الحمد لله الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا. وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب والحمدلله الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن اراد ان يذكر او اراد شكورا تعالى واشكره حمدا وشكرا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه. واحمده واشكره ما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه. ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما عباد الله هذه الجمعة هي اخر جمعة في هذا العام الهجري وعما قريب سيحل عام هجري جديد سيحل عام الف واربع مئة وثمانية وثلاثون من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسبحان الله ما اسرع مرور الليالي والايام. كنا فيما مضى اذا ذكر عام الف واربع مئة وثمانية وثلاثين ادنى مجيئه ورأينا ان بيننا وبينه زمنا طويلا. وها هو الان على الابواب. وهكذا يستبعد الانسان اجل وربما هو قريب وهو لا يشعر. وكل ما هو ات فهو قريب. افرأيت ان متعناهم سنين ثم جاءه ما كانوا يوعدون. ما اغنى عنهم ما كانوا يمتعون ان هذه الايام والليالي مراحل نقطعها للدار الاخرة والموت هو مصيرنا جميعا. وبالموت ينتقل الانسان من دار العمل الى دار الجزاء والحساب. فالسعيد من اغتنم عمره في هذه الدار فيما في الدار الباقية في الدار الاخرة عباد الله ان من الناس من هو منهمك في مشاغل الدنيا على حساب اخرته. ما ان ينتهي من شغل الا يدخل في شغل اخر وكأنه ما خلق الا للدنيا. حتى يفجأه الموت وهو على تلك الحال. نعم جاءه الموت ومن قضت اشغاله يفجأه الموت على حين غفلة على حين غرة فيبوء حينئذ بالندم العظيم والحشرات ولكن هيهات لا تنفع الندامة حينئذ. يقول الحسن رحمه الله اياكم وما شغل من الدنيا فان الدنيا كثيرة الاشغال. لا يفتح رجل على نفسه باب شغل الا اوشك ذلك الباب ان يفتح عشرة ابواب تذكر يا اخي رجلا كنت تعرفه من اقاربك او اصدقائك او جيرانك وتأمل كيف كانت حياته وكيف كان يقضي عمره؟ ثم فجاءه الموت. فجاءه الموت اما بسبب مرض او حادث سيارة او سكتة قلبية او غير ذلك. فانتقل من عالم الدنيا الى عالم الاخرة. ترك امواله ودوره واهله ووسد التراب وفارق الاحباب. فما الذي ينفعه بعد مماته وما الذي يتحسر عليه بعد مفارقته للدنيا شيع احد السلف جنازة فقال لاحد الحاضرين اترى ان هذا الميت لو رد الى الدنيا لكان يعمل غير الذي كان يعمل قال نعم قال فاذا لم يكن هو فكن انت نعم ان السعيد من اتعظ بغيره وان الشقي من اتعظ به غيره عباد الله وان انقضاء عام من عمر الانسان لجدير بان يقف الانسان مع نفسه وقفة محاسبة صادقة حاسبوها عما عملوا وماذا قدم لغد يحاسبها عام مضى من عمره وهو شاهد له او عليك تبصروا في هذه الايام والليالي. فانها مراحل تقطعونها الى الدار الاخرة. حتى تنتهوا الى اخر سفركم. وكل يوم يمر بالانسان يبعده عن الدنيا ويقربه من الموت وما بعده كل شهر يستهله الانسان فانه يدنيه من اجله. ويقربه من اخرته تمر الشهور بعد الشهور والاعوام بعد الاعوام. هذا يوم تشرق شمسه وذاك يوم تغرب شمسه هذا شهر يدخل وذاك شهر يخرج هذا عام يدخل وذاك عام يخرج يقلب الله الليل والنهار. ان في ذلك لعبرة لاولي الابصار الم تروا الى هذه الشمس تطلع كل يوم من مشرقها وتغرب من مغربها ان في هذا اعظم اعتبار فان طلوعها ثم غيوبها ايذان بان هذه الدنيا ليست بدار قرار. وانما هي طلوع وغيوب الم تروا الى هذه الشهور تهل فيها الاهلة الصغيرة كما يولد الاطفال ثم تنمو رويدا رويدا كما تنمو الاجسام حتى اذا تكامل نموها واصبحت بدرا اخذت بالنقص والاضمحلال وهكذا عمر الانسان الم تروا الى هذه الاعوام؟ تتجدد عاما بعد عام فاذا دخل العام الجديد نظر الانسان الى اخره نظر البعيد ثم تمر ثم تمر به الايام سراعا فيتصرم به العام ويذهب كلمح البصر فاذا هو في اخر العام وهكذا عمر الانسان يتطلع الانسان الى اخره تطلع البعيد. فاذا به قد هجم عليه الموت بغتة وانقضت في لحظة جميع اماله واحلامه في هذه الدنيا وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد عباد الله لو اعمل عاقل فكره في سرعة مرور الليالي والايام وسرعة تصرمها لرأى من هذا عجبا لا ينقضي ولو تأمل متأمل فيما مضى من عمره طال او قصر لوجده قد مر كلمح البصر بالامس بدأت السنة محملة بالايام والليالي مثقلة بالساعات والدقائق والثواني. فمرت ايامها تباعا وتصرمت ساعاتها صراعا واخذت بعضها برقاب بعض ومؤذن ورحيل اولها بفناء اخرها مر على الناس من هذا العام ثمانية اشهر كثمانية ايام ثم دخل شهر رمضان وعاش المسلمون فيه موسما كريما ثم انقضت تلك الايام والليالي قضت سريعا ثم اتى عيد الفطر ورحل ثم اتى موسم الحج فرحلت سريعا رحلت تلك الايام والليالي سريعا وها نحن في اواخر هذا العام وكلما انقضى عام ومضى تمنى المبطلون على الله الاماني وما علم هؤلاء ان الزمن اذا مضى لا يعود وان العمر يذهب وان كل يوم يمر على العبد فانه ينقص به من اجله ينقص به الاجل ويقربه الى قبره ويبعده عن اهله يقول الحسن رحمه الله وابن ادم الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما يا ابناء العشرين بادروا الفتوة والشباب ويا ابناء الثلاثين انتصف العمر وجدت الركام ويا ابناء الاربعين بلغتم الاشد وحق العتاب. يبغى يا ابناء الخمسين ضعف الجسم والرأس شاب. ويا ابناء الستين لقد اعذر الله الى امرئ اخر اجله حتى ابلغه ستين سنة ويا من بلغت السبعين او اكثر لقد امهل الله لك واعذر فماذا تنتظر الم يأن للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم امد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون كم اودعت بيديك في القبر من قريب وكم شيعت ووزعت من اخ وحبيب؟ الم تفكر يوما بانك ستكون ستكون يوما من الايام انت المودع. الم تعمل ليوم تكون انت فيه المحمول المشيع على العاقلين ان يرجع الى نفسه وان يحاسبه على ما قدم في يومه وامسه ان كان خيرا فليحمد الله وليتزود من الصالحات. وان كان غير ذلك فان امامه فرصة للتدارك والتوبة والعمل فعليه ان يحاسب نفسه في كل حين ويتأكد ذلك في ختام يومه وشهره وعامه فان من حاسب نفسه اليوم خف عليه الحساب يوم الحساب ومن اهمل نفسه واطلق لها العنان وتمنى على الله الاماني. ظهرت عند الموت حسراته. وطالت في عرصات يوم القيامة وقفاته. وقادته الى المقت والخزي سيئاته فليستحضر المسلم هذه المعاني وليستعد ليستعد للموت وما بعده فاننا في هذه الدنيا في دار عمل وسننتقل منها يوما من الايام ومن مات فقد قامت قيامته. ومن مات فقد انتقل انتقل من عالم الدنيا الى عالم الاخرة. من مات فقد اغلق في وجهه باب التوبة واغلق في وجهه باب العمل وانتقل الى دار الجزاء والحساب اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه والغفور الرحيم الحمد لله رب العالمين عدد خلقه وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما اما بعد فان خير الحديث كتاب الله خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم شر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة عباد الله انه لا افة تأكل العمر احصدوا بركة الوقت الى التسويف والاماني الكاذبة ولا علاج يحسم ذلك مثل قصر الامل وتذكر الموت يذهب الرجل ليعمل العمل وتسرقه منه الاماني وطول الامان حقا على العاقل ان يحاسب نفسه ان يحاسب نفسه اشد من محاسبة الشريك لشريكه اشد من محاسبة الشريك لشريكه الخوان نعم يا عباد الله ان محاسبة النفس لابد منه لا بد من محاسبة النفس قد امر الله تعالى بها فقال يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد قال اهل العلم هذه الاية اصل في محاسبة النفس والمصيبة تأتي عندما تنعدم محاسبة النفس ويعيش الانسان في هذه الدنيا ناهيا غافلا منهمكا في اشغال الدنيا التي لا تنقضي حتى يتفاجأ يتفاجأ بالموت ايندم حينئذ الندم العظيم ويرى الدنيا على حقيقتها في وقت لا ينفع معه الندم ولا الاسى ولا التأسف عباد الله ان المؤمن ينبغي ان يكون ان تكون محاسبة النفس منهجا له في حياته يتذكر فيها اعماله ثم يعقد موازنة دقيقة لينظر ماله وما عليه يتفكر في حاله مع الفرائض وهل عنده تقصير في الفرائض هل عنده اخلال بشيء من الواجبات هل هو مثلا لا يصلي صلاة الفجر مع الجماعة في المسجد ثم ينظر الى حاله مع النوافل هل تزود منها لترقع ما قد يحصل من النقص في الفرائض؟ وينال بها محبة الله عز وجل ثم يحاسب نفسه على الاموال التي اكتسبها من اين حصله وفيم انفقها ويحاسب نفسه على موقفه وعلاقاته مع الناس. على موقفه من حقوق الناس وعلاقاته مع الناس هل اساء الى احد؟ هل بخس احدا حقه ويحاسب نفسه عن المعاصي التي وقع فيها وما اسباب وقوعه فيها وهكذا فانه بهذه المحاسبة يحصل للانسان خير كثير ثم ثم يتبع هذه المحاسبة توبة صادقة ويتبعها مبادرة للطاعات واقلاع عن المعاصي والسيئات الا فاتقوا الله عباد الله وتذكروا بان الانسان ما دام حيا فمجال العمل فمجال العمل امامه مفتوح ومجال التوبة مفتوح ولكن اذا بلغت الروح الحلقوم اغلق في وجهه باب التوبة فليبادر المسلم من حياته لموته ومن صحته مرضه فاما من طغى واثر الحياة الدنيا فان الجحيم هي المأوى. واما من خاف مقام ربه ونهى النفس ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى عباد الله جرت عادة بعض الناس الاحتفال برأس السنة الهجرية وهذا الاحتفال بدعة لا اصل له وذلك لان تعظيم زمن معين يتكرر كل عام وتخصيصه من البدع المحدثة في الدين لان المسلمين ليس لهم الا عيدان. عيد الفطر وعيد الاضحى فمن اتخذ عيدا غير هذين العيدين فقد ابتدع في دين الله عز وجل ولو كان ذلك على سبيل اللهو او على سبيل التخصيص باي امر من الامور فان التخصيص بحد ذاته فان التخصيص بحد ذاته بدعة ولما مر النبي صلى الله عليه وسلم لما مر باهل المدينة يلعبون فسألهم عن ذلك قالوا انهما يوم ان يوم عيد لهم قال ان الله قد ابدلكم بخير منهما. عيد الفطر وعيد الاضحى والذي عليه فتوى عامة علماء هذه البلاد انه لا يجوز اتخاذ عيد غير عيد الفطر وعيد الاضحى قولوا هذا لان العالم قد انفتح بعضه على بعض ربما يغتر بعض الناس في الاحتفال برأس السنة الهجرية والذين يفعلون ذلك يقلدون فيه النصارى الذين يحتفلون برأس السنة الميلادية ثم ايضا هناك بعض الناس يرسل رسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي اختم عامك بصيام اختم عامك بصلاة اختم عامك بكذا وهذا التخصيص غير مشروع بل هو من البدع فعلى المسلم ان يتبع ولا يبتدع والا يخصص زمنا من الازمان بعبادة من العبادات الا اذا قام الدليل على هذا التخصيص والا كان هذا معدودا عند اهل العلم من البدع الاظافية قد كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا خطب الناس يوم الجمعة قال ان اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم شر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير. فقد امرنا الله تعالى بذلك فقال ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. اللهم ارضى عن صحابته اجمعين. اللهم ارضى عن ابي بكر الصديق وعن عمر ابن الخطاب وعن عثمان بن عفان وعن علي بن ابي طالب وعن سائر صحابة نبيك اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين اللهم اعز الاسلام والمسلمين اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم ابرم لامة الاسلام امرا رشدا. يعز فيه اهل طاعته. ويهدى اهل معصيته ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر وترفع فيه السنة وتقمع فيه البدعة يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعه والعمل بكتابه وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم وفق امامنا وولي امرنا لما تحب وترظى وخذ بناصيته للبر والتقوى وقرب منه البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه اذا ذكر وتذكره اذا انسي يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع اللهم انا نعوذ بك من مظلات الفتن ما ظهر منها وما بطن ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين