هذا الدرس يعتبر مجلس علم والنبي صلى الله عليه وسلم يقول من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقه الى الجنة. فالذي يتابع مثل هذه الدروس احتسبوا الاجر عند الله عز وجل هو في عبادة. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين. اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم. اللهم علينا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا ونسألك اللهم علما نافعا ينفعنا ربنا اتم من لدنك رحمة وهيئ لنا من امرنا رشدا نواصل ايها الاخوة التعليق على السلسبيل في شرح الدليل ونحن في المجلد الاخير وكنا قد وصلنا بالسلسبيل في شرح الدليل الى كتاب القضاء والقضاء معناه في اللغة القضاء مصدر قضاء يقضي قضاء فهو قاض اذا حكم ويطلق في اللغة على معان منها امضاء الحكم وهذا هو المقصود هنا ومنه قول الله عز وجل وقضينا الى بني اسرائيل في الكتاب ويطلق ايضا على احكام الشيء والفراغ منه. فقضاهن سبع سماوات وتعريفه عند الفقهاء تبين الحكم الشرعي والالزام به وفصل الخصومات تبيين الحكم الشرعي عندما نقول تبيين الحكم الشرعي هذا عام يدخل فيه القضاء ويدخل فيه الافتاء والتوجيه والارشاد هذه كلها فيها تبين للحكم الشرعي والالزام به هذا قيد خرج به الفتوى لان الفتوى ليس فيها الزام. الفتوى غير ملزمة بخلاف القضاء فانه ملزم واولى في التعريف وفصل خصومات يعني بين الغرض من القضاء وهو فصل خصومات اه قطع النزاع والفرق بين القظا والافتاء الفرق بين القضاء والافتاء من جهة الالزام فالفتوى غير ملزمة والقضاء ملزم فهذا هو الفرق لكن الالزام الالزام في القضاء هذا يعني اه من ابرز مميزاته ولذلك قال عمر رضي الله عنه في كتابه الذي كتبه لابي موسى الاشعري رضي الله عنه قال فانه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له فانه لا ينفع تكلم بحق لا نفث له فاذا كان القاضي سيحكم ولكن لن ينفذ حكمه؟ ما الفائدة كما قال عمر هذا لا ينفع لابد من الالزام بحكم القاضي وولي الامر هو الذي يلزم. وقد اصبحت هناك محاكم خاصة بالتنفيذ والالزام متخصصة في هذا لكن ايهما اخطر؟ القضاء ام الفتوى الفتوى اخطر من جهة ان الفتوى لا تقتصر على المستفتي فليعملوا بها غيره وتصبح حينئذ منهجا يؤخذ به بخلاف القضاء الذي يقتصر حكمه على المقضي عليه ولا يسري على غيره لكن القضاء من جهة اخرى اخطر من جهة انه ملزم. وقد يكون غير صواب بينما الفتوى ليس بها الزام فاذا لم يطمئن المستفتي للفتوى فله ان يستفتي غيره له ان يستفتي غير من افتاه فاذا يعني الفتوى اخطر من جهة والقضاء اخطر من جهة اخرى وكلاهما فيه مسؤولية عظيمة ولذلك فعلى المفتي وعلى القاضي ان يستشعر عظم هذه المسؤولية الاصل في مشروعية القدر كتاب والسنة والاجماع اما ان الكتاب فقول الله عز وجل يا داوود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم فاحكم بين الناس بالحق وقوله سبحانه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم فان جاؤوك فاحكم بينهم او اعرض عنهم وان تعرض عنهم فلا يضروك شيئا يعني ربما في الطبعة وان تعرض عنهم من غير يعني اضافة بقية الاية لعلها تظاف النسخة المعدلة. وان تعرظ عنهم فلن يظروك شيئا اما السنة فمن السنة من دلالة القول حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما للنبي صلى الله عليه وسلم قال اذا حكم الحاكم فاجتهد ثم اصاب فله اجر اذا حكم فاجتهد فاخطأ فله اجر واحد. متفق عليه وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يقضي بين الناس ومن ذلك قضاؤه في اختصام علي وجعفر وزيد في كفالتي بنت حمزة وقضاؤه بين الزبير وجاره واقضيت كثيرة وايضا ولى القضاة بعث عليا الى اليمن وغيره بعث عليا قاضيا وغيره وهكذا الخلفاء الراشدون من بعده تولوا منصب القضاء منصب القضاء منصب شريف فيه فضل عظيم لمن قوي عليه وقد قام به الانبياء عليهم الصلاة والسلام فكانوا محكومون لاممهم وكذلك الخلفاء الراشدون وبعض كبار الصحابة وبعض الكبار متابعين وفيه نصرة للمظلوم وردع للظالم وامر معروف ونهي عن المنكر ودعوة وارشاد وتوجيه ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لا حسد يعني لا غبطة الا في اثنتين رجل اتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل اتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها. متفق عليه قوله فهو يقضي بها ويعلمها هذا ثناء لمن اعطاه العلم فقضى وعلم ثم ان القاضي اذا تحرى العدل والقسط باحكامه فانه يرجى ان يكون من المقسطين والمقسطون يحبهم الله عز وجل كما قال سبحانه ان الله يحب المقسطين والمقسطون على منابر من نور كما اخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيكفي ان القاضي اذا كان يتحرى القسط والعدل ما استطاع انه ينال هذا الشرف العظيم ان يكون من المقسطين الذين يحبهم الله عز وجل ولاجل علو مرتبة ومنصب القضاء جعل فيه اجر مع الخطأ فاذا اجتهد القاضي وبذل وسعه ان اصاب له اجرا وان اخطأ له اجر واحد. ولبعض اهل العلم كلام في التحذير من القضاء واستدلوا ببعض الاحاديث المروية في ذلك ومن احاديث بريدة القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار. واما الذي في الجنة فرجو عرف الحق فقضى ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار هذا الحديث اخرجه ابو داوود والترمذي وابن ماجة واستدلوا كذلك بحديث ابي هريرة من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين. اخرجه ابو داوود والترمذي واحمد وامتنع بعض السلف من القضاء كابن عمر كذلك من الائمة الامام ابو حنيفة والامام الشافعي وجماعة من اهل العلم في شتى الامصار لكن هذا محمول على تورعهم وما ورد من الحديث التحذير من القضاء كحديث القضاة الثلاثة ومن ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين فهذا محمول على اه من لا يحسن القضاء او عنده هوى اما انه يجهل ولا يحسن القضاء. او ان عنده هوى اما من عنده قدرة على ان يحكم بالحق والقسط فلا يدخل في ذلك لان القضاء منصب شريف ويكفي ان الانبياء عليهم الصلاة والسلام قد ولوا هذا آآ المنصب والناس لابد لهم من قضاة يحكمون ويفصلون في خصومات فلو ان اهل الفضل تركوا هذا المنصب تولواه اناس من غير اهل الفضل فيحدث من الشر ما الله به عليم ولذلك ينبغي لاهل الفضل والعلم ان يلو هذا المنصب فان من قام بهذا المنصب بحقه فله اجر عظيم عند الله عز وجل ويكفي انه يكون مقتديا ومتأسيا بالانبياء عليهم الصلاة والسلام قال المصنف رحمه الله وهو فرض كفاية يعني تولي القضاء فرض كفاية على الامة اذا قام به بعض من يكفي سقط الاثم عن الباقين. لان امر الناس لا يستقيم بدونه وكان واجبا وطباع البشر مجبولة على التظالم ومنع الحق وقل من ينصف من نفسه والاصل في الانسان الظلم والجهل وليس الاصل فيه العدالة كما قال الله تعالى وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا وكما قال المتنبي في بيته المشهور والظلم من شيم النفوس فان تجد ذا عفة فلعلة لم يظلم فالبشر لو لم يوجد تقاظ والزام وفصل في الخصومات ربما ان بعظ الناس يعتدي على بعظ وبعظ الناس يسلب حق بعظ يضرب بعضهم بعضا فلابد من القضاء الذي يفصل في الخصومات ويردع الظالم وينصف المظلوم قال فيجب على الامام ان ينصب بكل اقليم قاضيا. اي ان اختيار القضاة من مهام الامام والامام هو الرئيس الاعلى في الدولة الذي يكون الملك او السلطان او الامير او الرئيس فيجب عليه ان يعين في كل منطقة او بلدة قاضيا بحسب ما تدعو اليه الحاجة. ويختار لذلك افضل من يجد علما عبارة عن يعني على الامام ان يختار القظا افظل من يجده في العلم والورع لانه نائب عن المسلمين فيجب عليه ان يختار ما هو الاصلح لابد من العلم ولابد من الورع والمؤلف جمع بين العلم والورع لان العلم فيه القوة والقدرة على عمل القضاء والورع فيه الامانة والقوة والامانة هما ركنان اي عمل وجميع نظريات الادارة قديما وحديثا ترجع الى هذين الامرين القوة هو الامانة ان خير من استأجرت القوي الامين قال عفريت من الجن انا اتيك به قول ان تقوم من مقامك واني عليه لقوي امين فاشار المصنف للقوة بقوله علما واشار الامانة بقوله ورعا فالعلم معناه ان يكون عنده آآ قدرة على عمل القضاء وعلم المقضي كيف يقضي بين الناس ويكون عندهم من العلوم الشرعية ما يؤهله للفصل والقضاء في الخصومات وكذلك الورع يكون عنده ورع وديانة والفرق بين الورع والزهد ان الورع ترك ما يضر في الاخرة واما الزهد ترك ما لا ينفع. ترك ما لا ينفع في الاخرة وبذلك يعلم ان الزهد اعلى مرتبة من الورع الورع ترك ما يضر فيجتنب المحظورات والمشتبهات اما الزهد فهو ترك ما لا ينفع في الاخرة ليس فقط يترك المحظورات والمشتبهات بل يدع بعض المباحات التي لا تنفعه في الاخرة من اجل ان يرتقي الى الكمالات قال ويأمره بالتقوى وتحري العدل اي ولي الامر عندما ينصب قاضيا فينبغي ان يأمره بتقوى الله عز وجل تحري العدل لان هذا هو العدل والفصل بين الخصومات هو الغاية من القضاء. وتصح ولاية القضاء والامارة منجزة ومعلقة يعني يصح تولية القضاء معلقا ومنجزا. وهكذا الامارة يصح تولية الامير امارة معلقة ومنجزة مثلا تولية القضاء يقول وليتك القضاء الان الامارة وليتك والامارة الان معلقة ان مات القاضي فلان فقد وليتك القضاء ان مات امير جيش ففلان بدله ونحو ذلك وشرط لصحة التولية كونها من امام او نائبه فيها. يعني يشترط له صحة تولة القضاء ان تكون من الامام او نائبه لان ولاية القضاء من المصالح العامة فلا تجوز الا من جهة الامام او نائب الامام والعادة الان ان نائب الامام هو الذي يقوم بذلك يعني مثلا عندنا في المملكة العربية السعودية المجلس اعلن القضاء والذي يتولى هذه الامور فهم ينوبون عن الامام في هذه المهام وان يعين له ما يوليه فيه الحكم من عمل وبلد يعني يشتغل صحته للقضاء ان يحدد الامام للقاضي موضع قضائه من عمل او بلد. المراد بالعمل ما يجمع مدنا وقرى متفرقة وما يسمى في وقتنا الحاضر بالمنطقة والبلد يعني المدينة والقرية مثل ان يقول مثلا عينتك في منطقة الرياظ في بلدة اه مثلا الدلام مثلا او بلدة الخرج او حريملة واي بلدة من البلدان. او عينتك في منطقة مكة المكرمة في محافظة جدة مثلا ثم ذكر المؤلف صيغة توليه القضاء قال والفاظ التولية الصريحة سبعة وليتك الحكم او قلدتك وفوضت او رددت او جعلت اليك الحكم واستخلفتك واستنبتك في الحكم الظاهر كلام المؤلف ان اه صيغ تولي القضاء تنحصر في هذه الصيغ التي ذكرها المصنف اه ذكر سبعة الفاظ فاذا وجدت فيحصل بها تولية القاضي والاقرب والله اعلم انها لا تنحصر في هذه الالفاظ التي ذكرها المصنف وانما يكون ذلك باية عبارة تفيد تولية القضاء كأن يقول اصبتك قاضيا او اقضي بين الناس او يصدر امر سلطاني او امر ملكي مثلا بتعيينه قاضيا هذا بحد ذاته كاف وهذا هو الذي عليه عمل المسلمين من قديم الزمان فلا ينحصر تولية القاضي بالفاظ معينة قال المصنف رحمه الله والكناية نحو اعتمدت او عولت عليك ووكلت او استندت اليك لا تنعقد بها الا بقرينتك نحو فاحكم او فتولى ما عولت عليك فيه قال والكناية يعني كناية تولية القضاء المؤلف يرى ان تولية القاضي لها الفاظ صريحة الالفاظ السبعة التي ذكرها. وايظا الفاظ كناية ولم يحصرها في الفاظ معينة وانما ضرب هذه الامثلة التي ذكرها وسبق ذكرنا ان يعني تورية القضاء لا تنحصر في الفاظ معينة لا صريحة ولا كناية بل تكون بكل ما دل عليها لكن ربما ان المؤلف يتكلم يعني عن ما هو موجود في زمنه ربما يعني كانت فيما سبق تولية القضاء تكون شفهيا يعني لا يصدر بذلك شيء مكتوب وتكون شفهي. يقول الامام لاحد العلماء وليتك القضاء فيذكرون هذه الالفاظ. اما في الوقت الحاضر اصبح ذلك الان يكون باوامر سلطانية ويكون باشياء مكتوبة ومرتبة. فيعني اختلفت الامور كثيرا فاذا القضاء تكون بكل ما دل عليها بكل صيغة تدل عليها انتقل المؤلف بعد ذلك في هذا الفصل الى بيان مهام القاضي وما يدخل في اختصاصه قال وتفيد ولاية الحكم العامة فصل الخصومات ولاية الحكم العام يعني التي اطلقها الامام ولم يخصها بامر معين قول العام احترازا من الولاية الخاصة فانها تتخصص بما خصصت به قال فصل الخصومات. هذا الامر الاول ما تفيده الولاية العامة للقضاء يعني الفصل بين المتخاصمين واخذ الحق ودفعه للمستحق هذا هو الامر الثاني ان يأخذ الحق ممن هو عليه وان يدفعه لمن يستحقه فالقاضي يجبر المحكوم عليه بتنفيذ الحكم وفي الوقت الحاضر يعني اصبح هناك محاكم متخصصة في هذا تسمى محاكم التنفيذ والنظر في مال اليتيم والمجنون والسفيه والغائب هذا ايضا من مهام القاضي ان ينظر في مال اليتيم الذي ليس له ولي ولا وصي وان ينظر في مال السفيه كذلك الذي ليس له ولي ولا وصي وان ينظر في مال الغائب الذي ليس له وكيل والحجر لسفه وفلس. هذا الامر الرابع من مهام القاضي ان يحجر على السفيه وعلى المفلس والحذر نوعان حذر لحظ على الانسان حظ نفسه وحذر على الانسان حظ غيره ومن انواع الحدر على الانسان لحظ نفسه الحجر على السفيه ومن انواع الحجر على الانسان الحظ غير الحجر على المفلس فالسفيه يحجر عليه السفيه الذي يبذر ماله ويذهبه ويصرفه في غير مواضعه الصحيحة فهذا يحجر عليه وهكذا ايضا المفلس الذي دينه اكثر من ماله اذا طالب الغرم بالحج عليه فان القاضي يحجر عليه والنظر في الاوقاف لتجري على شرطها هذا هو الامر الخامس من مهام القاضي وهو ان ينظر في الاوقاف التي في نطاق عمله وينظر لكون هذه الاوقاف تجري على شروطها ام لا وهذه المهام تقوم بها المحاكم وفي وقتنا الحاضر اصبح هناك بعض الجهات تقوم بهذه الاعمال ومنها هيئة الاوقاف فهي تنظر في مدى قيام الناظر بنظارته ومدى تنفيذه لشروط الواقف ونحو ذلك وتزويج من لا ولي له وهذا الامر السادس من مهام القاضي وهو ان يزوج المرأة التي ليس لها ولي اولها ولي ولكنه ليس اهلا للولاية قد ورد في ذلك حديث السلطان ولي من لا ولي له فهذه امور تفيدها ولاية القاضي وايضا ولاية القاضي تفيد غير ذلك كتنفيذ الوصايا واقامة الحدود وبعض الفقهاء ايضا جعل من مهام القاضي امام الجمعة والعيد اذا لم يكن هناك امام في البلد وجباية وخراج وزكاة ما لم يخص بعامل طبعا هذا كان في السابق اما الان فقد اختلف الوضع هذه بالطبع الامور التي ذكرها المصنف وغيرها هذه ليست منصوصا عليها لكن جرى العرف ان القاضي يتولى هذه الامور فاذا تغيرت الاحوال فيكون تولي القاظي المهام بحسب اه العرف قال ولا يفيد الاحتساب على الباعة ولا الزامهم في الشرع. اي لا يستفيد القاضي من تولية القضاء ولاية الحسبة على التجار الذين يبيعون في الاسواق اه الزامهم بالشرع لان العادة لم تجري بتولي القاضي ذلك والقول الثاني في المسألة ان ما يستفيده القاضي بالولاية لا حد له شرعا بل يتلقى من اللفظ والاحوال والعرف وهذا هو القول الراجح في المسألة قال ولا ينفذ حكمه في غير محل عمله. يعني ولاه ولايته في محل خاص فينفذ حكمه في من يقيم في هذا المحل. ولو جاء اليه صفة عارظة لكن لا ينفذ حكمه في غير مكان عمله. لانه لم يدخل على ولايته فلو ان قاضيا مثلا نصب في مدينة الرياض لم ينفذ حكمه لمتخاصمين في مكة لان مكة خارج ولايته. ثم انتقل المؤلف للكلام عن شروط القاضي. قال ويشترط في القاضي عشر خصال. كونه بالغا عاقلا وهذا بالاجماع. لان الصبي والمجنون لا ينفذ قوله في حق نفسه. في حق غيره من باب اولى ذكرا هذا الشرط الثالث ان يكون من يتولى القضاء ذكرا فلا تتولى المرأة القضاء عند جماهير الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لن يفلح قوم ولوا امرهم امرأة ولان المرأة ليست اهلا لحضور محافل الرجال والاختلاط بالرجال والاصل في المرأة انها تقرب البيت كما قال الله تعالى وقرن في بيوتكن وذهب الحنفية الى صحة تولية المرأة القضاء في غير الحدود والقصاص قالوا لان شهادتها في ذلك مقبولة وصار قضاؤها فيه صحيحا قياسا على الشهادة لان كلا منهما ولاية وهذا قول ضعيف والصواب ما ذهب اليه الجمهور هو الذي عليه العمل في بلاد المسلمين ولا يصح قياس الشهادة على القضاء او قياس القضاء على الشهادة لا يصح قياس القضاء على الشهادة لانه قياس اه مع الفارق وذلك لان ولاية القظو ولاية عامة بخلاف الشهادة فانها ولاية خاصة والقظاء ملزم والشهادة غير ملزمة. ويشترط في القظاء الاجتهاد ولا يشترط هذا في هذا والقضاء ولاية تستدعي من القاضي تصدى لسماع البينات والفصل بين خصوم على الدوام بخلاف الشهادة مجرد الادلاء بها عند القاضي وفي الشهادة ورد النص بصحة شهادة المرأة بينما القضاء فما ورد يفيد عدم الجواز ليفلح قوم ولوا امرهم امرأة ولذلك لم يرد في العصور الثلاثة المفظلة ان امرأة تولت القضاء وهكذا ايضا في اعصار المسلمين السابقة وهذا يشبه ان يكون يا جماعة عمليا على ذلك الشرط الرابع حرا اي ان يكون القاضي حرا فلا يصح ان يتولاه العبد لان العبد مشغول بخدمة سيده فهو ليس مؤهلا للقضاء. مسلما هذا هو الشرط الخامس الاسلام وهذا محله اجماع فلا يجوز ان يولى الكافر القضاء لقول الله تعالى وليجعل الله الكافرين على المؤمنين سبيلا عدلا فلابد ان يكون قاضي عدلا يعني ظاهر العدالة عفيفا عن المحارم والتقي للمآثم فلا يصح ان يولى الفاسق القضاء لان الفاسق لا يجوز ان يكون شاهدا فلا يصح ان يكون قاضيا من باب اوله ولان فاسق لا يؤمن من ان يحيف في آآ الحكم وان يجور فيه سميعا وهذا هو الشرط السابع لان القاضي يحتاج الى ان يسمع كلام الخصوم والاصم لا يسمع فلا يكون مؤهلا للقضاء بصيرا بصيرا يعني هذا هو الشرط محل خلاف يعني ان يشترط ان يكون القاضي بصيرا فلا يصح ان يكون قاضي اعمى وهذا هو مذهب الجماهير يعني الذي عليه المذاهب الاربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة لان الاعمى لا يعرف المدعي من المدعى عليه ولا الشاهد من الشهود عليه. ربما اشتبهت عليه الاصوات وربما حكم بمن ليس له الحق وذهب بعض الفقهاء الى ان هذا الشرط لا يشترط وانه يصح تولية الاعمى القضاء وهذا القول رواية عند الحنابلة لان الاعمى يدرك بحسه السمعي ما يدركه البصير ويعرف الاصوات ويميزها وربما يكون بعض العميان اذكى من كثير من المبصرين كما نراه في الواقع واكثر فطنة ونباهة وهذا هو القول الراجح انه يصح ان يكون قاضي اعمى وهو الذي عليه العمل وقد ثبت في الواقع ان بعض القضاة العميان قاموا بمهام القضاء بكل كفاءة واقتدار فمن ذلك شيخ المشايخ الشيخ محمد ابراهيم رحمه الله الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله والشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله هؤلاء كلهم اثبتوا كفائتهم في القظا بل آآ تميزوا تميزا كبيرا بسرعة الفصل بين الخصوم وحسن القضاء فهذا مما يرجح هذا القول وهو عدم اشتراط البصر في القاضي وانه يصح ان يكون قاضي اعمى. متكلما هذا هو الشر التاسع ان يكون القاضي متكلما فلا يصح ان يكون قاضي اخرس لان الاخرس يقولون لا يمكن النطق بالحكم ولا يفهم الناس اشارته ففي توليته القضاء نوع من النقص ربما يشير باشارة لا يفهمها بعض الخصوم ولذلك وربما يحكم ايضا في امور كبيرة في الدما وفي الاعراض ونحو ذلك فكونه لا يتكلم هذا يعتبر نقص فلا يولى القضاء اذا كان اخرس مجتهدا هذا هو الشرط العاشر ان يكون قاضي مجتهدا والمجتهد هو العالم باحكام الكتاب والسنة والاجماع والخلاف وطرق الاجتهاد ويدل لهذا الشرط قول الله عز وجل انا انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله. بما اراك الله وايضا الحديث السابق حديث بريدة القضاة ثلاثة ويدل على انه لابد من ان يكون القاضي عالما بما يحكم ولهذا ذكر من القوات الذين في النار رجل قضى للناس على جهل فهو في النار هذا يدل على اشتراط العلم في القاضي ونقل ابو محمد بن حزم الاتفاق على اشتراط هذا الشرط وان كانت المسألة خلافية ذهب بعض العلماء الى انه يجوز ان يتولى القضاء المقلد في المذهب اذا كان لا يستطيع اخذ الحكم من كتب امامه والراجح قول جمهوره هو انه اشتاط الاجتهاد في القاضي لكن الاجتهاد على نوعين اجتهاد مطلق وهو الاجتهاد في اقوال العلماء كلهم بحيث يطبق هذه الاقوال على النصوص واختار ما يراه صوابا والثاني الاجتهاد المقيد او الاجتهاد داخل المذهب لا يخرج عن المذهب ولا يطالع اقوالا سوى المذهب لكنه يجتهد داخل المذهب ويقارن بين الاقوال في المذهب ويعرضه على الكتاب والسنة ويعرفوا الراجح من المرجوح وهذا النوع الثاني اشار اليه مصنف بقوله ولو في مذهب امامه للضرورة يعني ان الاجتهاد المقيد في المذهب يصح ان يكون هذا المجتهد قاضيا للظرورة اذا لم يوجد غيره لئلا يتعطل القضاء بين الناس. هذه الشروط العشرة ينبغي مراعاتها ما امكن ولكن في بعض الامصار والاعصار ربما يتعذر اجتماع هذه الشروط. لغلبة الجهل ورقة الديانة وضعف العدالة وعلى هذا اذا فقد ما تتوفر فيه جميع هذه الشروط فيراعى تولية القضاء الامثل فالامثل ولا يترك منصب القضاء ولا يترك منصب القضاء. ثم انتقل المؤلف بعد ذلك للكلام عن التحكيم قال فلو حكم اثنان فاكثروا بينهما شخصا صالحا للقضاء نفذ حكمه في كل ما ينفذ فيه حكما ولاه الامام او نائبه هذا يسمى التحكيم وصفته ان يحكم خصمان فاكثر بينهما رجلا واكثر مما يصلح للقضاء فاذا حكم بينهما نفذ حكمه ولزمهم العمل به وقد اصبح التحكيم الان معمولا به في جميع دول العالم وعندنا هنا في المملكة العربية السعودية اصبح معمولا به وله نظام واجراءات والتحكيم يكون في الامور المالية ولهذا قال الوزير ابن غبيرة قال اما في اللعان والقصاص والنكاح والحدود والقذف فلا يجوز ذلك اجماعا. يعني اجماع المذاهب الاربعة كما هو مصطلح الوزير ويدل لذلك حديث ابي شريح وفيه انه قال يا رسول الله ان قوم اذا اختلفوا في شيء رضوا بي حكما فاحكموا بينهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ذلك لحسن اخرجه ابو داوود والنسائي وتحاكم عمر وابي ابن كعب الى زيد ابن ثابت وتحاكم عثمان وطلحة الى جبير بن مطعم ولم يكن احد منهما قاضيا وبعض الناس وبعض الجهات يفضلون التحكيم على القضاء لكونه اسهل واسرع في الاجراءات. لكن اذا حكم المحكمون فلا يكون حكمه نافذا الا بتصديق من المحكمة فاذا صدقت ذلك الحكم المحكمة اصبح ملزما. قال ويرفع الخلاف فلا يحل لاحد نقضه حيث اصاب الحق يعني ان حكم المحكم في مسألة فان حكمه يرفع الخلاف بين الخصوم ولا يجوز لغيره نقض ما حكم به ما دام حكمه موافقا للحق وذلك لان حكمه نافذ وملزم كالقاضي ولكن اذا اصاب الحق ويفهم من ذلك ان المحكم ينقض حكمه اذا تبين خطأه واذا كان حكم القاضي المولى من الامام ينقض اذا تبين خطؤه فكيف بالمحكم؟ من باب اولى. ثم انتقل المؤلف بعد ذلك للكلام عن اداب القاضي قال فصل ويسن كون الحاكم اذا قال الفقهاء الحاكم يقصدون به القاضي واذا قالوا الامام يقصدون به من له السلطة الاعلى في الدولة كالملك والسلطان والامير ونحو ذلك لكن مصطلح الحاكم يراد به القاضي. ويسن كون الحاكم قويا بلا عنف. يعني يستحب ان يكون القاضي قوي الشخصية حتى لا يطمع فيها الظالم ويلعب عليه اهل الباطل لان القوي يهاب والظعيف يطمع فيه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لابي ذر اني لاراك ضعيفا واني احب لك ما احب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم وابو ذر رضي الله عنه يعني معروف بصرامته اذا يعني ذهب لرأي يعني يتمسك به. فكيف قاله النبي صلى الله عليه وسلم اني اراك ضعيفا قالوا ان الصلاة بفرأ وعدم التنازل عنه يعتبر ظعفا لا يعتبر قوة. القوة في المرونة انك تأخذ وتعطي تأخذ وتعطي ويمكن ان تتراجع عن رأيك اذا تبين لك الصواب هذه هي اما التمسك بالرأي فهذا قد يكون يعني صفة لبعض الناس فهذا لا يعتبر قوة وانما ضعفا. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لابي ذر اني لاراك ضعيفا لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم. رضي الله عنه وارضاه قال بلا عنف يعني يكون قويا لكن بلا عنف لانه اذا كان عنيفا اهابه صاحب الحق واذا كان ضعيفا ضاعت الحقوق. ولهذا قال المصنف بعدها لينا بلا ضعف يعني يكون قويا بلا عنف لينا بلا ضعف يعني لطيفا لكن من غير ضعف في الشخصية لئلا يهابه صاحب الحق ويعجز عن اظهار حجته فاذا يعني ينبغي ان يكون قاضي قويا بلا عنف لينا بلا ضعف. حليما حليما هذه الصفة ينبغي ان يتصل بها الجميع جميع الناس هذه ابرز الاخلاق الكريمة بل الحلم هو سيد الاخلاق. وهذه تتأكد من حق القاضي لئلا يغضب من كلام المتخاصمين فيؤثر ذلك على حكمه قد قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي طلب منه وصية لا تغضب قال الامام ابن القيم الحلم زينة العلم وبهاءه وجماله وضده يعني ضد الحلم الطيش والعجلة والحدة والتسرع وعدم الثبات فالحليم لا يستفزه. هنا في خطأ طباعي لا يستحقه نعلق يعني ويتابع معنا الدرس يعدلها لا يستفزون ان شاء الله تعدل في الطبعة القادمة. فالحليم لا يستفزه الذين لا يعلمون ولا يقلقه اهل الطيش والخفة والجهل بل هو وقور ثابت متأنيا يعني يكون قاضي ذا انات والاناة هي عدم التسرع والتؤدة فلا يكون عجولا لانه اذا ربما اخطأ في الحكم كما تقول العرب الخطأ زاد العجول فالمطلوب من القاضي الا يتعجل بل يدرس القضية من جميع الجوانب ويتأنى حتى يتصورها تصورا تاما ويستشير غيره من القضاة ومن غيرهم من اهل العلم والحلم والاناة من الاخلاق التي يحبها الله ورسوله كما قال عليه الصلاة والسلام لاشد ابن عبد القيس ان فيك خصلتين الله الحلم والاناة ولكن المقصود بالاناة يعني التثبت وعدم العجلة وليس المقصود بها التفريط والاضاعة القاضي الذي يتأخر كثيرا في الفصل بين خصوم من غير مبرر وكثير التأجيل ومتردد هذا لا يعتبر متأنيا بل هو مفرط فخلق الاناة خلق كريم بين العجلة والطيش وبين التفريط والاضاءة. متفطنا يعني ينبغي ان يكون القاضي ذا فطنة ونباهة وفراسة لئلا يخدعه بعض الخصوم فان بعض الخصوم عندهم ذكاء وعندهم دهاء فلابد ان يكون القاظي اذا حطنا وان يعرف دهاء وحيل بعظ الخصوم ولهذا قال اياس بن معاوية وكان مشهورا بالذكاء لست بالخبوة الخب يخدعني هذا ايضا عن عمر. وينبغي للقاضي ان يعرف واقع الناس واحوالهم وطرقهم في الحيل والخداع ولهذا قال ابن القيم معرفة الناس اصل عظيم يحتاج اليه المفتي والحاكم معرفة الفاظ الناس ومقاصد الناس وواقع الناس ايضا في تعاملاتهم هذا امر مهم للمفتي وللقاضي عفيفا العفيف هو الذي يكف نفسه عن الحرام وينبغي للقاضي ان يتصف بالعفة والنزاهة لانه اذا لم يكن كذلك ربما طمع فيه بعض الخصوم في استمالته بالمال ونحو ذلك بصيرا باحكام الحكام قبله يعني ينبغي ان يكون القاضي عارفا باحكام القضاة قبله وما الذي جرى عليه العمل القضائي حتى يجمع بين العلم والخبرة. ويستشير ايضا زملاؤه من القضاة من كان اكثر خبرة منه اكبر سنا يستشيرهم ولهذا قال عمر بن عبد العزيز القاضي لا ينبغي ان يكون قاضيا حتى يكون فيه خمس خصال عفيف حليم عالم بمن كان قبله يستشير ذوي الالباب لا يبالي بملامة الناس. هذه يعني ذكرها ذهبا ثم قال يجب ان هذا من الامور التي تجب ويجب عليه العدل بين خصمين في لحظه ولفظه ومجلسه والدخول عليه على القاضي ان يسوي بين خصمين في كل شيء حتى في نظراته والفاظه ومجلسه والدخول عليه لا يركز في النظر على احد ولا ينظر للخصم الاخر يعدل بينهما في الكلام لا ينادي احدا بكنيته والثاني يناديه باسمه المجرد مثلا يعدل بينهما في المجلس لا يكون هذا على كرسي وهذا على كرسي اقل منه مثلا او على الارض لا يقدم هذا في الدخول والاخر يؤخره فلا يفظل احد الخصمين على الاخر لان تفضيل احد الخصمين على الاخر يكسر قلب الخصم الاخر وربما يضعف عن القيام بحجته وقد جاء في حديث ام سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من ابتلي بالقضاء من المسلمين فليعدل بينهم في لحظه واشارته ومقعده اخرجه الدارقطني وبهقي لكنه حديث ضعيف من جهة الاسناد ويغني عنه ما جاء في كتاب عمر لابي موسى اس بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك. قال ان المسلم مع الكافر فيقدم دخولا ويرفع جلوسا. يعني اذا ترافع الى القاضي مسلم وكافر فيقدم للمسلم في الدخول على الكافر ويجعل مجلس المسلم اعلى وارفع من مجلس الكافر هذه المسألة يقولون انها مستثناة من التسوة بين خصمين في كل شيء هذا هو المذهب عند الحنابلة والشافعية وقالوا لان المسلم اعلى مكانة والاسلام يعلو ولا يعلى عليه والله تعالى يقول افمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون وذهب بعض الفقهاء الى انه لا فرق في مجلس القاضي بين مسلم والكافر فتجب المساواة بينهما في كل شيء هذا مذهب الحنفية والمالكية قالوا لان المطلوب من القاضي ان يحقق العدالة بين الخصوم وفي تفضيل المسلم على كافر ورفعه عليه في مجلس القضاء ترك العدل وفيه كسر لقلب الكافر وربما لا يستطيع ان يدري بحجته وهذا هو القول الراجح وهو مقتضى تحقيق العدالة حتى وان كان كافرا فان الله عز وجل يقول ولا يجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا اعدلوه اقرب للتقوى اما ما استدل به اصحاب القول الاول من الاية ليس فيها دلالة لهذه المسألة لان المراد بقول الله تعالى فمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون يعني لا يستوون عند الله عز وجل في الدار الاخرة ولا يشمل ذلك مجلس القضاء ويحرم عليه اخذ الرشوة. الرشوة يقولون مثلثة. الرشوة والرشوة والرشوة كلها صحيحة واشهرها الكسر وهي ما يعطى لانسان من مال لابطال حق او احقاق باطل. هذه هي الرشوة فيحرم على القاضي ان يأخذ الرشوة ورد في ذلك اللعن لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي ولا يجوز القاضي كذلك ان يقبل الهدية من شخص له خصومة. حتى لو كان يهدي له قبل القضاء لانه مهما كان الهدية له وقع في النفس واثر في استمالة القلب وقد جاء في حديث ابي حميد هدايا العمال غلول اما الهدية ممن ليس له خصومة فان لم تدر عادة القاضي فان لم تجري عادة المهدي اه بالاهداء للقاضي قبل ولاية القضاء لم يجز له ان يقبل هديته امن كان من عادته ان يهدي له قبل القضاء فلا بأس الا اذا كان له قضية منظورة فلا يجوز ان يقبل هذه الهدية حتى لو كان من عادته ان يهدي اليه قبل ولاية القضاء بالتهمة في ذلك وقد جاء في حديث ابي حميد ان النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على الصدقة فاتى وقال هذا لكم وهذا اهدي الي فعظم النبي صلى الله عليه وسلم شأن هذه المسألة وخطب الناس قال ايها الناس ما بال الرجل نستعمله؟ فيقول هذا لكم وهذا اهدي الي افلا قعد في بيت ابيه وامه فينظر يهدى اليه شيء ام لا والذي نفس محمد بيده لا يغل احدكم منها شيئا الا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه فاذا لا يجوز القاضي ان يقبل هدايا من الناس الا من رجل كان بينه وبينه عادة في التهادي اه قبل ولاية القضاء ولم يكن له قضية منظورة هذي الحالة الوحيدة التي يجوز للقاضي فيها ان يقبل الهدية. قال وان يسار احد الخصمين او يظيفه او يقوم له دون الاخر. يعني اذا ميز احدهم خصمين بان قام واسر له بسر او خاطبه سرا او يخصه بضيافة يضيفه او يقوم له مجلسه ويعظمه فهذا كله مخالف لمقتضى العدالة مطلوبه القاضي وفي اعالي حد الخصمين وكسر لخاطر وقلب الاخر وايضا يعني قاضي يجب عليه العدل بين الخصوم في كل شيء ويحرم عليه الحكم وهو غضبان كثيرا او حاقن او في شدة جوع او عطش او هم او ملل او كسل او نعاس او برد مؤلم او حر مزعج يعني لا يجوز القاضي ان يحكم يعني ان ينطق بالحكم بين خصوم مع وجود ما يخل بفكره ويشوش دهنه ومن ذلك ما ذكره المؤلف من هذه الامثلة كالغضب الشديد وما ذكر معه من الاحتقان ببول او شدة جوع او شدة عطش او وجود هم يقلقه او كسل شديد او نعاس او برد مؤلم او حر مزعج والاصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يحكم احد بين اثنين وهو غظبان اخرجه البخاري ومسلم لان القاضي اذا غضب لا يتصور الامور على الوجه الصحيح ويتشوش ذهنه فلا يتوصل الى اصابة الحق في الغالب وربما حمله الغضب على الجور في الحكم والانسان يعني عند الغضب تختل الموازين عنده وهكذا عند الحقد ايضا عند الحقد ايضا تختل الموازين عنده ربما يضخم الشيء اليسير ويهون الشيء الكبير. لذلك اخوة يوسف عليه الصلاة والسلام بمجرد ان يقال الى يوسف اخوه احب الى ابينا منا فقط يضخم هذه المسألة كثيرا اقتلوا يوسف او اطرحوه او قال يعني ضخموا هذا يعني هذه المسألة وفي المقابل هونوا من شأن القتل فيعني هذا بسبب الحقد الحقد يجعل الانسان يضخم الاشياء اليسيرة ويهون الاشياء الكبيرة وهكذا ايضا بالغضب ايضا كذلك وايضا ذكر المؤلف امرا تشوش الذهن وربما تؤثر على حكم القاضي من حبس البول وشدة الجوع والعطش والهم والملل والنعاس والحر والبرد اه بجامع اشغال القلب ونقاضي لن يكون صافي الذهن اثناء النطق بالحكم. فان خالف وحكم صح ان اصاب بحق يعني حكم القاضي في في الاحوال السابقة حكم مثلا وهو غضبان فيصح حكمه ان اصاب الحق لان النبي صلى الله عليه وسلم حكم في حال غضبه في قصة مخاصمة الانصاري والزبير في سراج الحرة التي يسقون بها النخل حيث ان الانصاري لما امر النبي عليه الصلاة والسلام الزبير بان ينقص بان يسقي الى الجذر قال ان كان ابن عمتك يا رسول الله غضب النبي عليه الصلاة والسلام فاستوفى للزبير حقه كله فدل ذلك على صحة حكم القاضي بهذه الحال ويحرم عليه ان يحكم بالجهل لا يجوز للقاضي ان يحكم بالجهل بالشرع او بالجهل بالواقعة وكما جاء في حديث بريدة القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار وذكر ان من الذين في النار رجل قظى للناس على جهل فهو في النار او هو متردد يعني اذا كان القاضي متردد في حكم الواقعة لا يجوز له ان يحكم لان التردد مبين للعلم به وهو ناشئ عن عدم احتدال الصواب فلا يحكم القاضي الا اذا جزم بان هذا هو الاقرب لحكم الله ورسوله فاحكم بين الناس بالحق واذا تردد عليه ان يستشير يستشير اهل العلم يستشير غيره آآ من القضاة ونحو ذلك فان استمر معه التردد ولم يجزم في القضية بشيء معين فانه يعتذر عنها ويطلب احالتها الى قاظ اخر. فان خالف حكم لم يصح ولو اصاب الحق يعني ان خالف القاضي ما ذكر وهو حرمة الحكم في حال الجهلة والتردد فحكم وهو جاهل او متردد لم يصح حكمه حتى لو اصاب حتى لو اصاب ويوصي الوكلاء والاعوان ببابه بالرفق بالخصوم وقلة الطمع يعني على القاضي ان يوصي آآ من لديه في مكتب القضاء من الوكلاء والاعوان والحجاب والرفق بالخصوم الذين يدخلون عليه. وعدم الطمع بما في ايديهم وان يكون قدوة لهم في ذلك والا يضيقوا على الناس لان احيانا الذين في مجلس القاضي من الكتاب والاعوان ربما يضيقون على الخصوم وينهارونهم او يؤذونهم او حتى ربما يأخذون الرشوة منهم ولذلك على القاضي المسؤولية في ان يوصي هؤلاء الاعوان بالرفق بالخصوم وقلة الطمع. ويجتهد في ان يكونوا شيوخا او كهولا من اهل الدين والعفة والصيانة يعني يجتهد القاضي في ان يكون وكلاؤه واعوانه من كبار السن او كهولا يعني فوق سن الشباب لان هؤلاء اكثر تجربة في الحياة وارجح عقلا ولهذا الانبياء عليهم الصلاة والسلام كانوا يبعثون وعمرهم اربعون وان يكونوا من اهل الصلاح العفة والديانة والاستقامة بخلاف ما لو كان الاعوان الذين عنده من الشباب الصغار فيعني ربما هؤلاء عندما تأتي امرأة او كذا ربما يحصل الفتنة ربما يتصرفون تصرفات غير مناسبة الكهل هو من تجاوز سن الشباب ولم يصل الى سن الشيخوخة ويباح له ان يتخذ كاتبا يكتب الوقائع يباح بعض فقهاء الحنابلة قالوا يستحب صاحب المبدع قالوا الاشهر انه يسن هذا هو الاقرب لان القاضي يحتاج الى من يساعده في الكتابة و تدوين المحاضر ونحو ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم استكتب زيد ابن ثابت ومعاوية والحاكم يكثر اشتغاله ونظره في امر الناس فيشق عليه ان يتولى كتابته بنفسه وفي وقتنا الحاضر يعني ينبغي ان يكون من من الاعوان اعوان القاضي من يجيد الحاسب الالي الان والكتابة عليه ونحو ذلك ويشترط كونه مسلما مكلفا عدلا يعني يشترط في الكاتب ان يكون مسلما مكلفا عدلا فلا يكون هذا الذي هو من عوان القاضي غير مسلم. والله تعالى يقول يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يؤلونكم خبالا. وقد روي ان عن ابي موسى انه وفد الى عمر ومعه كاتب نصراني فانتهى رواه عمر وقال لا تكرموهم اذا اهانهم الله ولا تدنوهم اذا اقصاهم الله ولا تأتمنوهم اذ خونهم الله. اخرجه البيهقي وكذلك يكون مكلفا لان الصبي والمجنون ليس من من اهل الولاية ويكون عدلا ايظا لان الكتاب امانة فاشترط لها العدالة ويسن كونه حافظ عالما يعني كاتب القاضي ينبغي ان تيسر ان يكون طالب علم يكون من اهل العلم والحفظ فهذا افضل ولان هذا يعينه على امر الكتابة والتحرير والظبط والاتقان ويعني يقولون انه ينبغي ان يكون حسن الخط لكن هو في الوقت الحاضر الان اصبحت الكتابة على اجهزة الحاسب الالي ولذلك نقول ينبغي ان يكون عنده مهارة الكتابة على الحاسب الالي واتقان مهارات الحاسب والمهارات التقنية فيعني هذا مما ينبغي ان يكون في في اعوان القاضي بعد ذلك انتقل المؤلف للكلام عن اه طريق الحكم وصفته وما يتعلق بذلك من مسائل واحكام هذه ان شاء الله نفتتح بها درسنا القادم والله الله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين