الحمد لله وسع كل شيء رحمة وعلما خلق عباده وفاوت بينهم في الارزاق لحكم عظيمة ولا يحيطون به علما امر باداء الحقوق لاهلها ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما نحمده تعالى واشكره عمدا وشكرا كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله الله تعالى بالحق بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا فاكمل الله به الدين واتم به النعمة فصلوات الله وسلامه عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واهتدى بهديه الى يوم الدين اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما عباد الله عظم النبي صلى الله عليه وسلم شأن حقوق العباد فقال في اعظم مجمع في عهده عليه الصلاة والسلام في خطبة عرفة وقد حج معه قرابة مئة الف فافتتح خطبته بقوله ايها الناس ان دماءكم واموالكم واعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهر كم هذا في بلدكم هذا فليبلغ الشاهد الغائب فجعل النبي صلى الله عليه وسلم حرمة حقوق العباد كحرمة اليوم الحرام في الشهر الحرام في البلد الحرام ونتحدث في هذه الخطبة عن جانب من جوانب حقوق العباد وعن جانب من جوانب الحقوق المالية وهو الدين وقد اصبح الدين شائعا في حياتنا المعاصرة فكثير من الناس مدين اما لافراد او لبنوك او لشركات او لغيرها عباد الله ان الدين امره عظيم حتى ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا اوتي بجنازة سأل هل عليه دين ام لا فان قيل عليه دين لم يصلي علي عن جابر رضي الله عنه قال توفي رجل منا فغسلناه وحنطناه وكفناه ثم اتينا به ثم اتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فخطأ خطى ثم قال اعليه دين قلنا عليه ديناران يا رسول الله فانصرف فقال ابو قتادة الديناران علي يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ الغريم فقال حق الغريم وبرئ منهما الميت؟ قال نعم فصلى عليه وفي الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه قضاء فان حدث انه ترك وفاء صلى عليه والا قال صلوا على صاحبكم فلما فتح الله عليه الفتوح قال انا اولى بالمؤمنين من انفسهم فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه اي من بيت مال المسلمين فانظروا رحمكم الله الى عظيم شأن الدين. وكيف ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يترك الصلاة على من توفي وعليه دين حتى وان كان دينا يسيرا كما في قصة هذا الرجل الذي مات وعليه ديناران فقط حتى تحملهما ابو قتادة فصلى عليه وان النبي صلى الله عليه وسلم بهذا التصرف اراد ان يربي امته على احترام حقوق العباد. وانه ينبغي لمن كان عليه دين ان يجتهد في سداده عن ابي قتادة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فيهم فذكر لهم ان الجهاد في سبيل الله والايمان افضل الاعمال فقال رجل يا رسول الله ارأيت ان قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم ام ان قتلت في سبيل الله وانت صابر محتسب؟ مقبل غير مدبر. ثم قال ثم قال صلى الله عليه وسلم كيف قلت قال ارأيت يا رسول الله ان قتلت في سبيل الله اتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم وانت صابر محتسب مقبل غير مدبر الا الدين فان جبريل قال لي ذلك اخرجه مسلم في صحيحه حتى من باع نفسه لله عز وجل وقتل في سبيل الله وهو صابر محتسب مقبل غير مدبر قد باع نفسه لله تعالى تكفر عنه خطاياه الا الدين فانه يبقى لاصحابه يوم القيامة عباد الله قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله تعالى من غلبة الدين ففي الصحيحين عن انس رضي الله عنه انه كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم قال فكنت اسمعه يكثر من ان يقول اللهم اني اعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وظلع الدين وقهر الرجال وفي رواية وغلبة الدين وضلعوا الدين هو ثقل الدين وشدته وذلك حين لا يترك وفاء ولا سيما مع شدة المطالبة لا سيما مع شدة المطالبة فانه يكون له ثقل ويكون له شدة وطأة وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة وفي بعض الروايات قبل السلام اللهم اني اعوذ بك من عذاب القبر واعوذ بك من فتنة المسيح الدجال واعوذ بك من فتنة المحيا والممات اللهم اني اعوذ بك من المأثم والمغرم والمأثم هو المعاصي والمغرم هو الدين فقيل له يا رسول الله ما اكثر ما تستعيذ بالله من المغرم اي من الدين فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان الرجل اذا غرم حدث فكذب ووعد فاخلف انظروا رحمكم الله كيف ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في كل صلاة يصليها بعد التشهد الاخير وقبل السلام كان يدعو بهذا الدعاء العظيم الذي تضمن الاستعاذة بالله من المغرم الذي هو الدين وان الصحابة لحظوا كثرة استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم بالله من الدين. فبين لهم السبب فقال ان الرجل اذا غرم يعني اذا لحقته الديون حدث فكذب ووعد فاخلف اي انه اذا تراكمت الديون على الانسان فقد يضطر معها الى الكذب في الحديث والى اخلاف الوعد وربما اقترن بها اخلاق ذميمة حتى وان كان الرجل صالحا الا ان تراكم الديون عليه تظعف جانبه وتجعله يقع فيما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب بخلاف الوعد فهذا دعاء عظيم علمه النبي صلى الله عليه وسلم امته فينبغي ان يحافظ المسلم عليه في كل صلاة يصليها. يقول بعدما يستعيذ بالله من اربع من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال يقول اللهم اني اعوذ بك من المأثم والمغرم عباد الله ينبغي ان يجعل المسلم من مبادئه في الحياة تعظيم حقوق العباد واحترامها وتعظيم شأن الدين والا يستدين الانسان الا عند الحاجة الملحة ثم اذا استدان فينبغي له ان ينوي عند الاستدانة السداد في اقرب فرصة ويحاول ويبذل جهده في سداد الديون التي في ذمته ما استطاع الى ذلك سبيلا فان هذا من اسباب اعانة الله عز وجل للعبد ومن اسباب فتح ابواب من الرزق عليه من حيث لا يحتسب يقول النبي صلى الله عليه وسلم الحديث الذي اخرجه البخاري في صحيحه من اخذ اموال الناس يريد اداءها ادى الله عنه. ومن اخذ اموال الناس يريد لا فها اتلفه الله. فانظروا الى النية من اخذها بنية الاداء ادى الله عنه. اعانه ويسر له وفتح له ابواب ومن الرزق حتى يسدد هذه الديون التي عليه. اما من اخذها بغير هذه النية بغير بنية المماطلة وعدم السداد والا مبالاة فان الله تعالى يتلفه اما اتلافا حسيا او اتلافا معنويا بان تمحق من امواله البركة تراكموا عليه الديون او تمحق من من بدنه او من اهله او من غير ذلك بحسب ما تقتضيه حكمة الله عز وجل جزاء وفاقا ينبغي ترسيخ هذه المبادئ في النفوس فانها مبادئ عظيمة قررها النبي صلى الله عليه وسلم وعظم من شأنها ونجد في واقعنا وفي مجتمعنا من استهان بهذه المبادئ فاستهان بحقوق الاخرين فنزعت من امواله البركة. فلا هو الذي حصل دنيا انتفع بها ولا هو الذي ابرأ ذمته من حقوق العباد اللهم اغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك اللهم قنعنا بما رزقتنا اللهم اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب تغفره وتوبوا اليه الحمد لله الذي له ما في السماء وما في الارض وله الحمد في الاخرة وهو الحكيم الخبير نحمده تعالى حمدا وشكرا عدد خلقه وزينة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا اما بعد ان خير الحديث كتاب الله ارى الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة عباد الله وان من صور الاستهانة بحقوق العباد الاستدانة وان من صور الاستهانة بحقوق العباد الاستدانة ليس للضرورة ولا للحاجة وانما لاجل الاستثمار فيريد الاستثمار بمال غيره ومعلوم ان الاستثمار المشروع لابد وان يكون فيه قدر من المخاطرة والتردد بين الربح والخسارة وحينئذ فهذا الذي يستدين ليستثمر قد يخسر فتتراكم عليه الديون وكم من انسان هو الان بين القظبان قد سجن بسبب تراكم بسبب تراكم الديون عليه والتي كان سببها الاستدانة لاجل الاستثمار واذا استدان المسلم لضرورة او لحاجة فعلية فعليه اولا ان يعقد العزم العزم الصادق الاكيد على تشديد الدين في اقرب فرصة فان هذا العزم من اسباب اعانة الله تعالى للمدين. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من اخذ اموال الناس يريد ادائها ادى الله عنه ونحن نرى هذا في الواقع فنجد ان الحريص على سداد الدين سرعان ما يسددها وسرعان ما تفتح له ابواب من الرزق من حيث لا يحتسب واما المماطل غير المهتم بسداد الديون التي في ذمته فان هذه الديون تتراكم عليه وعلى من ابتلي بالدين كذلك ان يسأل الله تعالى كل يوم ان يعينه على سداد الدين فيقول مثلا يا ربي اني اخذت اموال الناس اريد ادائها. اللهم فاعني على ادائها. واغنني بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك وعلى من ابتلي بدين ان يحرص على حسن تدبير المال والاقتصاد في شراء الكماليات والاقتصاد في شراء الكماليات. فان بعض الناس دخله الشهري دخل اغنياء. ومع ذلك يعاني من تراكم الديون عليه بسبب سوء تدبير المال فتجده مثلا يسافر باسرته للخارج لاجل النزهة وينفق في سبيل ذلك اموالا طائلة مع انه مدين ولو انه وفر هذه الاموال لسداد الديون وعوض اسرته برحلة قريبة لا يترتب عليها نفقات باهظة لكان هذا من حسن التدبير الذي يعينه على سداد الديون التي في ذمته عباد الله وعلى من ابتلي بالديون ان يوثق ديونه وان يكتبها في وصيته لكي يعلم بها ورثته من بعده فان الديون مقدمة بعد الوفاة مقدمة على قسمة التركة لقول الله عز وجل بعدما ذكر بعض احكام قسمة المواريث قال من بعد وصية يوصي بها او دين عباد الله وانبه على مسألة يقع فيها الخطأ من بعض الناس وهي ان بعض الناس يودع عنده مبلغ من المال امانة اما مال لايتام او لجمعية خيرية او لوقف او لغير ذلك فاذا احتاج اقترض من هذا المال او اقرب منه بعض اقاربه واصحابه ومعارفه وهذا التصرف محرم ولا يجوز ويعد من الخيانة قد قال الله تعالى في شأن اموال اليتامى ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن وليست وليس من التصرف بالتي هي احسن الاقتراظ والاقراض من اموال اليتامى او من اي اموال يؤتمن عليها الانسان بل الواجب حفظها لاصحابها وعدم التعرض لها وعدم قربانها. فان هذا هو مقتضى الامانة اما ان الانسان يقترضها او يقترض منها بحجة انه سوف يسدد هذا القرظ فهذا لا يجوز و هذا يعد من الخيانة ويأثم بهذا التصرف واذا كان سيفعل ذلك فعليه الا يكون وليا على اموال اليتامى او على هذه الاموال المودعة عنده اذ ان الامانة متى تقتضي ان يحفظ هذه الاموال ولا يقربها باي صورة من الصور وباي وجه من الوجوه الا ما كان في مصلحتها كانت الغبطة في ذلك التصرف كان يستثمرها استثمارا امنا ونحو ذلك. اما ان يقترضها او ان يقرظها مقابل فان هذا فان هذا ليس من التصرف بالتي هي احسن لانه يعرض هذه الاموال للخسارة وربما لا تعودها هذه الاموال ربما ان المقترض ربما ان المقترض تسوء احواله المالية فلا يستطيع ان يسدد بل حتى ولو كان ولو كان يستطيع ان يسدد فليس للقائم على هذه الاموال ان يقرضها لان هذا ليس من التصرف بالتي هي احسن والله تعالى قد نهى عن قربان مال اليتيم الا بالتي هي احسن ويقاس على اليتيم كل مال اودع عند الانسان فليس له ان يقربه الا بالتي هي احسن الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنيب. فقد امركم الله بذلك وقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد اللهم ارضى عن صحابة نبيك اجمعين اللهم ارضى عن ابي بكر الصديق وعن عمر الفاروق وعن عثمان ابن عفان وعن علي ابن ابي طالب وعن سائر صحابة نبي اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين اللهم اعز الاسلام والمسلمين اللهم انصر الاسلام والمسلمين اللهم اذل الكفر والكافرين اللهم من ارادنا او اراد الاسلام والمسلمين بسوء اللهم فاشغله في نفسه. اللهم اجعل تدبيره تدميرا عليه يا قوي يا عزيز. اللهم انا لنا اخوة مسلمين مستضعفين. قد مستهم البأساء والضراء. اللهم فارحمهم رحمتك يا رحمن وانصرهم بنصرك يا قوي يا عزيز ومكن لهم في الارض يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام يا نصير المستضعفين ويا مجير المستجيرين. اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعك والعمل بكتابه وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. ووفق امامنا وولي امرنا لما تحب وترظى وقرب منه البطانة الصالحة الناصحة. التي تعينه على الحق وتدله عليه. يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا. ربنا انك رؤوف رحيم. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم انا نسألك من الخير كله عاجله واجله. ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله. عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب