المكتبة السمعية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الوسائل المفيدة للحياة السعيدة. رسالة للعلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله المتوفى سنة ست وسبعين وثلاثمئة والف للهجرة. الحمدلله الذي له الحمد كله. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم. اما بعد فان راحة القلب وطمأنينته وسروره وزوال همومه عمومي هو المطلب لكل احد. وبه تحصل الحياة الطيبة. ويتم السرور والابتهاج. ولذلك اسباب دينية واسباب طبيعية واسباب عملية. ولا يمكن اجتماعها كلها الا للمؤمنين واما من سواهم فانها وان حصلت لهم من وجه وسبب يجاهد عقلاؤهم عليه فقد فاتتهم من انفع واثبت واحسن حالا ومآلا. ولكني سأذكر برسالتي هذه ما يحضرني من الاسباب هذا المطلب الاعلى الذي يسعى له كل احد. فمنهم من اصاب كثيرا منها فعاش عيشة هنيئة. وحي حياة طيبة ومنهم من اخفق فيها كلها فعاش عيشة الشقاء. وحي حياة التعساء. ومنهم من هو بين بين بحسب ما وفق له. والله الموفق المستعان به على كل خير. وعلى دفع كل شر فصل واعظم الاسباب لذلك واصلها واسها هو الايمان والعمل الصالح. قال تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة. ولنجزينه اجرهم باحسن ما كانوا يعملون. فاخبر تعالى ووعد من جمع بين الايمان والعمل الصالح بالحياة الطيبة في هذه الدار. وبالجزاء الحسن في هذه الدار وفي دار القرار. وسبب ذلك واضح فان المؤمن بالله الايمان الصحيح المثمر للعمل الصالح المصلح للقلوب والاخلاق والدنيا والاخرة معهم اصول واسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من اسباب السرور والابتهاج. واسباب القلق والهم والاحزان يتلقون المحاب والمسار بقبول لها. وشكر عليها واستعمال لها فيما ينفع. فاذا استعملوها على هذا الوجه احدث لهم من الابتهاج بها والطمع في بقائها وبركتها ورجاء ثواب الشاكرين امورا عظيمة تفوق بخيراتها وبركاته هذه المسرات التي هذه ثمراتها. ويتلقون المكاره هوى المضار والهم والغم. بالمقاومة لما يمكنهم مقاومته. وتخفيف ما يمكنهم تخفيفه. والصبر الجميل بما ليس لهم منه بد. وبذلك يحصل لهم من اثار المكاره. من المقاومات النافعة والتجارب والقوة من الصبر واحتساب الاجر والثواب. امور عظيمة تضمحل معها المكاره. وتحل محلها المسار والامال الطيبة هبة والطمع في فضل الله وثوابه. كما عبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا في الحديث الصحيح انه قال عجبا لامر المؤمن ان امره كله خير. ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له. وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وليس ذلك لاحد الا للمؤمن. فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان المؤمن يتضاعف عفوا غنمه وخيره وثمرات اعماله في كل ما يطرقه من السرور والمكاره. لهذا تجد اثنين تطرقهما نائبة من نوائب الخير او الشر. فيتفاوتان تفاوتا عظيما في تلقيها. وذلك بحسب تفاوتهما في الايمان والعمل الصالح. هذا الموصوف بهذين الوصفين يتلقى الخير والشر بما ذكرناه من الشكر والصبر وما اتباعهما فيحدث له السرور والابتهاج. وزوال الهم والغم والقلق وضيق الصدر وشقاء الحياة. وتأتيك تتم له الحياة الطيبة في هذه الدار. والاخر يتلقى المحاب باشر وبطر وطغيان اخلاقه ويتلقاها كما تتلقاها البهائم بجشع وهلع. ومع ذلك فانه غير مستريح القلب بل مشتته من جهات عديدة. مشتت من جهة خوفه من زوال محبوباته. ومن كثرة المعارضات الناشئة عنها غالبة. ومن جهة ان النفوس لا تقف عند حد بل لا تزال متشوقة لامور اخرى. قد تحصل قد لا تحصل وان حصلت على الفرض والتقدير فهو ايضا قلق من الجهات المذكورة. ويتلقى المكاره بقلق وجزع وخوف وضجر. فلا تسأل عما يحدث له من شقاء الحياة. ومن الامراض الفكرية والعصبية ومن الخوف الذي قد يصل به الى اسوأ الحالات. وافظع المزعجات. لانه لا يرجو ثوابا ولا صبر عنده ويهون عليه. وكل هذا مشاهد بالتجربة. ومثل واحد من هذا النوع اذا تدبرته ونزلته على احوال الناس. رأيت الفرق العظيم بين المؤمن العامل بمقتضى ايمانه. وبين من لم يكن كذلك. وهو ان دين يحث غاية الحث على القناعة برزق الله. وبما اتى العباد من فضله وكرمه المتنوع. فالمؤمن اذا ابتلي بمرض او فقر او نحوه من الامراض التي كل احد عرضة لها فانه بايمانه وبما عنده من القناعة والرضا بما قسم الله له يكون قرير العين. لا يتطلب بقلبه امرا لم يقدر له. ينظر الى من هو دونه ولا ينظر الى من هو فوقه. وربما زادت بهجته وسروره وراحته على من هو متحصل على جميع المطالب الدنيوية اذا لم يؤت القناعة. كما تجد هذا الذي ليس عنده عمل بمقتضى الايمان. اذا ابتلي بشيء من الفقر او فقد بعض المطالب الدنيوية تجده في غاية التعاسة والشقاء. ومثل اخر اذا حدثت اسباب الخوف والمت بالانسان المزعجات تجد صحيح الايمان ثابت القلب. مطمئن النفس متمكنا من تدبير وتسييره لهذا الامر الذي داهمه بما في وسعه. من فكر وقول وعمل. وقد وطن نفسه لهذا المزعج الملم وهذه احوال تريح الانسان وتثبت فؤاده. كما تجد فاقد الايمان بعكس هذه الحال اذا وقعت المخاوف انزعج لها ضميره. وتوترت اعصابه وتشتت افكاره. وداخله الخوف والرعب. واجتمع دعى عليه الخوف الخارجي والقلق الباطني الذي لا يمكن التعبير عن كنهه. وهذا النوع من الناس ان لم يحصل لهم بعض اسباب الطبيعية التي تحتاج الى تمرين كثير انهارت قواهم وتوترت اعصابهم. وذلك لفقد الايمان الذي الذي يحمل على الصبر خصوصا في المحال الحرجة والاحوال المحزنة المزعجة. فالبر والفاجر المؤمن والكافر يشتركان في جلب الشجاعة الاكتسابية. وفي الغريزة التي تلطف المخاوف وتهونها. ولكن يتميز المؤمن بقوة ايمانه وصبره وتوكله على الله واعتماده عليه. واحتسابه لثوابه امورا تزداد بها شجاعة وتخفف عنه وطأة الخوف وتهون عليه المصاعب. كما قال تعالى ان تكونوا تألمون فانه هم يألمون كما تألمون. وترجون من الله ما لا يرجون. ويحصل لهم من معونة الله ومعينه الخاص ومدده ما يبعثر المخاوف. وقال تعالى واصبروا ان الله مع الصابرين. ومن الاسباب التي تزيل الهم والغم والقلق الاحسان الى الخلق بالقول والفعل. وانواع المعروف وكلها خير واحسان وبها يدفع الله عن البر والفاجر الهموم والغموم بحسبها. ولكن للمؤمن منها اكمل الحظ والنصيب ويتميز بان احسانه صادر عن اخلاصك واحتساب لثوابه. فيهون الله عليه بذل المعروف لما يرجوه من من الخير ويدفع عنه المكاره باخلاصه واحتسابه. قال تعالى لا خير في كثير من نجواهم الا امن امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس. ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف اوتيه اجرا عظيما. فاخبر تعالى ان هذه الامور كلها خير ممن صدرت منه. والخير الخير ويدفع الشر. وان المؤمن المحتسب يؤتيه الله اجرا عظيما. ومن جملة الاجر العظيم زوال الهم والغم والاكدار ونحوها. فصل ومن اسباب دفع القلق الناشئ عن توتر الاعصاب واشتغال القلب ببعض المكدرات. الاشتغال بعمل من الاعمال او علم من العلوم النافعة. فانها القلب عن اشتغاله بذلك الامر الذي اقلقه. وربما نسي بسبب ذلك الاسباب التي اوجبت له الهم والغم. ففرح نفسه وازداد نشاطه. وهذا السبب ايضا مشترك بين المؤمن وغيره. ولكن المؤمن يمتاز في ايمانه واخلاصه واحتسابه في اشتغاله بذلك العلم الذي يتعلمه او يعلمه. وبعمل الخير الذي يعمله ان كان عبادة فهو عبادة. وان كان شغلا دنيويا او عادة اصحبها النية الصالحة. وقصد الاستعانة فبذلك على طاعة الله. فلذلك اثره الفعال في دفع الهم والغموم والاحزان. فكم من انسان ابتلي القلق وملازمة الاكتار. فحلت به الامراض المتنوعة. فصار دواءه الناجع نسيانه السبب الذي قدره واقلقه. واشتغاله بعمل من مهماته. وينبغي ان يكون الشغل الذي يشتغل فيه مما تأنس به النفس وتشتاق فان هذا ادعى لحصول هذا المقصود النافع. والله اعلم. ومما يدفع به الهم والقلق اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر. وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل. وعن الحزن على الوقت الماضي. ولهذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن. فلا ينفع الحزن على الامور الماضية لا يمكن ردها ولا استدراكها. وقد يضر الهم الذي يحدث بسبب الخوف من المستقبل. فعلى العبد ان يكون ابن يومه يجمع جده واجتهاده في اصلاح يومه ووقته الحاضر. فان جمع القلب على ذلك يوجب تكميل الاعمال ويتسلى به العبد عن الهم والحزن. والنبي صلى الله عليه وسلم اذا دعا بدعاء او ارشد امته الى دعاء فانما يحث مع الاستعانة بالله والطمع في فضله على الجد والاجتهاد في التحقق لحصول ما بحصوله والتخلي عما كان يدعو لدفعه. لان الدعاء مقارن للعمل. فالعبد يجتهد فيما ينفعه في الدين والدنيا. ويسأل ربه نجاح مقصده. ويستعينه على ذلك. كما قال صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك. واستعن بالله ولا تعجز. واذا اصابك شيء فلا تقل. لو اني فعلت كذا كانت كذا وكذا. ولكن قل قدر الله وما شاء فعل. فان لو تفتح عمل الشيطان. فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الامر بالحرص على الامور النافعة في كل حال. والاستعانة بالله وعدم الانقياد للعجز الذي هو الكسل الضار. وبين الاستسلام للامور الماضية النافذة. ومشاهدة قضاء الله وقدره وجعل صلى الله عليه وسلم الامور قسمين. قسما يمكن العبد السعي في تحصيله. او تحصيل ما يمكن منه او دفعه او تخفيفه. فهذا يبدي فيه العبد مجهودا. ويستعين بمعبوده. وقسما لا يمكن فيه ذلك هذا يطمئن له العبد ويرضى ويسلم. ولا ريب ان مراعاة هذا الاصل سبب للسرور وزوال الهم والغم فصل ومن اكبر الاسباب لانشراح الصدر وطمأنينته الاكثار من ذكر الله فان لذلك تأثيرا عجيبا في انشراح الصدر وطمأنينته. وزوال همه وغمه. قال تعالى الا بذكر الله تطمئن القلوب. فلذكر الله اثر عظيم في حصول هذا المطلوب لخاصيته. ولما يرجوه العبد من ثوابه واجره. وكذلك التحدث بنعم الله الظاهرة والباطنة. فان معرفتها والتحدث بها يدفع الله به الهم والغم. ويحث العبد على الشكر الذي هو ارفع المراتب واعلاها. حتى ولو كان العبد في حالة فقر او مرض او غيرهما من انواع البلايا. فانه اذا قابل بين نعم الله عليه التي لا يحصى لها عد ولا حساب ان ما اصابه من مكروه لم يكن للمكروه الى النعم نسبة. بل المكروه والمصائب اذا ابتلى الله بها العبد. وادى فيها الصبر والرضا والتسليم هانت وطأتها. وخفت مؤنتها. وكان تأمين العبد لاجرها وثوابها. والتعبد لله بالقيام بوظيفة الصبر والرضا يدع الاشياء المرة حلوة. فتنسيه حلاوة اجرها مرارة صبرها ومن انفع الاشياء في هذا الموضع استعمال ما ارشد اليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح حيث قال انظروا الى من هو اسفل منكم. ولا تنظروا الى من هو فوقكم. فانه اجدر الا تزدروا نعمة الله عليكم عليكم فان العبد اذا نصب بين عينيه هذا الملحظ الجليل رآه يفوق جمعا كثيرا من الخلق في العافية وتوابعه وفي الرزق وتوابعه مهما بلغت به الحال. فيزول قلقه وهمه وغمه. ويزداد سروره واغتباطه بنعم الله التي فاق فيها غيره ممن هو دونه فيها. وكلما طال تأمل العبد بنعم الله الظاهرة والباطنة الدينية والدنيوية. رأى ربه قد اعطاه خيرا. ودفع عنه شرورا متعددة. ولا شك ان هذا ايدفع الهموم والغموم ويوجب الفرح والسرور. فصل ومن الاسباب الموجبة للسرور وزوال الهم والغم. السعي في ازالة الاسباب الجالبة للهموم. وفي تحصيل الاسباب الجالبة للسرور. وذلك نسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يمكنه ردها. ومعرفته ان اشتغال فكره فيها من باب العبث والمحال وان ذلك حمق وجنون. فيجاهد قلبه عن التفكر فيها. وكذلك يجاهد قلبه عن قلقه لما يستقبل مما يتوهمه من فقر او خوف او غيرهما من المكاره التي يتخيلها في مستقبل حياته. في علم ان المستقبلة مجهول ما يقع فيها من خير وشر وامال والام. وانها بيد العزيز الحكيم ليس بيد العباد منها شيء الا السعي في تحصيل خيراتها. ودفع مضراتها. ويعلم العبد انه اذا صرف فكره عن قلقه من اجل مستقبل امره. واتكل على ربه في اصلاحه. واطمأن اليه في ذلك. اذا فعل ذلك اطمئن ان قلبه وصلحت احواله وزال عنه همه وقلقه. ومن انفع ما يكون في ملاحظة مستقبل الامور استعمال هذا الدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به. اللهم اصلح لي ديني الذي هو عصمة ابي امري واصلح لي دنياي التي فيها معاشي. واصلح لي اخرتي التي اليها معادي. واجعل الحياة زيادة لي في كل خير. والموت راحة لي من كل شر. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم اللهم رحمتك ارجو فلا تكلني الى نفسي طرفة عين. واصلح لي شأني كله لا اله الا انت فاذا لهج العبد بهذا الدعاء الذي فيه صلاح مستقبله الديني والدنيوي بقلب حاضر ونية صادقة مع اجتهاده فيما يحقق ذلك حقق الله له ما دعاه ورجاه وعمل له. وانقلب همه فرحا وسرورا. فصل ومن انفع الاسباب لزوال القلق والهموم اذا حصل على العبد شيء من النكبات ان يسعى في تخفيفها بان يقدر اسوأ الاحتمالات التي ينتهي اليها الامر. ويوطن على ذلك نفسه فاذا فعل ذلك فليسعى الى تخفيف ما يمكن تخفيفه بحسب الامكان. فبهذا التوطين وبهذا السعي النافعي تزول همومه وغمومه. ويكون بدل ذلك السعي في جلب المنافع. وفي دفع المضار الميسورة للعبد. فاذا حلت به اسباب الخوف. واسباب الاسقام واسباب الفقر والعدم لما يحبه من المحبوبات المتنوعة يتلقى ذلك بطمأنينة وتوطين للنفس عليها. بل على اشد ما يمكن منها. فان توطين النفس على احتمال يهونها ويزيل شدتها. وخصوصا اذا اشغل نفسه بمدافعتها بحسب مقدوره. فيجتمع في حقه توطين النفس مع السعي النافع الذي يشغل عن الاهتمام بالمصائب. ويجاهد نفسه على تجديد قوة المقاومة المكاره مع اعتماده في ذلك على الله وحسن الثقة به. ولا ريب ان لهذه الامور فائدتها العظمى في حصول السرور وانشراح الصدور. مع ما يؤمله العبد من الثواب العاجل والاجل. وهذا مشاهد ووقائعه ممن جربه كثيرة جدا. فصل ومن اعظم العلاجات لامراض في القلب العصبي. بل وايضا للامراض البدنية قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعاله للاوهام والخيالات التي تجلبها الافكار السيئة. والغضب والتشوش من الاسباب المؤلمة. ومن توقع حدوث المكاره وزوال المحاب يوقعه ذلك في الهموم والغموم والامراض القلبية والبدنية والانهيار العصبي الذي له اثار السيئة التي قد شاهد الناس مضارها الكثيرة. ومتى اعتمد القلب على الله وتوكل عليه ولم يستسلم للاوهام ولا ملكته الخيالات السيئة. ووثق بالله وطمع في فضله. اندفعت عنه بذلك الهموم والغموم وزالت عنه كثير من الاسقام البدنية والقلبية. وحصل للقلب من القوة والانشراح والسرور ما لا يمكن التعبير عنه. فكم ملئت المستشفيات من مرضى الاوهام والخيالات الفاسدة. وكم اثرت هذه الامور على القلوب كثيرين من الاقوياء. فضلا عن الضعفاء. وكم ادت الى الحمق والجنون. والمعافى من عافاه الله ووفقه لجهاد نفسه لتحصيل الاسباب النافعة المقوية للقلب. الدافعة لقلقه. قال تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه. اي كافيه جميع ما يهمه من امر دينه ودنياه فالمتوكل على الله قوي القلب. لا تؤثر فيه الاوهام. ولا تزعجه الحوادث. لعلمه ان ذلك من ضعف النفس ومن الخور والخوف الذي لا حقيقة له. ويعلم مع ذلك ان الله قد تكفل لمن توكل عليه بالكفاية التامة. فيثق بالله ويطمئن لوعده. فيزول همه وقلقه. ويتبدل عسره يسرا وترحه فرحا وخوفه امنا. فنسأله تعالى العافية وان يتفضل علينا بقوة القلب وثباته فكل الكامل الذي تكفل الله لاهله بكل خير. ودفع كل مكروه وضير. فصل وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يفرك مؤمن مؤمنة ان كره منها خلقا رضي منها خلقا اخر فائدتان عظيمتان. احداهما الارشاد الى معاملة الزوجة والقريب والصاحب والمعامل. وكل من بينك وبينه علاقة واتصال. وانه ينبغي ان توطن نفسك على انه لابد ان يكون فيه عيب او نقص او كن تكرهه فاذا وجدت ذلك فقارن بين هذا وبينما يجب عليك او ينبغي لك من قوة الاتصال والابقاء على حبة بتذكر ما فيه من المحاسن والمقاصد الخاصة والعامة. وبهذا الاغضاء عن المساوئ وملاحظة المحاسن تدوم الصحبة والاتصال. وتتم الراحة وتحصل لك. الفائدة الثانية وهي زوال الهم والقلق وبقاء الصفاء والمداومة على القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة. وحصول الراحة بين الطرفين. ومن لم يسترشد بهذا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم. بل عكس القضية فلحظ المساوئ وعمي عن المحاسن فلابد لابد ان يقلق ولابد ان يتكدر ما بينه وبين من يتصل به من المحبة. ويتقطع كثير من الحقوق التي على كل منهما المحافظة عليها. وكثير من الناس ذوي الهمم العالية يوطنون انفسهم عند وقوع الكوارث والمزمنة على الصبر والطمأنينة. لكن عند الامور التافهة البسيطة يقلقون. ويتكدر الصفاء والسبب في في هذا انهم وطنوا نفوسهم عند الامور الكبار. وتركوها عند الامور الصغار. فضرتهم واثرت في راحتهم فالحازم يوطن نفسه على الامور القليلة والكبيرة. ويسأل الله الاعانة عليها. والا يكله الى نفسه طرفة عين فعند ذلك يسهل عليه الصغير كما سهل عليه الكبير. ويبقى مطمئن النفس ساكن القلب مستريحا. فصل العاقل يعلم ان حياته الصحيحة حياة السعادة والطمأنينة وانها قصيرة جدا. فلا ينبغي له ان يقصرها بالهم والاسترسال مع الاكدار. فان ذلك ضد الحياة صحيحة فيشح بحياته ان يذهب كثير منها نهبا للهموم والاكتار. ولا فرق في هذا بين البر والفاجر ولكن المؤمن له من التحقق بهذا الوصف الحظ الاوفر. والنصيب النافع العاجل والاجل. وينبغي ايضا اذا اصابه مكروه او خاف منه ان يقارن بين بقية النعم الحاصلة له دينية او دنيوية. وبينما اصابه مكروه فعند المقارنة يتضح كثرة ما هو فيه من النعم. واضمحلال ما اصابه من المكاره. وكذلك يقال بينما يخافه من حدوث ضرر عليه. وبين الاحتمالات الكثيرة في السلامة منه. فلا يدع الاحتمال الضعيف يغلب الاحتمال الكثيرة القوية. وبذلك يزول همه وخوفه. ويقدر اعظم ما يكون من الاحتمالات التي يمكن ان تصيبه فيوطن نفسه لحدوثها ان حدثت. ويسعى في دفع ما لم يقع منها. وفي رفع ما وقع او تخفيفه ومن الامور النافعة ان تعرف ان اذية الناس لك وخصوصا في الاقوال السيئة. لا تضرك بل تضرهم لا ان اشغلت نفسك في الاهتمام بها. وسوغت لها ان تملك مشاعرك. فعند ذلك تضرك كما ضرتهم. فان انت لم تضع لها بالا لم تضرك شيئا. واعلم ان حياتك تبع لافكارك. فان كانت افكارا فيما يعود عليك نفعه وفي دين او دنيا فحياتك طيبة سعيدة. والا فالامر بالعكس. ومن انفع الامور لطرد الهم ان توطن نفسك على الا تطلب الشكر الا من الله. فاذا احسنت الى من له حق عليك او من ليس له حق فاعلم ان هذا معاملة منك مع الله. فلا تبالي بشكر من انعمت عليه. كما قال تعالى في حق خواص خلقه انما نطعمكم لوجه الله. لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. ويتأكد هذا في معاملة الاهل والاولاد ومن قوي اتصالك بهم فمتى وطنت نفسك على القاء الشكر عنهم فقد ارحت واسترحت. ومن دواعي الراحة اخذ الفضائل والعمل عليها بحسب الداعي النفسي دون التكلف الذي يقلقك. وتعود على ادراجك خائبا من الفضيلة حيث سلكت الطريق الملتوي. وهذا من الحكمة. وان تتخذ من الامور الكدرة امورا صافية حلوة. وبذلك ذلك يزيد صفاء اللذات. وتزول الاكتار. اجعل الامور النافعة نصب عينيك. واعمل على تحقيقها ولا تلتفت الى الامور الضارة لتلهو بذلك عن الاسباب الجالبة للهم والحزن. واستعن بالراحة واجماع النفس على الاعمال المهمة. ومن الامور النافعة حسم الاعمال في الحال. والتفرغ في المستقبل. لان الاعمال فاذا لم تحسم اجتمع عليك بقية الاعمال السابقة. وانضافت اليها الاعمال اللاحقة. فتشتد وطأتها فاذا حسمت كل شيء بوقته اتيت الامور المستقبلة بقوة تفكير وقوة عمل. وينبغي ان تخير من الاعمال النافعة الاهم فالاهم. وميز بينما تميل نفسك اليه وتشتد رغبتك فيه. فان جده يحدث السآمة والملل والكدر. واستعن على ذلك بالفكر الصحيح والمشاورة. فما ندم من استشار. وادرس ما تريد فعله درسا دقيقا. فاذا تحققت المصلحة وعزمت فتوكل على الله ان الله يحب والحمدلله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم