بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولولاة امورنا ولجميع المسلمين. امين. قال الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب اداب المجلس والجليس عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقيمن احدكم رجلا من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن توسعوا وتفسحوا. وكان ابن عمر رضي الله عنهما اذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه. متفق عليه. بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله تعالى وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لا يقيمن احدكم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه. قوله لا يقيمن لا هنا ناهيان في رواية لا يقيم على ان لا نافية. والنفي بمعنى النهي. وعلى كلا الاحتمالين فهو نهي والاصل في النهي التحريم. وقوله لا يوقمن احدكم الرجل. التقيد بالرجل هنا قيد اغلبي فلا مفهوم له. فالمرأة كذلك فلا يجوز للرجل ان يقيم رجلا او امرأة ولا يجوز للمرأة ان تقيم امرأة او رجلا. وقول الا يقيمن احدكم رجلا من مجلسه ثم يجلس فيه هذه الجملة ثم يجلس فيه فيها ثلاثة اوجه. الوجه الاول بالرفع ثم على ان الجملة مستأنفة. ويقدر مبتدأ اي ثم هو يجلس فيه. وعلى هذا يكون النهي هنا مسلطا على اقامته من موضعه. اي ان النهي هنا متعلق اقامة الشخص من موضعه. والوجه الثاني النصب. ثم يجلس فيه. على اعطائي ثم حكم واو المعية. وان الفعل منصوب بان مضمرة. وعلى هذا يكون النهي عن الجمع بين امرين يعني لا يقيم ولا يجلس. فالامران كلاهما منهي عنه. والوجه الثالث ثم يجلس بالجزم عطفا على قوله لا يقيمن. وحينئذ يكون النهي عن كل واحد من فراده. اي انه ينهى ان يقيم الرجل سواء جلس ام لم يجلس وينهى ان يجلس في مكانه سواء اقامه ام لم يقم. وقوله ولكن تفسعوا توسعوا هذه الجملة تحتمل معنيين. المعنى الاول اي ليقل الداخل لمن في المجلس تفسعوا وتوسعوا. وهذا مطابق للاية الكريمة. يا ايها الذين امنوا اذا قيل لكم تفسحوا في المجال فافسحوا يفسح الله لكم. ويحتمل ان المعنى ولكن تفسحوا وتوسعوا ان الجالسين في المجلس اذا دخل الداخل فانهم يتفسحون ويتوسعون له ليجد موضعا. وهذا المعنى او الاحتمال اقرب واصح لوجهين. الوجه الاول ان هذا هو ظاهر لفظ الحديث. ولكن تفسحوا وثانيا ان الداخل الى المجلس قد يستحي ان يأمر احدا او ان يأمر من في المجلس بان يتفسر وان يتوسعوا فقد يصيبه الحياء والخجل. وعلى هذا فيكون معنى قول ولكن تفسحوا وتوسعوا يكون امرا للجالسين بانه اذا دخل احد ولم يجد مكانا انهم بانفسهم يتفسحون لاجل ان يجد موضعا يجلس فيه. قال وكان ابن عمر رضي الله عنهما اذا قام احد له من مكانه لم يجلس فيه. وهذا الفعل من ابن عمر رضي الله عنه على وجه الورع. فهو رضي الله عنه تورع وخشي ان هذا الذي قام من مكانه لاجل ان يجلس فيه ابن عمر خشي انه قام حياء وخجلا لا عن طيب نفس استفادوا من هذا الحديث فوائد منها اولا تحريم اقامة الشخص من موضعه والجلوس فيه. لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن من ذلك ولان هذا الجالس قد سبق الى هذا المكان وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من سبق الى ما لم يسبق اليه غيره فهو احق به. ولان فيه عدوانا على هذا الجالس بانك تجلس في موضعه وهو احق منك بالجلوس. ويلحق بذلك بل هو اشد اقامة الصبيان من موضعهم الفاضل في الصلاة فان بعض الناس هداهم الله اذا دخل المسجد ووجد صبيا او صبيانا يصلون خلف الامام او انهم هم جلسوا خلف الامام يقيمهم من مكانهم. ويقول اذهبوا عن هذا المكان. هذا المكان للكبار. وهذا لا ريب انه خطأ ومخالف للسنة ولا حجة لهذا الفعل. واما قول النبي صلى الله عليه وسلم ليلني منكم هم اولو الاحلام والنهى ليس في هذا الحديث دليل على جواز اقامة الصبي. لان معنى قوله لينني منكم اولو الاحلام والنهى حث من الرسول صلى الله عليه وسلم لاولي الاحلام والنهى ان يكونوا خلفه. لاجل ان ينبهوه اذا سهم او غفلة وليفتحوا عليه اذا ارتج عليه في القراءة ونحو ذلك. وليس المعنى ان يقيم غيره من ونحوهم ثم يجلس في هذا المكان بان الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقل لا يلني منكم الا اولو الاحلام والنهى وانما فقال ليلني منكم اولو الاحلام والنهى. وعلى هذا فاقامة الصبيان وتأخيرهم عن موضعهم الفاضل الى كموضع مفضول امر محرم. اولا لان هذا الصبي سبقك الى هذا المكان. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من سبق الى ما لم يسبق اليه غيره فهو احق به. ولعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يقم احدكم الرجل من موضعه. ولان فيه عدوانا على هذا الصبي. ولان فيه تنفيرا له على الاقبال على المساجد وعلى الى طاعة الله عز وجل لان هذا الصبي اذا اقيم فربما تنفر نفسه عن المسجد وعن الطاعة والعبادة والمطلوب منا ان نرغب صبياننا وان نحثهم على حضور الجمع والجماعات لان هذا من تأديبهم ومن تقويمهم. وفي هذا الحديث ايضا دليل على ان المشروع للجالسين اذا دخل احد المجلس ولم موضعا ان يتفسحوا وان يتوسعوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم ولكن تفسحوا وتوسعوا. وفق الله الجميع بما يحب ويرضى. وصلى الله على نبينا محمد