بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى. لا سيما نبينا المصطفى وعلى اله واصحابه ومن اتبع هداهم واقتفى اما بعد اللهم اغفر لشيخنا ولنا ولوالدينا وللمسلمين اجمعين قال شيخ الاسلام في رسالته العقيدة الواسطية السادس اثبات محبة الله ومودته لاوليائه على ما يليق بجلاله. وقوله واحسنوا ان الله يحب المحسنين واقسطوا ان الله يحب المقسطين. فما استقاموا لكم فاستقموا قيموا لهم ان الله يحب المتقين ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين. وقوله قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله. وقوله فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه. وقوله ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا. صفا وقوله ودود. احسنت بارك الله فيك. الحمد لله رب العالمين. اما بعد فقد تقدم ان الشيخ رحمه الله الايات الدالة على اثبات ارادة الله تعالى التي بمعنى المشيئة وهي الارادة الكونية فقد بينا فيما مضى ان ارادة الله تعالى نوعان ارادة كونية قدرية والنوع الثاني ارادة دينية شرعية فالارادة الكونية القدرية معناها المشيئة والارادة الدينية الشرعية معناها المحبة وهي الايات التي تلوناها انفا وان الفرق بين الارادتين ان الارادة الكونية لا بد من وقوعها واما الارادة الدينية فقد تقع وقد لا تقع الفرق الثاني ان الارادة الكونية قد تكون مقصودة لذاتها وقد تكون مقصودة لغيرها واما الارادة الكونية الدينية فانها دوما مرادة لذاتها ايضا فرق ثالث ان الارادة الكونية قد يحبها الله ويرضاها وقد لا يحبها ولا يرضاها. واما الارادة الدينية فهي لله دوما. وذكرنا على هذا امثلة متنوعة فهذه الحزمة او هذه الطائفة من الايات تتعلق باثبات الارادة الكونية التي بمعنى المحبة وهي الارادة الدينية. وضابطها انه لا يلزم وقوعها تتأمل في هذه الايات قال الله تعالى واحسنوا ان الله يحب المحسنين هل لزم من محبته سبحانه للاحسان ان يكون جميع الخلق محسنين لا لم يلزم هذا وهكذا فيما سواها فيما بعدها لكن لنتناولها على سبيل التفصيل احسنوا فعل امر. وهو امر بالاحسان والاحسان له معنى باعتبار حقيقته فقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم تفسيرا لا مزيد عليه. فقال الاحسان ان تعبد الله كانك تراه. فان لم تكن تراه فانه يراك ففسر صلى الله عليه وسلم الاحسان في مراتب الدين باحد امرين اما بعبادة الطلب واما عبادة الهرب عبادة الطلب وهي اعلاهما فان يعبد العبد ربه عبادة الراغب اليه المشتاق اليه ان تعبد الله كأنك تراه فانت منجذب اليه تسعة في الوصول اليه. متوجه اليه فهذا معنى ان تعبد الله كأنك تراه واما عبادة الهرب فان لم تكن تراه فانه يراك. يعني ان لم تبلغ مرتبة المحبة والانجذاب والشوق اثناء عبادتك فلا تنزل عن رتبة الخوف والشعور برقابته. فانه فان لم تكن تراه فانه يراك فعلى الانسان ان يضبط حاله بين هذين الامرين بين حال الرجاء وحال الخوف. فالمؤمن دوما بين الخوف والرجاء يرجون رحمته ويخافون عذابه هذا تعريف الاحسان باعتبار حقيقته. واما الاحسان من حيث اصل الوضع والمعنى فهو بمعنى الاتقان ان الله يحب اذا عمل احدكم عملا ان يتقنه بمعنى ان يأتي به على الصورة الكاملة. فتكون العبادة تامة بشروطها واركانها وواجباتها وسننها فمن طلب الاحسان من طلب الاحسان وسعى فيه نال محبة الله تعالى وقد اتى الله بهذه الاية بعد قوله سبحانه وانفقوا اه في سبيل الله ولا تلقوا باهليكم ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة الى التهلكة واحسنوا ان الله يحب المحسنين فهذه الجملة وقعت تعليلا لما سبق فالذي ينفق ان نفقة آآ واجبة او مستحبة فقد احسن والله يحب المحسنين الاية الثانية واقسطوا ان الله يحب المقسطين اه اقصد امر بالقسط وهو العدل وهو العدل اه ولهذا امر الله تعالى بالقسط في غير ما اية فقال سبحانه وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما. فان بغت احداهما على التي تبغي حتى تفيء الى امر الله. فان فاءت بينهما بالعدل واقسط ان الله يحب المقسطين الله تعالى يحب المقسطين وهم اهل العدل الذين يعدلون في اموالهم واهليهم وما ولوا هؤلاء هم اهل العدل حقا ولنعلم ان العدل واجب وان الفضل مستحب فيجب على الانسان ان يأتي بالحد الادنى الذي هو العدل شريعة الاسلام قائمة على العدل. فما زاد عن ذلك فهو فضل وتأملوا في مثل قول الله تعالى لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم من دياركم ان تبروهم وتقسط اليها البر فظل والقسط عدل العدل واجب والبر فظل مستحب لا يجوز للمسلم ان ينزل عن مرتبة العدل حتى في تعامله مع الكافر من الناس من يظن انه اذا تعامل مع كافر يهودي او نصراني او بوذي او غير ذلك من الميلل الباطلة ان له ان يستطيل عليه بخدعة او غش او ان ينال منه بكلام او مسبة وهذا لا يجوز فان هذا يخالف اصول الاسلام. القائمة على العدل. ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري عبد الله بن رواحة الى يهود ليخلص عليهم ثمرة خيبر جمعوا له من من حلي نسائهم. يريدون رشوة خشوا ان يعني يشدد عليهم فلما قدموها له قال اتطعمونني السحت يا اخوان القردة والخنازير؟ والله لقد جئتكم من احب الناس الي. من يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولانتم ابغض الي من عدادكم من القردة والخنازير. ووالله لا يحملني حبي اياه وبغظي اياكم ان اظلمكم مثقال ذرة قالوا الله اكبر. بهذا قامت السماوات والارض العدل قيمة من قيم الاسلام. لا نقول من القيم الانسانية كما يقال حاليا. لا نقول هي قيمة وخلق من اخلاق الاسلام من اصوله الاخلاقية فالله تعالى امر بالقسط وبين انه يحب المقسطين الذين يعدلون في اموالهم واهليهم وما ولوا قال تعالى فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم ان الله يحب المتقين هذا في شأن المعاهدين فان الله تعالى لما انزل سورة براءة وقد تضمنت اية السيف كان بين بين رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبين بعض قبائل العرب عهود لا تزال باقية فلم تكن اية السيف لتقطعها لان ليس من شأن اهل الاسلام الغدر وغاية ما في الامر ان اذا خفنا منهم خيانة ان ننبذ اليهم على سواء واما تخافن من قوم خيانة اليهم على سواء لكن ما لم يكن كذلك فالاصل الوفاء بالعهود الى مددها قال الله تعالى فما استقى الا الذين عاهدتهم عند المسجد الحرام قال فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم ان الله يحب المتقين. فما داموا ملتزمين بالعهد فانتم تقابلونهم بالمثل. وبين ان هذه الاستقامة عنوان تقوى الله عز وجل لان النفس قد يزين لها اذا رأت من الطرف الاخر ضعفا ان تثب عليه لا يحجزها من ذلك الا تقوى الله عز وجل لهذا كانت الجملة معللة لما مضى ان الله يحب المتقين ومن المتقون التقوى هي امتثال اوامر الله واجتناب مناهيه وحقيقتها ان يقوم في القلب حاجز يمنع الانسان من الوقوع في محارم الله. ويحمله على فعل اوامره خلي الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى واصنع كماش فوق ارض الشوك يحذر ما يرى. لا تحقرن صغيرة ان الجبال من الحصى وتقوى الله اعظم ما اعطي العبد. ان اكرمكم عند الله اتقاكم اكرم الناس على الله اتقاهم. كما قال الله وكما قال نبيه صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح تحصيل تقوى الله تكون بان يزرع العبد في قلبه ورعا وخشية تحجزه عن الوقوع في محارم الله. وقاية. وهذه الوقاية تكون وقاية له من عذاب الله في المستقبل وقاية له من عذاب الله فمن تقوى الله عز وجل حفظ العهود وعدم اه هدرها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم انا لا نخيس العهد ولا نقتل البرد نحن اهل الاسلام الزأ اكثر الناس التزاما بالعقود والمعاهدات لا نخيس العهد ولا نقتل البرد. يعني صاحب البذيء اه ثم قال ذكر قوله ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين التوابين جمعوا الله يحب التوابين. وما التوبة؟ التوبة هي الاوبة والرجوع الى الله هذا التوبة والرجوع واصطلاحا هي الرجوع من المعصية الى الطاعة فهي رجوع الى الله تعالى من المعصية الى الطاعة وهي من اشرف العبادات فالله تعالى يحب التوابين بل يحب من يكثر التوبة قال وخير الخطائين التوابون لولا انكم تذنبون فتستغفرون لذهب الله بكم واتى بقوم يذنبون فيستغفرون. لله اشد فرحا بتوبة عبده. كما سيأتينا لاحقا ان شاء ان شاء الله التوابون هم الذين يكثرون التوبة. وهذا ليس بعيب لانه لقائل يقول ان من يكثر التوبة يعني انه يكثر الذنب وهذا من طبيعة بني ادم وقد جاء في حديث ان رجلا اذنب فقال ربي اصبت ذنبا فاغفره لي. فقال الله علم عبدي ان له ربا يأخذ بالذنب ويعفو عن الذنب قد غفرت لعبدي ثم عاد فاذن فقال مثلما قال فقال الله مثل ما قال. ثم عاد فاذنب الثالثة فقال مثلما قال فقال الله مثلما قال وقال فليعمل عبدي ما شاء. اي ما دام انه يذنب فيستغفر. مستوفيا لشروط التوبة فاني لا ازال له فلهذا كان الله تعالى يحب التوابين اذ التوبة عبادة تنبئ عن تجدد الايمان في القلب. لكن التوبة يا اخوة ممدوح هي التوبة النصوح التي تكون مقترنا مقترنة بالايمان والعمل الصالح الا من تاب وامن وعمل عملا صالحا واولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات. الا من تاب وامن وعمل صالحا. فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا واني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحا ثم اهتدى هذه ثلاث امور متلازمة التوبة والايمان والعمل الصالح فمجيئها سويا يدل على ان التوبة نصوح ويحب واعلموا ان التواب يكون اسما للعبد واسما للرب فالعبد تواب والرب تواب فالعبد تواب لانه يتوب الى الله والرب تواب لانه يتوب على العبد قال الله عز عز وجل ثم تاب عليهم ليتوبوا ثم تاب عليهم ليتوبوا فتاب عليهم فهذه توبته سبحانه. ليتوبوا لتقع منهم التوبة ثم ان توبة العبد او توبة الرب على عبده تكون على صورتين يعني اولاهما بتوفيق العبد للتوبة وثانيهما بقبول التوبة منه وهذا يفسر لك معنى قوله ثم تاب عليهم ليتوبوا. تاب عليهم وفقهم للتوبة فتابوا ثم تاب الله تعالى عليهم لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار تكون توبة الله على العبد بان يلهمه ويوفقه للتوبة فيتوب. ثم تكون توبته عليه بقبول هذه التوبة منه فهكذا تكون توبة الرب على العبد. واما توبة العبد الى الرب فبالرجوع عن المعصية الى الطاعة ويحب المتطهرين. المتطهرين جمع متطهر والطهارة نوعان طهارة حسية وطهارة معنوية. فالطهارة الحسية تكون من الحدث والنجس والطهارة المعنوية تكون من الشرك والفسوق والعصيان والبدعة وما اشبه من الامور المعنوية. وكلا الامرين مطلوب وثيابك فطهر فالمؤمن طاهر ظاهرا وباطنا ثوبه طاهر وبدنه طاهر وبقعته التي يصلي عليها ويجلس عليها طاهرة فهو لا لا يتلبس بالنجاسات ولا يباشر ولا يأكل النجاسات. متطهر وهو ايضا متطهر في اموره المعنوية فلا يلابسه شرك ولا فسق ولا معصية. وان وقع شيء له من ذلك تطهر منه. ولهذا قال ويحب المتطهرين ويحب المتطهرين ولم يقل الطاهرين قال المتظاهرين لانهم يتطهرون ففيها معنى التفاؤل كل الايات السابقة يا اخوة دلت على اثبات صفة المحبة لله تعالى وهذا امر جلي فان قارئ القرآن لا يعني يشك في اثبات صفة المحبة لله تعالى. هذه ايات ناطقات تسند فيها المحبة الى الله عز وجل. فيجب علينا ان نعتقد بان من صفات الله تعالى صفة المحبة وهي صفة تليق به سبحانه وبحمده. لا تشبه محبة المخلوقين فلان كانت محبة المخلوق فيها شيء من الانعطاف والرقة ونحو ذلك فهذه محبة المخلوق. اما محبة الله لا يلزمها شيء من اللوازم البشرية فلهذا اقر اهل السنة والجماعة اثبات هذه الصفة وغص بها اهل البدع من المتكلمين النفاة من الجهمية والمعتزلة بل حتى من الصفاتية كالاشاعرة فقالوا لا يمكن ان نثبت لله صفة المحبة. لم؟ قالوا لان المحبة رقة في القلب وانعطاف ولين فقيل لهم هذه محبة المخلوق ومحبة الله تليق به. والله ليس كمثله شيء فانتم تثبتون لله سمعا وبصرا. اي ايها الاشاعرة مع ان المخلوق له سمع وبصر فاثبتوا له محبة فقالوا لكن سمع الله يليق به وبصر الله يليق به. قلنا وايضا محبة الله تليق به لا فرق كل ما اثبته الله تعالى لنفسه فانا نثبته. لان الله اعلم بنفسه وبغيره واصدق قيل واحسن حديثا من خلقه. كما تقدم معنا في مبادئ هذه الرسالة اذن نثبت ذلك لله تعالى. ولا يلزم من اثباتنا لصفة المحبة لله. ان يلحق الله شيء من اللوازم البشرية الله تعالى ليس كمثله شيء ثم انه قال قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله وهذه الاية دليل على ان المحبة تقع من الطرفين المؤمنون يحبون ربهم والرب يحب يحب عباده المؤمنين لكن هذه المحبة من الله مشروطة قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله. ويغفر لكم ذنوبكم. والله غفور رحيم. تسمى هذه الاية اية المحنة وقد ادعى محبة الله قوم من اليهود والنصارى زمن النبي صلى الله عليه وسلم. فابتلاهم الله بهذه الاية وامتحنهم فقال قل ان كنتم تحبون الله ان كنتم صادقين في دعواكم محبة الله فاتبعوني. اي اتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم يحببكم الله ودلت هذه الاية على ان الرب العبد يحب والرب يحب فالعبد يحب ربه يمكن ان تقع تقع منه المحبة. والعبد يحب عبده والرب يحب عبده مرة اخرى شرق بهذا اهل البدع وقالوا لا يمكن ان تقع المحبة من الطرفين قالوا لانه لا تجانس بينهما. حتى محبة العبد لربه قالوا لا يمكن تقع طيب ماذا تصنعون بهذه الايات؟ قالوا المقصود بمحبة العبد لربه هي طاعته. امتثال امره واجتناب نهيه. ففسروا المحبة بغير حقيقتها مع ان الحق ان ان هذا امر يجده كل مؤمن انه يجد في قلبه شوقا وميلا ومحبة الى الله عز وجل حقيقية غير فعل الاوامر اجتناب النواهي. بل انه احيانا ربما يقع من العبد اخلال بطاعة الله وتثبت له المحبة كالرجل الذي كان يؤتى به الى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب شرب الخمر. فضارب له بثوبه وضارب له بنعله بيده حتى قال رجل فيه قولا شنيعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقل كذا فانه يحب الله ورسوله يعني حتى ولو كان عنده شيء من معصية لكنه يحب الله ورسوله لكن ليست كما كمحبة اهل الايمان التام. لكن عنده محبة اذا المحبة تقع بين الطرفين والدعوى انه آآ لا يمكن ان ان يقع محبة بين غير متجانسين دعوة ساقطة بل نقول انه تقع محبة بين الاشياء غير المتجانسة الست انت مثلا تحب شرب الماء انت جنس ولا ما جنس الست مثلا تحب لعق العسل بلى انت جنس وهو جنس لا يلزم وجود المحبة التجانس بين الطرفين اليس الرجل احيانا يحب دابته؟ اليس بعضكم مثلا يحب سيارته؟ يحبها مع انها حديد الم يقل النبي صلى الله عليه وسلم احد جبل يحبنا ونحبه. وهو جبل وهذا امر معروف عند بني عند بني ادم. يحب الانسان احيانا بعض بعض المجالس وبعض البيوت وبعض المراكب وبعض الثياب تجد انه مثلا بعض ثيابك احب اليه اليك من بعضها. مع انها من جنس يختلف تماما فهذا وجود المحبة بين شيئين غير متجانسين. موجود بين المخلوقات نفسها فكيف يقولون لا يمكن ان يقع محبة بين غير المتجانسين يقال هذه محبة تليق بهذا وهذه محبة تليق بهذا. ولا تواجه النصوص المحكمات بمثل هذه التعليلات الخاطئات ثم تلا قوله تعالى فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه جاء ذلك بعد قول الله تعالى يا ايها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبون ادلتهم على المؤمنين اعزة على الكافرين. يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم. فتكرر المعنى يحبهم ويحبونه سبحان الله هذا امر بين جلي. فيا عجبا لهؤلاء المتكلمين الذين قالوا لا. لا يمكن ان تقع المحبة من الجانبين وان محبة العبد لربه هي طاعته ومحبة الرب لعبده المراد بها اثابته هذا يسمى تأويلا بل في الحقيقة هو تحريف لانه خلاف مراد الله تعالى. وقد مر بنا في اول هذه الرسالة ان اهل السنة والجماعة يثبتون لله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير في تكييف ولا تمثيل. فهذا هو التحريف اذا قال محبة الرب لعبده هي اثابته قلنا هذا تحريف هذا لازم المحبة وليس المحبة فرق بين المحبة والاثابة. انت مثلا قد تحب صديقك محبة حقيقية وقد نتيجة لهذه المحبة تقدم له هدية. اليس كذلك تقديمك للهدية هذه اثابة لكنها غير المحبة. بدليل انك ممكن تحبه ولا تهدي له لعدم قدرتك او لسبب من الاسباب المحبة شيء ولازمها شيء اخر ثم تلا قول الله تعالى ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كانهم بنيان مرصوص هذه آآ الاية في بيان محبة الله للمجاهدين في سبيله المقاتلين صفا كأنهم بنيان مرصوص فيها اثبات محبة الله تعالى لمن قاتل في سبيله وختم بقوله وهو الغفور الودود ما الشاهد منها على ما نحن فيه الودود لان المودة هي اعلى درجات المحبة الله ودود والمودة هي اعلى درجات المحبة. واما الغفور فهو مشتق من الغفر والغفر هو الستر والتجاوز الله غفور بمعنى انه يستر الذنب ويتجاوز عنه. ومنه سمي المغفر الذي يجعل على الرأس مغفرا. لانه يستر الرأس ويقيه فدلت هذه الايات السابقات اولا على اثبات ارادة الله الشرعية التي بمعنى المحبة. وانه لا يلزم من محبة الله للشيء وقوعه وتحققه. لا يلزم فقد يحب ما لا يشاء وقد يشاء فلا يحب. سبحانه وبحمده. وله في ذلك حكمة الله احب منا الاحسان والقسط والتقوى وآآ ان نقاتل في سبيله صفا ونحو ذلك من الاعمال الصالحات ومع ذلك قد تقع وقد لا تقع بخلاف الارادة الكونية فانه لابد من وقوعها. كما قال الله عز وجل انما امرنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن اما الارادة الشرعية فهي بمعنى المحبة المحبة قد تقع وقد لا تقع وفهمنا من مما مضى اثبات صفة المحبة لله اثباتا حقيقيا وانه لا يلزم من اثباتها تمثيل الله بخلقه كما ادعى اهل البدع واستفدنا انه لا يجوز تحريف المحبة بخلاف ظاهرها كالاثابة ونحو ذلك. فان هذا تحريف مذموم الى غير ذلك من الفوائد الجزئية التي تضمنتها الايات والاثر المسلكي اثبات صفة المحبة هو ان يحرص الانسان على تحقيق محبة الله تعالى. وان يكون حبيبا الى الله ومحبوبا لله. فان هذه اعظم وشيجة بين العبد وربه اذا علمت ان الله يحبك ما اسعدك وما اهنأك. فان الله لا يعذب من يحب فيسعى الانسان في تلمس اسباب محاب الله التي ينال بها الدرجات العلى وهي المنصوص عليها في كتابه فلله سبحانه فالله سبحانه وتعالى يحب من الاشخاص والاعمال والاحوال والاماكن والازمنة ما يشاء يحب من الاشخاص محمدا صلى الله عليه وسلم وسائر انبيائه يحب من الاعمال اه الصلاة على وقتها وبر الوالدين والجهاد في سبيل الله وسائر مراداته الشرعية كلها محبوبة لله وبعضها احب من بعض فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم اي العمل احب الى الله؟ فقال الصلاة على وقتها ويحب كذلك ايضا من الاحوال كحال السجود فاقرب ما يكون العبد من الله وهو ساجد ويحب سبحانه وتعالى من الاماكن مكة شرفها الله والمدينة وبيت المقدس ويحب سبحانه من الازمنة رمضان وعشر ذي الحجة وهكذا فلله تعالى ان يحب ما يشاء من الاشخاص والاعمال والاحوال والازمنة والامكنة هو سبحانه وتعالى اه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ثم انتقل الى طائفة اخرى من الايات السابع اثبات اتصافه بالرحمة والمغفرة سبحانه وتعالى. وقوله ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما وكان بالمؤمنين رحيما ورحمتي وسعت كل شيء كتب ربكم على نفسه الرحمة والله خير حافظا. وهو ارحم الراحمين وقوله وقوله نعم هذه الايات دلت على اثبات صفة الرحمة لله سبحانه وتعالى. واستهلها ببسم الله الرحمن الرحيم وقد تقدم الكلام عنها في مستهل هذه رسالة وتبين ان البسملة بعض اية من سورة النمل وانها اية مستقلة تفتتح بها جميع سور القرآن سوى سورة براءة وبينا الفرق بين الرحمن الرحيم من جهتين وهو ان الرحمن يدل على اتصاف الله تعالى بصفة الرحمة اتصافا ذاتيا وان الرحيم يدل على اتصاف الله بصفة الرحمة اتصافا فعليا الرحمن يدل على الرحمة الواسعة. والرحيم يدل على الرحمة الواصلة وآآ الفرق الثاني ان الرحمن يدل على الرحمة العامة والرحيم يدل على الرحمة الخاصة بالمؤمنين كما تبينه الايات بعدها ايضا آآ قال تعالى ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما. هذه جاءت في سياق دعاء الملائكة الذين يحملون العرش ومن يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون ويستغفرون لمن في الارض. ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما. فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك قوله ربنا وسعت كل شيء كل شيء كل من الفاظ العموم رحمة وعلما. فرحمته وسعت كل شيء وعلمه احاط بكل شيء وكان بالمؤمنين رحيما هذا يدل على اتصاف الله بالرحمة الخاصة بالمؤمنين لانه قال وكان بالمؤمنين فقدم الجار والمجرور ليدل على الاختصاص سبحانه رحمن وهو رحيم فهذان اسمان كريمان من اسماء الله الحسنى اه كما قال ابن القيم اسمعان رقيقان دالان على اتصاف الله بصفة الرحمة. كما دلت الايات على ثبوت هذا الوصف. كذلك قوله ورحمتي وسعت كل شيء ورحمتي وسعت كل شيء كما المعنى السابق وقد قالها الله تعالى في خطابه لموسى عليه السلام كتب ربكم على نفسه الرحمة اي امر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ان يقول لضعفاء المؤمنين الذين يأوون اليه واذا جاءك الذين يؤمنون باياتنا سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة. ومعنى ان الله كتب على نفسه ذلك. اي انه سبحانه هو الذي اوجب الرحمة على نفسه. لا كما تدعيه المعتزلة من دعوى انه يجب على الله فعل الصلاح او الاصلح حتى انهم يوجبون على الله بمحض عقولهم ما يستشع الانسان من قوله. ويدعون ان العقل هو الذي يقضي بذلك. فيقولون يجب على والله يفعل كذا ولا يجب عليه ان يفعل كذا ويمتنع كذا وهكذا. فهم مشبهات الافعال صفات الصفات مشبهة الافعال قال كتب ربكم على نفسه الرحمة اه كقوله ان الله كتب كتابا فهو عنده اه عند العرش او فوق العرش قال ان رحمتي سبقت غضبي قال وهو الغفور الرحيم. تقدم معنى الغفور والرحيم ايضا تبين معناه وهو ذو الرحمة البالغة او الواصلة فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين. هذا من كلام يعقوب عليه السلام اه لبنيه قال فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين. فدل على اثبات صفة الله صفة الحفظ لله تعالى وانه ارحم الراحمين بمعنى ان له المثل الاعلى في صفة الرحمة الرحمة موجودة وتضاف الى الخالق والمخلوق. لكن لله من الرحمة اعلاها واعلموا يرعاكم الله ان اهل البدع انكروا صفة الرحمة وقالوا لا يمكن ان يوصف الله تعالى برحمة حقيقية. سبحان الله! لم؟ وهذا من اعظم ما ما ما نتشبث به ونرجوه. قالوا لان الرحمة ظعف وخظر ورقة والله منزه عن ذلك ما الجواب نقول هذا الذي وصفتموه رحمة من رحمة المخلوق. المخلوق هو الذي اذا ادركته رقة ورحمة تضعضع وبكى و لحقه ضعف ونحو هذا. اما رحمة الله فلا يلزم منها هذه اللوازم البشرية فلله رحمة تليق به. فكما انكم تثبتون لله حياة وسمعا وبصرا وعلما وارادة وقدرة وكلاما. وتقولون انها على ما يليق به فقولوا مثل ذلك في صفة الرحمة الرحمة الايات متكاثرة في اثباتها واظافتها الى الله. تحريف الرحمة بارادة الانعام هذا تحريف وان سميتموه تأويلا وهم يقولون معنى الرحمة ارادة الانعام. بمعنى انهم يفسرون اه الرحمة اما بالارادة التي يثبتونها ضمن الصفات السبع او بالانعام نفسه وكل هذه من مسالك المتكلمين الباطلة نقول لله صفة حقيقية تليق به هي صفة الرحمة. بها يرحم المرحومين يرحم المرحومين. لكن اعلموا ان الرحمة المضافة الى الله عز وجل قد تكون احيانا الرحمة التي هي الصفة. وقد تكون واحيانا الرحمة المخلوقة يتضح لكم ذلك بالمثال او بمثالين رأى النبي صلى الله عليه وسلم في سبي هوازن امرأة تسعى بين السبي تبعث عن وليد لها فوجدته الزقته الى صدرها والقمته ثديها كما تصنع الام الشفيق برظيعها فقال النبي صلى الله عليه وسلم اترون ان هذه طارحة ولدها في النار؟ قالوا يا رسول الله وكيف تصنع وقد يعني كيف تفعل تطرح والدها في النار وقد صنعت ما صنعت فقال صلى الله عليه وسلم لله اشد رحمة بعباده من هذه بولدها الله اكبر. اذا هذه رحمة رحمة الصفة رحمة حقيقية وقال في حديث اخر ان الله خلق مئة رحمة فانزل الى الارض منها رحمة واحدة. فمنها تتراحم الخلائق حتى ان الدابة لترفع حافرها خشية ان تصيب وليدها. وادخر تسعة وتسعين ليوم القيامة اذا خلق مئة رحمة اذا هذه الرحمة المخلوقة وليست الرحمة الصفة. فتبين بذلك وجوب اثبات اسم الله الرحمن واسم الله الرحيم ووجوب اثبات ما تضمناه اه من صفة الرحمة وانه لا يجوز تحريف صفة الرحمة الى الانعام او ارادة الانعام كما فعل اهل البدع وللحديث صلة ان شاء الله. وصلى الله على نبينا محمد