بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين امين. نقل الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب حسن الخلق عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا. وكان يقول ان من خياركم احسنكم اخلاقا. متفق عليه. بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله تعالى وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا وكان يقول ان من خياركم احسنكم اخلاقا. قوله رضي الله عنه لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا. اي لم يكن ذلك من طبيعته. ولا من سجيته وغريزته. لان الله تعالى جبل له على مكارم الاخلاق ومحاسن الاداب ولهذا اثنى الله تعالى عليه في قوله وانك لعلى خلق عظيم. وقوله لم يكن فاحشا. الفاحش هو والقبيح من الاقوال والافعال. ولا متفحشا اي لم يكن يتقصد الفحش في اقواله وافعاله. فالفاحش هو الذي من طبيعته الفحش. والمتفحش هو الذي يتقصد ذلك. فالنبي صلى الله عليه لم يكن من طبيعته ولا من سجيته ولا من خلقه ان يكون فاحشا ولا بذيئا والمرجع في كون الكلام او الفعل يكون فاحشا او بذيئا. المرجع في ذلك الى اعراف الناس. فان سلام والفيعان منهما هو فاحش وبذيء وقبيح. وقد اتفق الناس على ذلك كالزنا واللواء واللعن والسب والشتم وما اشبه ذلك. فهذه قد اتفق الناس على انها من الكلام الفاحش. وهناك كلمات لم يتفق الناس عليها فقد تكون فحشا عند قوم وليست وحشا عند اخرين. فيرجع وفي ذلك الى العرف وعلى هذا فالاقوال والافعال منها ما يكون فاحشا بالاتفاق. كما لو قال لي شخص يا زاني يا لوطي واوي كلب يا حمار ونحو ذلك او لعنك الله او قبحك الله فكل هذه الكلمات من الكلام الفاحش الذي اتفق الناس على انه فاحش. وهناك كلمات قد تكون فاحشة او نابية عند وليست كذلك عند اخرين. والحامل للانسان على الكلام الفاحش او على الفعل اما قصد الايذاء يعني ان يقصد ايذاء شخص معين لكراهته له ونحو ذلك. واما ان يكون ذلك طبيعة وسجية وخلقا. لانه يجالس اناسا من الفسقة ومن اشرار الناس فيكتسب من سيء اخلاقهم. ثم قال عليه الصلاة والسلام ان من خياركم احسنكم اخلاقا. اي اخلاقا مع الله. واحسنكم اخلاقا مع رسول الله. واحسنكم اخلاقا مع عباد الله. ففي هذا الحديث دليل على مسائل منها اولا التحذير من القبيح والسيء من الاقوال والافعال. وان على المرء ان لسانه وان يطهر لسانه من كل قول فاحش او بديء. وكذلك ايضا ان يطهر جوارحه. ومنها ايضا الحث على محاسن الاخلاق ومكارم الاداب. فاذا قال قائل كيف يكتسب الانسان الخلق الحسن ومكارم الاخلاق؟ فالجواب ان حسن الخلق قد يكون طبعا وقد يكون تطبعا اي قد يكون من سجية الانسان ومن خلقته انه على خلق حسن. وقد يكون ذلك بالاكتساب. فمن الناس من جبله الله عز وجل على حسن الخلق. فالنبي صلى الله عليه وسلم قد جبله الله تعالى على حسن الخلق. وقال عليه الصلاة والسلام لاشد عبد القيس ان فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والاناة. ولما سأله قال يا رسول الله اه خلقان تخلقت بهما ام جبل الله عليهما؟ قال بل جبلك الله عليهما. وهذا يدل على ان الانسان قد يجبل على محاسن الاخلاق ومكارم الاداب. ولكن حسن الخلق ومكارم الاخلاق قد تكون مكتسبة فمن اسباب اكتساب حسن الخلق ومحاسن الاداب. اولا النظر في النصوص الشرعية من الكتاب والسنة التي فيها الحث على محاسن الاخلاق وعلى التخلق بالاخلاق الحسنة. وثانيا الصحابة اهل الخير والصلاح والادب وحسن الخلق. فان النبي صلى الله عليه وسلم قال المرء على دينه خليله فلينظر احدكم من يخالل وقال مثل الجليس الصالح ومثل الجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك اما ان يحذيك واما ان تبتاع منه واما ان تجد فحامل المسك اما ان يحذيك يعني يعطيك رائحة طيبة واما ان تبتاع منه واما ان تجد منه رائحة طيبة ونافقوا الكير اما ان يحرق ثيابك واما ان تجد فمنه رائحة كريهة خبيثة. وهذا اعني مصاحبة اهل الخير والادب وحسن الخلق من اكبر العون للانسان بعد الله عز وجل على اكتساب محاسن الاخلاق ومكارم الاداب. ومنها ايضا من اسباب ذلك ان يتأمل الانسان وينظر في حسن الخلق وما يترتب عليه في الدنيا والاخرة. فحسن الخلق محبوب عند الله تعالى ومحبوب عند الناس ومذكور عندهم بالحسن وسيء الخلق ممقوت عند الله تعالى وعند الناس رابعا النظر والتأمل في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم. فمع ما له من المكانة العالية والمنزلة الرفيعة. فقد كان عليه الصلاة والسلام يتواضع للناس. كان يحلم وكان يغفر وكان يصفح وكان يصبر على الاذى فيتأمل الانسان في اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم ولا سيما ان يقرأ سيرته لان من قرأ النبي صلى الله عليه وسلم لابد ان يتأثر باخلاقه وهديه فيقتدي به ويهتدي به وقد قال الله عز وجل لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة. كذلك ايضا من الاسباب اللجوء الى الله عز بالدعاء ان يرزقه الاخلاق الحسنة والافعال الطيبة. فاذا لجأ الى الله تعالى بصدق واخلاص اعانه الله تعالى على ذلك واكتسب مكارم الاخلاق ومحاسن الاداب. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد