الحمد لله الذي فرض على عباده اداء الامانة وحرم عليهم المكرسي والخيانة احمده تعالى واشكره حمدا وشكرا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه احمده واشكره وهو المستحق للحمد واهله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا اما بعد فاوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فانها اعظم وصية انها وصية الله للاولين والاخرين لقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا. ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له اجرا عباد الله امر من الامور امر عظيم عرضه الله تعالى على بعض مخلوقاته فمنها من ابى ومنها من قبل عرض الله تعالى هذا الامر على ان من قبل فاطاع اثيب ومن قبل فعصى عوقب فعرظ الله تعالى هذا الامر على السماوات فابت خوفا من عدم القيام به وعرضه على الارض فابت وعرضه على الجبال فابت وعرضه على الانسان فقبل يقول الله عز وجل في بيان هذا الامر يقول انا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا فبين الله عز وجل انه عرض الامانة على السماوات والارض والجبال فابين ان يحملنها خوفا ولهذا قال واشفقنا منها اي خفن من عواقب حملها واتفقت اقوال المفسرين على ان المراد بالامانة في الاية جميع التكاليف الشرعية فمن قام بها اثيب ومن تركها عوقب وانما اشفقت السماوات والارض والجبال من حمل هذه الامانة لما ينشأ عن التساهل بها من عذاب الله عز وجل وسخطه وعقابه. وايثارا للعافية والسلامة وبعدا عن تبعه وعرضها الله تعالى على الانسان. فحملها الانسان على ظعفه وظلمه وجهله. وبما فيها من مسؤولية عظيمة وخطورة بالغة فانقسم الناس بعد هذا التحمل الى ثلاثة اقسام. ذكرهم الله تعالى في الاية التي بعدها بقوله ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات. فالقسم الاول المنافقون والمنافقات الذين التزموا بها ظاهرا وضيعوها باطنا. يظهرون الايمان خوفا من اهله ويبطنون الكفر متابعة لاهله. والقسم المشركون والمشركات الذين ضيعوا هذه الامانة ظاهرا وباطنا. فظاهرهم وباطنهم الكفر بالله مخالفة رسله. والقسم الثالث المؤمنون والمؤمنات. الذين حفظوا هذه الامانة ظاهرا وباطنا. فالقسمان الاولان والقسم الثالث مرحوم. ولهذا قال عز وجل ليعذب الله المنافقين والمنافقات. والمشركين والمشركات الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما عباد الله ان الامانة مسئولية عظيمة وعبء ثقيل الا على من خففه الله عز وجل عليه وقد تحملنا هذه الامانة وحملناها على عواتقنا والتزمنا بمسؤوليتها وسنسأل عنها يوم القيامة الامانة شاملة لكل ما استحفظ عليه العبد. لكل ما استحفظ عليه العبد من حقوق. سواء اكانت لله تعالى ام قلقه فالامانة التي تكون في الحقوق التي بين العبد وربه تعني ان يقوم العبد بطاعة الله. مخلصا لله متبعا لرسوله صلى الله عليه وسلم ممتثل الاوامر مجتنب النواهيه يخشى الله في السر والعلن. فالصلاة امانة والزكاة امانة الصيام امانة والحج امانة وكل واجبات الدين امانة يجب الوفاء بها واما الامانة في المعاملة التي تكون بين العبد وبين الناس. فتعني ان تعامل الناس بمثل ما تحب ان يعاملوك به ان تعامل الناس بمثل ما تحب ان يعاملوك به من النصح والبيان. وان تكون حافظا لحقوقهم المالية وغير المالية. من كل استامنت عليه لفظا او عرفا فتكون الامانة بين الرجل وصاحبه يحدثه بحديث سر يعلم انه لا يحب ان يطلع عليه احد فاذا افشى سره وحدث به الناس فقد خان الامانة وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم خيانة الامانة من علامات المنافقين قال اية المنافق ثلاث وذكر منها اذا اؤتمن خان وقال اربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها وذكر اذا اؤتمن خان وتكون الامانة بين الرجل وزوجته. فيجب على كل منهما ان يحفظ الاخر في ماله وسره. فلا يحدث بذلك احدا. اخرجه مسلم في صحيحه عن ابي سعيد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان من اشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي الى المرأة وتفضي اليه ثم ينشر سرها وتكون الامانة في البيع والشراء والاجارة والاستئجار فلا يجوز للبائع ان يخون المشتري بنقص في الكيل او الوزن او زيادة الثمن او كتمان العيب او او تدليس في الصفة ونحو ذلك ولا يجوز للمشتري ان يخون البائع بنقص في الثمن او انكار او مماطلة مع القدرة على الوفاء. ولا يجوز للمؤجر ان يخون المستأجر بنقص شيء من مواصفات المستأجر ونحو ذلك. ولا يجوز للمستأجر ان يخون المؤجر بنقص