بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم واغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين. امين. دخل الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب الخوف عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من احد الا ربه ليس بينه وبينه ترجمان. فينظر ايمن منه فلا يرى الا ما قدم. وينظر اشأم منه فلا يرى الا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى الا النار تلقاء وجهه. فاتقوا النار ولو بشق تمرة. متفق عليه. بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى وعن علي ابن حاتم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ما منكم من احد الخطاب هنا للصحابة رضي الله عنهم ويدخل في ذلك من بعدهم من المؤمنين. ما منكم من احد الا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان قال والترجمان هو الذي ينقل الكلام من لغة الى لغة او من لسان الى لسان. فينظر يعني الانسان هذا الاحد ينظر ايمن منه اي من الجانب الايمن فلا يرى الا ما قدم. وينظر اشأم من اي من الجانب الايسر فلا يرى الا ما قدم. يعني من صالح الاعمال ومن سيئها. وقيل ينظر ايمن منه فلا يرى الا ما قدم يعني من صالح العمل وينظر اشأم منه فلا يرى الا ما قدم يعني من سيء الامل. فاليمين للعمل الصالح والشمال للعمل السيء وينظر تلقاء وجهه يعني امامه وقبالة وجهه فلا يرى الا النار تلقاء وجهه. قال عليه الصلاة والسلام فاتقوا النار اي اجعلوا بينكم وبين عذابها وقاية. اجعلوا بينكم وبين اسباب دخولها وقاية. ولو بشق تمرة يعني ولو ان يتصدق احدكم بشق تمرة يعني ببعض تمرة. وفي رواية ولو بكلمة طيبة. والكلمة الطيبة هي الكلمة الطيبة في ذاتها وفي اهدافها وغاياتها. ففي هذا الحديث فوائد منها او اولا اثبات الكلام لله عز وجل. وانه سبحانه وتعالى يتكلم بكلام مسموع. بحرف وصوت كما قال الله تعالى وكلم الله موسى تكليما. وقال عز وجل ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه. وقال عز وجل وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله. وفيه ايضا ان كلام الله عز وجل متعلق بمشيئته فالكلام صفة ذاتية باعتبار اصلها وهو صفة فعلية باعتبار افرادها واحادها وانه سبحانه وتعالى متى شاء تكلم بما شاء. وفيه ايضا دليل على الحث على الاستعداد اليوم الاخر ومنها ايضا الحث على التزود من الاعمال الصالحة. لان الانسان يوم القيامة لن ينفعه الا عمله الصالح. ولهذا قال تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا. وبهذا نعرف اعني التزود من الاعمال الصالحة. به نعرف خطأ ما يفعله بعض الوعاظ جهلا منهم وهو انهم حينما يذكرون الناس ويعظونهم لا يحثونهم على العمل الصالح. فتجد ان واعظ او المذكر يحيي قلوب الذين امامه بالموعظة والتذكير باليوم الاخر ولكنه يغفل عن امر من اهم وهو العمل الصالح. لان لان التذكر والاعتبار والاتعار اذا لم يقرن بعمل صالح فان انه لا فائدة منه لن ينجيك يوم القيامة الا ما عملته من اعمال صالحة. وفيه ايضا دليل على الحث على الصدقة ولو بالشيء القليل فالقليل مع النية الحسنة يكون عند الله كثيرا كما قال عز وجل فمن يعمل مثقال قال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. وقال تعالى وما تفعلوا من خير فان الله به عليم. فكل ينفقه الانسان ويبذله ابتغاء وجه الله تعالى سواء كان قليلا ام كثيرا فانه يجد ثوابه واجره مدخرا عند الله تعالى. وفيه ايضا دليل على الحث على الكلمة الطيبة. والكلمة الطيبة صدقة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم والكلمة الطيبة صدقة. والكلمة الطيبة قد تكون طيبة في ذاتها بان تشتمل على ذكر الله تعالى من تعليم العلم وارشاد الجاهل والامر بالمعروف والنهي عن المنكر الى غير ذلك وقد تكون الكلمات طيبة باعتبار غاياتها واهدافها. وذلك في الكلام المباح اذا قصد الانسان به الخير ادخال السرور على الحاضرين. فاذا تكلم بكلام مباح يقصد بذلك حصول المودة والمحبة والالفة. ويقصد بذلك دفع السآمة والملل. وادخال السرور على الجالسين. ليحصل التآلف والمحبة بينهم فان هذا الكلام وان كان في اصله وفي ذاته ليس طيبا لكن باعتبار اهدافه وغاياته يكون طيبا. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. وصلى الله على نبينا محمد