بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. الدرس الثالث والثمانون. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين بين لعباده ما ينفعهم من احكام عباداتهم ومعاملاتهم. ونهاهم عما فيه ظرر لدينهم او دنياهم رحمة بهم واحسانا منه اليهم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله ما ترك خيرا الا بينه لامته ولا شرا الا حذرها منه وبعد ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نواصل الحديث معكم عن احكام البيع ونتناول في هذه الحلقة ان شاء الله احكام التصرف في المبيع قبل قبضة ما يصح منه وما لا يصح مع بيان ما يحصل به قبض المبيع ويعد قبضا صحيحا وما لا يعد قبضا صحيحا فاعلموا وفقني الله واياكم انه لا يصح التصرف في المبيع قبل قبضه اذا كان مكيلا او موزونا او معدودا او مزروعا باتفاق الائمة وكذا اذا كان غير ذلك على الصحيح الراجح من قول العلماء رحمهم الله لقول النبي صلى الله عليه وسلم من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه. متفق عليه وفي لفظ حتى يقبضه ولمسلم حتى يكتاله قال ابن عباس رضي الله عنهما ولا احسب غيره الا مثله اي غير الطعام وقد ورد ذلك صريحا قد روى الامام احمد اذا اشتريت شيئا فلا تبعه حتى تقبضه وروى ابو داوود نهى ان تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار الى رحالهم هذان الحديثان صريحان في منع التصرف في المبيع قبل قبضه مطلقا قال شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى علة النهي عن البيع قبل القبر عجز المشتري عن تسلمه لان البائع قد يسلمه وقد لا يسلمه لا سيما اذا رأى المشتري قد ربح فانه يسعى في رد البيع اما بجحد او احتيال في الفسخ وتأكد بالنهي عن ربح ما لم يضمن انتهى كلامهما فيجب على المسلمين ان يتقيدوا بذلك فاذا اشترى المسلم سلعة لم يقدم على التصرف فيها ببيع او غيره حتى يقبضها قبضا تاما. وهذا مما يتساهل فيه كثير من الناس او يتجاهلونه فيشترون السلع ثم يبيعونها وهم لم يقبضوها من الباء اصلا او يكونوا قد قبضوها قبضا ناقصا لا يعد قبضا صحيحا كأن يعد الاكياس او الطرود او الصناديق مجرد عدد وهي في محل البائع ثم يذهب ويبيعها على اخر وهذا لا يعد قبرا صحيحا يترتب عليه جواز تصرف المشتري فيها فان قلت فما هو القبض الصحيح الذي يسوغ للمشتري التصرف في السلعة الجواب ان قبض السلع يختلف باختلاف نوعيتها وكل نوع له قبض يناسبه فاذا كان المبيع مكيلا فقبضه بالكيل وان كان موزونا فقبضه بالوزن وان كان معدودا فقبضه بالعد وان كان مزروعا فقبضه بالزرع وان كان المبيع مما ينقل كالثياب والحيوانات والسيارات فقبضه بنقله الى مكان المشتري بنقله من مكان البائع الى مكان المشتري وان كان المبيع مما يتناول باليد كالجواهر والكتب ونحوها فقبضه يحصل بتناول المشتري له بيده وحيازته اياه ان كان المبيع مما لا يمكن نقله من مكان وان كان المبيع مما لا يمكن نقله من مكانه كالبيوت والاراضي والسمر على رؤوس الشجر فقبضه يحصل بالتخلية بان يمكن منه المشتري ويخلى بينه وبينه ليتصرف فيه تصرف المالك وتسليم الدار ونحوها بان يفتح له بابها او يسلمه مفتاحها ايها المستمعون الكرام وقد سمعتم ما مر من الاحاديث في النهي عن التصرف في المبيع قبل قبضه المعتبر شرعا لما في ذلك من المصلحة للمشتري والبائع من قطع النزاع بينهما والسلامة من الخصومات التي كثيرا ما تنشب بين الناس بسبب تساهلهم في القبض وعدم تفقد المشتري للسلعة واستيفاءها بالوفاء والتمام وانقطاع عهدة البائع بها وهذا امر ينبغي للمسلم التقيد به وتطبيقه في معاملته وكثير من الناس اليوم يتساهلون في قبض السلع ويتصرفون فيها قبل القبض الشرعي فيرتكبون ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من بيعها قبل قبضها. فيقعون في الخصومات والمنازعات او يصابون بالندامة عندما تنكشف لهم السلعة على حقيقتها وقد تصرفوا فيها فلا يستطيعون الخلاص منها الا بمرافعات ومدافعات وهكذا كل من خالف امر الرسول صلى الله عليه وسلم فلا بد ان يندم ويتعب ايها المستمعون الكرام مما حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ورغب فيه اطالة احد المتبايعين للاخر بفسخ البيع معه عندما يظهر له غبن او تزول حاجته بالسلعة او يعسر بثمنها قال النبي صلى الله عليه وسلم من اقال مسلما اقال الله عثرته يوم القيامة والاقالة معناها رفع العقد ورجوع كل من المتعاقدين بما كان له من غير زيادة ولا نقص وهي من حق المسلم على اخيه المسلم عندما يحتاج اليها ويطلبها من اخيه وهي من حسن المعاملة ومن مقتضى الاخوة الايمانية وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه والى الحلقة القادمة باذن الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه