بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. الدرس الرابع والثمانون. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين احل البيع وحرم الربا لما فيه من الاضرار البالغة والاخطار المدمرة صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وبعد ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نواصل الحديث معكم عن احكام المعاملات ونخص في هذه الحلقة التحدث عن موضوع من اخطر المواضيع الا وهو موضوع الربا الذي اجمعت الشرائع على تحريمه وتوعد الله المتعامل به باشد الوعيد. قال تعالى الذين فيأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس فاخبر سبحانه ان الذين يتعاملون بالربا لا يقومون اي من قبورهم عند البعث الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس اي الا كما يقوم المشروع حال صرعه وذلك لتضخم بطونهم بسبب اكلهم الربا في الدنيا فما توعد الله سبحانه الذي يعود الى اكل الربا بعد معرفته لتحريمه لانه من اصحاب النار الخالدين فيها قال تعالى ومن عاد فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون كما اخبر الله سبحانه انه يمحق بركة الربا قال تعالى يمحق الله الربا ان يمحق بركة المال الذي خالطه الربا فمهما كثرت اموال المرابي وتضخمت فهي ممحوقة البركة لا خير فيها وانما هي وبال على صاحبها تعب في الدنيا وعذاب في الاخرة ولا يستفيد منها وقد وصف الله المرابي بانه كفار اثيم قال تعالى يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار اثيم فاخبر سبحانه انه لا يحب المرابي وحرمانه من محبة الله يستلزم ان الله يبغضه ويمقته وتسميته كفارا اي مبالغا في كفر النعمة وهو الكفر الذي لا يخرج من الملة فهو كفار لنعمة الله لانه لا يرحم العاجز ولا يساعد الفقير ولا ينذر المعسر او المراد انه كفار الكفر المخرج من الملة اذا كان يستحل الربا وقد وصفه الله في هذه الاية بانه اثيم اي مبالغ في الاثم منغمس في الاضرار المادية والخلقية وقد اعلن الله وقد اعلن الله الحرب منه ومن رسوله على المرابي لانه عدو لهما ان لم يترك الربا ووصفه بانه ظالم قال تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله وان تبتم فلكم رؤوس اموالكم لا تظلمون ولا تظلمون. والى جانب هذه الزواجر القرآنية عن التعامل بالربا فجاءت زواجر في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر الموبقة اي المهلكة ولعن صلى الله عليه وسلم اكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه كما اخبر صلى الله عليه وسلم ان درهما واحدا من الربا اشد من ثلاث وثلاثين زنية في الاسلام او من ست وثلاثين زنية واخبر ان الربا اثنان وسبعون بابا ادناها مثل اتيان الرجل امة قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وتحريم الربا اشد من تحريم الميسر الذي هو القمار لان المرابي قد اخذ فظلا محققا من محتاج والمقام والمقامر قد يحصل له فضل وقد لا يحصل له فالربا ظلم محقق لان فيه تسليط الغني على الفقير بخلاف القمار فانه قد يأخذ فيه الفقير من الغني وقد يكون المتقامران متساويين في الغنى والفقر فهو وان كان اكلا للمال بالباطل وهو محرم فليس فيه من ظلم المحتاج وضرره ما في الربا ومعلوم ان ظلم المحتاج اعظم من ظلم غير المحتاج انتهى كلامه رحمه الله واكل الربا من صفات اليهود التي استحقوا عليها اللعنة الخالدة المتواصلة قال الله تعالى فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا واخذهم الربا وقد نهوا عنه. واكلهم اموال الناس بالباطل. واعتدنا للكافرين منهم عذابا اليما والحكمة في تحريم الربا ان فيه اكلا لاموال الناس بغير حق لان المرابي يأخذ منهم الربا من غير ان يستفيدوا هم شيئا في مقابلته وان فيه اضرارا بالفقراء والمحتاجين لمضاعفة الديون عليهم عند عجزهم عن تسديدها ولان فيه قطعا للمعروف بين الناس وسدا لباب القرض الحسن وفتحا لباب القرض بالفائدة التي تثقل كاهل الفقير وفيه تعطيل للمكاسب والتجارات والحرف والصناعات التي لا تنتظم مصالح العالم الا بها لان المرابي اذا تحصل على زيادة ما له بواسطة الربا بدون تعب فلن يلتمس طرقا اخرى للكسب الشاق والله تعالى جعل طريق تعامل الناس في معايشهم قائما على ان تكون استفادة كل واحد من الاخر في مقابل عمل يقوم به نحوه او عين يدفعها اليه والربا خال عن ذلك لانه عبارة عن اعطاء المال مضاعفا من طرف لاخر بدون مقابلة من عين ولا عمل ايها المستمع الكريم بعد ما سمعت شدة تحريم الربا والوعيد عليه اظنك تسأل ما هو الربا فاعلم ان الربا في اللغة معناه الزيادة وهو في الشرع كذلك زيادة في شيء مخصوص وينقسم الى قسمين ربا النسيئة وربا الفضل ولمن نسيئة مأخوذ من النسء وهو التأخير وهو نوعان احدهما قلب الدين على المعسر وهذا هو اصل الربا في الجاهلية ان الرجل يكون له على الرجل المال المؤجل. فاذا حل الاجل قال له اتقضي ام ترضي فان وفاه والا زاد هذا في الاجل وزاد هذا في المال ويتضاعف المال والاصل واحد. فحرم الله ذلك بقوله وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة فاذا حل الدين وكان الغريم معسرا لم يجز ان يقلب الدين عليه بل يجب انظاره وان كان موسرا كان عليه الوفاء فلا حاجة الى زيادة الدين مع مع يسر المدين ولا مع عسره النوع الثاني من ربا النسيئة ما كان في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل مع تأخير قبظهما او قبض احدهما كبيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح وكذا بيع جنسا بجنس اخر من هذه الاصناف مؤجلة وما شارك هذه الاشياء في العلة يجري مجراها. ولعلنا في الحلقات القادمة نبين العلة ان شاء الله. ايها المستمع الكريم الى الحلقة القادمة باذن الله تعالى لنتحدث معك عن النوع الثاني من انواع الربا وهو ربا الفضل فالى ذلك الحين استودعك الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين