الخبير احمده تعالى واشكره حمدا وشكرا كما يحب ربنا ويرضاه. واحمده واشكره حمدا وشكرا عدد خلقه وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته. واشهد ان لا لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين. وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون اتقوا الله حق التقوى. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن اتق الله يجعل له من امره يسرا. ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته. ويعظم له اجرا عباد الله ان لله تعالى سننا في هذا الكون. لا تتبدل ولا تتغير. بل هي سنن ثابتة كما قال ربنا عز وجل فهل ينظرون الا سنة الاولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا. ولابد من فقه هذه السنن ومن ربطها بما حدث ويحدث في هذا الكون لابد من ادراك العلاقة بين الاعمال واثارها والربط بين الاسباب ومسبباتها ولقد بين الله تبارك وتعالى لنا كثيرا من هذه السنن في كتابه الكريم. ونقف في هذه الخطبة مع عظيمة من هذه السنن التي نبهنا الله عز وجل اليها في محكم التنزيل وبينها رسوله صلى الله عليه وسلم في احاديث كثيرة وهي ان كل شر وبلاء وهلاك ودمار ونقص في الاموال والانفس والثمرات وسوء حال فسببه الذنوب والمعاصي. ومخالفة اوامر ربي عز وجل وقد اشار ربنا تبارك وتعالى الى ذلك بقوله وما اصابكم من مصيبة فبما ايديكم ويعفو عن كثير. انها الذنوب والمعاصي التي ما ظهرت في اللهلكتها ولا تمكنت من قلوب الاعمتها ولا فشت في امة الا اذلتها. بالمعصية تبدل ابليس بالايمان كفرا وبالقرب بعدا وبالرحمة لعنة وبالجنة نارا تلظى. بالمعاصي عم قوم نوح الغرق واهلكت عادل ريح العقيم واخذت ثمود الصيحة وجعل الله ديار قوم لوط عاليها سافلها وامطر عليهم حجارة من سجيل. فكلا اخذنا بذنبه فمنهم من ارسلنا عليه حاصبا ومنهم من اخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الارض ومنهم من اغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن انفسهم يظلمون. انها سنة الله عز وجل. فكلا اخذنا بذنبه. انها الحقيقة الصارخة فكلا اخذنا بذنبه تلكم الذنوب وتلكم عواقبها وما هي من الظالمين ببعيد. عباد الله ان للمعاصي شؤمها ولها عواقبها في النفس والاهل في البر والبحر تضل بها الاهواء وتفسد بها الاجواء بالمعاصي يهون العبد على ربه في رفع مهابته من قلوب خلقه ومن يهين الله فما له من مكرم. يقول الحسن رحمه الله هانوا عليه وعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم. اخرج الامام احمد في مسنده عن عبد الرحمن ابن جبير ابن نوفية عن ابيه قال لما فتحت قبرص رأيت ابا الدرداء رضي الله عنه رأيت ابا الدرداء جالسا وحده يبكي فقلت يا ابا الدرداء ما الذي يبكيك في يوم اعز الله فيه الاسلام واهله قال ويحك يا جبير ما اهون الخلق على الله اذا هم اضاعوا امره. بينما هي امة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا امر الله فصاروا الى ما ترى بسبب الذنوب والاثام يكون الهم والغم والحزن والعقد النفسية بها تزول النعم وتحل النقم وتتحول العافية ويستجلب سخط الله عز وجل. اذا ابتلي العبد بالمعاصي استوحش قلبه وضعف باهل الخير والصلاح صلته وجفاه الصالحون من اهله واقاربه. حتى قال بعض السلف اني والله اعصي الله فارى ذلك في خلق امرأتي ودابتي. ويقول اخر اني لا اعمل المعصية فاذهب فاجد تغيرا علي وانكر اخلاقهم معي. ان الذنب يقطع طرق الطاعة ويصد عن سبل الخير والذنب بعد الذنب يقسو به القلب. وتستحجر به النفس فيبتعد عن التوبة النصوح كما قال ربنا عز وجل ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم انفسهم. اولئك هم الفاسقون. ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم انفسهم قال ابن القيم رحمه الله واذا نسي العبد نفسه اعرض عن مصالحها ونسيها واشتغل عنها فهلكت وفسدت ولابد كمن له زرع او بستان او ماشية او غير ذلك مما صلاحه وفلاحه بتعاهده والقيام عليه فاهمله نسي واشتغل عنه بغيره وضيع مصالحه فانه يقصد وله. وهكذا من نسي الله عز وجل واعرض عن ذكره فان الله عز وجل ينسيه مصالحه الحقيقية التي تزكو بها نفسه. فيكون من الفاسقين ولا تكونوا كالذي نسوا الله فانساهم انفسهم اولئك هم الفاسقون. وما حصل للعبد من حال مكروها الا بذنب وما يعفو الله واكثره وكل نقص وبلاء وشر في الدنيا والاخرة فسببه الذنوب والمعاصي ومخالفة اوامر الرب فليس في العالم قط من الذنوب وموجبات وموجباتها واثار الحسنات والسيئات في القلوب والابدان والاموال. امر مشهود في لا ينكره ذو عقل سليم بل يعرفه المؤمن والكافر والبر والفاجر. يقول ابن عباس رضي الله عنهما ان للحسنة ضياء في الوجه ونورا في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق وان للسيئة سواد في الوجه وظلمة في القلب ووهن في البدن ونقصا في الرزق وبغضة في قلوب الخلق ان للذنوب والمعاصي عواقب جساما لا يعلمها الا الله تعالى. فكم اهلكت من امم ماضية وشعوب كانت قائمة؟ فهل ترى لهم من الباقية ولا تزال الذنوب تهدم في بناء الامم الحاضرة حتى تتحقق فيها سنة الله الجارية. كما قال ربنا عز وجل وكم اهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا. وكذلك اخذ ربك اذا اخذ القرى وهي ظالمة ان اخذه اليم شديد. ان المعاصي تحدث في الارض انواعا من في المياه وفي الهواء في الثمار وفي المساكن في الابدان. وفي الاموال ظهر الفساد في البر والبحر ما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون. فمن اثار الذنوب والمعاصي ما يحدث في بعض المجتمعات من حروب طاحنة ومعارك مدمرة وفوضى وانقسام الى شيع واحزاب. ومنها غلاء ونقص الاموال والثمرات كل هذا بسبب الذنوب والمعاصي. ومن اثار الذنوب والمعاصي على مستوى الفرض تعسير الامور على الانسان فلا يتوجه لامر الا ويجده مغلقا دونه او متعسرا عليه. اما كما ان من اتقى الله عز وجل جعل له من امره يسرا. ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا. فمن عطل التقوى جعل له من امره ويا لله العجب كيف يجد العبد ابواب الخير والمصالح مسدودة عنه متعسرة عليه وهو لا يعلم من اين اوتي ومن اثار الذنوب والمعاصي انها تعمي بصر القلب وتطمس نوره وتمرضه ولا تزال الذنوب تنكت في شيئا فشيئا حتى يصبح القلب مريضا معلولا. ثم ربما يكون عليه الران الذي ذكره الله تعالى في قوله كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون. قال ابن القيم رحمه الله ان تأثير الذنوب القلوب كتأثير الامراض في الابدان. بل ان الذنوب امراض القلوب وادواؤها ولا دواء الا تركها ومن اثار الذنوب والمعاصي انها تمحق البركة. تمحق بركة العمر وبركة الرزق وبركة المال وبركة الولد وبركة علم وبركة العمل وبركة الطاعة وبالجملة تمحق بركة الدين والدنيا. فلا تجد اقل بركة في عمرك ودنياه ممن عصى الله عز وجل. وما محيت البركة من الارظ الا بسبب معاصي الخلق. كما قال ربنا عز وجل ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات. لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض وبالايمان والتقوى تستجلب البركات. وبالمعاصي تمحق البركات. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروا وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد ان محمدا عبده ورسوله الداعي الى رضوانه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان خير في الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة. عباد الله وحين يبتلى الانسان في الوقوع في المعصية وتغلبه النفس الامارة بالسوء ويقوده الشيطان والهوى في غيبة من الناس وتستر وحياء وقد ستره الله عز وجل. فينبغي ان يستتر بستر الله وان يبادر الى التوبة والاستغفار ولكن هناك بعض البشر يبتلى بالمعصية وما يلبث حتى يجاهر بها وحتى يكشفوا ستر الله عليه. ويقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا. مجاهرة بمعصية الله عز وجل واعجب من هذا ان بعض الناس يبتلى بالمعصية ولا يكتفي بذلك. بل يقول بل يقوم بتصوير نفسه وهو متلبس بمعصية الله عز وجل. ثم يقوم بنشر ذلك المقطع. يقوم بنشره في الناس. وربه يستره وهو مصر على ان يجاهر بمعصية الله عز وجل. فهذا اثمه عند الله عز وجل عظيم. يقول النبي صلى الله عليه وسلم كل امتي معافى الا المجاهرين. وان من المجاهرة ان يعمل الرجل بالليل عملا. ثم يصبح وقد ستره الله علي فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا. وقد بات ربه يستره ويصبح يكشف ستر الله عنه. متفق عليه. ان المجاهرة بالمعصية جرم زائد على المعصية نفسها. فاذا ابتلي الانسان لمعصية الله فليستتر بستر الله وليبادر للتوبة والاستغفار. اما انه يبتلى بالمعصية ثم يقوم ويجاهر بهذه المعصية وينشر نفسه وهو متلبس بمعصية الله يفضح نفسه امام الخلائق. فهذا مما يزيد الجرم ويزيد الاسم ويعجل له بالعقوبة. كل امتي معافى الا المجاهرين. عباد الله وكل بني ادم خطاء وخير الخطائين التوابون. فمن وقع في معصية فليبادر الى التوبة. والاكمل ان يفعل ما ارشد اليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ما من عبد يذنب ذنبا ثم يقوم فيتوضأ ويصلي ركعتين ثم يستغفر الله الا غفر الله له. اخرجه احمد بسند صحيح. وهاتان الركعتان يسميها يسميها اهل العلم. بصلاة التوبة فكلما كلما وقعت في اثم او معصية قم وتوضأ وصلي ركعتين واستغفر الله تجد الله توابا غفورا رحيما والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم. ومن يغفر الذنوب الا الله. ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون وينبغي للمسلم ان يكثر من التوبة والاستغفار وان يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان يحسب له في المجلس الواحد انه ربي اغفر لي وتب علي انك انت التواب الرحيم. وان يكثر من من الاستغفار والتوبة وان يقول استغفر الله واتوب اليه او استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم واتوب اليه. وان رحمة الله تعالى بعباده عظيمة ومغفرته واسعة فهو واسع المغفرة وهو الغفور الغفار وهو التواب. قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير. وقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. اللهم ارضى عن عن صحابته اجمعين. اللهم ارضى عن ابي بكر الصديق وعن عمر الفاروق وعن عثمان ذي وعن علي ابن ابي طالب وعن سائر صحابة نبيك اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم اذلنا الكفر والكافرين. اللهم انصر من نصر دين الاسلام في كل مكان. واخذل من خذل دين الاسلام في كل مكان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم وفقه ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعه والعمل بكتابه وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم واجعلهم رحمة لرعاياهم. اللهم وفق امامنا وولي امرنا لما فيه صلاح البلاد والعباد. اللهم ارزق البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه اذا ذكره وتذكره اذا نسي يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انت الله لا اله الا انت انت الغني ونحن الفقراء انزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. اللهم اسقنا واغثنا. اللهم اسقنا واغثنا. اللهم اسقنا واغثنا. اللهم انزلنا من بركات اللهم اخرج لنا من بركات الارض اللهم اسقنا سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا عذاب ولا هدم ولا غرق. اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا ولا بما فعل السفهاء منا. اللهم ان نطمع في فضلك وكرمك ورحمتك وجودك يا اجود الاجودين. اللهم اسقنا الغيث ولا تجعل من القانطين. اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. نسألك اللهم من الخير كله. عاجله واجله ما علمنا منه ونعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين