الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الارض وله الحمد في الاخرة وهو الحكيم الخبير احمده تعالى واشكره حمد الشاكرين الذاكرين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله وصحبه به وسلم تسليما كثيرا اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون. اتقوا الله حق التقوى. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. ولا اتموتن الا وانتم مسلمون عباد الله ان لله تعالى في هذا الكون سننا هذه السنن هي النواميس لهذا الكون وهي سنن لا تتغير ولا تتبدل سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا. ولن تجد لسنة الله تحويلا وان من المهم فقه هذه السنن ومعرفتها فانها سنن ثابتة وفقهها مهم جدا في الاعتبار وفي التذكرة وفي الاتعاظ ونتحدث عن سنة من هذه السنن العظيمة التي ذكرها ربنا عز وجل هذه السنة هي المذكورة في قول الله تعالى واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد فاخبر ربنا عز وجل بان شكر النعم سبب لزيادتها فظلا عن دوامها واستمرارها وان كفر النعم سبب لحلول العذاب والنقم. فضلا عن زوال تلك النعم الشكر منزلة علية منزلة رفيعة واصل الشكر في لغة العرب ظهور اثر الغذاء في بدن الحيوان ظهورا بينا يقال شكرت الدابة اذا ظهر عليها اثر العلف. ودابة شكور اذا ظهر عليها من السمن فوق ما تأكل وما تعطى ومن العلف وكذلك حقيقة الشكر في العبودية فهو ظهور اثر نعمة الله تعالى على عبده على لسان العبد ثناء واعترافا. وعلى قلبه شهودا ومحبة وعلى جوارحه انقيادا وطاعة والشكر مبني على خمس قواعد خضوع الشاكر للمشكور وحبه له واعترافه بنعمته وثناؤه عليه بها. والا يستعملها فيما يكره فهذه القواعد هي اساس الشكر ومنزلة الشكر من اعلى المنازل وهي فوق وهي فوق منزلة الرضا فان الشكر رضا وزيادة. فالرضا مندرج في الشكر اذ يستحيل وجود الشكر بدونه وقد امر الله تعالى بالشكر ونهى عن ضده. فقال سبحانه واشكروا نعمة الله ان كنتم اياه تعبدون. وقال واشكروا لي الا تكفرون واثنى على من شكر من عباده ووصف به خواص خلقه قال عن ابراهيم انه كان امة قانتا لله. ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا. ولم يك من المشركين شاكرا لانعمه قال عن نوح انه كان عبدا شكورا وقال عن داوود وسليمان اعملوا ال داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور وقال عن لقمان ولقد اتينا لقمان الحكمة ان اشكر لله اخبر بان اهل الشكر هم المنتفعون بايات الله. ان في ذلك لايات لكل صبار شكور عباد الله وان جحد النعمة وانكارها ونسبتها الى غير المنعم بها سبب لزوالها وان شكر النعمة والاعتراف بها ونسبتها الى المنعم بها سبب لدوامها وزيادتها واليكم هذه القصة العجيبة التي قصها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لاخذ العبر والعظات منها وهي قصة اخرجها البخاري ومسلم في صحيحيهما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ان ثلاثة من بني اسرائيل ابرص واقرع واعمى. اراد الله ان يبتليهم فبعث اليهم ملكا فاتى الابرص فقال اي شيء احب اليك قال لون حسن وجلد حسن ويذهب عني هذا الذي قد قذرني الناس به فمسحه فذهب عنه قذره فاعطي لونا حسنا وجلدا حسنا قال الملك له اي المال احب اليك قال الابل فاعطي ناقة عشراء اي لقحة وقال بارك الله لك فيها ثمان الملك اتى الاقرع قال اي شيء احب اليك؟ قال شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قد قذرني الناس به فمسحه فذهب عنه واعطي شعرا حسنا. قال اي المال احب اليك؟ قال البقر. فاعطي بقرة حاملا وقال بارك الله لك فيها ثم اتى الاعمى قال اي شيء احب اليك قال ان يرد الله الي بصري فابصر به الناس. فمسحه فرد الله اليه بصره. قال اي المال احب اليك؟ قال الغنم اعطي شاة والدا فانتج هذان وولد هذا فكان لهذا واد من الابل. ولهذا واد من البقر ولهذا واد من الغنم ثم ان الملك اتى الابرص في صورته وهيئته اي في صورة رجل ابرص فقير فقال له رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري. فلا بلاغ لي اليوم الا بالله ثم بك اسألك بالذي اعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا اتبلغ به في سفري فقال الحقوق كثيرة قال كأني اعرفك الم تكن ابرص يقذرك الناس فقيرا فاعطاك الله عز وجل هذا المال قال انما ورثت هذا المال كابرا عن كابر. اي ابا عن جد فقال ان كنت كاذبا فصيرك الله الى ما كنت ثمان الملك اتى الاعمى ثم ان الملك اتى الاقرع في صورته. اي اتاه في صورة رجل اقرع فقير فقال له مثل ما قال لي هذا ورد عليه مثل ما رد عليه فقال ان كنت كاذبا صيرك الله الى ما كنت ثم ان الملك اتى الاعمى في صورته اي اتاه على صورة رجل اعمى فقير فقال له رجل مسكين وابن سبيل قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم الا بالله ثم بك اسألك بالذي رد عليك بصرك شاة اتبلغ بها في سفري فقال الاعمى قد كنت اعمى فرد الله الي بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت فوالله لا اجهدك اليوم بشيء اخذته لله عز وجل فقال له الملك امسك عليك ما لك فانما ابتليتم وقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك عباد الله ارأيتم في هذه القصة كيف ان الابرص والاقرع جحدا نعمة الله عز وجل عليهما؟ ونسباها الى غير الله ولم يؤدي حق الله فيها فحل عليهم السخط واما الاعمى فقد اعترف بنعمة الله عليه ونسبها الى المنعم بها سبحانه وادى حق الله تعالى فيها. فرضي الله تعالى عنه شكره لتلك النعمة ونعم الله تعالى على عباده كثيرة. وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ومن رحمة الله تعالى بعباده ان جعل الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر في الاجر والثواب فعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر اخرجه البخاري في صحيحه معلقا له بصيغة الجزم قال بعض اهل العلم وهذا من تفضل الله على عباده ان جعل للطاعم اذا شكر ربه على ما انعم به عليه جعل له ثواب الصائم صابر الصابر على الفقر فكذلك ايضا الصابر على شكر نعمة الله عز وجل عليه. له مثل الاجر اللهم اجعلنا من عبادك الشاكرين. اللهم اجعلنا من عبادك الشاكرين. اللهم اجعلنا ممن اذا اعطي شكر. واذا ابتلي صبر. اللهم ان على شكرك وذكرك وحسن عبادتك اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد ان محمدا عبده ورسوله الداعي الى رضوانه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثات بدعة وكل بدعة ضلالة عباد الله اننا في هذه البلاد نعيش في نعم عظيمة والاء جسيمة نعيش في امن وامان واستقرار ووحدة ورخاء ورغد عيش. تأتينا فاكهة الصيف في الشتاء وتاتينا فاكهة الشتاء في الصيف. اذا دخلتم اي محل تسوق من محلات التسوق الكبيرة فانظر الى اصناف والوان النعم العظيمة التي تأتينا من كل مكان يجبى لهذا البلد من كل مكان بلد امن مطمئن يأتيه رزقه رغدا من كل مكان. فلنحمد الله تعالى ونشكر الله عز وجل على هذه النعم والا فان الله تعالى ليس بينه وبين احد من خلقه نسب اذا كفرت النعم فانها تذهب وتزول. واذا شكرت النعم فانها تقر وتزداد ولننظر ولنعتبر بمن حولنا ممن يعيشون في فقر وفي جوع وفي حروب وفي فرقة وفي شتات فلنحمد الله عز وجل على هذه النعم العظيمة التي نحن فيها. ثم لنتذكر احوال ابائنا واجدادنا الذين كانوا يعيشون في ازمنة مضت كانوا يعيشون في شظف من العيش وفي فقر مدقع بلغ حالات شديدة في بعض الازمنة حدثني احد كبار السن يقول انه مرت علينا اوقات لا نجد ما نأكله سوى بضع تمرات ان وجدنا التمر بضعة تمرات نأكلها طيلة اليوم فقط لا نجد غير هذا مما يسد به الجوع فقد مر بهذه البلاد مرحلة من شظف العيش والفقر والشدة. فلنتذكر تلك المرحلة لكي نحمد الله عز وجل على ما انحن فيه من هذا الخير العظيم وهذه النعم الكثيرة. عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال في تفسير قول الله تعالى واذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم اذ جعل فيكم انبياء وجعلكم ملوكا قال كان الرجل من بني اسرائيل اذا كان له دار وزوجة وخادم سموه ملكان سماه الناس ملكا فهذا معنى قوله وجعلكم ملوكا اي تعيشون عيشة الملوك. فكم منا في مجتمعنا من يعيش عيشة فنحمد الله تعالى ونشكره على هذه النعم العظيمة وعلى هذه الالاء الجسيمة. وينبغي ان يكون نظر الانسان اذا نظر الى من هو اقل منه ولا ينظر الى من هو فوقه. كما اوصى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال انظروا الى من هو دونكم تنظر الى من هو فوقكم فهو اجدر الا تزدروا نعمة الله عليكم. اخرجه البخاري في صحيحه. اي فهو احق الا تحتقروا نعمة الله عليكم لا تنظر الى من هو افظل منك انما انظر الى من فظلت انت عليه في نعم عظيمة وفي الاء جسيمة فان هذا يقود الى شكر نعمة الله عز وجل عباد الله ونجد في المجتمع صنفين من الناس. نجد من من الناس من هو ساخط متسخط متبرم ناقد لكل بشيء لا يعجبه العجب دائما يعيش في تسخط دائما ينتقد كل شيء لا يرى ان ما فيه ما فيه هو من النعمة لا يراها فان هذا على خطر عظيم. هذا ليس شكورا وهذا يوشك ان تسلب منه النعم التي هو فيها. والصنف الثاني من الناس من هو شاكر لنعمة الله عز وجل شاكر لنعمة الله تعالى بقلبه وبلسانه وبجوارحه يتحدث بنعم الله تعالى في كل مناسبة وفي كل مجلس يشكر الله عز وجل في كل احيانه في السراء وفي الضراء فهذا هو الشكور هذا هو الذي يجزيه الله تعالى جزاء العظيم هذا هو الذي تدوم عليه النعم وتزداد. فلنكن من الصنف الشاكر لنشكر الله عز وجل ولنحمد الله سبحانه وتعالى على ما انعم به من النعم العظيمة والالاء الجسيمة وليجعل المسلم الحمد والشكر لله سبحانه وتعالى ليجعله على لسانه ليجعله مع اذكار الصباح والمساء يحمد الله تعالى ويشكر الله عز وجل على كل حين وفي كل حين الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير. فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. وارض اللهم عن صحابة نبيك اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم اذل الشرك والمشركين. اللهم اذل النفاق والمنافقين. اللهم ابرم لامة الاسلام امرا رشدا يعز فيه اهل طاعته ويهدى اهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم اجعلنا لنعمك والاء شاكرين. اللهم اجعلنا لك من الشاكرين الذاكرين. اللهم اعنا على شكرك وعلى ذكرك وعلى حسن عبادتك. يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام ترامب. اللهم ادم علينا نعمة الامن والاستقرار والوحدة والرخاء ورغد العيش. واجعلها عونا لنا على طاعتك ومرضاتك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اصلح ولاة امور المسلمين. اللهم وفقهم لتحكيم شرعك. والعمل بكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم واجعلهم رحمة لرعاياهم. اللهم وفق امامنا وولي امرنا ونائبيه واخوانهم واعوانهم لما تحب وترظى وخذ بنواصي اوصيهم للبر والتقوى اللهم ارزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تعينهم اذا ذكروا وتذكرهم اذا نسوا يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم اجمع والف بين قلوب الرعية والراعي. اللهم اجمع كلمتهم على البر والتقوى يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم ربنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم