بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. الدرس الثالث والسبعون. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين شرع لعباده حج بيته الحرام ليكفر عنهم الذنوب والاثام وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد ازكى من صلى وصام وطاف بالبيت الحرام وعلى اله واصحابه البررة الكرام. اما بعد ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نواصل الحديث معكم عن احكام الحج والعمرة وقد انتهى بنا البحث في الحلقات السابقة الى بيان صفة الحج والعمرة فليكن ذلك موضوع حديثنا معكم في هذه الحلقة فنقول وبالله التوفيق تقدم في الحلقة السابقة ان الانساك التي يحرم بها القادم عندما يصل الى الميقات ثلاثة الافراج وهو ان ينوي الاحرام بالحج فقط ويبقى على احرامه الى ان يرمي الجمرة يوم العيد ويحلق رأسه ويطوف طواف الافاضة ويسعى بين الصفا والمروة ان لم يكن سعى بعد طواف القدوم والقران وهو ان ينوي الاحرام بالعمرة والحج معا من الميقات وهذا عمله كعمل المفرد الا انه يجب عليه هدي التمتع والتمتع وهو ان يحرم بالعمرة من الميقات ويتحلل منها اذا وصل الى مكة باداء اعمالها من طواف وسعي وحلق او تقصير ثم يحل من احرامه ويبقى حلالا الى ان يحرم بالحج وافضل هذه الانساك هو التمتع فيستحب لمن احرم مفردا او قارنا ان يحول نسكه الى التمتع ويعمل عمل المتمتع كما امر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك اصحابه فيستحب لمتمتع او مفرد او قارن تحول الى متمتع وحل من عمرته ولغيرهم من المحلين بمكة او قربها يستحب لهم الاحرام بالحج يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة لقول جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم فحل الناس كلهم وقصروا الا النبي صلى الله عليه وسلم. ومن كان معه هديه فلما كان يوم التروية توجهوا الى منى فاهلوا بالحج ويحرم بالحج من مكانه الذي هو نازل فيه سواء كان في مكة او خارجها او في منى ولا يذهب بعد احرامه فيطوف بالبيت كما فعله كما يقوله بعضهم قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فاذا كان يوم التروية احرم فيفعل كما فعل عند الميقات ان شاء احرم من مكة وان شاء احرم من خارج مكة هذا هو الصواب واصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انما احرموا كما امرهم النبي صلى الله عليه وسلم من البطحاء والسنة ان يحرم من الموضع الذي هو نازل فيه وكذلك المكي يحرم من اهله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من كان منزله دون مكة امهله من اهله حتى اهل مكة يهلون من مكة من كان منزله دون الميقات فمهله من اهله حتى اهل مكة يهلون من مكة انتهى وقال ابن القيم رحمه الله فلما كان يوم الخميس ظحى توجه يعني النبي صلى الله عليه وسلم بمن معه من المسلمين الى منى فاحرم بالحج من كان احل منهم من رحالهم ولم يدخلوا الى المسجد ليحرموا منه بل احرموا ومكة خلف ظهورهم انتهى وبعد الاحرام يشتغل الحاج بالتلبية فيلبي بعد الاحرام ويلبي بعد ذلك في فترات ومناسبات يرفع صوته بالتلبية الى ان يرمي جمرة العقبة يوم العيد ثم يخرج الى منى من كان بمكة محرما يوم التروية والافضل ان يكون خروجه قبل الزوال فيصلي بها الظهر وبقية الاوقات الى الفجر ويبيت بها ليلة التاسع يصلي كل صلاة في وقتها مع قصر الصلاة الرباعية ركعتين لقول جابر رضي الله عنه وركب النبي صلى الله عليه وسلم الى منى صلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وليس ذلك واجبا بل سنة. وكذلك الاحرام يوم التروية ليس واجبا فلو احرم بالحج قبله او بعده جاز ذلك وهذا المبيت بمنى ليلة التاسع واداء الصلوات الخمس فيها سنة ايضا ليس بواجب ثم يسيرون ثم يسيرون صباح يوم التاسع بعد طلوع الشمس من منى الى عرفة وعرفة كلها موقف الا بطن عرنة ففي اي مكان حصل الحاج من ساحات عرفة اجزأه الوقوف فيه ما عدا ما استثناه النبي صلى الله عليه وسلم وهو بطن عرنة وقد بينت حدود عرفة بعلامات وكتابات توضح عرفة من غيرها ومن كان داخل الحدود الموضحة فهو في عرفة ومن كان خارجها فليس في عرفة فعلى الحاج ان يتأكد من ذلك وان يتعرف على تلك الحدود ليتأكد من حصوله في عرفة فاذا زالت الشمس من يوم عرفة صلوا الظهر والعصر قصرا وجمعا باذان واحد واقامتين وكذلك يقصر الصلاة الرباعية في عرفة ومزدلفة ومنى لكن في عرفة ومزدلفة يجمع ويقصر وفي منى يقصر ولا يجمع فليصلي كل صلاة في وقتها لعدم الحاجة الى الجمع ثم بعدما يصلي الحجاج الظهر والعصر قصرا وجمع تقديم في اول وقت الظهر من يوم عرفة يتفرغون للدعاء والتضرع والابتهال الى الله تعالى وهم في منازلهم من عرفة لا يلزمهم ان يذهبوا الى جبل الرحمة ولا يلزمهم ان يروه ويشاهدوه ولا يستقبلونه حال الدعا وانما يستقبلون الكعبة المشرفة وينبغي ان يجتهد الحجاج في الدعاء والتضرع والتوبة في هذا الموقف العظيم ويستمر ذلك منهم سواء دعا الحاج راكبا او ماشيا او واقفا او جالسا او مضطجعا على اي حال كان. ويختار الادعية الواردة والجوامع لقوله صلى الله عليه وسلم افضل الدعاء يوم عرفة وافضل ما قلت انا والنبيون من قبلي لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ويستمر الحجاج في البقاء بعرفة والدعاء الى غروب الشمس ولا يجوز لهم ان ينصرفوا منها قبل غروب الشمس فان من انصرف منها قبل الغروب وجب عليه الرجوع ليبقى بها الى الغروب فان لم يرجع وجب عليه دم لتركه الواجب والدم ذبح شاة يوزعها على المساكين في الحرم او سبع بقرة او سبع بدنة ووقت الوقوف يبدأ بزوال الشمس يوم عرفة على الصحيح ويستمر الى طلوع الفجر ليلة العاشر فمن وقف نهارا وجب عليه البقاء الى الغروب ومن وقف ليلا اجزأه ولو لحظة لقول النبي صلى الله عليه وسلم من ادرك عرفات بليل فقد ادرك الحج وحكم الوقوف بعرفة انه ركن من اركان الحج بل هو اعظم اركان الحج لقوله صلى الله عليه وسلم الحج عرفة فمن فاته الوقوف بعرفة في وقته فقد فاته الحج ومكان الوقوف هو عرفة بكامل ساحاتها المحددة فمن وقف خارجها لم يصح وقوفه انتبهوا ايها الحجاج لهذا الامر فانه مهم جدا وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه من الاعمال والاقوال انه سميع مجيب. والحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه والى الحلقة القادمة باذن الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته