الحمد لله وفق من شاء من عباده وهداهم الى صراطه المستقيم. اهدي من يشاء ويضل من يشاء وهو العزيز الحكيم احمده تعالى واشكره حمدا وشكرا كما يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه. واشهد ان لا لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون الله حق التقوى. ولقد وصيت الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله. ومن يتق الله اجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا. ومن يتق الله يكفر عنه ويعظم له اجرا. عباد الله الحديث بهذه الخطبة عن نعمة من النعم العظيمة. التي لا تنال بالمال مهما كثر. ولا تنال بالذكاء ومازال ولا تنال بالعلم مهما اتسع. ولكنها نهر فضل من الله ظنوا بها على من يشاء من عباده انها نعمة التوفيق. نعمة التوفيق. التوفيق لطاعة الله عز وجل على شرعها. فمن وفقه الله تعالى لتزكية نفسه. فقد افلح وخان. قد افلح من تزكى واعلى مراتب واعلى مراتب توفيق الله تعالى لعمه ان يحبب اليه الايمان والطاعة اليه الكفر والمعصية وهي المرتبة التي نالها اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وامتن الله تعالى بها عليهم في قوله واعلموا ان فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتم ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان. اولئك هم الراشدون. اي لولا لكم لما اذعنت نفوسكم الايمان فلم يكن الايمان بالمشورتكم وتوفيق انفسكم ولكني حببته اليكم في قلوبكم وكرهت اليكم ضده الكفر والفسوق وتوفيق الله عز وجل للعبد لا غنى للعبد عنه لا في الدنيا ولا في الاخرة. كما قال ربنا سبحانه يا ايها الذين امنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فانه يأمر بالفحشاء والمنكر. ولولا ولولا الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد ابدا. ولكن الله يزكي من يشاء. والله سميع عليم والعبد متقلب في كل لحظة بين التوفيق والخذلان. فان وفقه الله تعالى لعمل صالح. فبفظل الله تعالى ورحمته وان خذل العبد ولم يوفق فبعدل الله عز وجل. ولهذا امر العبد ان يسأل الله تعالى الهداية في كل ركعة يصليها اهدنا الصراط المستقيم. اسأل الهداية بجميع انواعها ومنها هداية التوفيق والطاعة العبيد متقلبون بين توفيق الله تعالى وخذلانه. فمثل موفق منهم بفضل الله ورحمته بعدل الله وحكمته وهو المحمود على هذا وهذا له اتم حمد اكمله لم يمنع عقدا شيئا هو له وانما منعه ما هو مجرد فضله وعطائه. وهو اعلم حيث يضعه واين يجعله. فمتى شهد العبد هذا المشهد واعطاه حقه علم شدة ضرورته وحاجته الى التوفيق في كل نفس وفي كل لحظة. ولهذا اولي الالباب الذي ذكره الله تعالى عنهم انهم يقولون ربنا لا تز قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من ان يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك. وكان يقول يا حي كان يقول يا حي يا قيوم برحمتك استغيث فلا تكلني لنفسي طرفة عين واصلح لي شأني كله قال الامام ابن القيم رحمه الله اجمع العالمون اجمع العارفون بالله ان التوفيق هو الا يكلك الله الى نفسك وان الخذلان هو ان يخلي بينك وبين نفسك. ومما يغلط فيه كثير من الناس وظنهم ان من رزق ما له او مصيبة او جاه او غير ذلك من الامور الدنيوية انه قد وفق والامر ليس كذلك لان الدنيا يعطيها الله تعالى من يحب ومن لا يحب. وقد ذكر الله تعالى هذا عن الانسان بطل هذا الفهم فقال سبحانه فاما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فاكرمه ونعمه اي بسط له في الرزق فيقول ربي اكرمن واما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه ضيق عليه في الرزق فيقول ربي اهانه كلا فبين الله تعالى عدم صحة هذا المفهوم. وان توسيع الله تعالى ونصره للرزق او تضييقه لا يدل على محبة الله لهذا ولا على بغض الله تعالى لذلك لان الدنيا يعطيها الله تعالى من يحب ومن لا يحب ولكن الموفق هو الذي اذا القي امرا من امور الدنيا استعمله في طاعة الله. اذا اعطي مالا او منصبا او جاها استعمله في مرضاة ربه عز وجل. وفي نفع اخوانه ونصرة دينه ومن حكمة الله عز وجل انه يبتلي عباده بالسراء والضراء والموفق من العباد هم من هو الذي الموفق من عباده هو الذي اذا اعطي شكر واذا ابتلي صبر. والمخذول الذي اذا اعطي طغى وكفر كلا ان الانسان ليبقى ان رآه استغفر عباد الله وتوفيق الله تعالى للعبادة يكون على احوال كثيرة. فمن اعظم واعلى درجات هذا التوفيق ان الله تعالى يحبب اليه طريق الايمان. ويحبب اليه طريق الخير والصلاح. ويحبب اليه التعبد لله سبحانه ويكرر اليه الكفر والفسوق والعصيان. فهذه من اعلى درجات التوفيق. ومنها ان يعرض الخير على اناس فيردونه حتى ييسر الله تعالى له من اراد به الخير من عباده. وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم اكثر من عشر سنين يعرض نفسه على قبائل العرب لينصروه فلم يستجيبوا له. حتى وفق الله تعالى الانصار ولذلك فنالوا الشرف العظيم في الدنيا والاخرة. وهو محو توفيق من الله عز وجل له. ومنها ان يوفق الله تعالى العبد في اخر حياته بعمل صالح يموت عليه. فيختم الله تعالى بكتبه اعماله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا اراد الله تعالى بعبد خيرا عسفا قالوا وما عسله يا رسول الله قال يفتح له عملا صالحا بين يدي موته. اخرجه احمد بسند صحيح عن انس رضي الله عنه قال كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم. فمن فاتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعود. فقعد عند رأسه فقال له اسلم. فنظر الغلام لابيه فنظر الغلام اليهودي الى ابيه وهو عنده. فقال له ابوه اطع ابا قاسم اسلم ذلك غلامك. ثم توفي فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول الحمد لله الذي انقذه بي من النار ثم قال صلوا على صاحبكم فانظر كيف ان الله تعالى وفق هذا الغلام لكي يسرف قبل قبض روحه هذا من توفيق الله عز وجل ومن ظنون التوفيق ان يوفق الله تعالى العبد لعمل قريب. اجره عند الله تعالى كثير. عن البراء ابن عاز رضي الله عنهما قال اتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل مقنع بالحديد. فقال يا رسول الله اقاتل او اسلم قال اسلم ثم قاتل فاسلم ثم قاتل فقتل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل قليلا كثيرا فمن اتقى الله تعالى وملأ الاخلاص قلبه وعلم الله تعالى ان يوصل قضيته واكثر من من الدعاء بالتوفيق فقد اخذ بمجامع الاسباب الموصلة للتوفيق. عباد الله ان نعمة التوفيق والهداية الى الصراط المستقيم لهي من اعظم واجل النعم. ولهذا امر العبد بان يسأل الله تعالى اياها في كل ركعة من صلاته فيقول اهدنا الصراط المستقيم. قال ابن القيم رحمه الله ومن هنا يعلم اضطرار العبد الى سؤال هذه الدعوة فوق كل ضرة وبطلان قول من يقول اذا كنا مهتدين فكيف نسأل الهداية فان المجهول لنا من الحق اضعاف المعلوم. وما لا نريد فعله تهاونا وكسلا مثل ما نريده واكثر منه او دونه وما لا نقدر عليه مما نريده كذلك. وما نعرف جملة ولا نهتدي لتفاصيله. فامر يفوت الحصر. ونحن محتاجون الى الهداية التامة. فمن كملت له هذه الامور. كان سؤال الهداية له سؤال التثبيت والدوام اللهم اهدنا الصراط المستقيم. اللهم اهدنا الصراط المستقيم. اللهم وفقنا لما تحب وترضى. اللهم وفقنا لما تحب وترضى اللهم استعملنا في طاعتك يا حي يا قيوم. اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا. اللهم وفقنا لما فيه باطل اللهم وفقنا لرضاك يا ذا الجلال والاكرام. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين في كل ذنب. واستغفروه وتوبوا اليه غفور رحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم مالك يوم الدين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الصالحين واشهد ان محمدا عبده ورسوله امام المتقين صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين وسلم تسليما اما بعد فان خير الحديث كتاب الله. وخير الهدي محمد صلى الله عليه وسلم. وكل محدثة بدعة عباد الله ان التوفيق للاستقامة من اعظم النعم التي ينعم الله تعالى بها على العبد. والا فانه ناجى قلب كثير اوتوا عقولا عظيمة واوتوا ذكاء حادا لكنهم لم يوفقوا فظلوا. ولهذا تطالب فرقة المعتزلة وهي احدى الفرق التي انحرفت في مسائل الاعتقاد. غالبوا هذه الفرقة كانوا من الاذكياء ذكاء لكنهم لم يوفقوا للحق ولم يوفقوا للهداية يقول عنه ابن عباس ابن تيمية رحمه الله المعتزلة والمتكلمون. اذا نظرت اليهم بعين القدر والحيرة قضية عليه والشيطان مستحوذ عليهم رحمته. ورفقت بهم فقد اوتوا ذكاء وما اوتوا ذكاء واعطوا فهوما وما اعطوا علوما. هو اعطوا سمعا وابصارا وافئدة. فما اغنى عنهم سمعهم ولا ابصارهم ولا افئدتهم من شيء نعم لقد اعطى الله تعالى هؤلاء ذكاء حادا واعطاهم عقليات كبيرة جدا اذا قرأت كلامهم وما وما قعدوه تعجبوا كيف يخفى عليهم الحق؟ يذكر الواحد منهم عشرات الاقوام في المسألة الواحدة ببراهينها ثم يخفى عليه الحق منها. نعم انهم حرموا هذه النعمة. حرموا نعمة التوفيق فقد اوتوا الذكاء والعقل لكن لم يؤتوا الزكاة والتوفيق وقد ذكر الله تعالى عن اليهود انهم يعرفون الحق كما يعرفون ابناءهم. الذين اتيناهم الكتاب يعرفونهم كما لا يعرفون ابناءهم وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون. فهم يعرفون الحق ويعرفون الصحة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعرف احدهم ولده. هل يشك احد في معرفة ابنه اذا رأه من بين الناس؟ ولهذا قال عمر ابن عبد الله ابن سلام وكان يهوديا فاسلم. قال له عمر اكنت تعرف محمدا كما تعرف ولدك؟ قال نعم اكثر نزل امير من السماء على الامير في الارض بنعته فعرفته ومع هذه المعرفة اليقينية لم يهتدوا لانهم حرموا نعمة التوفيق بسبب جحودهم واستكبارهم وحسدهم. الا من كان منهم صادقا في طلب الحق من غير جحود ولا استكبار. كعبد الله ابن سلام. فمن الله تعالى عليه بنعمة التوفيق. فوفق الحق وصف بالحق. عباد الله واذا نظرنا لواقعنا نجد ان ان من من الناس من يعرف ان الخير والفلاح في الدنيا والاخرة انما هو في الاستقامة على طاعة الله. يعرف هذا معرفة يقينية لكنهم لم لكنه لم يوفق لهذا الخير. لانه حرم من نعمة التوفيق. حرم من نعمة الهداية. وبهذا نعرف عظيم من شأن هذا الدعاء الذي امرنا ان ندعو به في كل ركعة اهدنا الصراط المستقيم الا من اعظم اسباب توفيق الله تعالى للعبد الدعاء. وسؤال الله تعالى نعمة التوفيق والهداية. والافتقار والتبر بين يدي الله عز وجل. وهو اعظم ما يستجلب به التوفيق. بل هو لب العبودية لله سبحانه. فان حقيقة العبودية الحب مع كمال الذل لله عز وجل. فاحرص على الا يمر عليك يوم الا وقد سألت الله تعالى ان يهديك وان يوفقك لما يحبه ويرضاه. وان من اسباب حرمان نعمة التوفيق الاهمال. وابقاء النفس على ما خلقت وعليه من الجهل والظلم فان الانسان خلق ظلوما جهولا. فمن اهمل اصلاح نفسه اردته المهامك. وحرم نعمة التوفيق واما من يريد ان ينال نعمة التوفيق فعليه ان يجاهد نفسه على استقامتها على طاعة الله. فاذا جاهد نفسه على كذلك رزق نعمة التوفيق والهداية. كما قال ربنا سبحانه والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا فانظر كيف ان الله تعالى جعل الهداية ثمرة للمجاهدة. بعض الناس عندما يؤمر بخير يقول ادعوا الله ان فنقول جاهد نفسك على فعل اسباب الخير تجد الهداية من الله سبحانه فان الهداية من ثمرات مجاهدة النفس. والذين جاهدوا فينا لنهدينهم. لنهدينهم سبلنا. فمن اراد ان يرزق الهداية فليجاهد نفسه على الطاعة وعلى استقامة على طريق الخير والصلاح فان الله عز وجل بمنه وفضله نعمة التوفيق والهداية ومن اسباب الخذلان وحرمان نعمة التوفيق ما ذكره الله تعالى في قوله ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير حق فمن كان عنده كبر حرم نعمة الهداية وحرم نعمة التوفيق. فعلى المسلم اذا عرف الحق ان يلتزمه وان يقبله والا يعرض عنه والا يتكبر عن الحق وعن الخلق فان من تكبر عن الحق وعن الخلق يحرم من التوفيق ويحرم من نعمة الهداية. وحينئذ فمهما حصلت امور الدنيا فانها لا تنفعه ومن حرم من نعمة اللهم وفقنا لما تحب وترضى من الاقوال والاعمال يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عزة امرنا. واصلح لنا التي فيها معاشنا واصف لنا اخرتنا التي بافعالنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر اللهم انا نعوذ بك من مغلات الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطه. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم اذلنا الكفر والكافرين. اللهم انصر من نصر دين الاسلام في كل مكان. اللهم الخذل دين الاسلام في كل مكان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعه والعمل بكتابه وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. واجعلهم رحمة لرعاياهم. اللهم خذ امامنا وولي امرنا ونائبيه. واخوانه واعوانه. اللهم وفقهم تحب وترضى اللهم ارزقهم اللهم ارزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الحق وتعينهم عليه يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم ارحم اخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان. اللهم ارحمهم برحمتك يا رحمن. اللهم انصرهم بنصرك يا يا عزيز اللهم انا لنا اخوة نسلتهم البأساء والضراء. اللهم فنستنصر بك لهم يا نصير المسرعفين يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. ربنا اغفر لنا اخواني الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غير الذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم