ومتى رجعوا الى ربهم وانابوا اليه واعتصموا بدينه رجعوا الى دينهم واستقاموا عليه رد الله لهم ما كان شاردا واصلح لهم ما كان فاسدا. ونصرهم على عدوهم ورد عليهم ملكهم بسم الله الرحمن الرحيم. يسر مشروع كبار العلماء ان يقدموا لكم الدرس السابع والسبعين قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في كتاب الدروس المهمة لعامة الامة ومما ذكره الله سبحانه وتعالى من صفات اهل الايمان واخلاقهم يعلم ان الامة لا تستقيم الا بهذه الاخلاق ولا تقوم دولتهم الا بهذه الاخلاق فلا بد من التواصي بهذه الاخلاق من الدولة والامة حتى ينصرهم الله ويعينهم على عدوهم وحتى يحفظ عليهم دينهم ودنياهم واخلاقهم وصحتهم وملكهم وقهرهم لاعدائهم. فالاخلاق شرعها الله ودعا اليها وبعث بها رسوله صلى الله عليه وسلم اذا استقامت عليها الامة حاكما ومحكوما كتب الله لهم النصر وايدهم بروح منه ونصرهم على اعدائهم كما جرى لسلفنا الصالح في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده. فقد نصرهم الله على عدوهم مع قلة عددهم عدتهم وفتح عليهم الفتوحات العظيمة وايدهم بنصر من عنده. كما وعدهم سبحانه بذلك في قوله عز وجل ولينصرن الله من ينصره. ان الله لقوي عزيز الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة واتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر. ولله عاقبة الامور وفي قوله سبحانه يا ايها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم هكذا حصل لهم النصر لما استقاموا على الاخلاق العظيمة التي مدحها الله وامر بها لما استقاموا وتواصوا بها نصرهم الله وملكوا غالب الدنيا وقهروا العالم وادت لهم الجزية اليهود والنصارى والمجوس وادى الخراج لهم اخرون من الكفار حتى ملك الصين اذ بلغت الدولة الى هناك الى اقصى المشرق والى اقصى المغرب فمنهم من ادى الخراج ومنهم من ادى الجزية ومنهم من دخل في دين الله بسبب قوة المؤمنين واخلاقهم العظيمة التي مدحها الله واوصاهم بها فلما قام بها ولاتهم وامراؤهم وعامتهم وعلماؤهم استقام لهم الامر وخافهم عدوهم بصرهم الله عليه وفتحوا البلاد ودانت لهم العباد واقاموا شرع الله في بلاد الله حتى بلغ ملك هذه الامة اقصى المغرب واقصى المشرق كما اشار النبي صلى الله عليه وسلم الى ذلك في حديث ثوبان رضي الله عنه. المخرج في صحيح مسلم فلما غير الناس غير الله عليهم واخذ العدو بعض ما في ايديهم طيبة ومجدهم الغابر. فالواجب على الحكام والامراء والعلماء والاغنياء والفقراء. الانابة الى الله والرجوع اليه والتمسك بالاخلاق التي اوصى الله بها عباده والحذر الحذر من الاخلاق التي نهى الله عنها فمتى استقام الجميع وتعاونوا على البر والتقوى. وتواصوا بهذه الاخلاق في جميع الاحوال في الشدة والرخاء في السفر والاقامة ايدهم الله ونصرهم على اعدائهم. واعطاهم الملك العظيم ورد اليهم ما سلب منهم واصلح لهم ما فسد وهابهم اعداؤهم وخضعوا لهم. وادوا لهم الجزية والخراج خوفا من قهرهم لهم او دخلوا في الاسلام كما جرى لسلفنا الصالح. فوصيتي لكل من قرأ هذه الكلمة او سمعها. ولكل من تبلغه ان يتقي الله وان يراقبه سبحانه اينما كان وان يتمسك بالاخلاق التي امر الله بها واثنى على اهلها في القرآن العظيم او اقرها او اثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة المطهرة في شرع للمسلم ان يلزمها وان يستقيم عليها وان يوصي بها اخوانه وان ينصحهم بها اينما كانوا وان يحذر الاخلاق التي ذمها الله وعابها. او ذمها رسوله محمد عليه الصلاة والسلام ليحذرها ولينهى عنها. وليوصي اخوانه بتركها وهذا هو معنى قوله جل وعلا والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله وهذه الاية جامعة لجميع الاخلاق الفاضلة. ثم قال سبحانه في ختامها اولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم ومن رحمة الله لهم ان ينصرهم ويؤيدهم على عدوهم ومن رحمته ان يكفيهم شر الاعداء ومن رحمته ان يعينهم على هذه الاخلاق ويوفقهم لها ومن رحمته ان يدر لهم الارزاق وينزل الامطار وينبت لهم النبات ويعطيهم كل ما يطلبون ومن رحمته سبحانه ادخالهم الجنة وان جاؤهم من النار كما قال سبحانه بعدها وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن. ورضوان من الله اكبر. ذلك هو الفوز العظيم هذا هو جزاؤهم في الاخرة وفي الدنيا رحمة ونصر وتوفيق وتأييد وفي الاخرة رحمة لهم بادخالهم الجنة ونجاتهم من النار. اسأل الله باسمائه الحسنى ان وفقنا واياكم للتمسك بهذه الاخلاق التي مدحها الله وامر بها واثنى على اهلها وان يوفقنا وجميع المسلمين في كل مكان وجميع ولاتهم وقادتهم في كل مكان من مشارق الارض ومغاربها للتمسك بهذه الاخلاق العظيمة الفاضلة وان يجنبنا واياهم جميع الاخلاق المذمومة وان ينصر دينه ويعلي كلمته وان يصلح قادة المسلمين وشعوبهم في كل مكان وان يوفق ولاة امرنا في هذه البلاد لكل خير. وان يعينهم عليه وان يجمع كلمتهم على التقوى وان ينصرهم بالحق وينصر الحق بهم. وان يفقههم في دينه وان يثبتهم ايه وان يصلح لهم البطانة ويعينهم على كل خير وان يكثر اعوانهم في ذلك انه سميع قريب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعهم باحسان. المكتبة الصوتية لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله