بسم الله الرحمن الرحيم. قال النووي غفر الله له ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. في باب الوعظ والاقتصاد فيه معاوية ابن الحاكم السليمي رضي الله عنه قال بين انا اصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بابصارهم فقلت واثقل امياه ما شأنكم تنظرون الي؟ فجعلوا يضربون بايديهم على افخاذهم. فلما رأيتهم لكني سكت. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبابي هو وامي ما رأيت معلما قبله ولا بعده احسن تعليما منه فوالله ما قهرني ولا ضربني ولا شتمني. قال صلى الله عليه وسلم ان هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن؟ او كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله اني حديث عهد بجاهلية قد جاء الله بالاسلام وان منا رجالا يأتون الكهان. قال فلا تأتهم. قلت ومنا رجال يتطيرون. قال ذاك شيء يجدونه صدورهم فلا يصدهم. رواه مسلم. بسم الله الرحمن الرحيم. تقدم الكلام على حديث معاوية ابن الحكم. وما فيه من المسائل والاحكام ونستكمل بمشيئة الله ما تبقى من ذلك فيستفاد من هذا الحديث جواز رواية الحديث بالمعنى وذلك بان ينقل الحديث بلفظ غير اللفظ الذي روي في قوله ان هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس انما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن او كما قال صلى الله عليه وسلم. وهذا رواية للحديث بالمعنى ورواية الحديث بالمعنى جائزة بشروط اربعة الشرط الاول ان تكون من عارف بالمعنى. يعني يعرف المعنى في اللغة العربية ومراد الذي روى عنه. والشرط الثاني ان تدعو الضرورة الى رواية الحديث بالمعنى بان لا يكون حافظا للفظه فيرويه بالمعنى والشرط الثالث الا يكون من الالفاظ المتعبد بها كالفاظ الاذكار فانها ذاته وبالمعنى والشرط الرابع ان يقرن في حديثه ما يشعر ان هذا الحديث روي بالمعنى بان يقول كما قال صلى الله عليه وسلم او كما اخبر صلى الله عليه وسلم او في معنى الحديث او نحو ذلك وفي هذا الحديث ايضا دليل على بيان ما كان عليه اهل الجاهلية من الضلالة ومن الجهل ولهذا سموا اهل جاهلية لفرط جهلهم ومنها ايضا تحريم اتيان الكهان وهم الذين يخبرون عن المغيبات في المستقبل بواسطة استعمال الشرك الشياطين واتيان الكهان لا يخلو من اربع حالات الحالة الاولى ان يأتيهم اتيانا مجردا من غير سؤال. فهذا حرام لقوله امورا كنا نفعلها وفي الجاهلية كنا نأتي الكهان قال النبي صلى الله عليه وسلم فلا تاتوا الكهان والحال الثانية ان يأتي الى الكهان ليسألهم سؤالا مجردا من غير تصديق. فهذا عقوبته الا تقبل له صلاة اربعين يوما لقول النبي صلى الله عليه وسلم من اتى كاهنا او عرافا فسأله لم تقبل له اربعين يوما والحال الثالثة ان يأتي الى القرآن ليسألهم ويصدقهم ويعتبر قولهم. فهذا كفر مخرج من الملة بقول النبي صلى الله عليه وسلم من اتى كاهنا او عرافا فصدقه فقد كفر بما انزل على محمد صلى الله عليه وسلم والحال الرابع ان يأتي الى الكهان ليختبرهم وليبين بطلان ما هم عليه. فهذا جاهز بل قد يكون مطلوبا وواجبا ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ابن صياد فقد خبأ له خبيئا فقال ما خبأت لك؟ فقال ابن الصياد الدخ الدخ. يعني الدخان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اخسء فلن تعدوا قدرك وفي هذا الحديث ايضا دليل على تحريم التطير. وانه مناف للتوحيد او لكماله. ومنها ايضا ان ما يقع في القلب من التطير مما ليس في مقدور الانسان لا يلام الانسان عليه. لقوله ذاك شيء يجدونه في صدورهم. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم ما منا الا ولكن الله يذهبه بالتوكل يعني ما منا الا من يتطير ومن يتشائم ولكن الله يذهبه بالتوكل والاعتماد على الله. ومنها ايضا تحريم انصراف الانسان عن عمله. والعمل بما تطير به. بحيث يكون هذا التطير مانعا له من الاقدام على ما يريد ان يفعل لقوله عليه الصلاة والسلام ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم. فلا يجوز الانسان اذا وقع في قلبه شيء من التطير ان يعمل بما وقع في صدره والتغير يدفع بامرين بامر قولي وامر فعلي. اما الامر القوري فان يقول اللهم انه لا يأتي بالحسنات الا انت. ولا يذهب السيئات الا انت. ولا اله غيرك واما الدواء الفعلي فان يعتمد على الله عز وجل ويتوكل عليه ويفوض امره اليه ولا اه يسترسل مع هذا التشاؤم وهذا التطير وعلى هذا من وقع في قلبه شيء من التطير فانه يأتي بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم. اللهم انه لا يأتي الا انت ولا يصرف السيئات الا انت. ولا اله غيرك او نحو ذلك فهذا مما يذهب ما في قلبه من التطير مع الاعتماد على الله عز وجل وتفويض الامر اليه. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. وصلى الله على نبينا محمد