المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم لكم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. سبح اسم ربك الاعلى الذي خلق فسوى والذي يأمر تعالى بتسبيحه المتضمن لذكره وعبادته. والخضوع لجلاله والاستكانة لعظمته وان يكون تسبيحا يليق بعظمة الله تعالى بان تذكر اسماؤه الحسنى العالية على كل اسم بمعناها الحسن وتذكر افعاله التي منها انه خلق المخلوقات فسواها اي اتقنها واحسن خلقها والذي اخرج المرء والذي قدر تقديرا تتبعه جميع المقدرات فهدى الى ذلك جميع المخلوقات. وهذه هداية العامة التي مضمونها انه هدى كل مخلوق لمصلحته. وتذكر فيها نعمه الدنيوية. ولهذا قال فيها اي انزل من السماء ماء فانبت به انواع النبات والعشب الكثير. فرتع فيها الناس والبهائم وكل حيوان ثم بعد ان استكمل ما قدر له من الشباب الوان نباته وصوح عشبه هو اي اسود اي جعله هشيما رميما. ويذكر فيها نعمه الدينية. ولهذا امتن الله باصلها ومنشأها. وهو القرآن فقال اي سنحفظ ما اوحينا اليك من الكتاب ونوعيه قلبك فلا تنسى منه شيئا وهذه بشارة كبيرة من الله لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ان الله سيعلمه علما لا ينساه يا الله انه يعلم الجهر وما يخفى. الا ما شاء الله مما اقتضت حكمته ان ينسيكه لمصلحة بالغة ومن ذلك انه يعلم ما يصلح عباده. اي فلذلك يشرع ما اراد ويحكم بما يريد. وهذه ايضا بشارة كبيرة ان الله ييسر رسوله صلى الله عليه وسلم لليسرى في جميع اموره ويجعل شرعه ودينه يسرا. فذكر بشرع الله اي ما دامت الذكرى مقبولة والموعظة مسموعة سواء حصل من الذكرى جميع المقصود او بعض ومفهوم الاية انه ان لم تنفع الذكرى بان كان التذكير يزيد في الشر او ينقص من الخير لم تكن الذكرى مأمورا بها بل منهيا عنها فالذكرى ينقسم الناس فيها قسمين منتفعون وغير منتفعين. فاما المنتفعون فقد ذكرهم الله بقوله سيذكر من يخشى الله تعالى فان خشية الله تعالى وعلمه بان سيجازيه على اعماله توجب للعبد الانكفاف عن المعاصي والسعي في الخيرات. واما غير المنتفعين فذكرهم بقوله وهي النار الموقدة التي تطلع على الافئدة اي يعذب عذابا اليما من غير راحة ولا استراحة. حتى انهم يتمنون الموت فلا يحصل لهم كما قال تعالى لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها. اي قد وربح من طهر نفسه ونقاها من الشرك والظلم. ومساوئ الاخلاق. اي اتصف ذكر الله وانصبغ به قلبه فاوجب له ذلك العمل بما يرضي الله. خصوصا الصلاة التي هي ميزان الايمان. فهذا معنى الاية الكريمة واما من فسر قوله تزكى بمعنى اخرج زكاة الفطر. وذكر اسم ربه فصلى انه صلاة العيد. فانه وان كان داخلا في اللفظ وبعض جزئياته فليس هو المعنى وحده. بل تؤثرون الحياة الدنيا. اي تقدمونها على الاخرة وتختارون نعيمها المنغص المكدر الزائل على الاخرة. وللاخرة خير من الدنيا في كل وصف مطلوب. وابقى لكونها دار خلد وبقاء وصفاء. والدنيا دار فناء. فالمؤمن العاقل لا اختاروا الاردأ على الاجود ولا يبيع لذة ساعة بطرحة الابد. فحب الدنيا وايثارها على الاخرة. رأس كل خطيئة ان هذا المذكور لكم في هذه السورة مباركة من الاوامر الحسنة والاخبار المستحسنة الذين هما اشرف المرسلين سوى النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فهذه اوامر في كل شريعة. لكونها الى مصالح الدارين. وهي مصالح في كل زمان ومكان