السلام عليكم. ايها الكرام سئلت مرارا عن برنامج ديرز نو كلاش الذي تقدمه مذيعة بريطانية بتمويل من مسلمين. نوكلاش يعني لا تصادم او لا تعارض. والمقصود لا تعارض بين العلم الرصدي التجريبي والقرآن. كيف يحاول البرنامج اثبات ذلك؟ تابعت عدة حلقات منه وجدت ان طريقة عمله هي كالاتي. اولا ما هي الموضة العلمية الشائعة هذه الايام؟ سنبحث في القرآن عن ايات نأخذ منها كلمات معينة يقطعها عن سياقها ونحملها من المعاني ونشكلها بحسب هذه الموضة العلمية. واذا كانت الابحاث العلمية تعطي ارقاما متضاربة فسنأخذ من هذه الارقام ما يوافق السيناريو الذي رسمناه للايات القرآنية. ثم نخرج على الناس بالخبر. القرآن ليس فقط لا يتعارض مع الحقائق العلمية بل هو الذي جاء بها قبل اكثر من الف واربعمائة عام. فنقول للناس ان قول الله تعالى فلا نقسم نسي الجواري الكنس يتكلم عن جسيمات هيكس بوزون الفيزيائية. وان اية الله نور السماوات والارض تتكلم عن نور الكوانتوم والضوء المنبعث من كلوروفيل للنباتات وهكذا. لا يحاول البرنامج فقط تطبيع ايات القرآن لتوافق الموضات العلمية الخلافية بل وايضا بخرافة تطور الانسان عن كائنات ادنى والتي اثبتنا بطلانها بالتفصيل في الحلقة الماضية. نموذجا لذلك حلقة من البرنامج بعنوان القرآن يثبت التطور والجذور الافريقية للانسان. حيث يدعي البرنامج ان سورة والتين والزيتون سبقت دارون الى القول بتطور الانسان عن كائنات ادنى. كيف؟ قالوا القرآن اختار التين والزيتون ليشكل الحدين الزمنيين الجنس البشري. حيث اشجار التين تطورت قبل ثمانين مليون سنة واشجار الزيتون تطورت من سلف لها قبل مليون ونصف مليون السنة ويقول البرنامج قبل ثمانين مليون سنة يعني بداية تطور البرايميتس. يعني الرئيسات التي يقولون انها الاجداد الحيوانية الاولى التي تطور عنها الانسان. بينما قبل واحد ونصف مليون سنة هي التاريخ الذي ظهر فيه شبه الانسان منتصب القامة. هومو اريكتاس احد اشباه البشر والمراحل الانتقالية المزعومة بين الحيوانات والانسان. فالقسم بالتين يشير الى تاريخ ظهور الرئيسات لانه متزامن مع ظهور التين قبل ثمانين مليون سنة والقسم بالزيتون يشير الى ظهور شبه الانسان منتصب القامة لانه متزامن مع ظهور الزيتون تطوريا تعالوا ندرس عناصر هذا الربط واحدا واحدا ونرى فيها الطريقة المتبعة في البرنامج بشكل عام. اولا رأينا في الحلقة الماضية حقيقة الخط التطوري المزعوم الذي يستند اليه البرنامج وكيف ان سيناريوهات التطورية غرقانة ملتوية غامضة معقدة بتصريحات الدارونيين انفسهم في اشهر مجلاتهم. وانهم لا يكادون يتفقون على شيء منها. فبرنامج نو كلاش اما انه يجهل هذه الابحاث هذه الاعترافات من الباحثين فيطوع ايات القرآن لهذه الخرافة ثقة في كلام عرابي الخرافة الشعبويين والمواقع التي تنام على المعلومات منتهية الصلاحية عشرات السنوات او ان البرنامج يدرك ذلك كله ومع ذلك يتجاهله ليزبط سيناريو نسبة التطور الى القرآن فالمشكلة الاولى هي في اخذهم بما ينسب الى العلم وكأنهم مسلمات وعدم الفرز بين الصحيح والخاطئ منه. ثانيا قالوا ان تطور زيتون مزامن لظهور الهوموريكتس. يعني شبه الانسان منتصب القامة. والذي ذكرنا في الحلقة الماضية ابحاثا لدارونيين تنفي وجوده اصلا وتقول ان ما سمي بشبه الانسان منتصب القامة ما هو الا انسان مثلنا. لكن لحظة لماذا اختار البرنامج هومو اريكتاس من بين الكائنات في الخط التطوري المزعوم. ليناسب كلمة تقويم في اية لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم. اخذوا وكلمة تقويم من السياق ليفسروها بانتصاب القامة ويربطوها بشبه الانسان المزعوم منتصب القامة. وكان الله تعالى يقصد بقوله لقد خلقنا الانسان كائنات سابقة لنا ولا يضعون الاية في سياقها اذ قال تعالى بعدها ثم رددناه اسفل سافلين والذي يدل على ان التقويم تقويم نفسي فطري كما بينا. فجعلوا لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم حديثا عن شبه انسان كائن مزيف في الواقع. في خط تطوري مزيف ايضا. ثالثا بماذا فسر البرنامج قوله تعالى ثم رددناه اسفل سافلين البرنامج المقصود بها نزول الانسان من جبل باثيوبيا. ليتفق مع ما قاله الدارميون عن ظهور الانسان الاول في اثيوبيا اسفل سافلين هي عندهم بمعنى نزل من جبل. مقطوعة تماما عن قوله تعالى بعدها الا الذين امنوا وعملوا الصالحات والتي تدل بوضوح على ان السفول في اسفل سافلين هو سفول روحي نفسي. ثم انا قد بينا يا كرام في الحلقة الماضية ان فكرة ظهور الانسان الاول في اثيوبيا قد تلاشت اصلا لدى الدارونيين باكتشافات لجماجم اقدم في المغرب وتنزانيا وتشاد وكينيا بل وخارج افريقيا كلها كما في الصين وغيرها مش مشكلة. خبرونا ما اخر اكتشاف وسنجد ايات اخرى يمكن تفسيرها لتناسب التقديرات الجديدة. نلاحظ في هذا كله يا كرام انعدام المنهجية في التعامل مع القرآن واخذ كلماته كانها هلامية مفككة تتقولب بحسب الطلب. رابعا البرنامج يفترض ان اتباع الخرافة انفسهم متفقون على هذه التقديرات لتطور الرئيسات قبل ثمانين مليون سنة ولتطور التين والزيتون كذلك. وهذا باطل ايضا. فهم مختلفون على ظهور الرئيسات بين قائل انها ظهرت قبل ستين مليون سنة ومنهم من يقول ثمانين ومنهم من يقول خمس وثمانين مليون سنة ومنهم من يقول غير ذلك. طيب اي اساس اخترتم ثمانين مليون سنة من بين هذه الارقام لبدء التطور المزعوم للرئيسات التي يدعى انها اسلاف الانسان يا برنامج نو كلاج ليس هناك اي اساس ولا منهجية. وانما المهم ان يزبط السيناريو المسوم لتوفيق هذا الرقم مع تطور التين كما سنرى طيب هناك دراسة بعدها منشورة في الفين وتمنتاش تقدر ان الرئيسات البرايمتس ظهرت قبل خمسة وستين مليون سنة. وتحيل هذه الدراسة على دراسات تنفي التقديرات السابقة بخمس وثمانين مليون سنة. فهذه دراسة احدث. فما رأيكم؟ هل ستبحثون عن اية اخرى في القرآن لتناسب هذا الرقم الجديد؟ وهل حين اقسم الله بالتين كان هذا خطأ في تحديد تاريخ تطور التين؟ تعالى الله عن ذلك. اما انكم تعبثون خبطونا بجهل وتجرؤ على كتاب الله تعالى. هذا عن التاريخ المزعوم لظهور الرئيسات. خامسا ماذا عن التين؟ والذي قالوا انه ظهر تطور مع الرئيسات. ادعى البرنامج ان الدراسة التي اشار اليها تذكر ان التين ظهر في افريقيا قبل ثمانين مليون سنة. اولا لا الدراسة اشاروا اليها ولا الخبر الذي تكلم عنها ذكر ان التين ظهر بداية في افريقيا. فهذا ادعاء غير صحيح من برنامج نو كلاش. ثانيا هل رقم ثمانين مليون سنة لظهور التين هذا هو رقم يتفق عليه الدارونيون؟ ايضا لا. وكما رأينا في حالة الرئيسات فهم مختلفون هنا ايضا فمنهم من يقول ان التين ظهر قبل ستين مليون سنة على الاقل ومنهم من يقول خمسة وسبعين مليون سنة وهذا فيما اطلعت عليه سريعا ولم الموضوع. علما بان هذه التقديرات في كل هذه الدراسات عن التين هي لظهور العلاقة المشتركة بين التين والحشرات التي تساعد في تلقيحه. والتي يعتبرونها لعمر التين نفسه. مرة اخرى هل ستبحثون عن ايات اخرى تناسب هذه التقديرات المتضاربة؟ ولا داعي لذكر التباينات في تقديراتهم لتوقيت ظهور الزيتون. فهذه الملاحظة الثالثة الانتقاء من الدراسات دون منهجية بما يتوافق مع النتيجة المحددة مسبقا فوضى في كل شيء. تلفيق سيناريوهات كمن يشكل لوحة من اخشاب متناثرة على سطح الماء. ثم لا تلبث الريح والامواج ان ان تفظها ظلمات بعظها فوق بعظ. ما يظهر هو ان القائمين على البرنامج لديهم حالة من ضياع البوصلة. عدم قدرة على التفريق بين العلمين الزائف والحقيقي فيأخذون ما يخرج علينا به بعض علماء الغرب كمسلمات وليست لدى البرنامج منهجية لغوية ولا شرعية وفي الوقت ذاته يشعرون بان ما يحسبونه علما يهدد ايمانهم بالاسلام وهم لا يريدون ترك الاسلام. فكانت النتيجة ما رأينا. واحيانا يا اخواني الشخص الذي يحاول خدمة الاسلام بجهل يضره اكثر ممن يهاجمه بوضوح وسوء نية. هذه الطريقة التي يمارسها البرنامج سواء في هذه الحلقة او في الحلقات الاخرى هي مهزلة بمعنى الكلمة. بينما وصف الله تعالى كتابه قائلا انه لقول فصل وما هو بالهزل. استخدام باطل في باطل في التعامل مع القرآن. بينما يقول الله تعالى وانه لكتاب عزيز. لا يأتيه الباطل من بين لديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. ورضي الله عن ابي بكر الصديق القائل اي ارض تقلني واي سماء تظلني اذا قلت في القرآن ما لا اعلم. تحولت الحلقة من حيث لا يعلم اصحابها الى استخدام للقرآن لاطفاء الشرعية على العلم الزائف. بحيث يخاف المتابع انه اذا في خرافة داروين فانهم قد يكون شكك في القرآن نفسه. انت تشك في تطور الانسان عن كائنات ادنى. اذا انت تشكك في سورة التين والزيتون والاهم من ذلك. هذه الطريقة من اخطر ما يكون في تضليل المسلمين. تأويل الايات تأويلا خاطئا يفرح به السطحيون من المسلمين ويزيدهم ايمانا ويقولون ها هو كتاب ربنا يحتوي على حقائق علمية. ثم تأتي دراسات اخرى تنفي صحة ما بنى المسلمون ايمانهم عليه. فبدلا من ان اذا فهذا كان تأويلا خاطئا وعبثا يهتز ايمانهم بالقرآن نفسه. كل هذا الهزل والتلاعب والتدليس والتفسيرات الباطنية يمارسها البرنامج من اجل ماذا؟ من اجل الاقناع بان القرآن هو الذي سبق الى القول بتطور الانسان عن كائنات ادنى. وهو ما اثبتنا في الحلقة الماضية انه خرافة وعقيدة داروينية عمياء. كل هذا من اجل الانتصار لخرافة تصادم صريح القرآن والسنة. امرا معلوما من الاسلام بالضرورة في ايات واحاديث كثيرة. ان الله خلق ادم بيديه وخلق منه زوجه. وهنا امر مهم اخواني. كل من يعبث بتفسيرات القرآن بهذا الشكل سيحاول اقناعك بان القرآن ليس له معان محددة هي الحق وغيرها الباطل. بل كل القرآن عنده متشابهات. ليس فيه ايات محكمة في المعنى. والله تعالى يقول منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات. وهذا ملمح في كل من يعبثون ده الشكل التشكيك في احكام معاني ايات القرآن عموما. لذلك فبرنامج نوكلاش يخصص حلقة بعنوان برفت محمد قرآن بيك النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يفسر القرآن. احذر ممن يقولون انه فسره احذر ممن يقولون لك ان النبي فسر القرآن. كانهم يقولون احذر ممن يتلو عليك قول الله تعالى وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون. لتبين للناس ما نزل اليهم من القرآن يا محمد. كانهم يقولون احذر ممن يتلو عليك قول الله تعالى لقد الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا ان قبلوا لفي ضلال مبين. يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب. فالتعليم فيه امر اضافي على التلاوة. وهناك احاديث كثيرة يفسر فيها النبي صلى الله عليه وسلم ايات القرآن. لكن الخائضين في القرآن بجهل يريدون عزل السنة عن القرآن ليسهل عليهم قولبة الايات كما تقترح اهوائهم. طبعا اخواني لا شك ان القرآن اشار الى حقائق علمية. كمراحل تخلق الجنين وتفاصيله في السحب والبرزخ بين البحرين وغيرها. لكن هذه كلها ليست تخاريف كتطور الانسان عن كائنات ادنى. بل حقائق اصبحت مشاهدة مرصودة. ودلالة القرآن عليها ظاهرة لا متكلفة ولا تحتاج هذا العبث الذي رأيناه. قد يقول قائل طيب يا اخي لماذا تنتقد هؤلاء الذين يحاولون اقناع الناس بان القرآن لا تعارضوا مع العلم حتى وان اخطأوا فمقصدهم نبيل. نبلوا المقصد يا اخواني لا يبرروا الضلال في القول على الله بغير علم. وفي تحريف معاني القرآن بهذا الشكل الاسلام لا يتسامح مع اي باطل ولا اي علم زائف. وما نراه باعيننا ان هذه الطريقة في المحصلة تؤدي الى اسقاط هيبة القرآن من نفوس المسلمين. لا في دخول غير المسلمين في الاسلام. فنسأل الله تعالى لنا وللقائمين على البرنامج الهداية. وان يرزقنا واياهم العلم النافع ويستعملنا واياهم في طاعته. والسلام عليكم ورحمة الله