بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولولاة امورنا ولجميع المسلمين امين. قال الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب الامر بتعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان. عن ابي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو اشد تفلتا من الابل في عقولها. متفق عليه. وعن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال انما مثل صاحب القرآن كمثل الابل المعلقة ان عاهد عليها امسكها وان اطلقها ذهبت متفق عليه. بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله تعالى باب الامر بتعهد القرآن التعهد والتعهد بمعنى حفظ وضبطه واتقانه. والمراد به هنا حفظ القرآن واتقانه وضبطه. وذلك بالاكثار من تلاوته والمواظبة على قراءته. حتى يرسخ في قلبه. وقد جاء هذا المعنى في صحيح البخاري من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال استكثروا القرآن اي اكثروا من قراءة وقول والتحذير من تعريضه للنسيان. وذلك لان حفظ القرآن نعمة عظيمة ومنحة جليلة يمن الله تعالى بها على من يشاء من عباده. ولهذا قال الله تعالى بل هو ايات بينات في صدور الذين اوتوا العلم فالواجب على من رزقه الله عز وجل حفظ القرآن ان يشكر الله تعالى على هذه النعمة ومن شكر الله عز وجل على هذه النعمة ان يحفظها. وذلك بتعاهد القرآن والاكثار من تلاوته وقراءته حتى يستقر في قلبه. ونسيان القرآن لا يخلو من حالين. الحال الاولى ان يكون النسيان بمقتضى الطبيعة والجبلة. فهذا لا يلام الانسان عليه. ولا يأثم بسببه وقد وقع من النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت في الحديث الصحيح انه صلى عليه الصلاة والسلام ونسي اية فذكره بها ابي ابن كعب رضي الله عنه بعد الصلاة. فقال هلا كنت ذكرتنيها يعني في الصلاة. والحال الثاني ان يكون النسيان بسبب ترك التعاهد وعدم المبالاة. فهذا يأثم به الانسان ولكنه ليس بكبيرة من الكبائر بل هو اثم من جملة الاثام. واما قول الله عز وجل ومن اعرض عن ذكري فان ان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى. فالمراد بالاعراض عن القرآن ترك العمل به والايمان به. بحيث انه لا يبالي بذلك. واما الحديث الوارد ايما امرئ حفظ القرآن ثم نسيه. لقي الله عز وجل اجزم هذا الحديث لا يصح ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر الاحاديث في هذا الباب الحديث الاول ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تعاهدوا القرآن اي احفظوه واضبطوه وذلك بالاقبال على تلاوته والاكثار من قراءته حتى يرسخ في قلبه. تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده. هذا قسم من الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق بلا قسم لبيان اهمية الامر ولتأكده. فوالذي نفسي بيده لهو اي القرآن لهو اشد تفلتا اي ذهابا ونفورا من الابل في عقلها. والعقل جمع عقال وهو الحبل الذي يربط به ويشد به في وسط الذراع. فشبه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن بالابل المعقلة. ان واظب الانسان عليه واكثر من تلاوته فانه يحفظه. واما اذا ترك كذلك واعرظ فانه ينساه. وهكذا الابل. فما دام الانسان قد ربطها وشدها وحفظها فان لا تستقر في مكانها ويحفظها. واما اذا لم يفعل ذلك فانها تنفر وتذهب. وانما والنبي صلى الله عليه وسلم الابل دون غيرها من الحيوانات لان الابل هي من اشد الحيوانات الانسية اذا فارقت رباطها وما عقلت به. فيستفاد من هذا الحديث فوائد منها الامر بتعاهد القرآن وهذا الامر للوجوب اذا كان الانسان يخشى من النسيان بان كان حفظه ضعيفا او كان كثير النسيان فانه يجب عليه ان يتعاهدا. واما اذا كان الانسان قوي الحافظ والظبط فان الامر هنا للاستحباب. ومنها ايضا حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم بضربه الامثال المعقولة ومنها ايضا جواز القسم بلا استقسام. اي انه يجوز للانسان ان يحلف وان يقسم بدون ان يطلب ذلك منه. وذلك لتوكيد الامر ولبيان اهميته. واما الحديث الثاني فهو كالحديث الاول انما مثل صاحب القرآن اي الحافظ له الظابط له الملازم على تلاوته وقراءته كالابل التي اذا نقلها صاحبها وربطها فانه يحفظها وان تركها من غير عقل ومن غير حفظ وشد فان انها تنفر وتذهب وهكذا القرآن ما دام الانسان يكثر من تلاوته ومن مراجعته ويحرص على فانه يستقر في قلبه. واما اذا لم يفعل ذلك فانه يذهب من قلبه. والقرآن العظيم قد يسر الله عز وجل على عباده. يسر عليهم تلاوته وحفظه وتدبره والعمل به وهذا كله داخل في قول الله عز وجل ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر فعل المرء الذي من الله تعالى عليه بحفظ القرآن او بحفظ شيء منه ان يحرص على ضبطه وذلك بتكراره بان يجعل له حزبا يوميا وقدرا معينا كل يوم لا على سبيل التعبد ولكن لاجل الظبط ولاجل ان احرص على هذا الحزب وهذا القدر فيقرأه كل يوم بحيث انه يختم في كل ثلاثة ايام او في كل اسبوع او في كل في شهر على حسب فراغه وعلى حسب قوة حفظه وضبطه. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله نبينا محمد