المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعليقات ابن سعدي على صفوة اصول الفقه تأليف الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. هذه فوائد مهمة من تقريرات شيخنا في اصول الفقه وقت قراءتنا عليه في منتخبه من مختصر التحرير في الرابع عشر من ذي الحجة سنة سبع وخمسين وثلاثمائة والف. اهمية علم اصول الفقه. قوله الحمدلله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد واصحابه واتباعه الى يوم الدين. وسلم تسليما كثيرا. اما بعد علم اصول الفقه علم شريف مهم. يحصل بمعرفته لطالب العلم ملكة يقتدر بها على النظر الصحيح في اصول الاحكام تتمكن من الاستدلال على الحلال والحرام. ويستعين به على استنباط الاحكام الشرعية من الكتاب والسنة. ويعرف كيفية ذلك كله وطريقه الغالب ان الخطب في اوائل الكتب تدل على مضمون الكتاب. العلوم الشرعية كتاب والسنة والفقه واصول الدين. وما سواها من العلوم النافعة كعلم العربية على اختلافها من نحو ولغة فهو وسيلة اليها. علم اصول الفقه يحتاج اليه المفسر حدث والفقيه قوله ملكة اي قوة ذاتية. ادلة الفقه ادلة تفصيلية وادلة اصول الفقه ادلة كلية اجمالي بعض العلماء قال ان علوم اصول الفقه فرض عين وبعضهم قال فرض كفاية وبعضهم فصل فقال الفقه الذي بنفسه ويحتاج اليه الناس فهو فرض عين بحقه. وما عداه فهو فرض كفاية. قال العكبري اعظم ما توصل به الى احكام الدين اتقان اصول الفقه وشيء من اصول الدين. قال ابن الجوزي من تمكن من اصول الفقه وعرف كثيرا من تفاصيله صلح للاجتهاد الغالب ان اصول الفقه ليس فيها خلاف بين المذاهب بخلاف الفروع. قوله ويعرف كيفية ذلك كله وطريق اي الثلاثة المذكورة قبل وهي النظر الصحيح والاستدلال على الحلال والحرام والاستنباط. قوله وهذا مختصر انتقيته من كتب اصول الفقه اقتصرت فيه على المهم المحتاج اليه. واجتهدت في توضيحه لان الحاجة الى التوضيح والبيان اشد من الحاجة الى الحذف والاختصار. وارجو الله تعالى الاعانة والسداد. وسلوك اقرب طريق يوصل الى الهدى والرشاد بمنه وكرمه امين. علي ابن سليمان المرضاوي صاحب الانصاف صنف التحرير من الروضة وكتاب لابي الخطاب وكتاب لابي الفخر اسماعيل وغيرها. ذكر فيه اقوالا ثم اختصره الفتوحي صاحب المنتهى. وبناه على قول واحد وشرحه. تعريف علم اصول الفقه قوله اعلم ان اصول الفقه هي الادلة الموصلة اليه. هذا هو حد اصول الفقه واما حد الفقه فهو معرفة الاحكام الشرعية الفرعية بالاستدلال. قوله واصلها الكتاب والسنة اقواله صلى الله عليه وسلم وافعاله وتقريراته وهما الاصل قوله والاجماع مستند عليهما وهو اتفاق مجتهد الامة على حكم شرعي. قوله والقياس على احد هذه الثلاثة. فهذه اربعة الاصول هي التي يتكلم عليها في كتب اصول الفقه. وكلامهم على الحروف لانها مما ينبئ عنها. والذي يتكلم عليه اهل العقائد والتوحيد في كتبهم. اصول الايمان الستة والذي يتكلم عليه اهل العقائد والتوحيد في كتبهم اصول الايمان الستة المذكورة في حديث جبريل وهي قوله صلى الله عليه وسلم ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. والذي يتكلم عليه الفقهاء في كتب الفروع العبادات الاربع. الصلاة والزكاة والحج والصيام. واما الشهادات اتاني فلا. اقسام الحكم الشرعي. قوله والاحكام الشرعية خمسة. الواجب وهو ما اثيب فاعله. وعوقب تاركه. والحرام يقابل اي يعاكسه فالتقابل التعاكس. والمسنون وهو ما اثيب فاعله ولم يعاقب تاركه. وضده المكروه والمباح ما لا تعلق به مدح ولا ذم. الامر والنهي. قوله واذا ورد الامر في الكتاب والسنة سواء كان بصيغة الامر او الخبر نحو قوله تعالى والوالدات يرضعن والمطلقات يتربصن. فالاصل انه للوجوب الا لقرينة تصرفه الى الندب او الاباحة. الاصل ان الامر للوجوب الا اذا دل الدليل والقرينة للاستحباب نحو واشهدوا ذوي عدل منكم فهو للاستحباب قوله اذا كان بعد الحظر غالبا نحو فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله فهو سباحة ومثله قوله واذا حللتم فاصطادوا. قال ابن كثير الامر بعد الحظر يرد الاشياء الى ما كانت عليه قبله وقال غيره انه للاباحة وليس بكلي. انما هو اغلبي. بدليل قوله صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فهو للاستحباب بالاتفاق. ولذلك قال المصنف غالبا والنهي للتحريم الا بقرينة تصرفه الى الكراهة الالفاظ قوله ويتعين حمل الالفاظ على حقائقها دون ما قالوا انه مجاز. الحقيقة هو اللفظ الخضوع للمعنى اولا. والمجاز هو اللفظ الموضوع ثانيا. وقيل الحقيقة هي التي تفهم من اللفظ من غير قيد. والمجاز لا يفهم الا لا بقيد او قرينة وانكره شيخ الاسلام في كتاب الايمان. واكثر ما تنفع هذه القاعدة في باب الصفات. لان الجهمية يتأولون ويدعون انها مجاز. مثاله الرحمة. فهم يقولون مجاز في النعمة. ونقول رحمة حقيقية. قوله وعلى عمومها دون خصوصها. مثاله وان تجمعوا بين الاختين. فهل المراد العموم بان يحرم الجمع بينهما في النكاح وملك اليمين او انه خاص بالزواج فالاصل العموم. ومن ادعى الخصوص فعليه الدليل. ومثاله حديث من باع عبدا وله مال فما له الا ان يشترطه المشتري. قوله وعلى استقلاله اي ليس فيه حذف دون اضماره. الاضمار الحذف. وهذه القاعدة تجري على قواعد اهل الاصول واهل النحو. مثاله وعلى الذين يطيقونه فدية. قدر فيه بعضهم لا. والصواب حذفها حسب هذه القاعدة قوله وعلى اطلاقه دون تقييده فمن ادعى ان هذا الحكم مقيد بشيء دون شيء فعليه الدليل والا فهو مطلق العموم غير الاطلاق. فكل منهما به معنى غير الاخر. وكثيرا ما يشتبهان. قوله وعلى انه مؤسس الحكم لا مؤكد اي مثبت له ابتداء لا مؤكد. ففي سورة الرحمن فباي الاء ربكما تكذبان. فكن كل جملة منها مؤسسة لا مؤكدة لما قبلها. وغلطوا من قال ذلك ومثلها سورة المرسلات. فالاصل عدم التأكيد ما دل عليه الدليل قوله وعلى انه متباين لا مترادف ومثله قولهم العطف يقتضي المغايرة. والتباين هو قالوا فبعضهم يقول متغاير. والترادف ان يكون المعنى واحدة وان اختلف اللفظ. مثاله الاسد والضرغام. فالاصل تباين الا ما دل عليه الدليل. ذكر ابن القيم في جلاء الافهام على قوله تعالى اولئك عليهم صلوات ربهم ورحمة فالرحمة غير الصلاة. لان العطف يقتضي المغايرة. قوله وعلى بقائه دون نسخه. فالاصل مع الذي يدعي عدم مسخ الا بدليل الا بدليل يدل على خلاف ما تقدم. قوله وعلى عرف الشارع ان كان كلاما للشارع. ومن احسن ما عينوا على معرفة معنى كلام الشارع معرفة سيرته عليه السلام. واحواله مع اصحابه واعدائه. لان اهل العلم يتكلمون على الالفاظ وهي تنقسم الى قسمين كلام الشارع وتقدم وكلام المكلف واليه الاشارة بقوله وعلى عرف المتكلم به في امور العقود وتوابعها. فالعرف له مدخل عظيم. وهو اصل كبير. مثاله البيع والايجارة والعتق والطلاق. وغيره فهذه تنعقد بما يعده الناس عقدا. وتنفسخ بما يعدونه فسخا. والكنايات في الطلاق والوقف ونحوهما تبنى على هذا الاصل العظيم وتحمل على مراد من تكلم بها. ومن ذلك الايمان. فالصحيح انه يقدم الاسم العرفي والمذهب يقدم الحقيقي اذا عدمت النية الظاهر انه ما يمكن الا بنية. الوسائل لها احكام المقاصد. قوله الوسائل لها احكام المقاصد الوسائل الطرق الموصلة الى الشيء. ما لا يتم الواجب الا به وما لا يتم الوجوب الا به. قوله وما لا يتم يجب الا به فهو واجب هذا داخل في القاعدة التي قبله. وفرع من فروعها. وانما نص عليها لكثرة دورانها على السنة كثير من الفقهاء. فهي قاعدة عامة نافعة يؤخذ منها امور. منها الحيل على اختلاف انواعها. فالمحرم محرمة وضابطها التحيل على ترك واجب او فعل محرم. والمباحة والمسنونة مباحة او مسنونة ومنها المشي الى العبادات فحكمها كحكمها. وقال بعض الاصحاب ان هذه القاعدة تدخل فيها نصف الشريعة. وما نظر عن هذه القاعدة لا حكم له كالنذر فالوفاء به واجب وعقده مكروه. وهنا يعد من غرائب العلم. قوله وما لا يتم الوجوب الا به فليس بواجب. والفرق بينها والتي قبلها واضح مثاله الحج. فالمستطيع يجب عليه جميع ما يؤدي الى الحج من الراحلة والرفقة ونحو ذلك وغير المستطيع كالفقير لا يجب عليه ان يتسبب الى وجوب الحج. فلا يجب عليه وله امثلة كثيرة جدا. الصحيح والفاسد قوله والصحيح من العبادات والعقود والمعاملات. ما اجتمعت شروطها وفروضها. يعم واجبها واركانها وانتفت مفسداتها. والباطل والفاسد بالعكس. اعلم ان الاصوليين ليس عندهم فرق بينهما. بل هما ترادفان. واما الفقهاء فقد يطلقونها على الترادف. وفي بعض الابواب كالنكاح يفرقون بينهما. فالباطل من النكاح ما اجمع على فساده والفاسد ما فيه خلاف بين العلماء. فروض الاعيان والكفايات. قوله وما كان طلب الشارع له من كل مكلف بالذات فهو فرض عين. وما كان القصد مجرد فعله والاتيان به. ويتبع ذلك مصلحة الفاعل فهو فرض كفاية. اذا فعله من يحصل المقصود كفى عن غيره هذا احسن من قول بعضهم اذا فعله واحد ليعم حصول المقصود بواحد فصاعدا. فمثلا صلاة العصر عصر فرض عين والاذان والاقامة والامامة فرض كفاية. قوله وان لم يفعله احد اثم كل من علمه وقدر عليه. هذا محترف كن حسن لئلا يقال يأثم كل احد. فلا يأثم الا بهذين القيدين. وهما العلم والقدرة. وتارة يكون فيه تفصيل كالجهاد ونحوه وهو يصير فرض عين في حق من يعلم ان غيره لا يقوم به عجزا او تهاونا. تزاحم المصالح والمفاسد قوله واذا تزاحمت مصلحتان قدم اعلاهما. هذه قاعدة جامعة نافعة. المصلحة هي اما واجبة او مستحبة وتزاحمها عدم امكان فعلها مع. فيقدم الاعلى اجماعا سواء كانت دينية او دنيوية. ومن ذلك يحرم على من لم يحج حجة الاسلام الحج نفلة. واذا ضاق الوقت عن فعل المكتوبة حرم التنفل ولا يصح. ويحرم الصوم نفلا من عليه قضاء رمضان ونحوه وتفاصيلها تطول. وسواء كانتا واجبتين او مستحبتين او احداهما واجبة والاخرى ومستحبة وبالعكس فيقدم الاعلى كما تقدم. قوله او مفسدتان لابد من فعل احداهما ارتكب اخفهما مفسدة وهذه ايضا قاعدة نافعة جامعة فيرتكب اخف المفسدتين. مثالها اذا كان عنده صيد قتله محرم فيقدم الصيد على المذهب وعلى الصحيح وعلى الصحيح خلافا للاقناع في محظورات الاحرام. ومثله اذا كان له احداهما صائمة فرضا والاخرى حائض فالصائمة اخف. اذا وجد حائضا او مستحاضة فيقدم المستحاضة على مذهب واما الصحيح فالمستحاضة يجوز وطؤها مطلقا. وتفاصيله كثيرة. وهاتان القاعدتان مضطردتان فلا يوجد له ثم ناقض وان وجد شيء فانما هو للاختلاف. هل هذه اخف من هذه او هذه اعلى من هذه ام لا؟ اشتباه المباح محرم قوله واذا اشتبه المباح بالمحرم في غير الضرورة وجب الكف عنهما. لابد من هذا القيد والا فلا محرم مع الضرورة كما قيل في القاعدة الضرورات تزيل المحظورات. هل الامر يقتضي الفورية؟ قوله والامر يقتضي الفورية. اي المبادرة اذا كان مطلقا. فان قيد بوقت وجب به كالصلاة والنذر وغير ذلك من العبادات. العلة والسبب والشرط والعزيمة والرخصة. قوله والحكمة الشرعية ويقال لها العلة هي المعنى المناسب الذي شرع الحكم لاجله. اكثر الاصوليين يعبر عنها بالعلة وبعضهم بالحكمة وهو احسن. ولذلك ذكرناهما. وهو المعنى المناسب فان كان امرا ففيه مصلحة. وان كان منهيا عنه فهو عن مضرة. وبعض الحكم قد نص عليها الشارع. وبعضها قد يذكرها الفقهاء وقد يصيبون ويخطئون. وبعضها قد تخفى علينا حكمتها فهي التي تسمى تعبدي. قوله ويعم الحكم بعموم علته. مثاله لما سئل صلى الله عليه وسلم عن الهرة فقال انها من الطوافين عليكم. وكالنهي عن بيع الابق لان فيه غررا. وكالنهي عن بيع الربويات. وكالنهي عن الصلاة وهو حاقد وكالنهي عن القضاء وهو غضبان. قوله كما ان اللفظ العام يخصص اذا علم خصوص علته. وهذا كثير في كلام الفقهاء والمتكلمين. قوله والسبب هو الذي يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته. هذا حد السبب وهو حد جامع مانع. مثاله دخول وقت الصلاة. فاذا دخل الوقت فهو السبب. قوله لذاته اي لنفسه لا لغيره. فقد يوجد سبب ولا يوجد المسبب. ولكن ليس لاجل السبب بذاته بل لغيره. قوله والشرط ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. هذا حد الشرط فيتفق الشرط والسبب في شيء. وهو انه يلزم من عدمهما العدم بان السبب يلزم من وجوده الوجود. والشرط لا يلزم من وجوده الوجود ولا العدم. اما دخول الوقت فهو سبب وشرط فيجتمعان فيه ومثله ملك النصاب فهو شرط وسبب للوجوب. ومثله الاستطاعة للحج فهي سبب وشرط للوجوب قوله والعزيمة حكم ثابت بدليل شرعي قال عن معارض راجح وضدها الرخصة. كلاهما مخالف للاصل. مثال العزيمة اكل الميتة للمضطر. فثبت بالشرع وليس هنا شيء يخالفه. ومثال الرخصة الفطر بالسفر فهي حكم ثابت بدليل شرعي لمعارض راجح. النسيان والخطأ والاكراه. قوله والناس والمخطئ والمكره لا اثم عليهم. ولا يترتب على فعلهم فساد عبادة ولا الزام لهم بعقد والناس يضمنان ما اتلفاه من النفوس والاموال. فيه ثلاثة بحوس احدها الاثم فليس عليه اثم بالاتفاق. سواء في مسائل المحرمات او الاتلافات او ترك الواجبات. الثاني فساد العبادة وجمهور الاصوليين قال كما قاله المصنف ولا يترتب على فعله فساد عبادة. كمن اكل وهو صائم او تكلم وهو في الصلاة او صلى وفي بدنه او ثوبه نجاسة. وهو قد علم بها ثم نسيها. فلا فساد في عبادته. وكان شيخ الاسلام يطرد هذه القاعدة فلا يستثني منها شيئا ابدا. وهو الصواب الذي ينبني عليه هذه القاعدة. قوله ولا الزام لهم في عقد فمن عقد عقدا وهو مخطئ او ناس او جاهل ثم ثبت انه مخطئ ونحوه فلا الزام. الثالث الضمان فقال الناسي والمخطئ يضمن ان ما اتلفاه من النفوس والاموال. فهذا بالاتفاق ان من اتلف مال غيره ناسيا او مخطئا فعليه الضمان. واما المكره فلم يذكره. لان ما اتلفه يضمنه مكرهه. السنة قوله فصل السنة. هي الاصل الثاني من الاصول الاربعة والقواعد التي تقدمت عامة للكتاب والسنة. وحدها كما قال المصنف قول النبي صلى الله عليه وسلم اما وفعله واقراره وزاد بعضهم والاخبار بخلائقه. وقال اخرون انها داخلة فيما قبلها. واليك تفصيل الثلاثة قال فقوله واضح فان كان امرا فهو للوجوب. الا اذا دل الدليل على الاستحباب وان كان نهيا فالاصل انه للتحريم الم تدل قرينة على الكراهة فتقدم ذلك او اكثر. قوله وفعله الاصل فيه انه مندوب. وقد تصرفه القرينة الى الوجوب فاذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم فعلا فالاصل انه مستحب الا اذا صرفته قرينة الى الوجوب. كما اذا كان فعله تبيينا لما ورد في القرآن كما في قوله تعالى واقيموا الصلاة. ففعله صلى الله عليه وسلم يبين ما ورد في القرآن مجملا ومثله الحج جاء في القرآن مجملا وفي السنة مفصلا وغير ذلك. قوله او الخصوصية. مثاله الزواج لا يجوز بغير نهر بنص القرآن كما قال تعالى ان تبتغوا باموالكم. واما النبي صلى الله عليه وسلم فيجوز له الزواج بغير مهر. قال تعالى خالصة لك. وايضا لا يباح ان يتزوج الانسان اكثر من اربع الا النبي صلى الله عليه وسلم قوله الا افعاله التي علم انه لم يفعلها على وجه التشريع. كالامور التي يفعلها اتفاقا بلا قصد لجنسها. فانها تكون مباح عليه جمهور الصحابة الا ابن عمر فخالف في ذلك. والحاصل ان افعال الرسول صلى الله عليه وسلم تنقسم الى اربعة اقسام لا خامس لها. احدها انها مندوبة وهي الاصل الثاني انها خاصة به. والثالث ان تصرفها القرينة للوجوب ان تكون على العادة كالامور التي يفعلها اتفاقا. ومنه لباسه قوله هو الاصل ان امته اسوة له في الاحكام كلها هذه قاعدة جامعة. فمن ادعى خلافه فعليه الدليل. والدليل قوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة. وان الاختصاص فلا بد من قرينة تدل عليه. كقوله ومن الليل فتهجد به نافلة لك. اي خاصة بك. ومثله ما ثبت في حق واحد من الامة ثبت في حق جميعها. ومثله ما ثبت في الفرض ثبت في النفل. والعكس بالعكس. قوله الا ما خصه الدليل كما جعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بن ثابت بشهادة رجلين. وخص ابا بردة بن النيار باجزاء التضحية بالعناق دون من بعده قوله واقراره صلى الله عليه وسلم على شيء يدل على الجواز هذا الثالث من السنة. فاذا اقر قولا او فعلا فهو دليل على الجواز الا بدليل يدل على الاستحباب. قوله ويقدم قوله على فعله مثاله تزوجه صلى الله عليه سلم بازيد من اربع نسوة ونهيه عن التزوج باكثر من اربع. ومثله قيامه صلى الله عليه وسلم نصف الليل. وقوله صلى الله الله عليه وسلم ان افضل القيام قيام داود كان يقوم ثلث الليل بعد نصفه. الاجماع قوله فصل اجماع الامة على حكم شرعي حجة قاطعة. لا يحل لاحد مخالفة الاجماع المعلوم. ولابد ان يستند الاجماع على دليل شرعي يعلمه ولو بعض المجتهدين. هذا الاصل الثالث من الاصول الاربعة. وحده اتفاق مجتهد الامة على حكم شرعي. سواء كان فرعيا او اصوليا. والامام الشافعي اول من تكلم في اصول الفقه واخذ الاجماع من قوله تعالى ومن يشاقق من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا. قال الشافعي تدبرت القرآن ثلاثمائة مرة حتى استنبطته من هذه الايات. وقال صلى الله الله عليه وسلم انتم شهداء الله في ارضه. قوله حجة قاطعة لا ظنية فان الحجة القطعية ثلاث. دلالة الكتاب واجماع الامة والمتواتر. واليه الاشارة بقوله الاخبار وحكمها. والخبر المتواتر لفظا او معنى يفيد اليقين فاللفظي ان يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم لفظ واحد ينقله عدد معتبر. مثاله ان كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. واما المعنى فهو كثير فهو كتواتر المعراج والمسح على الخفين وكالشفاعة وعذاب القبر وان اختلف اللفظ فالمعنى واحد قوله بشرط ان ينقله عدد لا يمكن تواطؤهم على الكذب والخطأ فهو ليس له حد فاذا كانوا لا يمكن تواطؤهم على الكذب. وقد حده بعضهم بسبعة وبعضهم بعشرة. والصواب الاول كما قال الامام احمد ليس في قلب من المسح شيء فيه اربعون حديثا عن اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رفعوا الى النبي صلى الله عليه وسلم وما وقفوا. واما الرابع ففيه خلاف وهو قوله فاذا لم يبلغ هذه الدرجة قيل له احاد. وهي اقسام بعضها حسن وبعضها ضعيف وبعضها صحيح. قوله وقد يحتف ببعض اخبار الاحاد من القرائن ما يفيد معها القطع. فالمحققون انه اذا احتفت به قرائن تلقتها الامة بالقبول صار قطعيا. وممن قرر ذلك ابن الصلاح الشافعي وشيخ الاسلام. قوله وقول ابي هذا من الاصول المختلف فيها. ففيه هذا التفصيل الذي ذكره المؤلف. فقوله اذا لم يخالفه غيره من جملة الحجج ماذا قال اكثر العلماء خلافا للظاهرية فاذا اشتهر ولم يخالفه احد منهم فيكون اجماعا. وان لم يشتهر فهو حجة واذا خالفه غيره رجع الى الترجيح اي سقط الاحتجاج به ودخل في قوله تعالى فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر. ذلك خير واحسن تأويلا وهذا من جملة اصول الامام احمد الذي بنى عليها مذهبه. واذا اختلف الخلفاء الراشدون وغيرهم فما قاله الخلفاء او بعضهم خصوصا ابا بكر وعمر فهو الصواب. قوله واذا خالف رأي الراوي روايته عمل بروايته دون رأيه. هذه قاعدة نافعة وهذا كثير بان يروي الصحابي حديثه ثم يعمل بخلافه فهذا اذا كان الحديث ليس به احتمال. فان كان يحتمل وجهين فرأيه اقرب لان عنده من الترجيح ما لا عند غيره. كما مثل له الاصحاب بحديث ابن عمر في هلال رمضان. الامر بالشيء والنهي عن الشيء. قول والامر بالشيء نهي عن ضده. هذه قاعدة جامعة وامثلتها لا تحصر ومثله قوله والنهي عن شيء امر بضده فهي قاعدة والفقهاء يستدلون بهما على فوائد دقيقة يستنبطونها كالوكالات. رجوع التحريم الى ذات العبادة او شرطها ورجوعه الى امر خارج عن ذلك. قوله والتحريم ان رجع الى ذات العبادة او شرطها فسدت. وان رجع الى امر خارج عن ذلك حرم ولم تفسد. فهذا ضابط حسن. فالنهي يقتضي الفساد. وان عاد الى امر خارج عنها لم تفسد مثاله اذا صلى الانسان بثوب حرير او نجس فهو يعود الى شرط الصلاة فلا تصح. واما اذا صلى وعليه خاتم من ذهب او عمامة حرير فالتحريم راجع الى خارج الصلاة. فتحرم وتصح. ومثل الماء المغصوب اذا توضأ به فلا يصح وان غصب اناء وتوضأ فيه فلا تفسد. لعودها الى خارج العبادة. ومثله نهي الحائض عن الصوم والصلاة. فهو راجع الى العبادة ومثله صوم يومي العيد لانه يعود الى شرط العبادة ومثله العقود الربوية فهي محرمة ولا تنعقد لانها تعود الى شرط العبادة بخلاف النجش وتلقي الركبان فهو محرم. والعقد صحيح لتمام شروطه. وانما التحريم عائد الى امر خارجي وهو الضرر للبائع فاثبت له الشارع الخيار. واما النهي عن البيع بعد النداء الثاني من يوم الجمعة فهو عائد للعقد بذلك فهو شبيه بصوم الحائض العام. قوله ومن صيغ العموم من من يعمل سوءا يجزى به. وما لله ما في السماوات واي واين لعموم الزمان والمكان والموصولات كلها. قوله والالفاظ الصريحة في العموم ككل واجمع ونحوه وما دخلت عليه ال من الجموع مطلقا. سواء جمع مذكر سالم او مؤنث او تكسير او سالم. ولو لم يكن منها الا اية واحدة شملت نحو عشرة اجناس. ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين قانتات والقانتين والقانطات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين الخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات. اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما. قوله والاجناس نحو ان الانسان. قوله والمفرد المعرف باللام غير العهدية اي الذي في العهد الذهني او الذكري. فالاخير نحو قوله تعالى فعصى فرعون الرسول. والاول جاء القاضي اذا اردت معين فالعهد الذهني لا يعطي العموم. ومثال المفرد المعرف المؤمن المشرك ونحوها. سين. ما المقصود بذكر قاضي العموم جيم المقصود انها ضوابط فاذا وردت بالكتاب او السنة او كلام الفقهاء او كلام المكلف فهي تجري على هذه القاعدة قوله والمفرد المضاف لمعرفة. مثاله ان فعلت هذا فعبدي حر. فان لم ينوي شيئا عتق جميع عبيده كثيرا ما يذكره الفقهاء فيقولون لانه مفرد مضاف فيعم. ومثله قوله تعالى واوفوا بعهدي. اذكروا نعمتي فهو شامل. وعند قاعدة كل شيء يصح الاستثناء منه فهو عام وما لا فلا. قوله والنكرة في سياق النفي او النهي او الشرط او استفهام فمثال الاول قوله تعالى يوم لا تملك نفس لنفس شيئا. فهذه ثلاث نكرات فهي عامة. والنهي ولا تقولن لشيء اني فاعل ذلك غدا. والشرط من عمل صالحا فصالحا نكرة واتت بعد مني الشرطية فهي عامة والاستفهام. قل اي شيء اكبر شهادة؟ فشيء نكرة وقعت في سياق الاستفهام. وهو اية فتعم ومثله هل تعلم له سميا؟ هل تحس منهم من احد؟ فكل هذه الكلمات عامة فاذا وجدت في كلام شارع او كلام العلماء او كلام المكلفين كالمستفتي ونحوه عمل بالعموم. الا اذا وجد مخصص مما ذكره بعد تخصيص العام فصل. وتخصيص العموم يكون بالشرط او الصفة او نحوهما. اما الشرط فكالتعليق بنحو متى وان من عمل من عبيدي او نسائي كذا فهو حر او طالق ونحو ذلك. والصفة نحو قوله تعالى ولا تمسكوا قسم الكوافر هنا عام. ولكن خصص منه قوله تعالى والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم فخصص من العموم الذي في الاية قبله فخصصها بصفتين بان تكون محصنة وان تكون كتابية. فيعمل بذلك في كلام شارع وكلام المكلفين المطلق والمقيد. قوله والمطلق من الكلام يحمل على المقيد في موضع اخر. وله عدة فمن اوضحها قوله صلى الله عليه وسلم لمن لم يجد النعلين فليلبس الخفين في الاحرام. وامر اخر ان يقطعهما فيشتبه ان يحمل المطلق على المقيد. ولكن هذا ناسخ للحكم الاول. لانه قاله في حجة الوداع في موقف عرفة فتعين انه ناسخ له. هذا معنى قوله الا اذا تضمن ذلك تأخير البيان عن وقت الحاجة. ومثال قوله والمطلق من الكلام يحمل على المقيد في موضع اخر نحو قوله تعالى في عتق الرقبة في القتل فتحرير رقبة ولم يقيدها ايمان وقيدها في كفارة الظهار بالايمان. فيحمل المطلق على المقيد. ونحو قوله تعالى ممن ترضون من الشهداء وقيده بقوله ذوي فيحمل المطلق على المقيد المجمل والمبين. قوله والمجمل والمشتبه يحمل على المحكم واضح المبين في موضع اخر. وهذه قاعدة نافعة في كلام الله ورسوله وكلام المكلف. وهذا كثير جدا في الكتاب لانه في القرآن ذكر اقام الصلاة وايتاء الزكاة والحج. فهي مجملة وفصلتها السنة. الفرائض والعدد وعشرة النساء ونحو ذلك والصيام كل هذه مبينة في القرآن اتم تبيين. والغالب ان اكثر الاحكام تفصيلها بالسنة. الاشتباه نوعان اما ان يشكل معناه او يشتبه بان يكون له عدة معان. وقد ذكر ابن القيم في الاعلام نحو سبعين مثالا. بعضها فرعية وبعضها اصولية وهي نافعة. وانفع ما تكون هذه القاعدة في اصول الدين. لان الجهمية زاغت في الصفات. فردوا ايات الصفات المحكمة بقوله تعالى ليس كمثله شيء. والخوارج يرد المحكم من الكتاب والسنة. الدالة على ان العاصي لا يزول عنه اسم الايمان ولا يخلد في النار واستدلوا بقوله تعالى ومن يعص الله ورسوله ويتعدى حدوده يدخله نارا خالدا فيها. وهذه القاعدة انفع ما تكون في اصول الدين. ونافعة ايضا في الفقه. فربما ذكروا موضعا محتملا واخر واضحا. ويرد المحتمل الى الواضح. الظاهر والمؤول. قوله ويجب العمل بالظاهر ولا يعدل عنه الا دليل النص الذي لا يحتمل الا معنى واحدا والظاهر هو الراجح المتبادر للاذهان. مثال ذلك قوله تعالى امنتم من في السماء ان يخسف بكم الارض فاذا هي تمور. تحتمل ان تكون بمعنى الظرفية وعلى كونها بمعنى على معنى مرجوح. ولكن النصوص تساعده فهو بمعنى على. المنطوق والمفهوم قوله والكلام له منطوق يوافق لفظه او يدخل المعنى في ضمن اللفظ فيدخل في منطوقه. هذا دلالة التضمن. قوله وله مفهوم وهو المعنى الذي سكت عنه ان كان اولى او مساويا لحكم المنطوق به كان مفهوم موافقة. يكون الحكم عليه كالحكم على المنطق به وان كان خلافة قيل له مفهوم المخالفة. فيكون الحكم فيه مخالفا للحكم في المنطوق به. يعني ان دلالة الكلام اما او مفهوم. فما دخل في اللفظ سمي منطوقا. سواء كان تضمنا او مطابقة. وما يفهم منه من دون ان يكون داخلا فيه سمي مفهوما سواء كان موافقة او مخالفة. الكلام له اربع دلالات منطوق مطابقة وتضمن مفهوم موافقة ومخالفة المنطوق نوعان والمفهوم نوعان. مفهوم المخالفة حجة باتفاق الاصوليين. الا على قول وله ضابط نافع ومثله ادوات الحصر كانما ونحوها. وهو كل حكم قيد بقيد فاكثر. فاذا وجد القيد والا فهو مفهوم مخالفة. قوله بشرط الا يخرج مخرج الغالب وما عطف عليه هذا هو القيد الموضح لا المقيد مثاله قوله تعالى وربائبكم اللاتي في حجوركم. فقوله في حجوركم خرج مخرج الغالب. والا لم تكن في حجره فالحكم كذلك. بل لو لم تولد الربيبة الا بعد مفارقة الزوج لها فالحكم كذلك. ومنه قوله تعالى اقتلون النبيين بغير الحق. ومنه قوله تعالى ومن قتله منكم متعمدا. فجزاء مثل ما قتل من النعم. فالائمة الاربعة مذهبهم ان قوله متعمدا خرج مخرج الغالب. والا فلو كان خطأ فالحكم كذلك. وقال بعض الحنابلة ان المخطئ في قتل الصيد لا شيء عليه. وهو مذهب الظاهرية فاعتبروا القيد في قوله متعمدا قيدا معتبرا. لا موضحا وهو الصواب. قوله ولا يكون جوابا لسؤال سائل. مثاله لما جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال انا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء. فان توضأنا به عطشنا. افنتوضأ ماء البحر فقال صلى الله عليه وسلم هو الطهور ماؤه. فلا يقال مفهومه ان غير ماء البحر ليس بطهور. لانه جواب سؤال سائل فيكون مفهومه مفهوم موافقة لا مخالفة. لانه جواب سؤال سائل. قوله ولا سيق للتفخيم. كقوله تعالى استغفر لهم او لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم. فلا يقال مفهومه انه ان زاد عن السبعين غفر لهم. لانه سيق للتفخيم او الامتنان. قوله ولا لبيان حادثة اقتضت بيان الحكم في المذكور كحكمه صلى الله عليه وسلم على المسلمات. لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر ان تحد على رجل الا على زوج اربعة اشهر وعشرة. فلا يقال ان مفهومها ان غير المؤمنات لا تحد على زوجها. كالكتابية بل حكمها المسلمات. الاصل ان القيود معتبرة لا موضحة. ويقال لمن ادعى انه موضح ما الدليل؟ النسخ. قوله فصل والنسخ وهو ثابت بالكتاب والسنة واتفاق العلماء. ولم يخالف الا شرذمة قليلة لا عبرة بها. وحده ما ذكره بقوله هو رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر عنه. فالحكم الشرعي مخرج للحكم اللغوي ونحوه. فهو خاص بالاحكام. فلا نسخ في الاخبار قوله الشرعي مخرج نحو الحكم اللغوي ونحوه. قوله بدليل شرعي مخرج لغيره. قوله متأخر عنه قيد رابع. ويمكن ان ان تكون العبارة المذكورة بعده وهي قوله ولا يشار اليه الا بعد تعذر الجمع بين النصين من كل وجه قيدا خامسا. والذي النسخ الاحكام الخمسة الواجب والمستحب والحرام والمكروه والمباح فقط. وهو موجود بالكتاب والسنة وليس بكثير النسخ بعرف المتقدمين كل نص اتى بزيادة قيد فيدخل به الخاص بعد العام والمستثنيات. واما المراد هنا فهو قليل فلم يذكر في القرآن الا بنحو اثنين وعشرين موضعا. وتتبعت فلم يسلم منها الا نحو خمس ايات فقط. فهو والمتفق عليه. مثاله اية الوصية كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين اقربين بالمعروف حقا على المتقين. فهي نائب فاعل كتب. فنسخ هذا بالاتفاق باية المواريث. فقال صلى الله عليه وسلم لا وصية للوارث ومثله عشرون صابرون يغلبوا مئتين وايكم من الذين كفروا بانهم قوم لا يفقهون. فنسخت بقوله ايكم منكم مائة صابرة يغلب مائتين. ومثله اية المناجاة. كان الصحابة مأمورين يا ايها الذين امنوا اذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة. ذلك خير لكم واطهر فان لم تجدوا فان الله غفور رحيم. ولم تمكث الا مدة يسيرة حتى نسخت. وقيل انه لم يعمل بها الا علي فتعد من فضائله. قوله والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بانفسهم فيهن اربعة اشهر يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا. فاذا بلغن اجلهن فلا ناح عليكم فيما فعلن في انفسهن فيما فعلن في انفسهن بالمعروف. والله بما اتعملون خبير؟ قال انها ناسخة للتي بعدها. وهي وصية لازواجهن متاعا الى الحول غير اخراج فهي تعد من غرائب النسخ. لان الاول نسخ الثاني. وقيل ان الاول واجب والثاني مستحب. وهو اصوب لعدم الاعتراض على النسخ. فقيل ان الاولى في المصحف هي الاخيرة بالنزول. ولكن قدمت في التلاوة. ومسألة التبني تدخل في رفع البراءة الاصلية لا من باب النسخ. لان حد النسخ رفع الحكم الشرعي. واية حبس الزانية حتى تموت. قيل انها منسوخة باية الرجم. والصواب انه ليس بنسخ. واية لا يحل لك النساء من بعد. فهي ناسخة منتقدة. ولكن انها خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم. اية السيف نسخت نحو سبعين اية. واية المتعة وهي فما استمتعتم منهن فاتوهن اجورهن فريضة. على القول بانها مرادة فهي منسوخة. وهو قول جمهور المفسرين. قوله ولا يشار اليه الا بعد تعذر الجمع بين النصين من كل وجه باتفاق الاصوليين انه لا يسار الى النسخ الا مع للجمع بين النصين ولو لم يكن من وجهه بل من بعض الوجوه. القياس. قوله واما القياس هذا هو الاصل الرابع. واما احده فهو قوله فهو تسوية فرع غير منصوص عليه باصل منصوص عليه اذا كانت العلة واحدة بحيث لا يكون بينهما فرق ويسمى عدل واعتبار فاعتبروا يا اولي الابصار. وميزان الله الذي انزل احسن الكتاب بالحق والميزان فلا بد من واحد اصل اثنان فرع ثلاثة علة موجبة اربعة حكم. مثاله واحد الاصل اثنان الفرع الفأرة. ثلاثة العلة قوله صلى الله عليه وسلم انها من الطوافين عليكم. اربعة الحكم هو الامر الرابع في حكم عليها جميعا بالحكم الذي نص عليه. مثال اخر واحد البر اصل اثنان الرز فرع ثلاثة كونه مكيلا هو العلة. اربعة فالحكم عليها جميعا. وهكذا سائر الحبوب. مثال اخر واحد الاصل الخمر نان الفرع النبيذ اي المسكر بان تم له ثلاثة ايام. ثلاثة العلة الاسكار اربعة فالحكم واحد ولكن بعض العلماء قال ان النبيذ المسكر منصوص عليه بقوله صلى الله عليه وسلم والخمر ما خامر العقل فهو منصوص علي. قوله وهذا مبني على الجمع بين المتماثلين في الحكم والتفريق بين المتخالفين. ذكره ابن القيم في الاعلام ردا على الزنادقة الذين اوردوا الاسئلة على الشريعة بارائهم انها متناقضة. الفرق بين السبع والضبع. فالسبع فيها سبعية خبيثة بخلاف الضبع. ولم يخالف في القياس الا شذاذ من الاصوليين. وكثير من اهل الظاهر قوله وهو حجة عند جمهور الاصوليين. ويتفاوت تفاوتا كثيرا في قوته وضعفه كقياس الرز على البر مهم. قوله ومن القواعد المقررة القاعدة اصل جامع يرجع اليه في مسائل العلم. واخذها العلماء من كلام الله والرسول الكتاب والسنة. كقوله صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات. وقوله من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. الميزان للاعمال الباطنة. حديث عمر انما الاعمال بالنيات. وحديث من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد ميزان للاعمال الظاهرة. ومنه ويحل لهم الطيبات. يأمرون بالمعروف. وما جعل عليكم في الدين من حق حرج لا يكلف الله نفسا الا وسعها. النوع الثاني تؤخذ من تتبع المسائل التي حكم بها الشارع. فاذا تتبعت فوجدت ترجع الى معنى واحد وعلة واحدة. وحكمه واحد. فيجعلون هذه العلة هي القاعدة. فالقواعد اما من لفظ الشارع او من معنى يستفيد الانسان بالقاعدة فائدتين احدهما ضبط المسائل المذكورة. ويبين المسائل التي لم ينص عليها فاذا حدث مسألة ولم ينص عليها فاذا كان عندك القاعدة وهي الاصل فتستدل بها عليها. قوله ان اليقين لا يزول الشك ويتفرع عنها القاعدة الثانية. وهي والاصل بقاء ما كان على ما كان. ويدخل فيه مسائل كثيرة من الطهارة والصلاة والصيام والحج والطواف وغير ذلك. فلا تحصر مسائلها. ويدل له حديث عبدالله بن زيد مرفوعا لا ينصرف حتى يسمع صوت او يجد ريحا فقد يكون لا يسمع ولا يشم. فالمراد حتى يتيقن ويتحقق. فالاصل الطهارة بالاشياء كلها حتى يتيقن. فالروث والعظم الاصل انها طاهرة. ومن اعظم ما قالوا لو رأى كلبا هوى الى اناء فرفع رأسه منه وفمه رطب. فالاصل انه لم يلغ فيه حتى يتيقن. ومنه الصلاة لو شك هل صلى ثلاثا او اربعة؟ فاذا شك فبالاتفاق ان كان غلبة الظن ففيه خلاف. الصواب انه يبني على غلبة ظنه. ومنه الطواف والسعي ورمي الجمار والمعاملات اذا ادعى زيد على عمرو اي شيء دينا او عقدا او اي شيء من المعاملات فالاصل انه لم يعقد معه وليس عليه شيء حتى نتى تيقن بالبينة وهو مأخوذ من هذه القاعدة ومن الحديث البينة على المدعي. وكل من ثبت عليه حق وادعى براءته منه اصل خلاف دعواه. والانكحة والطلاق وتعليقه والرضاع والعتق والوقف والوصايا. قوله ولا يزال الضرر بالضرر. هذه ويتفرع عنها القاعدة التالية لها. وهي قوله والضرورات تبيح المحظورات. قال في شرح التحرير هذه القاعدة تحتوي على نصف العلم لان الشرع مبني على جلب المصالح ودرء المفاسد. فدرء المفاسد مأخوذ من هذه القاعدة. فالضرر اما الدين كالشرك او العقل كالخمر او المال كالغضب او العرض كالقذف او البدن كالفقر فيلزم كل واحد ان الضرر عن نفسه واهل بيته وجاره فيحرم على الجار المضارة بجاره كالكنيف والدق ونحوها. ومن هذا الباب النهي عن بيع على بيع اخيه المسلم وشرائه على شرائه. فالاصل الاباحة وانما حرمت لاجل الضرر بالمسلم. وابلغ منه الخطبة او كالقضاء والاذان والامارة والامامة. وليس لامثلتها حصر. ومن اعجب مسائلها وجوب اكل الميتة ونحوها اذا اليها ونكاح الحر المملوكة عند الضرورة ومثلها محظورات الاحرام. لما اعترض المعري الخبيث بقوله يد بخمس عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار تناقض ما لنا الا السكوت له. وان نعوذ بمولانا من النار اجابه بعضهم بقوله لما كانت امينة كانت ثمينة ولما خانت هانت واحسن منه جواب بعضهم بقوله كما قطعت بربع دينار حفظا للاموال. وكانت ديتها خمسمائة حفظا للابدان والنفوس. عز الامانة اغلاها ارخصها ذل الخيانة فافهم حكمة الباري. قوله والعجز يسقط الواجبات. العجز قسمان. قسم يعجز عما يجب على غيره كالفقير يعجز عن الحج والزكاة. والاعمى عن الجهاد. وكمسائل المنكرات. فهذه الامور تجب على احد دون احد القسم الثاني الذي يجب عليه. فاذا عجزت عنه فتارة يسقط عنك مرة واحدة وتارة يسقط الى بدله. فالاول نفقة اذا لم يجد سقط. والثاني كالصيام. اذا اعجزه كبر او مرض لا يرجى برؤه سقط. واطعم عن كل يوم مسكينة وهذه القاعدة داخلة في القاعدة التي بعدها. وهي قوله والمشقة تجلب التيسير. فدخل فيها اعذار الجمعة والجماعة واعذار السفر كلها كالجمع والقصر وما خفف في النفل دون الفرض كالصلاة جالسا وعلى الراحلة والشرب اليد مسيري ولو عمدا فهذه قاعدة جامعة ودليلها قوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. وما من معاملة يحتاج اليها الا رخص فيها لحاجة الناس اليها. كالسلم بالموزونات والعرايا. وكل عقد منع عنه الناس غنية بغيره عنه. ومن زعم انه مضطر له فهو كاذب. وفيها من المفاسد اضعاف ما يزعمون انه مصلحة. والاصل ان النجاسة لا تزال الا بالماء. الا محل الاستجمار والنعلين فيجزئ مسحهما على الصحيح بخلاف المذهب. واجازه تخفيفا وتيسيرا لكثرة ملاقاتها النجاسة. بخلاف ما اذا كانت على اليد ونحوها. ذكر صاحب المنقور ان الاستجمار قد يتعين في مسألتين احدهما اذا لم يمكن الاستنجاء الا بكشف عورته امام الناس. والثانية اذا كان معه ما لا يكفي وضوءه الا اذا استجمر فيتعين انتهى نصه وهو وجيه ودليله قولهم ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. قوله والرجوع الى العرف في كثير من الامور. هذه قاعدة نافعة جامعة. يدخل فيها اغلب ابواب الفقه. فرد الشارع كثيرا من المكلفين الى ما يتعارفه الناس بينهم ولم يحددها. فاذا ورد عن الشارع حكم فان حده فذاك والا فيرجع فيه الى العرف في مسائل منها النفقات والعشرة بين الزوجين والحرز في السرقة والقبض في البيوعات والتفرق في مجلس الخيار ومنها مسائل الحيض فلم يحده النبي صلى الله عليه وسلم بشيء. فعلمنا انه يرجع الى عادة الناس واما تحديد بعض الفقهاء باقله واكثره ونحوه فليس عليه دليل. ولذلك قال صاحب الانصاف ان الرجوع الى العرف هو الذي لا يسع النساء العمل الا به. ومثله السفر ورخصه. فلم يحده الشارع. اما عده الناس سفرا فهو سفر يبيح الاحكام في السفر وكذا المرض فكل ما عده الناس مرضا فهو مرض يبيح احكامه. ومثله التراضي بالبيع فلم يحده بصيغة او قول فكل ما عده الناس بيعا فهو بيع. ومثله الاجارة وسائر المعاملات. اما النكاح فقال شيخ الاسلام انه ينعقد بكل فيما تعارفه الناس خلافا للمشهور ومثله الطلاق والفسوق والعتق والوصية والوقف. ومثله العيوب جميعا في المعاملات كلها. فلما لم يحده الشارع رجع فيه الى العرف. قوله والاصل في العبادات المنع فلا يشرع منها الا ما شرعه الله ورسوله والاصل في العادات الاباحة. فلا يحرم منها الا ما حرمه الله ورسوله. هذا نص عبارة شيخ الاسلام في اقتضاء الصراط استقيم فهاتان قاعدتان. قال شيخ الاسلام ان عليهما نصوص احمد وجمهور العلماء. ودليل الثانية قوله تعالى والذي خلق لكم ما في الارض جميعا. فخلقه لبني ادم واباحه اكلا وشربا واستعمارا وانتفاعا الا بدليل امنعه. ودليل الاولى قوله تعالى ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله. قوله وكل ما دل على مقصود المتعاقدين في العقود والمتعاملين في المعاملات كلها فهي اعم من الاقوال والافعال انعقدت به العقول هذه قاعدة عظيمة دل عليها الكتاب والسنة واصلح ما يدل عليها قوله صلى الله عليه وسلم انما الاعمال وقوله تعالى الا ان تكون تجارة عن تراض منكم. فقوله فان طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه فكلوه هنيئا مريئا. وهذه عامة على المذهب الا في مسألة واحدة وهو النكاح. فلا ينعقد الا بالنكاح والتزويج. واذا اعتق امته وجعل عتقها صداقها. وعند الشيخ لا يستثنى شيء ابدا. قوله والمقاصد والنيات تعتبر في المعاملات. كما تعتبر في العبادات. هذه اعم من الاولى. فالاولى داخلة في ضمنها تزيد هذه بان العبرة بما نواه المتعاقدان. فلو نويا عقدا محرما وتحيلا عليه بحيلة غير جائزة فلا يجوز فكل حيلة تحيل بها على ترك واجب او فعل محرم فيقصد سببا حلالا لاجل الحرام فهي محرمة. ولا تجوز كقلب الدين اذا ارادوا ان يتوصلوا اليه بصورة ظاهرها انه حلال فهو محرم ويدخل في هذه القاعدة جميع الاشياء وابواب العلم وكتب الفقه. التعارض والترجيح قوله ويعمل عند التعارض باقوى المرجحات. هذه قاعدة فاذا تعارض دليلان احدهما يدل على جواز المسألة والاخر على عدمه فيقدم الاقوى بان يكون اصح او يكون له ما او يوافق اصلا منصوصا عليه او يكون له مصلحة فيقدم على ضده. ولذلك قال ولذلك قد يعرض للمفضول من المرجحات ما يصير به مساويا للفاضل او افضل منه. الاصل ان الصلاة افضل ويليها القراءة ويليها الذكر. فالذكر في الرجوع افضل من القراءة. ومثله جميع الاوراد المعينة باوقات او اسباب فهي افضل من القراءة. وفي عرفة ومزدلفة افضل من القراءة. او يكون اذا دعا حضر بقلبه احضر من الصلاة والقراءة فيدعو. ومن هذا الباب يستفيد به الانسان ما ذكره العلماء بالتفضيل بين العبادات. فالاصل ان كل ما كان انفع للعبد واصلح لقلبه فهو افضل. فالحكم يدور مع علته. ولذلك قال الامام احمد انظر ما هو اصلح لقلبك فافعله. والله اعلم تم والحمد لله وحده. وصلى الله وعلى محمد وعلى اله وصحبه وسلم