في بيان حقيقة الصفات الفعلية والرد على منكريها بدعوى نفي حلول الحوادث صفات الله تعالى نوعان صفات ذاتية وهي الملازمة لذاته العظيمة التي لم يزل ولا يزال متصفا بها لا منصة زادي للتعلم الشرعي المفتوح الاصول القرآنية لاسماء الله الحسنى بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى اله وصحبه اجمعين معشر طلبة العلم وطالباته سنتناول في هذه الحلقة موضوعا مهما يتعلق بافعال الله سبحانه. ننطلق فيه من هذه الجملة القرآنية من هذا الاصل العظيم وهو قول الله تعالى فعال لما يريد تصور انفكاكها عنه سبحانه مثل صفات العلم والقدرة والحياة. ومنها الصفات الخبرية مثل الوجه واليدين والعين مما هو ثابت في كتابه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم النوع الثاني صفات فعلية. وهي المتعلقة بمشيئته وحكمته. فيفعلها اذا شاء كيف شاء فقد وصف تعالى نفسه بوصف الفعل صريحا في مواضع من كتابه على احوال منها ما يكون مقرونا بارادته. كقوله تعالى ولكن الله يفعل ما يريد وقوله ان ربك فعال لما يريد وقوله ان الله يفعل ما يريد وقوله فعال لما يريد ويأتي مقرونا بمشيئته. كقوله كذلك الله يفعل ما يشاء. وقوله ان الله يفعل ما يشاء ويأتي مطلقا كقوله تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون وقوله الم تر كيف فعل ربك بعاد وقوله الم تر كيف فعل ربك باصحاب الفيل؟ غير مقيد بصفة اخرى اذا قد جاء هذا الوصف الشريف بانواع التصرفات اللغوية بصيغة الفعل الماضي والمضارع واسم الفاعل واما انواع الافعال وافرادها فلا تكاد تحصر فمن ذلك الاستواء. قال تعالى ثم استوى على العرش في ستة مواضع من كتابه. في الاعراف ويونس والرعد والفرقان والسجدة والحديد. واما الموضع السابع ففي سورة طه الرحمن على العرش استوى ومن افعاله سبحانه الاتيان والمجيء. قال تعالى هل ينظرون الا ان يأتيهم الله في ظلل من الغمام وقال وجاء ربك والملك صفا صفا ومن افعاله سبحانه النزول الى سماء الدنيا فقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة الى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الاخر يقول من يدعوني فاستجيب له؟ من يسألني فاعطيه؟ من يستغفرني فاغفر له ومجموع ذلك وغيره يدل على انه سبحانه يفعل ما يشاء. متى شاء كيف شاء وهو عقيدة السلف الصالح وائمة الحديث والسنة وقد انكر المتكلمون ثبوت الصفات الفعلية لله تعالى. واولوها تأويلا فاسدا الى معان مجازية بلا بينة او اثار من علم وشبهتهم في ذلك قاعدة قعدوها وهي نفي حلول الحوادث التي يجعلونها من اخص خصائص الله. فقد قال ابو المعالي الجويني من يخالف الجوهر فيه حكم الاله قبول الاعراض وصحة الاتصاف بالحوادث. والرب سبحانه وتعالى يتقدم يسوع لقبول الحوادث هكذا قال فيزعمون ان اثبات الصفات الفعلية لله يستلزم ان يكون محلا للحوادث ويتوصلون بهذا النفي الى للاستواء والنزول والمجيء والفرح والضحك والعجب وغيرها مما جاء به ناطق الكتاب وصحيح السنة ويحملونها على معان مجازية فرارا من هذا اللازم والجواب عن هذه الشبهة في مقامين احدهما الاستفصال قال ابن ابي العز رحمه الله وحلول الحوادث بالرب تعالى المنفي في علم الكلام المذموم لم يرد نفيه ولا فاته في كتاب ولا سنة وفيه اجمال. فان اريد بالنفي انه سبحانه لا يحل في ذاته المقدسة شيء من مخلوقاته المحدثة ولا يحدث له وصف متجدد لم يكن فهذا نفي صحيح. وان اريد به نفي الصفات الاختيارية من انه لا يفعل ما يريد ولا يتكلم بما شاء اذا شاء. ولا انه يغضب ويرضى لا كاحد من الورى. ولا يوصف بما وصف به نفسه من النزول والاستواء والاتيان كما يليق بجلاله وعظمته فهذا نفي باطل المقام الثاني هو مقام التحقيق وقد قال عمرو بن عثمان المكي رحمه الله خلصت له الاسماء السنية فكانت واقعة في قديم الازل بصدق حقائق لم يستحدث تعالى صفة كان منها خلية او اسما كان منه بريا. تبارك وتعالى كان هاديا سيهدي وخالقا سيخلق ورازقا سيرزق وغافرا سيغفر وفاعلا سيفعل لم يحدث له الاستواء الا وقد كان في وصفه انه سيكون ذلك الفعل فهو يسمى به في جملة فعله كذلك قال الله تعالى وجاء ربك والملك صفا صفا. بمعنى انه سيجيء فلم يستحدث الاسم بالمجيء وتخلف الفعل لوقت المجيء. فهو جاء سيجيء ويكون المجيء منه موجودا بصفة لا تلحقه الكيفية ولا التشبيه لان ذلك فعل الربوبية فتحسر العقول. وتنقطع النفس عن ارادة الدخول في تحصيل كيفية المعبود. فلا تذهب في احد الجانبين لا معطلا ولا مشبها وارض لله بما رضي به لنفسه وقف عند خبره لنفسه مسلما مستسلما مصدقا بلا مباحثة التنفير ولا مناسبة التنقير. انتهى كلامه رحمه الله وقال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله صفات الافعال نوعها قديم لم يزل ولا يزال وافرادها وجزئياتها لا تزال تتجدد كل وقت بحسب ارادته وحكمته التي يحمد عليها اما الصفات الذاتية فهي التي لم تزل ولا تزال. ولكن ليس لها مفعولات تتجدد وتحدث عنها الحياة والسمع والبصر والعلم والعظمة والكبرياء. وبهذا عرفت الفرق بين الصفات الفعلية والذاتية الجميع اشترك بان الله موصوف بها وافترقا بان صفات الافعال لها اثار ومفعولات تتجدد منها وكلها اي صفات الافعال تدخل في معنى ان الله فعال لما يريد وانه لم يزل ولا يزال لمن فعالا متصرفا. فاحفظ هذا التفصيل الذي لا تكاد او لا تجده مسطرا في كتاب على هذا الوجه ولكن معانيه موجودة في كتب المحققين. فسلكناه في هذا الاسلوب الواضح الجلي. والله تعالى هو الميسر انتهى كلامه رحمه الله وقد صدق الشيخ فهذا تقرير بليغ ونظم بديع ينسف شبهة الاستدلال بنفي حلول الحوادث على انكار الصفات الفعلية اختيارية فكما ان صفة الكلام قديمة النوع حادثة الاحاد فكذلك صفة الفعل. فجنس الفعل قديم واحده تتنوع وتحدث فتارة يكون استواء وتارة يكون مجيئا وتارة يكون نزولا. كما ان صفة الكلام قديمة النوع لكن ان احد كلامه يتجدد فتارة يكون توارة وتارة يكون انجيلا وتارة يكون قرآنا وقد كلم الابوين في الجنة ويكلم عيسى ابن مريم عليه السلام وغيره يوم الحساب هذا والله تعالى المسؤول ان يهدينا للعلم النافع والعمل الصالح. وان يعرفنا به سبحانه كما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه. والحمدلله الذي نعمته تتم الصالحات