بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. الدرس الرابع والسبعون بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين شرع لعباده حج بيته الحرام والوقوف بالمشاعر العظام ووكل الى نبيه صلى الله عليه وسلم بيان تلك الاحكام فبين صلى الله عليه وسلم لامته مناسك حجهم وقال خذوا عني مناسككم فلعلي لا القاكم بعد هذا العام ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد نواصل الحديث معكم عن بيان احكام الحج وكنا قد اسلفنا في الحلقة الماضية الكلام عن الاحرام بالحج يوم التروية والخروج الى منى والمبيت بها ثم الذهاب الى عرفة والوقوف بها وما يتعلق بذلك من احكام. فليكن حديثنا في هذه الحلقة عن الدفع من عرفة والمبيت في مزدلفة وما يتعلق بذلك من احكام فنقول بعد غروب الشمس يدفع الحجاج الى مزدلفة بسكينة ووقار لقول جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص واردف اسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء وقد شنق للقصواء يعني ناقته الزمام حتى ان رأسها ليصيب مورك رحله ويقول صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى ايها الناس السكينة السكينة فهكذا ينبغي للمسلمين السكينة والرفق عند الانصراف من عرفة والا يضايقوا اخوانهم الحجاج في سيرهم ويرهقوهم بمزاحمتهم ويخيفوهم بسياراتهم وان يرحموا الضعفة وكبار السن والمشاة ويكون الحاج حال دفعه من عرفة الى مزدلفة متواضعا مستغفرا لقوله تعالى ثم افيضوا من حيث افاض الناس واستغفروا الله ان الله غفور رحيم وسميت مزدلفة بذلك من الازدلاف وهو القرب لان الحاج اذا افاضوا من عرفات ازدلفوا اليها اي تقربوا ومظوا اليها وتسمى ايضا جمعا لاجتماع الناس بها وتسمى بالمشعر الحرام قال في المغني وللمزدلفة ثلاثة اسماء مزدلفة وجمع والمشعر الحرام ويذكر الله في مسيره الى مزدلفة لانه في زمن السعي الى مشاعره والتنقل بينها فاذا وصل الى مزدلفة صلى بها المغرب والعشاء جمعا مع قصر العشاء ركعتين باذان واحد واقامة لكل صلاة وذلك قبل حط رحله لقول جابر رضي الله عنه يصف فعل النبي صلى الله عليه وسلم حتى اتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء باذان واحد واقامتين. ثم يبيت الحجاج بمزدلفة حتى يصبحوا ويصلوا الفجر لقول جابر ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح باذان واقامة ومزدلفة كلها يقال لها المشعر الحرام وهي ما بين مأزمي عرفة الى بطن محسر قال صلى الله عليه وسلم ومزدلفة كلها موقف وارفعوا عن بطن محسر والسنة ان يبيت بمزدلفة الى ان يطلع الفجر فيصلي بها الفجر في اول الوقت ثم يقف بها ويدعو الى ان يسفر جدا ثم يدفع الى منى قبل طلوع الشمس فان كان وهناك من الضعفة احد كالنساء والصبيان ونحوهم فانه لا بأس ان يتعجلوا في الدفع من مزدلفة الى منى اذا غاب القمر وكذلك يجوز لمن يتولى امر الضعفة من الاقوياء ان ينصرف معهم بعد منتصف الليل اما الاقوياء الذين ليس معهم ضعفاء فلا ينبغي لهم ان يخرجوا من مزدلفة حتى يطلع الفجر فيصلوا بها الفجر ويقفوا بها الى ان يسفروا فالمبيت بمزدلفة واجب من واجبات الحج لا يجوز تركه لمن اتى اليها قبل منتصف الليل اما من وصل اليها بعد منتصف الليل فانه يجزيه البقاء فيها ولو قليلا وان كان الافضل له ان يبقى فيها الى طلوع الفجر ويصلي فيها الفجر ويدعو بعده كغيره. قال في المغني ومن لم يوافي مزدلفة الا النصف الاخير من الليل فلا شيء عليه لانه لم يدرك جزءا من النصف الاول فلم يتعلق به حكمه ويجوز لاهل الاعذار ترك المبيت بمزدلفة كالمريض الذي يحتاج الى تمريضه في المستشفى وكذلك من يحتاج اليه المريض لخدمته وكالسقاة والرعاة لان النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة في ترك المبيت بمزدلفة فالحاصل ان المبيت بمزدلفة واجب من واجبات الحج لمن وافاها قبل منتصف الليل لان النبي صلى الله عليه وسلم بات بها وقال لتأخذوا عني مناسككم وقل المجزي من المبيت الى نصف الليل. وانما ابيح الدفع بعد منتصف الليل لما ورد فيه من الرخصة ثم يدفع قبل طلوع الشمس الى منى لقول عمر كان اهل الجاهلية لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس ويقولون اشرك فبير كيما نغير وتبير جبل على المزدلفة يخاطبونه اي لتطلع عليك الشمس حتى ننصرف فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم فافاض قبل طلوع الشمس ويدفع الحاج من مزدلفة الى منى وعليه السكينة فاذا بلغ وادي محسر وهو واد بين مزدلفة ومنى يفصل بينهما وهو ليس منهما فاذا بلغ هذا الوادي اسرع قدر رمية حجر ويأخذ الحاج حصى الجمار من طريقه قبل ان يصل الى منى او يأخذه من مزدلفة او من منى او من حيث شاء لقول ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على راحلته للقطلي حصن فلقطت له سبع حصيات هن حصى الخذف فجعل ينفظهن في كفه ويقول امثال هؤلاء فارموا ثم قال يا ايها الناس اياكم والغلو في الدين فانما اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين فتكون الحصاة من حصى الجمار بحجم حبة الباقلة اكبر من الحمص قليلا فلا يجزئ الرمي بغير الحصى ولا بالحصى الكبار التي تسمى حجرا لان النبي صلى الله عليه وسلم رمى بالحصى وقال خذوا عني مناسككم فاذا وصل الى منى وهي ما بين وادي محسر الى جمرة العقبة ذهب الى جمرة العقبة وهي اخر الجمرات مما يلي مكة وتسمى الجمرة الكبرى فيرميها بسبع حصيات واحدة بعد واحدة بعد طلوع الشمس ويمتد زمن الرمي الى الغروب ولابد ان تقع كل حصاة في حوض الجمرة سواء استقرت فيه او سقطت بعد ذلك فيجب على الحاج ان يصوب الحصى الى حوض الجمرة لا الى العمود الشاخص فان العمود ما بني لاجل الرمي وليس هو موضع الرمي وانما بني ليكون علامة على الجمرة ومحل الرمي هو الحوض فلو ضربت الحصاة العمود وطارت ولم تمر على الحوض لم تجزئه والضعفة ومن في حكمهم يرمونها بعد منتصف الليل وان رمى غير الضعفة بعد منتصف الليل ايضا اجزأهم وان كان ذلك خلاف الافضل في حقهم ويسن الا يبدأ بشيء حين وصوله الى منى قبل رمي جمرة العقبة لانه تحية منى ويستحب ان يكبر مع كل حصاة ويقول اللهم اجعله حجا مبرورا ويستحب ان يكبر مع كل حصاة ويقول اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا ولا يرمي في يوم النحر غير جمرة العقبة وهذا مما اختصت به عن بقية الجمرات. ايها المستمعون الكرام الى لقاء قادم ان شاء الله في حلقة اخرى لنواصل الحديث عن بقية احكام المناسك. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه