المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم. وجوب التعاون على جميع المنافع الكلية. وخصوصا الجهاد قال الله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان البر اسم جامع لكل ما امر الله به ورسوله. واحبه الله ورسوله من التحقق بعقائد الدين واخلاقه. والعمل بآدابه واقواله وافعاله. من الشرائع بالظاهرة والباطنة. ومن القيام بحقوق الله وحقوق عباده. ومن التعاون على الجهاد في سبيله اهلا وتفصيلا. فكل هذا داخل في التعاون على البر. ومن التعاون على التقوى تعاونوا على اجتناب وتوقي ما نهى الله ورسوله عنه من الفواحش الظاهرة والباطنة. ومن الاثم والبغي بغير الحق والقول على الله بلا علم. بل على ترك الكفر والفسوق والعصيان. ويدخل في ذلك هونوا على جميع الوسائل والاسباب التي يتقى بها ضرر الاعداء. من الاستعداد بالاسلحة المناسبة للوقت. وتعلم الصنائع المعينة على ذلك. والسعي في تكميل القوة المعنوية والمادية المعينة على ذلك. قال تعالى واعدوا لهم ما استطعتم من قوة. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا خذوا فيدخل في هذا الاستعداد لكل المستطاع من قوة عقلية وسياسية وصناعية وتعلم الاداب العسكرية والنظام النافع والرمي والركوب. والتحرز من الاعداء بكل وسيلة يدركها المسلمون واتخاذ الحصون الواقية. وقد امر الله ورسوله بجهاد الكفار المعتدين. في ايات كثيرة واحاديث متنوعة. بالنفس والمال والرأي. وفي حال الاجتماع وفي كل الاحوال. والامر بذلك تأمر به وبكل امر يعين عليه ويقويه ويقومه. واخبر بمال المجاهدين في سبيله من الاجر والثواب العاجل والاجل وما يدفع الله به من اصناف الشرور. وما يحصل به من العز والتمكين والرفعة. وما في تركه والزهد فيه من الذل والضرر العظيم. وتوعد الناكلين عنه بالخذلان والسقوط الحسي والمعنوي وبين لهم الطرق التي يسلكونها في تقوية معنويتهم فانه حثهم على التآلف والاجتماع. ونهاهم عن تباغض والتعادي والافتراق. وذلك ان حقيقة الجهاد هو الجد والاجتهاد في كل امر يقوي المسلمين ويصلحهم وينم شعثهم ويضم متفرقهم. ويدفع عنهم عدوان الاعداء او يخففه بكل طريق ووسيلة اقسام الجهاد وانواعه. الجهاد نوعان جهاد يقصد به صلاح واصلاحهم في عقائدهم واخلاقهم وادابهم وجميع شؤونهم الدينية والدنيوية. وفي تربيتهم العلمية والعملية. وهذا النوع هو اصل الجهاد وقوامه. وعليه يتأسس. النوع الثاني وهو جهاد يقصد به دفع المعتدين على الاسلام والمسلمين من الكفار والمنافقين والملحدين. وجميع الدين ومقاومتهم. وهذا نوعان. جهاد بالحجة والبرهان واللسان. وجهاد بالسلاح المناسب في كل في وقت وزمان. هذا مجمل انواعه على وجه التأصيل. اما التفصيل فنقول الجهاد المتعلق بالمسلمين بقيام الالفة واتفاق الكلمة. قال تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا جميعا ولا تفرقوا. واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فالف بين قلوب بكم فاصبحتم؟ فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا. وقال تعالى الا هو الذي ايدك بنصره وبالمؤمنين. والف بين قلوبهم لو انفقت ما في الارض ارض جميعا ما الفت بين قلوبهم. ولكن الله الف بينهم. وقال طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما. فان بغت احداهما انا الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله. فان فائت فاصلحوا بينهم هما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين. انما المؤمنون اخوة اصلحوا بين اخويكم. وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح وكونوا عباد الله والله اخوانا المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يكذبه ولا يخذله. وقال مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد. الى غير ذلك من الايات حديث الدالة على هذا الاصل العظيم. فان من اعظم الجهاد السعي في تحقيق هذا الاصل في تأليف قلوب واجتماعهم على دينهم ومصالحهم الدينية والدنيوية. في جمع افرادهم وشعوبهم وفي ربط والمعاهدات بين حكوماتهم بكل وسيلة. ومن انفع الامور ان يتصدى لهذا الامر جميع طبقات المسلمين من العلماء والامراء والكبراء وسائر الافراد منهم. كل احد يجد بحسب امكانه فمتى كانت غاية المسلمين واحدة. وهي الوحدة الاسلامية. وسلكوا السبل الموصلة اليها. ودافعوا جميع الموانع المعوقة الحائلة دونها فلا بد ان يصلوا الى النجاح والفلاح. ومما يعين على هذا الاخلاص وحسن القصد ما عند الله من الخير والثواب. وان يعلموا ان كل سعي في هذا الامر من الجهاد وفي سبيل الله. ومما يقرب اليه والى ثوابه وان المصلحة في ذلك مشتركة. فالمصالح الكليات العامة تقدم على المصالح الجزئيات خاصة ولهذا يتعين عليهم الا يجعلوا الاختلاف في المذاهب او الانساب او الاوطان داعيا الى التفرق اختلاف فالرب واحد والدين واحد. والطريق لاصلاح الدين وصلاح جميع طبقات المسلمين واحد. والرسول ارشد للعباد واحد. فلهذا يتعين ان تكون الغاية المقصودة واحدة. فالواجب على جميع المسلمين السعي لتحقيق الاخوة الدينية والرابطة الايمانية. فمتى علموا وتحققوا ذلك وسعى كل منهم بحسب مقدوره واستعانوا بالله وتوكلوا عليه. وسلكوا طرق المنافع وابوابها. ولم يخلدوا الى الكسل والخور واليأس وافلحوا فان الكسل والخبر واليأس من اعظم موانع الخير. فانها منافية للدين وللجهاد الحقيقي فمن استولى عليه الكسل والخور لم ينهض لمكرمة. ومن ايس من تحصيل مطالبه انشلت حركاته ومات وهو حي وهل اخر المسلمين في هذه الاوقات الا تفرقهم والتعادي بينهم وخورهم؟ وتقاعدهم عن صالحهم والقيام بشؤونهم. حتى صاروا عالة على غيرهم. ودينهم قد حذرهم من هذا اشد التحذير وحثهم على ان يكونوا في مقدمة الامم في القوة والشجاعة. والصبر والمصابرة والمثابرة على الخير. والطمع في وقوة الثقة بالله في تحقيق مطالبهم ودفع مضارهم. وكمال التصديق بوعد الله لهم بالنصر اذا نصر وبالنجاح اذا سلكوا سبله. وبالاعانة والتسديد اذا كمل اعتمادهم عليه. ان تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون. وترجون من الله ما لا يرجون. الفرق العظيم بين رجال الدين وبين المخذلين المرجفين. قال تعالى من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا اذانعت رجال الدين. الصدق الكامل فيما عاهدوا الله عليه. من القيام بدينه وانهاض اهله. ونصره بكل ما اي قد يوون عليه من مقال ومال وبدن وظاهر وباطن. ومن وصفهم الثبات التام على الشجاعة والصبر والمضي في كل وسيلة بها نصر الدين. فمنهم الباذل لنفسه ومنهم الباذل لماله. ومنهم الحاج لاخوانه على القيام بكل من شؤون الدين. والساعي بينهم بالنصيحة والتأليف والاجتماع ومنهم تنشط بقوله وجاهه وحاله ومنهم الفذ الجامع لذلك كله. فهؤلاء رجال الدين وخيار المسلمين بهم قام الدين وبه قاموا وهم الجبال الرواسي في ايمانهم وصبرهم وجهادهم. لا يردهم عن هذا المطلب راد ولا يصدهم عن سلوك سبيله صاد. تتوالى عليهم المصائب والكوارث. فيتلقونها بقلوب ثابتة منشرحة لعلمهم بما يترتب على ذلك من الخير والثواب والفلاح والنجاح. واما الاخرون وهو الجبناء المرجفون فبعكس حال هؤلاء لا ترى منهم اعانة قولية ولا فعلية ولا جدية قد ملكهم اخلو الجبن واليأس. وفيهم الساعي بين المسلمين بايقاع العداوات والفتن والتفريق. فهذه الطائفة اضر على مسلمين من العدو الظاهر المحارب. بل هم سلاح الاعداء على الحقيقة. قال تعالى فيهم وفي اشباههم لو خرجوا في فيكم ما زادوكم الا خبالا. ولاوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم اي يستجيبون لهم تغريرا او اغترارا. فعلى المسلمين الحذر من هؤلاء المفسدين. فان ضررهم كبير وشرهم خطير. وما اكثرهم في هذه الاوقات التي اضطر فيها المسلمون الى التعلم بكل صلاح واصلاح والى من يعينهم وينشطهم. فهؤلاء المفسدون يثبطون عن الجهاد في سبيل الله ومقاومة الاعداء. ويخدرون اعصاب المسلمين. ويؤيسونهم من مجاراة الامم في دار الرقي ويوهمونهم ان كل عمل يعملونه لا يفيد شيئا ولا يجدي نفعا. فهؤلاء لا خير فيهم بوجه من الوجوه لا دين صحيح ولا شهامة دينية ولا قومية ولا وطنية. لا دين صحيح ولا عقل رجيح فليعلم هؤلاء ومن يستجيب لهم ان الله لم يكلف الناس الا وسعهم وطاقتهم وان للمؤمنين برسول الله اسوة حسنة. فقد كان له صلى الله عليه وسلم حالان في الدعوة والجهاد امر في كل حال بما يليق بها ويناسبها. امر في حال ضعف المسلمين وتسلط الاعداء بالمدافعة. والاقتصار على الدعوة الى الدين وان يكف عن قتال اليد. لما في ذلك من الضرر المربي على المصلحة. وامر في الحالة الاخرى ان يستدفع شرور الاعداء بكل انواع القوة وان يسالم من تقتضي المصلحة مسالمته. ويقاوم المعتدين الذين تقتضي المصلحة بل الضرورة محاربتهم. فعلى المسلمين الاقتداء بنبيهم في ذلك. وهو الصلاح والفلاح. وجوب المشاورة في كل الامور الكلية وفوائدها. قال تعالى وشاورهم هم في الامر وقال في وصف المؤمنين وامرهم شورى بينهم. وهذا يشمل جميع الامور التي يحتاجونها وتتعلق بها منافعهم الدينية والدنيوية. فعلى المسلمين ان يتشاوروا في تقرير المصالح والمنافع. وفي كيفية الوصول اليها وفي تقرير الخطط التي يتعين سلوكها في صلاح احوالهم الداخلية واصلاحها بحسب كان وفي الحذر من اعدائهم ومقاومتهم وسلوك الطرق السلمية او الحربية بحسب ما تقتضيه المصلحة وبحسب الاحوال والظروف الحاضرة وان يعدوا لكل امر عدته وتجتمع اقواهم كلها وعزائمهم على ما اتفقت ارائهم على نفعه ومصلحته. فان المشاورة من اعظم الاصول والسياسات الدينية. وفيها من فوائد امتثال امر الله وسلوك الطريق التي يحبها الله. حيث نعث المؤمنين بها وفيها الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فانه مع كمال عقله ورأيه وتأييده بالوحي. كان يشاور اصحابه في الامور المهمة اما ومن فوائدها انها من اكبر الاسباب لاصابة الصواب وسلوك الوسائل النافعة لاجتماع اراء الامة وافكارها وتنقيحها وتصفيتها. مع ان الله يعينهم في هذه الحال التي فعلوا فيها ما امرهم به ويسددهم ويؤيدهم. ومنها ان المشاورة تتنور فيها الافكار. وتترقى المعارف والعقول فانها تمرين للقوة العقلية وتربية لها. وتلقيح للاذهان واقتباس لبعضهم من اراء بعض ومنها انه قد يكون الصواب من مجموع رأيين او ثلاثة او اكثر. واذا تقابل الصواب والخطأ. ووزنتها العقول السليمة بالموازين العقلية التي لا تركن الا الى الحقائق الصحيحة. ظهر الفرق بين الامرين ولا سبيل لذلك الا بالمشاورة. ومنها ان المشاورة من اسباب الالفة والمحبة بين المؤمنين شعور جميعهم ان مصالحهم واحدة مشتركة. وتنبيه للافكار والاراء على النافع والانفع. وعلى الصالح والاصل فان ترك المشاورة يخمد الافكار. ويضيع الفرص التي يضر تضييعها ففتح باب المشاورة عون كبير في اصلاح الامور واكمالها وتجنب المضار. وقد اتفق العقلاء على ان الطريق الوحيد لتحقيق الصلاح الديني والدنيوي هو طريق الشورى والله قد ارشد المسلمين الى هذا الطريق وان يسعوا في ترقية احوالهم بها وعلمهم كيفية الوصول الى كل امر نافع. فاذا تعينت المصلحة في امر سلكوه واذا ظهرت مضرة في طريق تركوه. واذا تشابهت عليهم المسالك وتقابلت المنافع والمضار. رجحوا ما ترجحت مصلحة من فعل وترك. فلا يدعون مصلحة داخلية ولا خارجية. الا بحثوا فيها وتشاوروا عليها. وعملوا على اما اتفقت عليه اراؤهم وبذلك يحمدون ويشكرون ويفلحون. وجوب الاستعداد للاعداء بكل قوة واخذ الحذر منهم. قال تعالى واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخلق ترهبون به عدو الله وعدوكم. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات او انفروا جميعا. تضمنت هاتان الايتان جميع ما يلزم المسلمين في مدافعة الاعداء ومقاومتهم. وذلك بالاستعداد بالمستطاع من قوة عقلية وسياسية ومعنوية ومادية. فدخل في ذلك تعلم انواع الفنون الحربية والنظام السياسي والعسكري بالقوات المحنكين المدربين وصناعة الاسلحة وتعلم الرمي والركوب بما يناسب الزمان. وباخذ الحذر من الاعداء بالتحرز والتحصن. واخذ الوقاية من شرهم ومعرفة مداخلهم ومخارجهم ومقاصدهم وسياسة فاتهم وعمل الاسباب والاحتياطات للوقاية من شرهم وضررهم. وان نكون منهم دائما على حسب حذر في وقت السلم. فضلا عن وقت الحرب. فان جهل المسلمين بشيء من المذكورات نقص كبير في وقوة لعدوهم واغراء له بهم. فعلى المسلمين الاخذ بكل معنى من معاني الحذر. وبكل وسيلة من وسائل القوة والاستعداد. عسى الله ان يكف بأس الذين كفروا. فان جهل المسلمين بشيء من ذلك وكسلهم عن العمل ضرره كبير. وبذلك يكونون عالة على غيرهم. وهذا عنوان الذل فان لله سنن كونية جعلها وسائل للعز والرقي. من سلكها نجح ودين الاسلام يحث عليها غاية الحث الوجوب يتعلق بقدر القدرة والاستطاعة. قال تعالى فاتقوا الله ما استطعتم وقال صلى الله عليه وسلم اذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم. فالله تعالى امر بالجهاد بالنفس والمال وبالاقوال والافعال وبالمباشرة واعانة المباشرين. وبالدعوة والتحريض والتشجيع. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال من لم يغزو ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق. فكل من في قلبه ايمان فلابد ان يكون له نصيب من هذا الجهاد. وكل احد فرض عليه ان يقوم بما يستطيعه من ذلك ولا يكلف الله نفسا الا وسعها. فاهل الحل والعقد والرياسة من الملوك والامراء والوزراء ورجال الدول الاسلامية عليهم ان يسعوا احث السعي لتحصيل القوتين. القوة المعنوية والقوة المادية وذلك بالسعي لازالة الموانع والحواجز التي حالت بين المسلمين وبين اتفاقهم واجتماع كلمتهم. وان يفهم العوامل التي فرقتهم والاغراض المتباينة التي شتتهم. وان الايدي الاجنبية تتوسل بذلك لتحصيل اغراضها. فمتى فهموها وعملوا على ازالتها بجد واجتهاد فلهم نصيب وافر من من الجهاد في سبيل الله. وعلى اهل العلم من بيان فضل الجهاد ووجوبه. وتبيين منافعه الضرورية وحض الناس عليه والوعظ العام والخاص اعظم مما على غيرهم. وعليهم ان يبينوا للناس ان جميع حركاتهم واقوالهم وافعالهم ونفقاتهم المقوية للدين. المعينة للمسلمين في دفع اعتداء المعتدي. كل ذلك داخل في الجهاد في سبيل الله. فمتى عرف المؤمنون موضوع الجهاد وانه اسم جامع لسلوك كل سبب ووسيلة في كلمة الدين وفي مقاومة الاعداء والحذر والتحرز منهم نشطوا للقيام به واخلصوا لله فيه والعمل الخالص نفعه كبير واجره عظيم. وكذلك يجب على كل فرد من افراد المسلمين. ان يبدي في نصر المسلمين بما يقدر عليه. من قول وفعل ودعاية وحظ لاخوانه عليه. وكل احد عليه من للقيام بوظيفته الخاصة ما ليس على الاخر. فالملوك والامراء وقواد الجيوش عليهم من الواجبات بحسب مراتب ومقاماتهم. والجيوش العاملة عليها النهوض بوظيفتها. والتزام القوة والشجاعة والصبر. وعلى يا اهل الاموال بذل ما يحتاج المسلمون اليه في المنافع الكلية. وعلى اهل الصنائع النصح والجد في تعليم الصناعات النافعة للجهاد فمتى قام كل احد بوظيفته لم يزالوا في رقي وصعود في دينهم ودنياهم وعزهم وشرفهم وجوب الاجتهاد في فعل الاسباب النافعة مع التوكل على الله والاستعانة به. قد امر والله في عدة ايات بالقيام بجميع الاسباب النافعة. والسعي في كل وسيلة فيها صلاح الاحوال. كما امر في عدة ايات بالتوكل عليه والاعتماد على حوله وقوته. فبالقيام بهذين الاصلين العظيمين تقوم الامور كلها وتتم وتكمل. والنقص والقصور انما يجيء من الاخلال بهما او باحدهما. فالتوكل الذي لا يصحبه جد اجتهاد ليس بتوكل. وانما هو اخلاد الى الكسل. وتقاعد عن الامور النافعة. كما ان العمل من اسباب من دون اعتماد وتوكل على مسببها واستعانة به مآله الخسار والزهو والاعجاب بالنفس والخذلان فالجمع بين التوكل على الله وبين الاجتهاد في فعل الاسباب هو الذي حث عليه الدين. وهو الذي كان عليه سيد المرسلين وبهما يتحقق الايمان وتقوى دعائم الدين وبهما تقوى معنوية المسلمين حيث اعتمدوا على رب العباد وادوا ما في مقدورهم من جد واجتهاد. معرفة احوال الامم ودراستها ومعرفة سياساتها داخل في الجهاد. قد علم من قواعد الدين ان ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب وان الوسائل لها احكام المقاصد. ولا يخفى انه لا يتم التحرج من اضرار الامم الاجنبية والتوقي لشرورها الا بالوقوف على مقاصدهم. ودراسة احوالهم وسياستهم. وخصوصا السياسة الموجهة منهم للمسلمين فان السياسة الدولية قد اسست على المكر والخداع. وعدم الوفاء واستعباد الامم الضعيفة بكل وسائل فجهل المسلمين بها نقص كبير وضرر خطير. ومعرفتها والوقوف على مقاصدها وغاياتها التي لترمي اليها نفعه عظيم. وفيه دفع للشر او تخفيفه. وبه يعرف المسلمون كيف يقابلون كل خطر ولهذا كان من اركان السياسة والقيادة المعرفة والوقوف التام على احوال الاعداء. فالسياسة الداخلية لا تتم الا باحكام السياسة الخارجية. من الجهاد القيام بالقسط والوفاء بالعهود قال تعالى يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط. يا ايها الذين امنوا اوفوا العقود ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكافى. فهذان الاصلان وهما القيام بالقسط الذي هو العدل التام على الانفس والاقربين والابعدين والاصدقاء والمعادين والوفاء والمعاقدات كلها من اكبر اصول الدين ومصالحه. وبها يتم الدين ويستقيم طريق الجهاد الحقيقي وتحصل الهداية والاعانة من الله تعالى والنصر والمدافعة. فما ارتفع احد الا بالعدل والوفاء ولا سقط احد احد الا بالظلم والجور والغدر. وبهذين الامرين مع بقية اصول الدين حصل للدين الاسلامي. من العز والشرف والرقي وقهر الامم الطاغية ما لم يحصل لغيره. وبهذه الروح روح الرحمة والعدل والوفاء الدين الاسلامي الى مشارق الارض ومغاربها. ودانت به الامم المتباينة طوعا وانقيادا ورغبة. وبتركهم فقضى الامر ولم يزل الهبوط مستمرا الا انه يحصل نفحات في بعض الاوقات. بها ينتعش الدين اذا تشبث المسلمون بشيء من هذه المقومات النافعة. ولهذا تجد القوات والحضارات الهائلة التي يزعم اهلها انها راقية في كل احوالها. لما كانت مبنية على الظلم والجشع والطمع وعدم المبالاة في ظلم الامم الضعيفة وكانت اذا قطعت عهودها ونفذت معاهداتها لم تبالي بعد ذلك وفت او غدرت وانما تلاحظ اطماعها الخاصة واغراضها الردية. ولسان حالهم يقول السياسة مبنية على المكر والخدع والغدر لما كانت مع قوتها الهائلة مبنية على هذه الاصول المنهارة كانت هذه المدنية المزعومة المدعاة مهددة كل وقت بالفناء والهلاك والتدمير. والواقع اكبر شاهد على ذلك فلو انها بنيت على الدين الحق والعدل واتباع الحق والوفاء بالمعاقدات ونصر المظلومين لك انت مدنية امنة ولكنها في الحقيقة مادية محضة. والقوة المادية اذا لم تبنى على الحق فانها منهارة لا محالة وربما كان سلاحها الفتاك هو مادة هلاكها وعقوبتها. والمقصود ان المسلمين بالمعنى الحقيقي لا يغترون هنا بقوة هؤلاء الماديين. وانما يقومون بالعدل التام في جميع امورهم. وبالوفاء الكامل في حق والعدو. وهذه الامور كلها ضرورية في التوكل على الله. والاعتماد على حوله وقوته. وكمال الثقة به في تيسير الامور وتذليل الصعاب. فيكون المتوكل يعمل بجد واجتهاد. مطمئنا بالله واثقا بوعده وكفايته لا يرجو غيره ولا يخاف سواه. لا يملكه اليأس ولا يساوره القنوط. غير هياب ولا وجل ولا متردد لانه يعلم ان الامور بيد الله. وان نواصي الخليقة في قبضته وتحت تدبيره. وبهذا التوكل التام الكامل نال المسلمون الاولون العز والشرف والسلطان وصلاح الاحوال. وهذا الذي يجب ان يكون عليه المسلمون الان وان يكون العمل والتوكل نصب اعينهم فلا يميل الى التواكل والتخاذل والاخلاد الى البطالة والكسل. فان هذا في التوكل الحقيقي غاية المنافاة كحال كثير من الناس في هذه الاوقات يشاهدون عدوهم يحاربهم ويسلبهم فوق اهم وهم ساكتون لا يدفعونه بوسيلة من الوسائل. ولا يبدون ما يقدرون عليه من مقاومته التي لا ايعذرون عن القيام بها فتكون النتيجة من هذا السكوت والتقاعد الضار ضياع استقلالهم وذهاب ملكهم واموالهم والسيطرة على حقوقهم وحلول المصائب المتنوعة بهم من كل جانب. ويقولون نحن متوكلون. كلا الله بل هم كسالى متواكلون. قد استولى عليهم الخور واعقبه الذل واستعباد الاجانب لهم ربط الصداقات وعقد المعاهدات بين الحكومات الاسلامية من الجهاد في سبيل الله. قال تعالى انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم. فمن اهم مسائل الجهاد في هذه الاوقات عقد المعاهدات. وتوثيق المودة والصداقة بين الحكومات الاسلامية مع احتفاظ كل حكومة بشخصيتها وحقوقها الدولية. وادارتها داخلا وخارجا. والتكافل بينها والتضامن وان يكونوا يدا واحدة على من تعدى عليهم او على شيء من حقوقهم. وان يكون واحدة وتسهيل الامور الاقتصادية فيما بينهم طلبا لمصلحة الكل وتقريب بعضهم من بعض وان يعملوا لهذا الموضوع اعماله اللائقة به. المناسبة للظروف الحاضرة. وان يسعوا كل سعي لتحقيق هذا. وازالة جميع العقبات الحائلة دونه. والمعوقة له. وهذه وان كانت في بادئ الرأي صعبة. وقد وضع الاعداء لها العراقيل المعوقة. فانها يسيرة بتيسير الله وقوة العمل مع التوكل عليه. واليوم وان كان المسلمون مصابين بضعف شديد يتربصون بهم الدوائر وهذه الحالة قد اوجدت في المسلمين اناسا ضعيف الايمان. ضعيف الرأي والقرب القوة والشجاعة قد ملكهم اليأس والخور. يتشائمون بان الامل في رفعة الاسلام قد وان المسلمين يتنقلون من ضعف الى ضعف. فهؤلاء قد غلطوا اشد الغلط. فانها والضعف عارض له اسباب. وبالسعي في زوال اسبابه تعود صحة الاسلام كما كانت. وتعود اليه قوته التي فقدها منذ اجيال. ما ضعف المسلمون الا لانهم خالفوا كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وتنكبوا السنن الكونية التي جعلها الله بحكمته مادة لحياته الامم ورقيها في هذه الحياة. فاذا رجعوا الى ما مهده لهم دينهم والى تعاليم النافعة وارشاداته العالية. فلابد ان يصلوا الى الغاية كلها او بعضها. وهذا المذهب المهدي مذهب التشاؤم لا يرتضيه الاسلام. بل يحذر منه اشد التحذير. ويبين للناس ان من نجاح مأمول وان مع العسر يسرا. وان المسلمين اذا عملوا بتقوى الله وبالاسباب التي ارشدهم اليها واقتدوا بنبيهم فيها. وصبروا فلا بد ان يفلحوا وينجحوا. فليتق الله هؤلاء المتشائمون وليعلموا ان المسلمين اقرب الامم الى النجاح الحقيقي والرقي الصحيح ان دينهم كله عروج وصعود في عقائده وادابه. واخلاقه ومقاصده واسبابه. وجمع بين مصالح الدنيا والاخرة. ومنافع الروح والجسد. ويقابل هؤلاء طائفة يدمرون الامال بلا قوة ولا اعمال. ويقولون ولا يفعلون. فتراهم يتحدثون بمجد الاسلام ورفعته وان الرجاء والطمع في ذلك غير بعيد. ولكنها اقوال بلا افعال. ولا تصحبها سعي لا قوي ولا ضعيف. ولا يقدمون لدينهم منفعة بدنية ولا مالية. ولا يساعدون على مصلحة عامة كلية. وهذا كله غرور واغترار. ويترتب عليه انواع من الشرور والمضار. واما رجال الدين الذين هم غرة المسلمين وهم رجال الدنيا والدين. فهم هم الذين ابدوا جدهم واجتهادهم وقرنوا بين الاقوال والافعال. وجاهدوا باموالهم وانفسهم واقوالهم ودعاياتهم وانهاض اخوانهم وتبرأوا من مذهب المتشائمين. ومن اهل الاقوال الخالية من الاعمال قد نهضوا بامتهم وقصدوا في سعيهم الغايات الحميدة. وسلكوا طريق المجد فهؤلاء هم الرجال الذين يناط بهم الامل. وتدرك المطالب العالية بمساعيهم المشكورة. واعمالهم المبرورة الاعتناء بالتربية والتعليم من اصول الجهاد. قال تعالى يا ايها الذين امنوا قوا انفسكم واهليكم نارا. وذلك بالتعليم والتأديب والتربية. وقال تعالى قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. وذلك ان ان من اعظم اصول الاصلاح والجهاد التربية الدينية. والاهتمام التام والاعتناء الكامل بشباب الامة. فان انهم محل رجائها وموضع املها. ومادة قوتها وعزها. وباصلاح تربيتهم تصلح الاحوال ويكون المستقبل خيرا مما قبله. فعليهم ان يربوهم تربية عالية. ويبثوا فيهم روح دين واخلاقه الجميلة والحزم والعزم. وجميع مبادئ الرجولة والفتوة والمروءة. وان يدربوهم على الصبر وتحمل المشاق. الذي يفضي الى النجاح والمثابرة في كل عمل نافع. ويحذروهم من الجبن والكسل والسير وراء الطمع والمادة. والانطلاق في المجون والهزل والدعة. فان ذلك مدعاة للتأخر الخطير. وشباب الحاضر هم رجال المستقبل. وبهم تعقد الامال وتدرك الامور المهمة فعليهم ان يجتهدوا ليكونوا في خصال الخير والفضائل المثل الاعلى. وباوصاف الحزم والمروءة والكمال القدوة المثلى. ومن اعظم اركان التربية العامة النافعة اصلاح التعليم الاعتناء بالمدارس العلمية وان يختار لها الاكفاء من المعلمين والاساتذة الصالحين. الذين يتعلموا تلاميذ من اخلاقهم الفاضلة قبل ما يتلقون من معلوماتهم العالية. ويختار لها من فنون العلم الاهل فالاهم من العلوم النافعة الدينية والدنيوية المؤيدة للدين. وان تكون العلوم الدينية هي الاصل والاساس الاقوم. ويكون غيرها تبعا لها ووسيلة اليها. وان يكون الغرض الوحيد من المتخرج في المدارس الناجحين في علومها ان يكونوا صالحين في انفسهم واخلاقهم وادابهم مصلح حين لغيرهم راشدين مرشدين مهتمين بتربية الامة فان كثيرا من المدارس الان فيها قاصر جدا. لا يعتنى فيه باخلاق التلاميذ. ويكون تعليم الدين فيها ضعيفا ويكون الغرض منها المادة وان يخرج منها تلاميذ يصلحون للوظائف الدنيوية المادية البحتة هذا ضرره كبير. وسبب للضعف والانحلال. ولا ريب ان السعي في اصلاح التعليم من اهم المهمات وبه ترتفع الامة وتنتفع بعلمائها وعلومهم فالتعاليم النافعة والتربية الصالحة المسلمين الى كل خير وفلاح. وتكون العلوم مقصودا بها الصلاح والاصلاح من الجهاد ورعاية الامانة. تخير الاكفاء من الرجال في الولايات والاعمال. قال الله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها. وقال ان خير خير من استأجرت القوي الامين. واعظم واولى ما يدخل في الامانات الولايات كلها. كبيرة ان كانت او صغيرة. وتخير الرجال الكمل من اعظم التعاون على البر والتقوى. ومن قواعد الجهاد واصوله فانه لا يتم الجهاد الا بذلك. بل لا تتم الاحوال كلها الا بذلك. وكما انه الاعتناء والاستعداد بالحصون المنيعة والسلاح القوي والجيوش المنظمة العاملة والاهب الوافرة كذلك يلزم الاستعداد بالرجال الاكفاء على جميع الاعمال. وان يولى في الولايات كلها اهل القوة والكفاءة والعقل والرأي والسياسة والحزم والعزم والتدبير الموفق والدين القوي والنصح الكامل وان يكونوا من اصل راسخ في الكمال. ومن اهل الشجاعة التامة. واذا لم يدرك الرجل الكامل في هذه الارض اوصاف فيختار الامثل فالامثل. فهؤلاء الرجال هم الذين يقومون بشؤون المملكة بساط الامن وطرق الراحة. ويرفعون بناء الملك على طريق العدل. ويوقفون الرعية على حدود الشريعة. ويراقبون مع ذلك روابط المملكة مع سائر الممالك الاجنبية. ليحفظوا لها المنزلة التي تليق بها بالمعاهدات السلمية والاقتصادية وغيرها. ومن اكبر الخيانة والخطر تولية غيره الناصحين او غير الاكفاء العارفين. فان تمام الولاية مجموع بشيئين. احد احدهما الخبرة والكفاية التامة بالقيام بشؤون ذلك العمل. اي عمل كان فيولى افي كل عمل اكمل من يحصل به مقصود تلك الولاية. وان كان ناقصا في غير ذلك العمل الثاني الامانة والنصح. فمتى اجتمع الامران القوة على ذلك العمل والامانة تامة تمت الامور واستقامت الاحوال. ومتى فقد الامران او احدهما وقع النقص والخلل بحسنة فبما نقص منهما وتتعين المشاورة في انتخاب الرجال الكمل الذين اخصوا صفاتهم الاقتداء بنا نبيهم والاهتداء بسيرته وهديه في الجد الكامل لتقوية الاسلام والمسلمين. وتكوين الامة تربية اخلاقها. وان يكونوا على جانب من العلم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومعرفة تاريخ الدول الاسلامية ورجالها. والعلم باسباب الضعف والانحلال الداخل على الامة. والسعي بازالة التها او تخفيفها مهما امكن الامر. وان يكونوا ذوي قوة وامل ورجاء واسع. لا يملكهم اليأس ولا يتطرق اليهم الفتور. وان يكونوا متصلين بافراد المسلمين وجميع طبقاتهم اتصالا وثيقا ويتعرفون بشؤونهم ويسألون عن احوالهم. ويأخذون بآرائهم الصائبة ويستمدون من عقولهم القوية وان يحبوا لهم من الخير ما يحبون لانفسهم. ويسعوا في ذلك الخير لهم. وان كونوا اصحاب فكر ثاقب. وسياسة وخبرة وانتهاز للفرص النافعة. وكثرة مشاورة للرجال الناصحين وان يكون لهم علاقات مع جميع العاملين من المسلمين في انحاء العالم. يبدون لهم ودهم ويستشيرونهم ويستنيرون بارائهم. ويأخذون بالناضج المصيب منها. وان يكونوا مع ذلك عارفين بسياسات الاجانب عارفين بحقوقهم اخذين الحذر من مكرهم وكيدهم وخداعهم. يعاملون فهم لمصلحة المسلمين ويأخذون الحذر منهم خوف الضرر على المسلمين. عملهم كله لمصلحة الاسلام مسلمين وهم مع ذلك كله مخلصون لله متوكلون عليه. معتمدون في جميع امورهم عليه فهذه اوصاف الرجال الذين ينبغي تخيرهم والواحد من امثال هؤلاء يعدل امة. وعلى اهل الحل والعقد ان يتقوا الله ما استطاعوا. ويولوا الاكمل فالاكمل. والله اعلم محاسن الدين الاسلامي. وبيان عقائده واخلاقه واحكامه واصلاحه. من اعظم الجهاد قال الله تعالى يا ايها النبي جاهد الكفار والمنافقين. وقال تعالى وجاهدهم به جهادا كبيرا. اي بهذا القرآن. وبما جئت به من دين وذلك بالدعوة اليه وتبين انه دين العدل والرحمة والحكمة والخير والصلاح في الظاهر والباطن والدين والدنيا. واعظم جهاد النبي صلى الله عليه وسلم للخلق بهذا النوع. فانه مكث مدة طويلة يدعو الى الله. ويبين للعباد محاسن الدين. ويقابل بينه وبين ضده من اديان اهله في الارض المنحرفة ومن جاهليتهم الجهلاء حتى دخل الخلق العظيم فيه متبصرين مقتنعين انه الدين الحق. وان ما سواه باطل بالبراهين العقلية والفطرية. والايات الافقية والنفسية قال تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق وهذا الجهاد هو الاصل وقتال اليد والسلاح تبع لهذا لكل معتد على الدين قال تعالى وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله. فهذا الدين اسلامي بعقائده وحقائقه واخلاقه واعماله وما جاء به من القرآن اكبر البراهين قواطع الضرورية. الدالة على ان الله هو الحق. ورسوله حق ودينه حق. وما عارض وذلك هو الباطل. وهو بنفسه جذاب لكل من قصده الحق ومعه انصاف. فانه اذا نظر وحق وقع قائده فانه يدعو الى الايمان الصحيح بالله. وباوصافه العظيمة واسمائه الحسنى. وبكل كتاب انزله الله وبكل رسول ارسله الله. وبكل حق اخبر الله به ورسوله. وبذلك تلئ القلوب ايمانا ويقينا ونورا وطمأنينة بالله. وقوة توكل واعتماد عليه. وذلك يوجب كما الاخلاص لله والقيام بعبوديته الظاهرة والباطنة. والتبرأ من الشرك كبيره وصغيره واذا نظر الى اخلاق الاسلام وجده رآه يحث على كل خلق جميل. ويحذر من من كل خلق رذيل. ويدعو الى القيام بحقوق الله وحقوق عباده. وبالمعاملة الحسنة اذا نظر الى تعاليمه وارشاداته العالية رآه يحث على كل علم نافع مزك للقلوب مطهر للاخلاق نافع للدين والدنيا. وانه مرشد الى كل صلاح واصلاح. فشرح هذه الامور للناس من اعظم الجهاد فانه يقوي ايمان المؤمنين. وتزداد به بصائرهم ورغبتهم. ويحمدون الله الذي من عليهم بهذا الدين الكامل. الذي حوى كل خير علمي وعملي وكل هداية ورحمة وهو السبب الوحيد الى سعادة الدنيا والاخرة. وكذلك هو اكبر داع لمن وقف على من الاجانب. وخصوصا المنصفين منهم. فمريد الحق اذا وقف على حقيقته لم يتوقف في تفضيله على كل دين. والمكابر يزلزل عقيدته ويخفف شره. وبه تندفع شبرا اهو المبطلين من الملحدين وغيرهم. فان الحق يستولي على القلوب ويزهق الباطل. فانه من عرف الحق معرفة صحيحة امتنع ان يقوم بقلبه باطل يقدمه عليه. الا اذا عارض ذلك غرض فاسد من كبر او حسد او رياسة او تعصب او غيرها. ومن تأمل هذا الدين رآه يدعو الى الصلاح والرشد والفلاح. والكتاب والسنة كفيلان ببيان ذلك كفالة تامة. فيهما الايات والبراهين على انه محال ان يحصل الصلاح الحقيقي ولا سبيل للبشر الى الاصلاح والخير والسعادة الا بهذا الدين فانه ما من مصلحة دقيقة ولا جليلة الا ارشد اليها هذا الدين. ولا خير الا دل عليه ولا شر الا حذر منه. يأمر بتوحيد الله والايمان به. ويحث على العلم والمعرفة والاذعان ويأمر بالعدل والصدق في الاقوال والافعال. وبالبر والصلة والاحسان الى الاقارب والجيران. والاصحاب ابي والمعاملين وجميع الخلق. وينهى عن الكذب والظلم والقسوة والعقوق والبخل. وسوء الخلق مع الاولاد والاهل والاصحاب وغيرهم. ويامر بالوفاء بالعقود والعهود والمحالفات. وينهى عن النكث والغدر ويأمر بالنصح لله ولرسوله ولكتابه ولائمة المسلمين وعامتهم. وينهى عن الغش يأمر بالاجتماع والتآلف والتحابب والاتفاق. وينهى عن التعادي والتباغض والافتراق يأمر بالمعاملات الحسنة وان توفي ما عليك كاملا موفرا. لا بخس فيه ولا نقص ولا مماطلة وينهى عن المعاملات السيئة والمطل والغش والبخس. والتطفيف واكل المال بالباطل وبغير حق يأمر باداء الحقوق الخاصة والمشتركة وينهى عن ضدها. وعن التعدي على الناس في دمائهم اموالهم واعراضهم بغير حق. يأمر بكل معروف وطيب ونافع ومستحسن شرعا وعقلا وفطرة وينهى عن كل فاحشة ومنكر وخبيث شرعا وعقلا وفطرة. يبيح كل طيب ويحرم كل خبيث. يا يأمر بالتعاون على البر والتقوى. وينهى عن التعاون على الاثم والعدوان. يأمر بعبادة الله وحده خوفه ورجائه وحده. والطمع في جوده وفضله. والتنوع في فعل الاسباب المحصلة لخيره وثوابه وينهى عن التعلق بالمخلوقين والعمل لاجلهم يأمر بنبذ الوثنيات والخرافات المفسدة العقول والاديان وبالجملة يأمر بكل خير وصلاح. وينهى عن كل شر وضرر فشرح الدين على نحو هذه الطريقة شرحا وافيا. وتطبيق تعاليمه وهدايته على احوال البشر وبيان انها صالحة لكل زمان ومكان ولكل امة. وان الانحراف والشر والضرر انما يكون بفقد لروح الدين او نقصها. وكذلك شرح اوصاف النبي صلى الله عليه وسلم ونعوته واخلاقه. التي من تدبرها وعرفها وفهمها حق الفهم علم انه صلى الله عليه وسلم اعلى الخلق في كل صفة كمال وان كل صفة كمال له منها اعلاها واكملها. وان الكمالات الموجودة في الرسل صلى الله عليهم وسلم قد جمعت فيه على الوجه الذي لا يماثله فيه احد. وبذلك صار سيد الخلق قدمهم وامامهم وارفعهم عند الله قدرا. واعظمهم جاها. نبذة من اخلاقه واوصافه صلى الله عليه وسلم وشيء من سيرته الدالة على انه رسول الله حقا. وان ما جاء به من الدين هو الحق على وجه الايجاز. قال الله تعالى لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته. يتلو عليهم اياته ويزكيهم الكتاب والحكمة. وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين. وقال تعالى قال وانك لعلى خلق عظيم. ومن نظر الى سيرته صلى الله عليه وسلم في مبدأ امره ومنتهاه وبين ذلك وتطورات احواله. وما حصل بذلك من الاحوال والانقلاب العجيب في العقائد اخلاق والاداب والتشريع العادل الرحيم. والخير والرحمة مما لم يعهد له نظير في تاريخ البشر. وبعدما كانت الارض مملوءة من الشرك والوثنية المستولية على عقول اكثر خلق والالحاد والظلم والشر والفساد. وسفك الدماء وقطيعة الارحام والمعاملات السيئة بكل وجوه استبدلت باضدادها. من عبادة الله وحده لا شريك له. واخلاص الدين لله والقيام بعبوديته التي خلق لها الخلق. وبالقسط والعدل في جميع الحقوق. وبصلة الارحام والاحسان الى جميع طبقات الخلق. عرف ان هذا من اكبر براهين رسالته صلى الله عليه وسلم وكمال دينه وشريعته. وانه اعظم مرشد ومصلح للبشر على الاطلاق فقد كان صلى الله عليه وسلم معروفا بين قومه بشرف النسب. وان بيته اعظم بيوت العرب خيرها وكان معروفا بين قومه قبل بعثته بالصدق الكامل والامانة التامة. والبر والعدل ومكارم الاخلاق. متربيا على الاخلاق الجميلة. متنزها عن الاخلاق الرذيلة. لا يعرف له شيء يعاب به لا قليل ولا كثير. ولا جرب عليه كذبة واحدة ولا خيانة ولا ميل في شيء من اقواله وافعاله. وكان نقي القلب ناصحا للقريب والبعيد. وصولا ارحام موفيا بالعهد والذمام. حاملا للكل معينا على نوائب الحق. متواضعا لله لله ولعباد الله حليما صبورا عفوا محسنا. كامل العقل والرأي. حازما مسددا موفقا في بركاته وسكناته. مع انه قد نشأ مع امة امية لا تعرف الكتب ولا تدرس الشرائع. وهو في نفسه لا يقرأ ولا يكتب. وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذا المبطلون. وما كنت ترجو ان يلقى اليك الكتاب الا رحمة من ربك. فلم يزل محببا له الخير له. متنزها عن جميع الشرور حتى فاجأته الرسالة والوحي من الله تعالى. ورحم الله به الخلق فجاءهم برسالة عظيمة عامة فيها صلاح البشر كلهم وسعادتهم وجاءهم في كتاب كريم لم يطرق العالم كتاب اعظم منه ولا اجل ولا اجمع لكل خير ولا اغزر علما منه واخبرهم بامور عظيمة وتفاصيل جمة. لم يكن في قومه من كان يعرفها ولا في الارض احد عنده علم صحيح ينافيها وينكرها. واعلن بهذه الرسالة غاية الاعلان لعلمه اليقيني الذي لا ريب فيه انها الحق. واعتماده على الحق ووثوقه بوعد الله بالظهور مع كثرة الاعداء وتوفر المعارضين من اهل الكتاب والاميين وغيرهم فبادئهم رحلهم بانكار ما هم عليه. من الشرك والشرور والاخلاق الرذيلة. وان شريعته نسخت جميع الكتب وهيمنت على كل الشرائع السابقة. فرماه الجميع بقوس العداوة. وجدوا واجتهدوا في رد ما جاء به ونصر باطلهم. وتحدى قاصيهم ودانيهم واولهم واخرهم ان يأتوا بمثل هذا القرآن فما استطاعوا ذلك. ولا قدروا على رد شيء من دينه. مع انهم مكروا مكرا كبارا بكل وسيلة وحيلة. فرجعوا منهزمين امام الحق خائبين. والمنصف منهم لم يجد بدا من الاعتراف والجاحد المعاند المكابر طفق ينصر باطله. فلم يبد حجة ولا برهانا بل ولا شبهة يتكئ عليها. ومن اكبر ادلة الحق معرفة ما قاله اعداءك ومعرفة حججهم التي لا تغني من الحق شيئا. وجاء صلى الله عليه وسلم للخلق وحده لم يكن له في اول الامر اعوان ولا انصار. الا الحق الذي هو نعم العون على الامور كلها فلم يزل يتبعه الواحد بعد الواحد. من اولي البصائر والالباب والعقول الرزينة. على شدة عظيمة ومقاومات من الاعداء عنيفة. فلم تزعجهم الكوارث ولا عوقهم عن قبول الحق خوف ولا ضغط من الاعداء واعدائه هم اهل الرياسة ولهم السيطرة. فعادوه وعادوا اتباعه واذوه هم اشد الاذية وحرصوا على صرفهم عن دينهم فلم يكن لهم بذلك طاقة ولا اقتدار لان ايمانهم صحيح ويقينهم تام. لم يؤمنوا لرغبة بذلها الرسول ولا رهبة. وانما الرغبة والرهبة في ذلك الوقت عند اعداءه. ولكن هو الايمان الحق. متى وقر في القلوب لم يرتد نصاحبه سخطة له. بل يراه احب الاشياء اليه. والذها لقلبه واعظمها فوزا سعادة. فلم يزل صلى الله عليه وسلم يدعو الى هذا الدين بعزم صادق. وهمة لا تني ولا تضعف ويقين وثقة بوعد الله. مع قوة المعارضات وشدة المقاومات من جميع الاعداء ويتتبع العرب في مواسم الحج وغيره في منازلهم يدعوهم الى الله والى دينه. والمتبع له اذ ذاك افراد من الموفقين اولي البصائر. واكثرهم معرضون ومعارضون مقاومون. وهو وصامد لامر الله. مصمم على الدعوة لعباد الله. مستقيم على اكمل طريق من الصدق والعدل والوفاء بالعهد. لا يتزعزع عن الاستقامة والاخلاق الفاضلة. والنصح والقوة في امر الله والشجاعة التي لا نظير لها في الاولين والاخرين. مع اختلاف الاحوال عليه من خوف وامن فقر وغنى ويسر وعسر وضيق وسعة. فدخل الناس في دين الله افواجا. وانتشر الاسلام وفي مكة مع الضغط العظيم. وانتشر في المدينة اكثر من ذلك فاذن لاصحابه في الهجرة الى المدينة ليتمكنوا من اقامة دينهم فجعلوا يهاجرون اليها افرادا وجماعات. وفي ذلك الوقت عقد الرؤساء من قومه المجالس المتعددة للايقاع به. واطفاء النور الذي جاء به ومكر المكر العظيمة والله يكلؤه ويحفظه. وحين بلغ الامر اشده وعزموا على الايقاع والفتك به ورتبوا امرهم واجمعوا كيدهم. اذن الله له بالهجرة. فخرج في تلك الحال الحرجة الى الغار هو وابو بكر مختفيين. وبوعد الله واثقين. واشتد الطلب وعز التخلص والهرب لكن لطف الله ونصر الله فوق مكر الماكرين. قال تعالى واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك. ويمكرون ويمكر الله. والله خير الماكرين الا تنصروه فقد نصره الله اذ اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار. اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا. فانزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تروها. الاية وهذا النصر من اكبر الايات والبراهين على عناية الله به وحفظه اياه ووعده الصادق بتمام امره ودينه. ثم هاجر الى المدينة وعناية الله تصحبه وحفظه وتوفيقه يرافقه. فتلقاه المسلمون. وكل قبيلة من قبائل الانصار صارت تدعوه الى النزول عندها وتقول هلم يا رسول الله الى العدد والعدة فاختار الله له ذلك المنزل الذي بركت فيه ناقته. ليكون مسجدا له ومساكن لنسائه. فاختط مسجده هناك وعمل فيه مع المسلمين وبنى مساكن زوجاته بجواره. وسر المسلمون بقدومه ولم يزل الله يشرع له الشرائع الكبار شريعة بعد اخرى بحسب المناسبات. ثم اذن له في القتال لما اشتدت مقاومات الاعداء بكل طريق فلم يزل معهم يدال عليهم ويدالون عليه صارت له العاقبة والنصر عليهم. ودخل الناس في دين الله افواجا حين شاهدوا انوار اسلام وهداية القرآن وارشادات الدين. وكان دينه الحق. وما جاء به من اكبر الاسباب دخول الخلق في الدين. فانه يدعوهم بنفس الحق الذي جاء به. والذي تنقاد له القلوب السليمة والعقول الصحيحة وتلين له الصعاب ويختاره اولو البصائر والالباب الرزينة والاراء الصائبة. لما من اصلاحه العقائد والاخلاق والاعمال كلها. ودعوته للصلاح المطلق بكل وجه واعتبار. وهذا وجه ادخاله في الجهاد. اذ هو اصله واساسه. فان الغرض من الجهاد انقياد الخلق للحق ودخولهم في الدين الحق. واكبر وسيلة لذلك معرفة ما جاء به الرسول. والوقوف التام على حقائق الدين. وما زال صلى الله عليه وسلم يدعو الى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة وبكل طريق يوصل الى الهداية ويجادل المبطلين بالتي هي احسن حتى اكمل الله به الدين واتم به النعمة على المؤمنين. وجمع الله به امما متباينة وقلوبا متفرقة واهواء متشتتة واصلح الله به الظواهر والبواطن وكل امر فاسد. وبعدما كانت الارض مملوءة من جميع اصناف الشرور لحقها الحق الذي جاء به. حتى امتلأت من الحق والعدل والرحمة والخير والنور. فمحى الظلمات المتراكمة وحق الحق واضمحل الباطل وزهق. ان الباطل كان زهوقا. فمعرفة الاثار والمنافع العامة العظيمة. التي حصلت لاهل الارض برسالته ودينه. من اكبر البراهين الدالة على رسالته وصحة ما جاء به من الدين الحق. الذي لا يقبل الله من احد دينا سواه وهو دين جميع الرسل واتباعهم فهو الدين الذي اخباره في اعلى درجات الصدق. وهو الذي ما امر بشيء فقال العقل ليته نهى عنه. ولا نهى عن شيء فقال العقل ليته امر به. بل لو اجتمعت عقول الحكماء سائر العقلاء على اقتراح دين احسن منه واصلح وانفع للعباد. لعجزت افكارهم عن ان تصل الى ما ايقاربه واكمل الناس عقلا من حصلت له به الهداية والرشاد فانه تنزيل من حكيم حميد ولهذا سمى الله ما انزل على رسوله هدى ورحمة ونورا وحكمة ورشدا. وحث فيه على كل اصلاح في اصوله وفروعه. وارشد الى المنافع الدينية والدنيوية. ثم انك اذا تأملت احوال النبي صلى الله عليه وسلم وتنقلاته في دعوة الخلق ومعاملاتهم من اوليائه واعدائه رأيت فيها الهدى الكامل والنصح التام. ورأيت اثار دعوته ملأت قلوب المسلمين علما ويقينا ومعارف ربانية. واهتدوا بها الى كل خلق جميل. وتنزهوا عن كل خلق رذيل. فكما كانت اثار رسالته في نفسه اكمل الاثار. فتجمعت فيه اصناف الفضائل كمالات على اكمل وجه. وصار بذلك اكمل البشر في كل الامور مطلقا. فكذلك كانت اثار رسالته في اصحابه وامته اكمل الاثار وافضلها واجلها. فلم يصل احد من الامم الى ما وصل اليه وائمة الهدى من امته وطبقات اهل العلم والايمان من المعارف الصحيحة. والعلوم النافعة والمعاني الربانية والايمان الصحيح واليقين الكامل والقيام بحقوق الله وحقوق خلقه. والرحمة بالخلق والاحسان والعدل. وهذا من براهين صدقه وصحة ما جاء به. وكذلك من براهين رسالته انه في هذه المدة القصيرة مكنه الله وبارك في عمره الشريف. حتى اسس هذا الدين دين الذي هو اكمل الاديان واعمها واهداها للخلق. فقرر اصوله وفروعه وحصل به صلاح الدين وصلاح الدنيا. وصار المثل الاعلى والقدوة للخلق فيما يأتون وما يذرون. وما قولون وما يفعلون. ان حققت العقائد الصحيحة والاخلاق الرجيحة النافعة المصلحة للقلوب. جعل الميزان فيها عقيدته واخلاقه. وان فصلت علوم الشريعة على سعتها وتنوعها كانت كلها مأخوذة من شريعته وتعليمه. وان اريد الوصول الى علم السياسة وفنون الحرب والسلم. ومعاملة الاعداء من جميع الوجوه كان المدار فيها على هديه وعمله وارشاده. وان طلب علم الولاية كلها صغارها وكبارها من الامامة العظمى الى ولاية الانسان على عائلته واهل بيته لم يوجد اكمل من طريقته فيها. وان حصل البحث في احوال القلوب ووسائل اصلاحها ودائها فيها لم يكن لذلك سبيل الا بسلوك الطرق التي ارشد اليها. فلا يوجد علم صحيح ولا عمل ظاهر ولا باطن الا وقد هدى الخلق اليه وارشدهم اليه. فهذه جمل مختصرة تدل على صلى الله عليه وسلم وصحة دينه وانه الدين الحق الذي لا يصلح البشر غيره وانه لا دين الا دينه. ولا طريق الا طريقه. ولا تصلح الامور كلها الا باتباعه والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات. وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. قال ذلك وكتبه الفقير الى الله في كل احواله. عبدالرحمن بن ناصر بن عدي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين امين. ببلدة عنيزة من الديار النجدية في العشرين من رمضان عام سبعة وستين وثلاثمائة والف