فهذا رجل اعمى لم يأذن له النبي صلى الله عليه وسلم بالتخلف عن الجماعة وفي اللفظ الاخر قال لا اجد خصلة لا اجد لك رخصة وصرح انه ليس له رخصة هل صحيح ان عدم ذهاب الرجل للصلاة مع الجماعة سبب في نزع البركة من حاله وماله وما الدليل على ذلك بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى اله واصحابه ومن اهتدى بهداه اما بعد فلا ريب ان الصلاة هي عمود الاسلام وهي اعظم الواجبات والفرائض بعد الشهادتين وقد دل على ذلك ايات كثيرات احاديث صحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فمن ذلك قوله عز وجل حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين قوله سبحانه واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين قوله سبحانه واقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر قوله سبحانه قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون الى ان قال والذين هم على صلواتهم يحافظون اولئك هم الوارثون الذين يجدون في دوسهم فيها خالدون قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤدوا الزكاة فجعلها غريزة التوحيد وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له هذا هو التوحيد وهذا هو معنى لا اله الا الله ثم قال بدأ ويقيم الصلاة قال سبحانه فان تابوا يعني من الشرك واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ودل على عظمتها وانها فريضة التوحيد قال سبحانه فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فاخوانكم في الدين قال النبي صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله واني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فاذا عصموا فاذا فعلوا ذلك عصموني دماءهم واموالهم الا بحق الاسلام ومن اهم واجباتها واعظم واجباتها اداؤها في الجماعة في حق الرجل حتى اوجبها الرب سبحانه في حال الخوف قال جل وعلا واذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلاة معك وليأخذوا اسلحتهم فاذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأتي طائفة اخرى لم يصلوا هل يصلوا معك وليأخذوا حذرهم واسلحتهم. الاية فاوجب صلاة الجماعة في حال الخوف وفي حال مصافة المسلمين لعدوهم الكافر فامرهم ان يصلوا جماعة وان يحملوا السلاح لئلا يحمل عليهم العدو وقال عليه الصلاة والسلام من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له الا من عذر واتاه صلى الله عليه وسلم رجل اعمى فقالوا يا رسول الله انه ليس لي قائد لئيم الى المسجد فهل لي من رخصة ان اصلي في بيتي فقال المصطفى عليه الصلاة والسلام هل تسمع النداء بالصلاة قال نعم قال فاجب خرجه مسلم في صحيحه وهو اعمى ليس له قائد يلائمه يعني يحافظ على الذهاب معه فاذا كان الرجل الاعمى الذي يسأله قائل يعتني به ويحافظ عليه ليس له رخصة بل عليه ان يذهب ويتحرى ويجتهد حتى يصل المسجد فكيف بحال القوي المعافى فالامر في حقه اعظم واكبر ثم التخلف ان صلاة الجماعة من اعظم الوسائل في التهاون بها وتركها بعد ذلك. فانه اليوم يتخلف وغدا يترك ويضيع الوقت لان قلة اهتمامه بها جعلتني الخلة عن ادائها في الجماعة وفي المساجد التي هي بيوت الله التي قال فيها سبحانه في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه وهي المساجد وهذا امر مجرب فان الذين يتخلفون عن الجماعة يسهل عليهم ترك الصلاة بادنى عذر وباقل سبب ثم بعد ذلك يتركونها بالكلية لقلة وقعها في صدورهم ولي لقلة عظمتها في قلوبهم فيتركونها بعد ذلك فترك الصلاة في الجماعة وسيلة غريبة وذريعة معلومة لفرقها بالكلية وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر خرجه الامام احمد في مسند وابو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة باسناد صحيح عن بريدة ابن حصين رضي الله تعالى عنه وخرج مسلم في الصحيح عن جابر ابن عبد الله الانصاري رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة وهذا يدل على انه كفر اكبر قال الكفر والشرك فاتى بكفر معرف والشيخ معرف وهذا دليل على ان المراد به الكفر الاكبر وان كان بعض اهل العلم وان كفر دون كفر اذا كان غير جاحد لوجوبها بل يعلم انها واجبة ولكن تساهل قد ذهب جمع كبير من العلم فكان بعضهم قال الاكثرين انه كفر دون كفر وانه لا يكفر الكفر الاكبر لكن الصحيح الذي قامت عليه الادلة انه كفر اكبر وهو ظاهر اجماع الصحابة قبل من خالفهم بعد ذلك