الحمد لله الذي امرنا بالمسارعة الى الخيرات. وحذرنا من الاغترار بالدان الفادي بالدار الفانية عن الطاعات وامرنا بالاستعداد ليوم الحسرة والندمات. واشهد ان لا لا اله الا الله وحده لا شريك له. اليه المصير. واليه ترجع الامور. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. حث على المبادرة بالاعمال قبل حلول الاجال واغتنام الاوقات قبل هجوم الافات. صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين. وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاتقوا الله ايها اتقوا الله حق التقوى. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. عباد الله خلق الله جعل الانسان لتحقيق غاية عظيمة خلق الله الانسان لحكمة بالغة الا وهي تحقيق عبودية لله عز وجل. كما قال ربنا وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. وقد جاء قال الله تعالى دار الحياة الدنيا جعلها دار ابتلاء واختبار وامتحان. ان خلقنا الانسان من نطفة امشاج نبتليه. فجعلناه سميعا بصيرا. الذي خلق الموت الحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وهو العزيز الغفور. وقد جعل الله تعالى اقامة الانسان في هذه الدنيا محدودة وايامه معدودة وجعل سعادته وشقاوته مبنية على ما في هذه الدار دار العمل والابتلاء والاختبار. وان الانسان العاقل الذي يعلم انه في دار الابتلاء والامتحان وانه سينتقل ساعة من الساعات سينتقل عنها لا محالة الى الجزاء والحساب وان سعادته او شقاوته مبنية على ما يقدمه لنفسه في هذه الدار يبادروا باغتنام ساعات عمره في هذه الحياة الدنيا في دار العمل والاختبار فيما يحقق له في الدار الاخرة. ان السعادة الحقيقية للانسان ليست والله فيما ليحصله ولا في دنيا يصيبها او في مجد يؤثره او في منصب يناله او في جاه بين الناس. لا والله ان السعادة الحقيقية ما تكمن في طاعة الله عز وجل. وان الانسان لن يجد السعادة الحقيقية. واقول الحقيقية لا السعادة الزائفة الموهومة لن يجدها ابدا الا في طاعة الله عز وجل مهما نال من ملذات الدنيا يقول ربنا عز وجل من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون. ويقول ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشر يوم القيامة اعمى. عباد الله واذا كانت سعادة الانسان في الدنيا والاخرة لا تتحقق الا الا بطاعة الله عز وجل فحري بالعقل ان يسلك ان يسلك طريق الطاعة ودروب الالتزام بشرع الله من غير تردد ولا تسويف. ان بعض الناس يعلم ان السعادة انما تكون في طاعة الله. وانه لا فوز الا بطاعة الله ولكن الشيطان قد صدهم عن سلوك درب الطاعة والمبادرة اليها صدهم والوعود والتسويف وطول الامل يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا. وان العاقل بادروا بالاعمال الصالحة قبل فوات وقتها فان الفرص تفوت وان اجل الانسان موقوت. يقول ربنا عز وجل سارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين. فاستبقوا الخيران سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض. وهذه النداءات الربانية لهذه الايات وامثالها عن المساهمة في التجارة الرابحة في الدار الباقية والنعيم المقيم. انه نداء من اصدق القائلين انه نداء ممن لا يضيع لديه عمل عامل. نداء لمساهمة تربح اضعافا مضاعفة تكون فيها الحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة. والله يضاعف لمن يشاء. والله واسع عليم. عباد ان لكل عامل جزاء ولكل مفرط ندامة ولكل شيء في هذه الدنيا نهاية. كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام. وكل ما هو ات فهو قريب. ولكل اجل كتاب. وقد اعطيت يا ابن ادم امكانيات تستطيع بها ان تعمل لنفسك في دنياك ما ينفعك في اخرتك. وان هذه الامكانيات ليوشك ان منك عما قريب فلا تستطيع حينئذ العمل فالحذر من التسويف. والجري وراء الامانة الكاذبة والامال الخداعة عباد الله نحن الان معشر الموجودين في المسجد لو سئل اي واحد منا هل انت موقن بالموت وما بعده من الجزاء والحساب. هل انت على يقين؟ هل انت على يقين بان بقاءك في هذه الدار؟ موقوت بوقت معين ثم تنتقل من دار العمل الى دار الجزاء والحساب؟ هل انت على يقين بالجنة والنار؟ سيقول كل واحد منا قطعا وبلا تردد؟ نعم انا موقن بذلك كله وليس عندي في ذلك ادنى شك او تردد والحمد لله اذا فما الذي يمنع من الاستعداد والتزود بالاعمال الصالحة؟ تأهبا لذلك المستقبل المقطوع بقدومه. وما الذي يمنع من ذلك ومستقبل الانسان الحقيقي انما هو فيما بعد الموت من نعيم ابدي او عذاب سرمدي ان من اكبر المعوقات عن ذلك سلاح خطير استخدمه عدونا الشيطان الرجيم استخدمه للتثبيت عن المبادرة للطاعات انه الامل والتسويف. طول الامل والاماني الكاذبة يعول الانسان على المستقبل ويمني نفسه. ويعدها بالتزود بالصالحات عند بلوغه سنا معينة واذا به تمر عليه الليالي والايام والشهور والاعوام وما قدم لنفسه شيئا. وهو بهذا لن يحج بالندامة والاسى والحسرة على ذلك التفريط الا عندما يأتيه هادم اللذات الا عندما تقوم قيامته ومن مات فقد قامت قيامته فيتحسر حينئذ ويتأسف ولكن هيهات لا ينفع الندم ولا الاسف ولا الحسد حينئذ يقول ابن الجوزي رحمه الله اعجب الاشياء اغترار الانسان بالسلامة. وتأمينه الاصلاح فيما بعد وليس لهذا الامل منتهى ولا للاغترار حد. فكلما اصبح وامسى معافى زاد القرار وطال الامل واي موعظة ابلغ من ان ترى ديار الاقران واحوال الاخوان وقبور المحبوب فتعلم انك بعد ايام مثله ثم لا يقع منك انتباه حتى ينتبه الغير بك حاشى من له عقل ان يسلك هذا المسلك؟ بلى والله ان العاقل ليبادر السلامة فيدخر من زمنها للزمن ويتزود عند القدرة على الزاد لوقت العسرة خصوصا من قد علم ان مراتب الاخرة انما تعلو بمقدار علو العمل لها وان بعد الفوت لا يمكن. ومن اجال على خاطره ذكرى الجنة التي لا موت فيها ولا مرض ولا نوم ولا هم ولا غم بل لذاتها متصلة من غير انقطاع وزيادتها على قدر زيادة الجد هنا انتهب هذا الزمان. ومن رأى ان قد مضت لذته وبقيت افاته كفاه ذاك زاجرا عن مثله عباد الله وان من اعظم الدلالة على ان الامل والتسويف والاماني انها من اكبر المعوقات عن مبادرة للطاعات انه لو فرض انه يطلق انه لو فرض انه قيل لواحد منا انك ستموت بعد ايام قلائل اما تظنون ان هذا الانسان سيفعل؟ وباي شيء سيشتغل؟ والى اي شيء سيبادر لا شك انه لن يشتغل بشيء غير ما يقدمه لنفسه من الاعمال الصالحة. بل انه سيستغل كل لحظة مما تبقى من فيما يزيد رصيد حسناته. وهذا يدل على ان من اكبر ما يصد الناس عن المبادرة للطاعات انما هو طول الامل والتسويف. ولكن العاقل يعلم انه معرض للموت في اية لحظة وفي اي وقت. فيبادر بالاستعداد له ما دام في زمن الامهال ولا يعتمد ويعول على امال وامانية كاذبة قد تجر عليه الحسرات والندامة. ان التعويل على تلك الاماني لمسلك خطير جدا. فكم جر من ويلات وكم جر من حسرات ومن تقاعس عن الطعام وكما قيل اكثر صياح اهل النار من سوف اي انهم يقولون في هذه الدنيا سوف نعمل سوف نعمل حتى فجأهم الموت وما عملوا فندموا الندم العظيم. والحياة ايها الاخوة فرصة واحدة غير قابلة وكما قيل لو طلب من اهل القبور ان يوصوا الاحياء لقالوا احذروا التسويف. فاتقوا الله عباد الله وبادوا بالاعمال الصالحة ما دمت في زمن الامهال فانكم الان في دار العمل وغدا ستكونون في دار الجزاء والحساب روي ان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه كان يقول التأني في كل شيء خير الا في اعمال الخير في الاخرة. كان الحسن يقول مبادرة المبادرة فانما هي الانفاس لو حبست وانقطعت عنكم اعمالكم التي تتقربون فانما هي الانفاس لو حبست لانقطعت عنكم اعمالكم التي تتقربون بها الى الله عز وجل. رحم الله امرأ نظر الى نفسه وبكى على ذنوبه ثم قرأ هذه الاية انما نعد لهم عدا. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. سابقوا الى مغفرة من ربكم. وجنة عرضها عرض السماء والارض اعدت للذين امنوا بالله ورسله. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. والله ذو الفضل العظيم بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب. فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو التواب الرحيم الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه. واشهد ان محمدا عبده ورسوله الداعي الى رضوانه صلى الله عليه وعلى اله آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فإن خير الحديث كتاب الله. وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة عباد الله اخرج المسلم في صحيحه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما لاصحابه من اصبح منكم اليوم صائما؟ قال ابو بكر انا يا رسول الله قال فمن اطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال ابو بكر انا يا رسول الله. قال فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ قال ابو بكر انا يا رسول الله قال فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال ابو بكر انا يا رسول الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما اجتمعن في امرئ الا دخل الجنة. وانظروا عباد الله لما طرح النبي صلى الله عليه وسلم هذه الاسئلة الاربعة. اراد بطرحها ان يستحث الصحابة على المبادرة للاعمال الصالحة وانه ينبغي ان تكون نفس المسلم نفس المعطاءة. تبحث عن الخير وتبادر اليه. ولما طرح النبي صلى الله عليه وسلم هذه الاسئلة الاربعة اذا برجل عظيم من اصحابه قد فعلها كلها في يوم واحد ولهذا كان هذا الرجل هو افضل الصحابة باجماع اهل السنة والجماعة. وهو ابو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وارضاه وربما تكون له اعمال صالحة اخرى في هذا اليوم ربما تكون له اعمال صالحة اخرى في ذلك اليوم فانه كثير الصدقة وكثير العتق ويحمل هم الدعوة الى الله عز وجل. وقد اسلم على يديه كثير من الصحابة. وهكذا ينبغي ان يكون المسلم ذا نفس المعطاءة ذا نفس مبادرة للطاعة مسابقة للخيرات. ان من من هو صالح في نفسه يكتفي باداء الفرائض وربما يأتي بشيء يسير من النوافل لكن ليس عنده روح المبادرة والمسارعة للخيرات. فربما مر بفقير فلا تتحرك نفسه للصدقة عليه. وربما سمع بان جارا له او قريبا له مريظ فلا يبادره بالزيارة والعيادة. وليس عنده مبادرة لصيانة النافلة ولا لاتباع الجنائز. ويرى الهجر والقطيعة اما بين ارحامه. او بين جيرانه او بين زملائه لا تتحرك نفسه للسعي في الاصلاح بين المتخاصمين. بل ربما تكون المشكلة داخل بيته فيرى ابنته او اخته عاصمة مع زوجها فلا يسعى للاصلاح بينهما. يقابل انسانا غير مسلم فلا تتحرك نفسه لدعوته للاسلام بل ربما يكون الخادم غير المسلم في بيته يعيش في بيته مدة طويلة ولم تتحرك نفسه في بذل اي جهد في بدعوته للاسلام هذا الصنف موجود في المجتمع وهذا الصنف تفوته اجور عظيمة وخيرات كثيرة وهذا النوع من المؤمنين مؤمن ضعيف. وخير منه المؤمن القوي ذو النفس المعطاءة تسري فيه تسري في دمه رح المبادرة للطاعات. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن القوي خير واحب الى الله من المؤمن الضعيف وفي كل الخير. استعن بالله ولا ولا تعجزه. احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز عنه. فالمؤمن قوي هو المؤمن ذو النفس المعطاءة المبادرة للخيرات المسابقة الطاعات هذا خير واحب الى الله تعالى من الانسان السلبي. الذي فقط يأتي بالفرائض وما تيسر من من غير ان يكون لديه روح المبادرة للخيرات وللطاعات. وان كان في كل الخير. ولهذا قال عليه الصلاة والسلام المؤمن القوي خير واحب الى الله من المؤمن الضعيف وفي كل الخير. فينبغي ان تحرص يا اخي المسلم على ان تكون مؤمنا قويا ذا نفس معطاءة مبادرة للخير ما ان تسنح فرصة من فرص الطاعة ومن فرص الخير الا وتبادر اليها فانك بهذا تحصل اجورا عظيمة وحسنات كثيرة. والموفق من وفقه الله تعالى الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير فقد امركم الله بذلك. وقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك عبدك ورسولك محمد. اللهم ارضى عن صحابة نبيك اجمعين وعن التابعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم انصر الاسلام والمسلمين. اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم انصر من نصر دين الاسلام في كل مكان. وخذ من خذل دين الاسلام في كل مكان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم امر بامة الاسلام امرا رشدا. وعز فيه اهل طاعته. ويهدى فيه اهل معصيته. ويأمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر اللهم انا نسألك من الخير كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من شر كله عاجله واجله ما علمنا منه اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعه والعمل بكتابه وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم واجعله رحمة لرعاياهم اللهم وفق امامنا وولي امرنا خادم الحرمين وولي عهده لما فيه صلاح البلاد والعباد. اللهم قرب منهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه. يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انت الله لا اله الا انت انت الغني ونحن الفقراء. انزل علينا غيث ولا تجعلنا من القانطين. اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. اللهم اسقنا واغثنا. اللهم انزل لنا من بركات السماء. اللهم اخرج من بركات الارض. اللهم انا نستغفرك انك كنت غفارا. اللهم فاغسل السماء علينا مدرارا. اللهم انا خلقك من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فظله اللهم اغث قلوبنا بالايمان واغث بلادنا بالغيث النافع المبارك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اغفر لنا ولا المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين