الحمد لله الواحد القهار. الحكيم في خلقه وشرعه ففيهما غاية الحكم والاسرار قسم الرزق بين عباده ما بين غني قسم الرزق بين عباده ما بين غنى واقتار احمده تعالى واشكره حمدا وشكرا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن بهديه واتبع سنته الى يوم الدين. وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاوصيكم ونفسي بتقوى الله فانها وصية الله للاولين والاخرين. ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم. ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما عباد الله قضية كبرى من القضايا المهمة في حياة الانسان لابد ان يفهمها المسلم الفهم الصحيح لتقويم مسيرته في الحياة انها قضية الرزق. نعم رزق الانسان وقد دلت النصوص الشرعية على ان فرزق الانسان يكتب له وهو في بطن امه فلا يزيده حرص حريص. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته ان احدكم يجمع خلقه في بطن امه اربعين يوما نطفة. ثم علق مثل ذلك ثم مضغة مثل ذلك ثم يرسل الملك فيؤمر بنفخ الروح ويؤمر باربع بكسب رزقه واجله وعمله وشقي او سعيد. فانظروا كيف ان النبي صلى الله عليه عليه وسلم ابتدأ في هذا الحديث العظيم بقضية الرزق بكتب رزقه فيكتب رزق الانسان من حين ان تنفخ فيه الروح. يكتب رزق الانسان وهو في بطن امه. ومن حكمة الله عز وجل ان قسم الارزاق بين العباد. ونوع مجالات الرزق ورفع بعضهم فوق بعض درجات. كما سبحانه نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعض بعضا سخريا فمن الناس من جعل الله رزقه في الوظيفة. ومنهم من جعل الله رزقه في الغوص تحت البحار. ومنهم من جعل رزقه في البيع والشراء والتجارة. ومنهم من جعل الله رزقه في الطائرة فوق السحاب. ومنهم من جعل رزقه بين الفصول والطلاب ومنهم من جعل رزقه في المناجم تحت التراب. ومنهم من جعل رزقه مسافرا بين البلاد ومنهم من جعل رزقه في المزارع بين الفواكه والخضروات. ومنهم من جعل رزقه بين المرضى والمصابين والاموات ومنهم من يساق له الرزق سوقا وهو في مأمن ورغد من العيش فلله تعالى الحكمة البالغة. لقد قسم الله تعالى العليم الحكيم قسم الرزق على عباده. فمنهم من في رزقه ومنهم من قدر عليه رزقه وذلك لحكم عظيمة باهرة قسم الله الرزق على عباده ليعرفوا انه المدبر لجميع الامور وان بيده مقاليد السماوات والارض. فهذا يوسع عليه وذاك يضيق عليه. ولا راد لقضاء الله و قدره لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر انه بكل شيء عليم وسط العليم الحكيم الرزق لبعض العباد وضيقه على بعضهم ليعتبروا بهذا التفاوت في الدنيا على تفاوت ما بينهم في درجات الاخرة. فكما ان الناس في الدنيا متفاوتون فمنهم من يسكن القصور المشيدة العالية المراكب الفخمة ويتقلب في ماله واهله وبنيه في سرور وحبور ومنهم من لا مأوى له ولا مال ولا باهل ولا بنون ومنهم ما بين ذلك على درجات مختلفة. فان فاذا كان ذلك التفاوت في الدنيا فان التفاوت في درجات الاخرة اعظم واكبر واجل. ولذلك قال الله تعالى انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللاخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا فاذا كانت الاخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا فانه ينبغي ان نتسابق الى درجاتها العالية وحياتها الباقية قسم الله الرزق بين عباده ليعرف الغني قدر نعمة الله عليه بالايثار فيشكره عليها ويلتحقوا بالشاكرين وليعرف الفقير ما ابتلي به من الفقر فيصبر عليه وينال درجة الصابرين. قسم الله والرزق بين عباده لتقوم مصالحهم الدينية والدنيوية. فلو بسط الله الرزق لجميع العباد لبغوا في الارض ولو ضيق الرزق على جميعهم لاختل نظامهم وتهاوى وتهاوت من معيشتهم الاركان ولو كان الناس على درجة واحدة لم يتخذ بعضهم بعضا سخريا. لم يعمل احدهم للاخر صنعا. لم يعمل احدهم اخر صنعة ولم يحترف له بحرفة لان الكل في درجة واحدة فليس احدهم اولى بهذا من الاخر واين الرحمة والعطف من الغني للفقير؟ اذا كان الناس كلهم في درجة واحدة. وكيف تحصل وصلة الرحم بالمال اذا كان الناس كلهم على درجة واحدة فمن حكمة الله عز وجل ان فاوت بين الناس في الارزاق الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له. ان الله بكل شيء عليم عباد الله وان الانسان مأمور ببذل الاسباب لاكتساب الرزق. ولكن في المقابل لن يأتيه من الرزق الا ما كتب الله الله له مهما بذل من الاسباب. وذلك ان الرزق يكتب للانسان وهو في بطن امه. فمهما بذل من العمل ومهما بذل من الكدح والازدحام ومهما بذل من الكدح والاجتهاد ومهما كان عنده من الذكاء ومن العقل فلن يأتيه من الرزق الا ما كتب الله له. بعض الناس لا يبقى سبب من اسباب تحصيل الرزق الا فعله ومع ذلك يبقى فقيرا. اعرف رجلا من الناس لم يبق سببا من اسباب اكتساب الرزق وتحصيله لا طرق ومع ذلك مات فقيرا بل مدينا. وبعض الناس ببذل ادنى سبب يفتح الله عليه ارزاق العظيمة ذلك ان الرزق مكتوب والله يقسم الارزاق بين عباده بحكمته البالغة كما قال ربنا عز وجل قل ان يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له. وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين. ينبغي ان تستقر وان ترسخ هذه الحقيقة في ذهن كل مسلم. وهي انه لن يأتيه من الرزق الا ما كتب الله له. وان الله اذا كتب له رزقا فلابد ان يأتيه ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها. واذا لم يكتب له الرزق فلن يأتيه مهما ما بذل من الاسباب ولكن الانسان مأمور ببذل الاسباب على انها مجرد اسباب ولكن ينبغي ان القلب بالرزاق بخير الرازقين جل وعلا. عندما تستقر هذه الحقيقة في ذهن المسلم يذهب عنه القلق ويذهب عنه التوتر ويذهب عنه الضيق. لانه مستحضر ان الرزق بيد الله عز وجل وان الرزق مكتوب وان الرزق مقسوم وانه لن يأتيه من الرزق الا ما كتب الله له. لكنه يفعل الاسباب على ان انها مجرد اسباب وعلى انه مأمور بذلك فان الانسان قد يحرم الرزق بسبب تعطيل الاسباب فهو افعل الاسباب على انها اسباب من غير ان يتعلق بها ويعتمد عليها اعتمادا كليا. انما يفعل السبب ويعلق قلبه الله عز وجل ثم يطمئن يزول عنه القلق ويزول عنه التكدر والظيق. لانه على يقين بانه لن يأتيه من الرزق الا ما كتب الله له فلو انه مثلا لو انه ابرم صفقة تجارية ثم خسر ولم يوفق فيها. فانه يقول لن يأتيني من الرزق الا ما كتب الله لي انا بذلت الاسباب ولو ان الله كتب لي رزقا بسبب هذه الصفقة لتحقق. لكن لكن الله عز لم يقدر لي من الرزق الا هذا. فهو مطمئن لذلك. وربما يفعل امرا اخر ويفتح الله عليه ويرزقه بسبب ذلك السبب ويستحضر ان هذا رزق قد كتبه الله له. فهو بذلك يعيش في طمأنينة ويعيش بعيدا عن الكدر وبعيدا عن القلق لانه على يقين بان الرزق مكتوب وانه لن يأتيه من الرزق الا ما كتب الله له وان رزقه قد كتب وفرغ منه وهو في بطن امه وانه انما هو مجرد انما هو مأمور الاسباب فهو يفعلها على انها اسباب وحتى لا يحرم الرزق بسبب تعطيل السبب. ويتعلق قلبه بالرزاق جل وعلا اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله القوي المتين الملك الحق المبين واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له فاياه نعبد واياه نستعين اشهد ان محمدا عبده ورسوله امام المتقين. وقائد الغر المحجلين وسيد الانبياء والمرسلين. صلوات الله سلامه عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين. اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثات بدعة. عباد الله وكما ان الرزق مكتوب وهو في بطن امه الا انه مأمور ببذل الاسباب. فان السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة. وقد يحرم الانسان الرزق بسبب تعطيل الاسباب. ومن اسباب الرزق التقوى لله عز وجل. كما قال الله تعالى ومن يتق الله اجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومنها التوكل على الله تعالى. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لو انكم تتوكلون على الله حق توكله كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا. ومعنى ذلك ان الطير اول النهار تذهب ثم ترجع اخر النهار ممتلئة البطون. والتوكل على الله يعني ان تفعل الاسباب ثم تعلق بكى ورجاءك بالله تعالى ومن اسباب الرزق صلة الرحم وبر الوالدين هو اعلى ما يكون من صلة الرحم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من من احب ان يبسط له في رزقه وان ينسأ له في اثره ان يمد له في عمره فليصل رحمه. فقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بان صلة الرحم من اسباب بسط الرزق ومنها الانفاق في سبيل الله وفي وجوه الخير والقرب كما قال الله تعالى وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى ابن ادم انفق انفق عليك ويقول عليه الصلاة والسلام ما من يوم يصبح العباد فيه الا وينزل ملكان فيقول احدهما اللهم اعطي منفقا ويقول الاخر اللهم اعط ممسكا تلفا. ومن اسباب الرزق شكر الله عز وجل. فان الانسان اذا شكر الله تعالى على ما ساق اليه من رزق فان هذا الشكر سبب لزيادة وبسط هذا الرزق. كما قال الله تعالى لئن شكرتم لازيدنكم وهذه من سنن الله عز وجل ان الانسان اذا شكر النعمة فانها تقر وتزيد واذا كفرت النعمة فانها تذهب الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير. فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. اللهم ارض عن صحابة نبيك اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم اذلنا الكفر والكافرين. اللهم اذلنا النفاق والمنافقين. اللهم من ارادنا واراد الاسلام والمسلمين بسوء. اللهم فاشغله في نفسه. اللهم اجعل كيده في نحره. اللهم اجعل تدبيره وتدميرا عليه. يا قوي يا عزيز يا يا قيوم اللهم انصر من نصر دين الاسلام في كل مكان وخذ من خذل دين الاسلام في كل مكان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعك واجعلهم رحمة لرعاياهم. اللهم وفق امامنا وولي امرنا ونائبه لما فيه صلاح والعباد. اللهم هيء لهم البطانة الصالحة الناصحة. التي تدلهم على الحق وتعينهم عليه. يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم ادم علينا نعمة الامن والامان والاستقرار والرخاء ورغد العيش. واجعلها عونا لنا على طاعتك ومرضاتك. واجعلنا لنعمك والائك شاكرين. اللهم اعنا على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك. اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا واصلح لنا دنيانا التي فيها مع عاشنا واصلح لنا اخرتنا التي اليها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر نعوذ بك اللهم من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة سنة وقنا عذاب النار. ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم