ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله وصحبه به وسلم تسليما كثيرا اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون اتقوا الله حق التقوى. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم. ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما عباد الله المسلم اخو المسلم وانما المؤمنون اخوة ولا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه الاخوة هي روح الايمان ولباب المشاعر وهي التأمين الشامل الذي يبث في اكناف المجتمع الطمأنينة والسلام وصور الاخوة كثيرة لا تقع على الحصر ونتكلم عن صورة من صور الاخوة الصادقة وهي من حق المسلم على المسلم ذلكم هو النصيحة النصح اداء والنصيحة قبولا والتناصح محبة. فتنصح اخاك وتنصح له. وتقبل النصيحة وتحب الناصحين النصيحة هي معيار الحب الصادق. وهي عنوان الاخوة الخالصة فاخوك من منحك النصيحة النصيحة كلمة جامعة غايتها ارادة الخير للمنصوح وتحصيله له وارشاده اليه وتنبيهه الى اجتناب العيوب والتحذير من الانحراف بالقول والعمل والمعاملة يقول النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة كررها ثلاث مرات قلنا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم. اخرجه مسلم في صحيحه فتأمل قوله الدين النصيحة كأنه حصر الدين كله في النصيحة لعظيم شأنها في دين الاسلام والنصيحة تسمى دينا واسلاما ولا يمكن لاحد كائنا من كان ان يستغني عن النصيحة مهما كان موقعه ومهما كانت منزلته من الحاكم العالم والمعلم ورب الاسرة والغني والفقير والذكر والانثى في كل زمان ومكان النصيحة والتناصح هي من اعظم الحقوق بين مسلمين فعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حق المسلم على المسلم ست وذكر منها واذا استنصحك فانصح له اخرجه مسلم في صحيحه عباد الله المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل احداهما الاخرى يقول ابو الدرداء رضي الله عنه ان شئتم لانصحن لكم ان احب عباد الله الى الله الذين يحببون الله الى عباده ويحببون عباد الله الى الله ويسعون في الارض بالنصر ويقول الفضيل رحمه الله ما ادرك ما ادرك من كان عندنا ما ادرك بكثرة صلاة وصيام. وانما ادرك ذلك بسخاء الانفس الصدر والنصح للامة ويقول ابو بكر المزني رحمه الله ما فاق ابو بكر الصديق اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة ولا صيام ولكن بشيء كان في قلبه قال ابن علية والذي كان في قلبه الحب لله والنصيحة للخلق عباد الله المسلمون كالبنيان يشد بعضه بعضا متعاونون على البر والتقوى يتواصون بالحق ويتواصون بالصبر يأمرون بالمعروف ينهون عن المنكر ويأتمرون بالمعروف ويقبلون من ينهاهم عن المنكر. المسلم اخو المسلم يستر عورته ويغفر زلته ويقبل ويقيل عثرته ويقبل معذرته. ويرد غيبته ويديم نصحه عباد الله لا خير في قوم لا يتناصحون ولا خير في قوم لا يقبلون النصيحة. ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين النصيحة قيامه بالمسؤولية واعذار الى الله تعالى. كما قال سبحانه واذ قالت امة منهم لم تعظون قوم الله مهلكهم او معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة الى ربكم ولعلهم يتقون والحذر الحذر من بغض الناصحين وايذائهم واستباحة اعراضهم والتشكيك في مقاصدهم يقول عمر رضي الله عنه لا خير في قوم ليسوا بناصحين ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين ينبغي ان تشيع محبة الناصحين في المجتمع وان يحتفى بهم وان يشجعوا على ذلك قال بعضهم من نصحك فقد احبك ومن داهنك فقد غشك ومن علامة حب الناصحين قبول النصيحة. والفرح بها بقلب سليم وصدر الرحم. والتصريح بقبولها والتعبير عن عن التقدير والامتنان والعزم على العمل بها وقد قيل ادي النصيحة على اكمل وجه واقبلها على اي وجه عباد الله ان غياب التناصح وضعفه بين المسلمين سبب لافات كثيرة سبب لشيوع المنكرات سبب للغيبة والنميمة والاحتقار والاستهزاء وانتشار القطيعة والفرقة ويكفي ان نعلم ان ضد النصيحة الغش والنفاق والمداهنة فاتقوا الله عباد الله واصلحوا ذات بينكم. تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم عباد الله ان النصيحة خلق عظيم ينبغي ان يكون الشائع في المجتمع وعندما تشيع النصيحة في المجتمع ويحب المجتمع الناصحين تشيع فيه الفظيلة وتحل فيه الرحمة وتستر فيه الرذيلة جاء في الصحيحين عن جرير ابن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على اقام الصلاة وايتاء الزكاة والنصح لكل مسلم قال الخطابي رحمه الله جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل النصيحة للمسلمين شرطا في الذي يبايع عليه كالصلاة والزكاة لذلك قرنها بهما فانظروا الى عظيم شأن النصيحة في دين الاسلام وكيف ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يبايع بعظ اصحابه عليها كما يبايعهم على اقام الصلاة وعلى ايتاء الزكاة ولو لم يكن في بيان عظيم شأن النصيحة الا قول النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة عباد الله ولنأخذ نموذجا من نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم لاحد اصحابه كيف لحظ النبي صلى الله عليه وسلم عيبا في احد اصحابه وكيف قدم له النصيحة وكيف تقبل ذلك الصحابي هذه النصيحة من النبي صلى الله عليه وسلم جاء في الصحيحين عن حكيم ابن حزامة رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعطاني ثم سألته فاعطاني ثم سألته فاعطاني ثم قال يا حكيم ان هذا المال خضر حلو فمن اخذه بسخاوة نفس بورك له فيه. ومن اخذه باشراف نفس لم يبارك له فيه. وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى قال حكيم قلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا ارزق احدا بعدك. اي لا اخذ من احد مالا بعد هذا الكلام الذي سمعت منك فكان ابو بكر رضي الله عنه يدعو حكيما ليعطيه العطاء فيأبى. ثمان عمر يدعوه ليعطيه العطاء فيأبى فيقول عمر يا معشر المسلمين اشهدكم اني اعرض على حكيم حقه الذي قسم الله له من هذا الفين فيأبى ان يأخذه فلم يرزق حكيم احدا من الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم وبعد نصيحته تلك حتى توفي رضي الله تعالى عنه وارضاه انظروا كيف ان النبي صلى الله عليه وسلم لاحظ في هذا الصحابي عيبا خفي على الصحابي نفسه فنصحه النبي صلى الله عليه وسلم بكلمات يسيرة اثرت في نفس هذا الصحابي تأثيرا بليغا جعلته يلتزم بهذه النصيحة حتى توفي لاحظ النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الصحابي حرصه على المال وسؤاله المتكرر للمال فاراد النبي صلى الله عليه وسلم ان ينصحه وقضى حاجته اولا حيث اعطاه ثم اعطاه ثم اعطاه ثم بعد ذلك نصحه ولما نصحه نصحه سرا في فيما بينه وبينه ولما نصحه لم يجعل النصيحة موجهة الى شخصه. وانما الى فعله وهذا من ادب النصيحة. ان تجعل النصيحة مركزة الى الفعل الصادر من المنصوح وليست للشخص وليست لشخص منصوب ثم لما نصحه لم يجعل النصيحة مباشرة فلم يقل لاحظت عليك كذا وكذا. وانما قدم النصيحة بصورة غير مباشرة فجعلها بصورة حكمة وفائدة فقال ان هذا المال خضر حلو. فمن اخذه بسخاوة نفس بورك له فيه. ومن اخذه باشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى ولم يقل انت اخذت المال باشراف نفس وانما جعل الامر خيارين وجعل النصيحة غير مباشرة. فاستوفت هذه النصيحة من النبي صلى الله عليه وسلم جميع اداب النصيحة لهذا كان اثرها عظيما فحلف حكيم رضي الله عنه حلف بالله على الا يأخذ من احد مالا فظلا عن ان يسأله وهو الذي كان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم قبل هذه النصيحة عدة مرات ارأيتم كيف يكون اثر النصيحة اذا استوفت ادابها وشروطها كيف يكون اثرها العظيم البليغ ان بعض الناس قد يكون فيه عيب ولا يشعر به. ويرى هذا العيب يرى هذا العيب فيه بعض اصحابه وبعض اخوانه. لكن انهم لا ينصحونه وانما يتكلمون في عرضه بان فيه كذا وكذا. لم يأته يوم لم يأته يوما احد من الناس ويبذل له النصيحة بادبها. وهذا خلاف ما تقتضيه الاخوة بين المؤمنين اذا رأيت عيبا في اخيك المسلم فينبغي ان تبذل له النصيحة بادبها فان هذا من حق المسلم على المسلم اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب. فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين واشهد ان محمدا عبده ورسوله امام المتقين صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان خير الحديث كتاب الله. وخير الهدي هدي محمد وصلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة عباد الله للنصيحة جملة من الاداب من اعظمها الاخلاص لله عز وجل بان يريد الناصح الاجر والثواب من الله سبحانه. ويريد كذلك الخير للمنصوح فان بعض الناس يتخذ من النصيحة وسيلة للتعيير وللتحقير للمنصوح ولتوبيخه والتقليل من شأنه هذا خلاف ادب النصيحة فينبغي ان يكون القصد صحيحا وصالحا بان يريد بذلك الاجر والثواب من الله عز وجل. وان يريد بذلك الخير لهذا الشخص المنصور وينبغي وكذلك ايضا من اداب النصيحة ان تكون باللين والرفق فان اللين ما كان في شيء الا زانه وما نزع من شيء الا شانه والله تعالى بعث موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام الى اكبر طاغية على الارض وهو فرعون الذي ادعى مقام الربوبية وقال انا ربكم الاعلى. ومع ذلك قال الله تعالى لهما فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى. وقد جبلت النفوس على النفرة من الشدة والغلظة. وعلى محبة الرفق واللين فينبغي عند بذل النصيحة ان تبذل بالرفق وباللين وبحسن التلطف ومن ادب النصيحة ان تكون سرا قال الامام الشافعي رحمه الله من وعظ اخاه سرا فقد نصحه وزانه ومن وعظه علانية فقد فظحه وشأنه والمؤمن يستر وينصح والمنافق يهتك ويفضح فاذا اردت ان تنصح احدا فلا تنصحه علانية وامام الناس. وانما خذه سرا وابذل له النصيحة بلطف وادب ورفق فيما بينك وبينه. اما نصيحة الانسان امام الناس فان هذه ليست بنصيحة وانما هي فضيحة وتعيير وينبغي ان يقترن بالنصيحة احسان الظن والتماس العذر قال احد السلف اذا بلغك عن اخيك شيء تلتمس له عذرا فان لم تجد له عذرا فقل لعل له عذرا وانا لا اعلم به وقال بعضهم لا تلقين احدا بما يكره. وان كنت ناصحا فان ذلك ينفر من قبول النصيحة ومن ادب النصيحة انه اذا كان للمنصوح حاجة فينبغي ان تبدأ اولا بقضاء حاجته ثم تبذل له النصيحة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع حكيم ابن حزام في القصة السابقة ومن ادب النصيحة ايضا انه ينبغي التلطف غاية التلطف مع المنصوح. لان النصيحة مهما كانت تبقى والنقد ثقيل على النفوس. وليست كل النفوس تتقبل هذا النقد فينبغي التلطف في بذل النصيحة ويحسن كذلك النظر الى بعض الجوانب الايجابية في ذلك المنصوح. وتقديمها قبل بذل النصيحة بان يقول انا رأيت فيك كذا وكذا ويذكر امورا من امور الخير ويشكره على ذلك ويثني عليه بها. ثم يقول بعد ذلك لكن لاحظت عليك امرا يسيرا وهو كذا وكذا فهذا ادعى لقبول النصيحة فاذا اكتملت اداب النصيحة وشروطها فانها باذن الله تعالى يكون لها الاثر العظيم على المنصوح. ويكون لها الاثر الكبير في نشر الفظيلة وفي نشر المعروف وفي نشر الخير في المجتمع وفي كذلك ايضا ابعاد المجتمع عن الرذيلة وعن المنكرات فينبغي الحرص على النصيحة والتواصي بين المسلمين على بذل النصيحة ومحبة الناصحين. وقبول النصح ممن بذله عباد الله وقد جاء في حديث ابي رقية تميم الداري السابق في قول النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم. ففرق بين نصيحة ائمة المسلمين وبين نصيحة عامتهم قال اهل العلم وهذا يدل على ان هناك فرقا في بذل النصيحة الى ائمة المسلمين وهم ولاة الامر وبين بذل النصيحة لعامتهم فالنصيحة لائمة المسلمين معاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف واعلامهم بما غفلوا عنه وترك الخروج عليهم قال اهل العلم ومن النصيحة لولاة امر المسلمين تألف قلوب العامة لهم. فان هذا من النصيحة من النصيحة المسلمين ومن النصيحة للمجتمع تأليف قلوب الناس لولاة الامر حتى تجتمع كلمة المسلمين وحتى يترتب على ذلك المصالح العظيمة للبلاد والعباد. واما شحن والعامة ضد ولاة الامر فان هذا خلاف ما تقتضيه النصيحة بل ان شحن قلوب العامة ضد ولاة الامر هو الشرارة لكثير من الفتن وكثير من البلايا وكثير من المصائب ومن النصيحة لولاة الامر ان لا يغروا بالثناء الكاذب. وان يدعى لهم بالصلاح والخير. فان الدعاء لولاة الامر فيه منفعة عظيمة للبلاد والعباد فكان ذلك داخلا في النصيحة لهم الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير. فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وارضى اللهم عن صحابته اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم انصر من نصر دين الاسلام في كل مكان. اللهم اخذل من خذل دين الاسلام في كل مكان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم ابر بامة الاسلام امرا رشدا. يعز فيه اهل طاعتك. ويهدى اهل معصيتك. ويأمر فيه بالمعروف نهي عن المنكر يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم وفق ولاة امور المسلمين وتحكيم شرعه والعمل بكتابه وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم واجعلهم رحمة لرعاياهم. اللهم وفق امامنا وولي امر امرنا لما تحب وترضى وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه اذا ذكر وتذكر اذا نسي يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات. اللهم اجعلنا لنعمك والائك شاكرين. اللهم اعنا على ذكرك وعلى وعلى حسن عبادتك اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار عذاب النار. اللهم انا نسألك من الخير كله عاجله واجله. ما علمنا منه وما لم نعلم. ونعوذ بك من الشر كله. عاجله واجله ما علمت منه وما لم نعلم اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى اله وصحبه وسلم