الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين. اما بعد فهذا الدرس سيكون في التعليق على وصية الامام ابن قدامة رحمه الله وتكلمنا عن هذه الوصية بالامس وعن المؤلف ووصلنا الى المثل الذي ضربه المؤلف ومثل عظيم. قال واني خطر لي ان امثل هذه الدنيا واهلها يعني اراد المصنف ان يمثل هذه الدنيا واهل الدنيا بمثال عجيب قال كمثل اهل سفينة القتهم الريح في جزيرة في البحر. اهل السفينة القتهم الريح في البحر. في جزيرة. هذه الجزيرة فيها معادن الجواهر كلها النفيسة وغير النفيسة فيها الياقوت والزمرد وزبرجد واللؤلؤ والمرجان وفيها ايضا من المعادن غير النفيسة مثل العقيق والشيح وغير ذلك. وفيها حجارة وفيها النفيس وغير النفيس. قالوا وفيها انهار وبساتين ايضا الجزيرة هذه فيها حمى الملك السلطان. قد حد له حدودا واحاط عليه حائطا. وقال لا احد قد يأتي لهذا الحناء في خزائن الملك واماء وولدان نزل اهل السفينة في هذه الجزيرة وقيل لهم مقاومتكم في هذه الجزيرة يوم وليلة فقط. يوم وليلة ثم ترتحلون. اغتنموا مدتكم القصيرة فيما امكن في اخذ الجواهر الكثيرة من هذه الجزيرة. الحازمون اسرعوا الى تلك الجواهر ينتقون منها ويحملون الى مخازنهم في السفينة ويجدون ويجتهدون. ويعملون ليل نهار فاذا تعبوا تذكروا قدر تلك الجواهر وكثرة قيمتها وقصر اقامتهم في تلك الجزيرة وانهم اما قريب الراحلون منها فرفضوا الراحة وتركوا الدعا واقبلوا على الجد والاجتهاد. وان عرض لهم او تذكروا ذلك فذهبت عنهم لذة النوم وتمثلوا بقول القائل عند الصباح يحمد القوم فجعلوا طيلة الوقت يجمعون هذه الجواهر النفيسة. اخرون من الذين نزلوا على الجزيرة اخذوا من الجواهر شيئا واستراحوا في وقت الراحة وناموا وقت النوم. فرقة لم يتعرضوا للجواهري اصلا اثر النوم والراحة والفرجة. ايضا بعضهم اقبل على بناء المساكن والقصور والدور على هذه الجزيرة معا المقام فيها يوم ونصف يوم وليلة مقام فيها يوم وليلة فقط قوم اقبلوا على جمع الحجارة والصدف والاشياء غير النفيسة قوم تركوا هذا كله اقبلوا على اللعب واللهو وتشاغلوا باللذات وبالسواليف وسماعة حكايات وقالوا درة منقودة خير من درة موعودة يعني شيء مقدم احسن من شيء مؤجل موعود به. وهناك ايضا فرقة من هؤلاء الذين نزلوا على هذه الجزيرة انتهكوا حمى الملك. ولم يجدوا بابا كسروا الباب وفتحوا خزائن الملك وانتهبوا منها وعبثوا بجواريه وقالوا ليس لنا دار غير هذه الدار مع انه قيل لهم اقامتكم فقط يوم وليلة. ثم بعد ذلك قيل الرحيل نودي بالرحيل فارتحلوا عند الرحيل الذين حصلوا جواهر رحلوا مرتبطين فرحين مستورين الذين فرطوا في جمع الجواهر اشتد جزعهم على تفريطهم وقلة زادهم. الفرقة الثالثة كانوا اشد جزعا واعظم مصيبة وقيل لهم لا ندعكم حتى اه نحملكم ما اخرجتم من خزائن الملك في اعناقكم فارتحلوا على تلك الصفة حتى وردوا على مدينة الملك العظمى. فنودوا في المدينة. ان قد قدم في معادن الجواهر فتلقاهم اهل المدينة وتلقاهم الملك وجنوده واستنزلوه. وقيل لهم اعرضوا بضائعكم. اما اهل الجواهر النفيسة فعرظوا بظائعهم حمده الملك اثنى عليه وقال انتم خاصتي واهل مجالستي ومحبتي. لكم ما شئتم من كرامتي جعلهم ملوكا لهم ما يشاؤون ان سألوا اعطوا ان شفعوا شفعوا وان ارادوا شيئا حصل لهم. فاخذوا القصور الدور والحور والبساتين وركبوا المراكب. وصاروا ملوكا ينزلون في جوار الملك يجالسونه اليه ويزورونه الفرق الثاني قيل اين بضاعته؟ اين بضاعتكم؟ قالوا ما لنا بضاعة. قيل كنتم في ميعاد الجواب انتم وهؤلاء في موظع واحد؟ قالوا نعم لكن اثرنا الراحة والدعة بعضهم قال لا نحن اشتغلنا ببناء الدور والمساكن. وقال اخرون اشتغلنا بجمع الحصى والزلف والاشياء غير النفيسة تبا لكم اما علمتم بقصر اقامتكم ونفاسة الجوار التي عندكم؟ وان مقامكم في هذه الجزيرة قصير اما ايقظكم الايقاظ اما واعظكم الوعاظ؟ قالوا بلى لكن علمنا فتجاهلنا واوقظنا فتناومنا. فعظوا ايديهم ندمان وبكوا على التفريط دما. اما الفرقة الثالثة الذين انتهكوا حمى الملك فجاءوا يحملون اوزارهم على ظهورهم يائسين مبلسين حيارى زلت بهم القدم وحل بهم الندر. فامر الملك بسجنهم ومعاقبتهم فجروا اليه وقد ايقنوا بالعذاب. وجل امرهم عند العتاب. فامر الملك ايقاع العقوبة الشديدة عليهم لانهم عبثوا بحلم الملك وهم قد نهوا عن ذلك. يقول ابن قدامة هذا تقريب مثال الدنيا. ومن عمل فيها بالطاعة ومن استوعبها بالتفريط والاضاعة فهؤلاء الذين لما نزلوا في هذه الجزيرة يوم وليلة طيلة الوقت يجمعون الجواهر النفيسة هؤلاء مثلهم كمثل الذي يعمل صالحا في هذه الدنيا. يجمع جواهر حسنات كل يوم حسنات كل يوم حسنات. هذي اعظم من الجواهر حسنات من صيام وانافلة ومن صلوات ومن زكوات ومن اذكار فعندهم هذه النفائس قوم غلب عليهم الكسل والراحة يعني يعملوا لكن اعمال قليلة وقم تركوا ذلك كله انشغلوا باللهو وباللعب والتفاهات يقوم تجرؤوا على المعاصي تجرأوا شرب الخمور والزنا ونحو ذلك. مع ان مدة مقامهم في الدنيا قصيرة هذا مثل الدنيا. هذا مثل الدنيا. فهذا قرره الموفق ابو دانة رحمه الله. نحن الان ايها الاخوة في هذه الدار كما مر معنا بالامس في دار يتمناها الاموات. نحن في مرحلة من اخطر المراحل وهي مرحلة العمل الذي يعمل صالحا في هذه الدنيا يسعد السعادة الابدية. والذي يضيع عمره في لهو وفي غفلة وفي لعب وفي يندم الندم العظيم. وحياتك ايها الانسان فرصة واحدة غير قابلة للتعويض. ليست مجال للمغامرة والمخاطرة ان نجحت في هذا الاختبار العظيم الذي الذي نحن فيه سعدت السعادة الابدية. وان فشلت فيه خسرت الخسارة العظيمة مهما حققتم نجاحات في الدنيا. تبقى في النهاية خاسر. فالنجاح الحقيقي والفوز الحقيقي انما هو في طاعة الله عز وجل. فكل يوم تطلع شمس واعتبر ان هذا اليوم هبة من الله. لكي تعمل قل هذا اليوم ساتزود فيه بالاعمال الصالحة. اكثر من الصلاة من الاعمال الصالحة الصدقات الاذكار تلاوة القرآن هذه هذه هي النفائس التي يرتبط بها الانسان عندما يلقى ربه عز وجل فانظر الى هذا المثل البديع الذي ذكره ابن قدامة فالناس في الدنيا كهؤلاء الذين في هذه الجزيرة قيل لهم مدة اقامتكم يوم وليلة؟ الناس في الدنيا مقاومة مدة اقامة قصيرة جدا. فالذين جمعوا الجواهر مثل الذين يجمعون الحسنات والاعمال الصالحة. الذين فرطوا مثل الذي يفرطني في الدنيا الذين انتهكوا حمى الملك عاقبهم الملك مثل الذي يتجرأون على حرمات الله عز وجل. قال رحمك الله في الكون من الفرقة الاولى الذين استوعبوا الساعات بالطعام ولم يفرطوا في شيء من الاوقات الزم قلبك الفكر في نعم الله لتشكرها. وفي ذنوبك لتستغفرها وفي تفريطك لتندم وفي مخلوقات الله وحكمه لتعرف عظمته وحكمته. وفيما بين يديك لتستعد له. او في آآ حكم شيء تحتاجه الى تعلمه والزم لسانك ذكر الله ودعاءه واستغفاره وقراءة القرآن او علم او تعليم او امر بمعروف او نهي عن منكر او اصلاح بين الناس. هذه اعمال صالحة عظيمة. فالذكر من افضل الاعمال. الاستغفار كذلك تلاوة القرآن. القرآن اشرف الذكر تعلم العلم وتعليم العلم الناس. الامر معروف والنهي عن المنكر. قال او اصلاح بين الناس. الاصلاح بين ناس يا اخواني هذا من الاعمال الصالحة العظيمة التي اجرها عظيم. يقول الله عز وجل لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس. ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله اكمل الاية فنؤتيه اجرا عظيما. وفي الحديث الصحيح الذي اخرجه الترمذي وغير بسند صحيح. يقول النبي صلى الله عليه وسلم الا اخبركم بدرجة هي اعظم من درجة الصيام والصلاة والصدقة اصلاح ذات البين. فان فساد ذات البين هي الحالقة. لا اقول تحلم الشعر ولكن تحلق الدين. هذا حديث صحيح. صححه الترمذي وغيره. درجة اصلاح ذات البين اعظم الصلاة الصيام ومدرجة الصدقة. فيوفق الانسان لهذا العمل هذا عمل صالح عظيم يكفينا قول الله عز وجل سوف نؤتيه اجرا عظيما. هذه المعاني يغفل عنها بعض الناس. ربما يجد بعض الناس القطيعة داخل بيته ولا اسعى للاصلاح. ربما يجد ان ابنته متخاصم مع زوجها سلبي ما ما يسعى للاصلاح بينهم او اخته ولا يسعى للاصلاح او جيرانه او ارحامه. السعي للاصلاح هذا من الاعمال الصالحة العظيمة قال واشغل جوارحك بالطاعات وليكن من اهمها الفرائض في اوقاتها على اكمل احوالها ثم ما يتعدى نفعه الى الخلق وافضل ذلك ما نفعهم في دينهم كتعليمهم الدين وهداية من الصراط المستقيم. احب الاعمال الى الله الفرائض يقول الله تعالى في الحديث القدسي ما تقرب الي عبدي باحب مما افترضت عليه رائض هي احب الاعمال الى الله. سواء بالنسبة للصلاة او الزكاة والصيام او الحج او غير ذلك وبعد الفرائض النوافل ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. طيب قال من اهمها الفرائض النوافل ايضا فيها اجر المؤلف جعل النوافل على مرتبتين المرتبة الاولى قال ما يتعدى نفعه الى الخلق اي ان العمل الذي نفعه متعد افضل واعظم اجرا من العمل الذي نفعه قاصر على صاحبه. فمثال ما نفعه متعد طلب العلم طيب لو ان رجلا قال ايهما افضل ان احظر مثل هذه الدروس؟ او اني ابقى في البيت اقرأ قرآن تطبيقا لكلام ابن قدامة ايهما افضل؟ نعم. حضور الدرس لماذا؟ لان نفع متعدي ولذلك ذكر النووي وغيره ان الاشتغال بطلب العلم الشرعي افضل من الاشتغال بنوافل العبادات. فالنفع متعدي افضل الانسان الذي عنده تعليم علم دعوة الى الله ايضا في المجال الخيري في المبرات. هذا هذا اعظم اجرا من الانسان فقط الذي آآ يعمل الاعمال الصالحة لكنك مقاص مع صاحبها. يبقى في المسجد يقرأ القرآن يذكر الله فقط من في المسجد لا الذي نفعه متعد افضل. الذي يشتغل بالتعليم بالدعوة بالتوجيه بالارشاد. بالاعمال الخيرية هذا اعظم اجرا وثوابا طيب العمل المتعدي المؤلف يقول ايضا اجعلها على مرتبتين. يقول افضل ذلك يعني افضل العمل المتعدي ما نفعهم في دينهم. يعني تعليم العلم مثلا هذا افضل من العمل في المبرات. لانه ما نفع في الدين اعظم مما نفع في الدنيا وهذا يدل على ان تعليم العلم والدعوة الى الله عز وجل انها من اجل واشرف واسمى اعمال كما قال الله تعالى ومن احسن يعني لا احد احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني ابني مسلم فهنيئا لمن بذل من وقته لتعليم الناس. ودعوته من الله عز وجل. هذه الدرجة هي افضل واشرف واسهل