بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولولاة امورنا ولجميع المسلمين. قال الشيخ المجد ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه المنتقى في كتاب الصيام قال رحمه الله باب الصبي يصوم اذا اطاق. وحكم من وجب عليه الصوم في اثناء الشهر او اليوم. عن الربيع بنت معوذا رضي الله عنها قالت رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء الى قرى الانصار التي حول المدينة. من كان اصبح صائما فليتم صومه. ومن كان اصبح مفطرا فليتم بقية يومه. فكنا بعد ذلك نصومه ونصوم صبياننا الصغار منهم. ونذهب الى المسجد فنجعل لهم لعبة من العين فاذا بكى احدهم من الطعام اعطيناها اياه حتى يكون عند الافطار اخرجاه قال البخاري وقال عمر من نشوان في رمضان ويلك صبياننا صيام وظربه. عن سفيان بن عبد الله بن ربيعة قال حدثنا وفد وفدنا الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلام ثقيف قال وقدموا عليه في رمضان وضرب عليهم قبة في المسجد فلما اسلموا صاموا ما بقي عليهم من الشهر. رواه ابن ماجة عبد الرحمن ابن سلمة عن عمه ان ان اسلم اتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال صمتم يومكم هذا قالوا لا. قال فاتموا بقية يومكم واقضوه. رواه ابو داوود. بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى باب امر الصبي بالصوم يا طاقة الصبي هو الذي دون البلوغ. والمراد بذلك الصبي اذا كان مميزا. اما غير المميز فانه لا يصح صومه حتى لو صام فان صيامه لا يصح لان الصوم عبادة والعبادة لا بد فيها فمن النية والنية لا تتصور من غير المميز. ثم ذكر المؤلف رحمه الله الاحاديث حديث الربيع بنت معوذ رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم ارسل غداة عاشوراء. وعاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم ارسل ان من كان صائما فليتم صومه. ومن اصبح مفطرا فليمسك بقية يومه. قالت قمنا وكنا نصوم ونأمر صبياننا بذلك. فهذا الحديث يدل على مسائل منها مشروعية صيام يوم عاشوراء لان الرسول صلى الله عليه وسلم امر به ورغب فيه كما يأتي. وصيام يوم عاشوراء مر بمراحل الى اربع المرحلة الاولى ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه في الجاهلية وكانت قريش تصومه كما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها ان يوم عاشوراء كان يوما تصومه قريش في الجاهلية وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه. المرحلة الثانية ان النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر الى المدينة ووجد اليهود يصومون هذا اليوم سألهم فقال ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا انه يوم نجى الله فيه موسى وقومه واغرق فرعون وقومه. فنحن نصومه شكرا فصامه وامر بصيامه بل اكد ذلك. كما في حديث الربيع ولهذا ذهب بعض اهل العلم الى انه كان واجبا اعني صيام يوم عاشوراء في هذه المرحلة المرحلة الثالثة ان النبي صلى الله عليه وسلم لما فرض صيام رمضان في السنة الثانية من الهجرة ترك الامر والتشديد في صيام يوم عاشوراء. وقال انا صائمون غدا يعني عاشوراء فمن شاء ان يصوم فليصم ومن شاء ان يفطر فليفطر. المرحلة الرابعة انه صلى الله عليه وسلم عزم في اخر حياته على مخالفة اليهود. فقال لئن بقيت الى قابل لاصومن التاسع. ولكنه توفي صلى الله عليه وسلم قبل ان يدرك ذلك وفي هذا الحديث ايضا دليل على انه اذا قامت البينة في اثناء اليوم فانه يجب الامساك ويجب القضاء عند جمهور العلماء. ومنها ايضا ان من هدي السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم انهم كانوا يصومون صبيانهم. وهكذا ينبغي فالصبي اذا كان مطيقا للصوم ان على وليه ان يأمره بذلك اقتداء بالسلف الصالح رحمهم الله ولاجل ان يألف هذه العبادة حتى اذا بلغ فانها لا تكون شاقة عليه وان بعض الاولياء يمنعون صبيانهم عن الصيام ولا سيما في رمضان مع رغبتهم في ذلك بطاقتهم له ويظنون ان منعهم من الصوم انه رحمة بهم وشفقة عليهم. والحقيقة ان رحمتهم والشفقة عليهم هو الزامهم بشريعة الله عز وجل واقتدائهم بسلف هذه الامة. فاذا لم يكن قال الصبي ضرر وكان مطيقا للصوم فان المشروع بوليه ان يأمره بذلك بل ويأمره بسائر فرائض الاسلام وواجباته لاجل ان يعتادها. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم مروا اولادكم بالصلاة واضربوهم عليها لعشر. وفرقوا بينهم في المضاجع. فعلى الولي ان يقوم برعاية من تحت يده من الاهل ومن الاولاد والصبيان وان يقومهم وان يؤدبهم وان يبين لهم محاسن الاسلام ومزاياهم وما لهم من الاجر والثواب في امتثاله لان الانسان مسؤول عمن تحت ولايته وتحت رعايته. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. بل قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة فعلى من ولاه الله عز وجل على اولاد وصبيان من اب او غيره ان يحرص على تقويمهم تعليمهم وتأديبهم بان يغرس في قلوبهم محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم. ويبين لهم مكارم الاخلاق ومحاسنها ويكون قدوة صالحة لهم. لانهم يقتدون بافعاله اكثر مما باقواله فبعض الاولياء ربما يأمر اولاده بالصدق وينهاهم عن الكذب ولكنهم يرونه يكذب امامهم ويغتاب الناس امامهم وربما صدر منه تصرفات تخالف الشريعة. فليعلم ان اقتداءهم وتأسيهم بافعاله اكثر من تأسيهم باقواله. لانه حينئذ يقول ما لا يفعل فلا يكون قدوة وفي هذه الاحاديث ايضا دليل على جواز ادخال الكافر والمشرك الى المسجد اذا كان فيه مصلحة بان يرى صلاة المسلمين فربما ان الله عز وجل قذف الايمان في قلبه. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد