولاد فلذوا الاكباد ومصابهم من اعظم مصاب وفراقهم يقرع القلوب والاوصال والاعصاب يا له من صدع لا يشعب يوهي القوي ويقوي الوهي ويوهن العظم ويعظم الوهن مر المذاق. صعب لا يطاق. يضيق عنه النطاق. شديد على الاطلاق. لا جرم ان الله تعالى حث فيه على الصبر الجميل. ووعد عليه بالاجر الجزيل. وبنى له في الجنة ذاك البناء الجليل. انتهى كلام المناوي رحمه الله ناوله الله مراده في الجنات. ايها الاخوة والاخوات هذا الحديث صريح بان الله سبحانه وتعالى يسمي بيتا في الجنة اسمه بيت الحمد وان هذا البيت انما يستحقه العبد في ثنائه على الله جل وعلا فيما قدر وفيما امر وفيما تجري به المقادير الله اكبر ما اكرمه سبحانه وتعالى وما اعظمه وما اجله فان الانسان اذا اصيب مصائب اي بالدنيوية في نفسه او في ماله او في اولاده فان عليه ان يلازم الحمد فان الحمد سبب من اسباب ان يكون العبد محمودا محمودا في الدنيا محمودا في الاخرة وان يسكنه الله جل وعلا في بيت الحمد. اسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا واياكم من الذين تصبرون عند المصائب فان الحمد عند المصيبة لا يمكن ان ينال هكذا وانما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ومن يتصبر يصبره الله. وكما فقال صلى الله عليه وسلم انما الصبر عند الصدمة الاولى رواه البخاري فعلينا ان نستعد فان هذه الدنيا ليست بدار متمات للامور. وانما هي دار فناء ودار غرور وعلينا جميعا ان نهيئ انفسنا بالحمد على الله سبحانه وتعالى. والحمد له سبحانه وتعالى. الحمد لله في كل حال. سواء كنا في في السراء او كنا في الظراء سواء كنا في الرخاء او كنا في الضوائق سواء كان الامر متعلقا بالانفس او متعلقا بالاموال او متعلقا بالاولاد وقد قال الله سبحانه وتعالى يا ايها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين. والله وتعالى اخبر بانه يبتلي عباده في الدنيا فقال عز وجل ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات. وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قال انا لله وانا اليه راجعون. اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون فاذا صبرنا بهذه المصائب وفيما يجريه الله جل وعلا من المقادير. فان الله سبحانه وتعالى يجري المصيبة علينا ونحن مأجورون ونحن محمودون وبيوتنا تبنى في الجنات باسم الحمد الله اكبر ان المقادير تجري ايها الاخوة والاخوات على الصابرين الحامدين وعلى الظاجرين الذين يضجرون من تقدير الله سبحانه وتعالى وشتان بين صابر وحامد وبين ضاجر خاسر فهذا قد مشى عليه القدر وهو مأجور اخروا مشى عليه القدر وهو مأزور فنسأل الله جل وعلا ان يعافينا واياكم وان يجعلنا من الحامدين وان يجعلنا من المحمودين وان يرزقنا بيوت الحمد في الجنات وصل اللهم وسلم وبارك وانعم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. والحمدلله رب عالمين