الاجرة او انكارها او التصرف بما يضر المستأجر سواء اكان ذلك المستأجر دارا ام دكانا ام الة ام مركوبا ام غير ذلك وتكون الامانة في الادانة والاستدانة فليس للدائن ان يستغل حاجة اخيه فيزيد عليه في الربح زيادة فاحشة ولا يجوز للمستدين او المستقرض ان يتأخر عن السداد او الوفاء مع قدرته على ذلك فان ذلك مع كونه خيانة للامانة سبب لمحق البركة اخرج البخاري في صحيحه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من اخذ اموال الناس يريد ادائها الله عنه ومن اخذ اموال الناس يريد اتلافها اتلفه الله فانظر الى النية لا تجد انسانا يأخذ اموال الناس اما بقرض او باستدانة او بغير ذلك وهو حريص على السداد حريص على الوفاء الا ويعينه الله عز وجل ويفتح له ابوابا من الرزق من حيث لا يحتسب حتى يسدد هذا الدين في فترة قصيرة واما من اخذ اموال الناس بنية المماطلة وعدم الوفاء والتأخير. وكل يوم يأتي له باعذار فان هذا موعود بان يتلفه الله وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم اتلفه الله. ولم يقل اتلف الله ما له. ليكون الاتلاف عاما. قد يكون خلاف لماله وقد يكون الاتلاف لصحته وقد يكون الاتلاف لمحق البركة في اولاده او في استقراره الاسري او في غير ذلك جزاء وفاقا على اتلافه لاموال الناس ان من الناس من اصبح ديدنهم المماطلة في اداء الحقوق عندما يقترض من احد قرضا او يستدين دينا او يستأجر دارا فانه يماطل في اداء الحقوق التي عليه. مع قدرته على الوفاء وصاحب الحق اما ان يترك حقه او بعض حقه له او ان يرفع امره للجهات المختصة مع ما يتبع ذلك من عناء ومشقة ونقول لهذا الصنف من الناس اتقوا الله تعالى واعلموا ان انكم بذلك انما تظرون انفسكم المماطلة وفي اداء الحقوق خيانة للامانة ومحق للبركة وقلة التوفيق. وتذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم لتؤدن الحقوق قيل اهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء اي التي لقرن لها من الشاة القرناء. رواه مسلم. وقول النبي صلى الله عليه وسلم من كانت عنده مظلمة لاخيه من عرضه او من شيء فليتحلله منه اليوم قبل الا يكون دينار ولا درهم ان كان له عمل صالح اخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن له حسنات اخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. اخرجه البخاري في صحيحه ان المماطلة في اداء الحقوق سواء اكانت ديونا ام قروضا ام اجرة عقار ام غير ذلك انما تنشأ بسبب ضعف الامانة وبسبب قلة الخوف من الله عز وجل ورقة الديانة. والا فمن عنده خوف من الله سبحانه تجد انه الناس بمثل ما يحب ان يعاملوه به. فكما انه لا يرظى من الاخرين ان يماطلوه في اداء الحقوق المستحقة عليهم. فكذلك ينبغي ان يؤدي الحقوق الواجبة عليه طيبة بها نفسه فان ذلك مع كونه واجبا شرعيا فان ذلك من اسباب حلول البركة ومن اسباب حصول التوفيق اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد ان محمدا عبده ورسوله الداعي الى رضوانه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة لا لا عباد الله ولان كانت الامانة شاملة لكل ما استحفظ عليه العبد من حقوق سواء اكانت حقوقا لله تعالى ام لخلقه فانها ايضا شاملة للقيام بالمسؤولية بجميع وجوهها وفي شتى مجالات الحياة يقول النبي صلى الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. الرجل راع في اهل بيته ومسئول عن رعيته. والمرأة رعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها. فرب الاسرة عليه مسؤولية عظيمة وامانة كبيرة تجاه اسرته. عليه امانة ومسؤولية في تنشئة افراد اسرته على الخير والصلاح في امرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. فالذي اهمل اسرته يرتكبون المنكرات ومع ذلك لا ينكر عليهم يكون بهذا قد خان الامانة. يرى اولاده على فرشهم نائمين لا امرهم بالصلاة بحجة انهم لا يستجيبون وهذا غير صحيح ولا يعفيه عن المسؤولية بل يجب عليه ان يأمرهم بهذه العبادة عباده وبهذا الركن الذي هو عمود دين الاسلام. والذي يرى افراد اسرته ينظرون الى قنوات تبث السماء يرى فيها التحرش الجنسي ويرى فيها الرجل يقبل امرأة اجنبية ويرى افراد اسرته ينظرون الى هذه المنكرات ومع ذلك لا ينكر عليهم ولا يحرصوا على حذف هذه القنوات ومنعها من بيته يكون بهذا قد خان الامانة. خان امانة الله عز وجل في افراد اسرته ان افراد الاسرة من بنينا وبنات وزوجة امانة في عنق والدهم. وسيسأل يوم القيامة امام رب العالمين عن هذه الامانة. في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم ليستحظر رب الاسرة قول النبي صلى الله عليه وسلم الرجل راع في اهل بيته ومسؤول رعيته فليستحضر عظيم هذه الامانة وهذه المسؤولية. ان من الناس من لا يقيم لهذه المعاني وزنا تجد ان الاكبر تحصيل الاموال والاشتغال بالمصالح الدنيوية وربما تحصيل المصالح المادية البحتة لافراد اسرته ولكن امور استقامتهم على طاعة الله عز وجل لا يهتم بها ولا يلقي لها بالا والله عز وجل يقول يا ايها الذين امنوا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة. لم يقل قوا انفسكم نارا فقط وانما عطف واهليكم وانفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون. وقاية الاهل من النار انما تكون بامرهم بالمعروف وناهيهم عن المنكر بارشادهم وتوجيههم وان من الناس لا يفعل ذلك ولا يقوم بواجب المسؤولية. اما انه غير مهتم او انه اصيب باحباط. ويقول انهم لا يستجيبون. وهذا الا يعفيه عن المسؤولية؟ يجب على الاب ان يأمر اولاده باداء الصلاة مع الجماعة في المسجد حتى يقوم بهذه المسؤولية وهذه الامانة سواء استجابوا ام لم يستجيبوا. فانه اذا فعل ذلك قد ابرأ ذمته امام الله عز وجل. اما انه يذهب للمسجد ويترك اولاده نائمين في فروشهم. وهو يراهم لا يصلون ولا يؤدون الصلاة مع الجماعة في المسجد فان ذمته لا تبرأ امام الله عز وجل. حتى وان كان عاجزا عنهم يجب عليه ان ينقذهم. وان يأمرهم باداء الصلاة حتى يبري ذمته امام الله عز وجل ويكون قد اتقى الله عز وجل في اداء هذه الامانة وقد اثنى الله تعالى على نبيه اسماعيل عليه الصلاة والسلام. قال وكان يأمر اهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربهم وقال عن لقمان يا بني اقم الصلاة ودعا إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي. فالمطلوب من المسلم ان يحرص على ان يقيم اهل اهل بيته الصلاة فانهم اذا اقاموا الصلاة صلحت بقية امور دينهم لان الصلاة هي الميزان اذا صلحت صلح دين الانسان واذا فسدت فسد دينه. الصلاة هي عمود دين الاسلام. والصلة بين العبد وربه. وامر اهلك بالصلاة واصطبر عباد الله وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بان الامانة ترفع في اخر الزمان. كما جاء ذلك في الصحيحين من حديث حذيفة رضي الله عنه. حتى يصبح الناس يتبايعون فلا يكاد احد يؤدي الامانة. وحتى يقال ان في بني فلان رجلا امينا ويقال للرجل ما اظرفه وما اعقله وما في قلبه مثقال حبة خردل من ايمان اي ان الامين في اخر الزمان يكون غريبا في الناس حتى يمدح من لا خير فيه ولا ايمان. وهذا انما يكون من قراط الساعة التي اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بانها تقع بين يدي الساعة. فمن اشراط الساعة اذا رفع الامانة من حتى يبقى الناس لا امين فيهم الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير. فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا وتسليما. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. وارض اللهم عن صحابة نبيك اجمعين وعن التابعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم انصر الاسلام والمسلمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم اذل النفاق والمنافقين. اللهم من ارادنا او واراد الاسلام والمسلمين بسوء اللهم فاشغله في نفسه. اللهم اجعل كيده في نحره. اللهم اجعل تدبيره وتدميرا عليه. يا قوي يا عزيز. اللهم اصلح احوال في كل مكان. اللهم اصلح احوال المسلمين في كل مكان. اللهم اصلح احوال المسلمين في كل مكان. اللهم ابرم لامة الاسلام يعز فيه اهل طاعته ويهدى اهل معصيتك ويأمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم وفق ولاة امور لتحكيم شرعه والعمل بكتابه وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم واجعلهم رحمة لرعاياهم وولي على المسلمين خيارهم اللهم وقمامها وولي امرنا ونائبيه واخوانهم واعوانهم وفقهم لما فيه الخير وصلاح الاسلام والمسلمين. اللهم اللهم وفقهم لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الحق وتعينهم عليه يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم ادم علينا نعمة الامن والاستقرار والرخاء ورغد العيش والوحدة واجتماع الكلمة واجعلها عونا لنا على طاعتك ومرضاتك واجعلنا لنعمك والائك شاكرين. اللهم اعنا على شكرك وعلى ذكرك وعلى حسن عبادتك. اللهم اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا. ربنا انك رؤوف رحيم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين