الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وهو العزيز الغفور احمده تعالى واشكره حمدا وشكرا كما يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه. واحمده واشكره محمدا وشكرا كما كما يحب ربنا ويرضاه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله الله تعالى بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله باذن وسراجا منيرا. وبلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة. فصلوات الله وسلامه عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين. اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون. اتقوا الله حق التقوى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم لكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. عباد الله يقول احد احد السلف ما رأيت يقينا لا شك فيه هو اشبه من شك لا يقين في من الموت نعم ان من يرى حال الناس وانكبابهم على الدنيا وغفلتهم وغفلة عن الاخرة واستبعادهم لوقوع الموت. وطول املهم في الدنيا ليعجب فكأن الموت الذي لملاقيه كل انسان في هذه الدنيا كأنه شك لا يقين فيه. مع ان الموت هو الحقيقة اليقينية التي لا يشك فيها الناس على اختلاف اديانهم ومللهم. يعيش الانسان في هذه الحياة الدنيا غافلا لاهيا تمر به الليالي والايام والشهور والاعوام الى ان تأتي تلك الساعة ساعة النقلة من عالم الدنيا الى عالم الاخرة. فيرى الدنيا حينئذ على حق حقيقتها ويندم ندما عظيما ويتحسر حسرات على تفريطه في اغتنام ساعات في عمره فيما ينفعه بعد مماته. يكفي يكفي ان تتفكر في تلك الساعة. ساعة النقلة من الدنيا الى الاخرة ساعة الاحتضار يكفي ان يتأمل الانسان وان يتفكر فيها. ان ساعة الاحتضار وخروج الروح ومفارقتها البدن ساعة مهيبة. ساعة عظيمة سوف تمر بكل واحد منا كل نفس ذائقة الموت. وان التفكر في تلك الساعة كفيل بان يهز مشاعر الانسان. وان يوقظه من الغفلة يقول ابن الجوزي رحمه الله ان المحتضر ينتبه في هذه الساعة ينتبه انتباها لا يوصف ويقلق لا يحد ويتلهف على زمانه الماضي. ويود لو ترك كي يتدارك ما فاته. وكي يصدق في توبته على مقدار يقينه بالموت ويكاد يقتل نفسه قبل موتها بالاسف. ولو وجدت ذرة من تلك الاحوال في زمن العافية لحصل كل مقصود من العلم والتقوى فالعاقل من مثل تلك الساعة وعمل بمقتضى ذلك. عباد الله ان ساعة الاحتضار ساعة فاصلة في حياة الانسان ينتقل فيها الانسان من عالم الدنيا الى عالم الاخرة. ومن مات فقد قامت قيامته في تلك الساعة المهيبة يصاب الانسان بفزع وخوف عظيم. لانه مقبل على امور عظيمة. كما انه يصاب بحزن الشديد على مفارقته لاهله وماله. ولكن الله عز وجل من رحمته ولطفه بالمؤمنين انه الملائكة على المؤمنين في تلك الساعة تطمئنهم وتبشرهم كما قال ربنا عز وجل الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة اي عند الموت. في ساعة الاحتضار الا تخافوا اي تقول لهم الملائكة عند الموت لا تخافوا مما تقدمون عليه ولا تحزنوا اي على ما خلفتموه من امر الدنيا من ولد واهل ومال ثم تبشرهم البشارة العظيمة وتقول لهم وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون. فيبشرونهم بذهاب الشر وحصول الخير. فيا لها من بشارة عظيمة ان الانسان اذا كان في موقف عصيب واتاه احد من الناس وبشره بامر عظيم يحبه زالت عنه الهموم والغموم فما بالك بمن يعالج سكرات الموت وخروج الروح وهو في فزع وخوف وحزن ثم تأتيه البشارة من الله جنة وتقول له الملائكة ابشر بالجنة التي كنت توعد فيا لها من بشارة عظيمة تأتي المؤمن في هذا الوقت العصيب وفي المقابل الظالمون لانفسهم بالمعاصي والموبقات. عند ساعة الاحتضار تفزع نفوسهم فزعا عظيما وتحاول ان ترتد الارواح في اجسادها ولكن الملائكة تنتزعها انتزاعا. كما قال ربنا عز وجل لو ترى اذا الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسط ايديهم اي بالضرب كما قال المفسرون وكما قال الله تعالى والنازعات والنازعات غرقا. فتضربهم الملائكة حتى تخرج ارواحهم من اجسادهم تضربهم الملائكة وهي تقول لهم اخرجوا انفسكم اليوم تجزئون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن اياته تستكبرون. فقارنوا رحمكم الله بين من يبشر برضوان الله تعالى سنته ويقال لهم ابشروا بالجنة التي كنتم توعدون وبين من يبشر بسخط الله تعالى وعذاب الجحيم. ويقال لهم اليوم تجزون عذاب الهون. ان الانسان في ساعة الاحتضار يعرف مصيره. هل هو من اهل او هو من اهل النار كما دل لذلك النصوص. فالسعيد من استعد لتلك الساعة وما بعدها وتدارك ما تبقى من العمر عباد الله ويصف النبي صلى الله عليه وسلم تفاصيل تلك الساعة وتفاصيل نزع الملائكة للروح واستخراجها لروح المؤمن ونزعها بروح غيره. يصف النبي صلى الله عليه قدم هذا المشهد وصفا مفصلا فيقول ان العبد المؤمن اذا كان في انقطاع من الدنيا واقبال من الاخرة نزل اليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من اكفان الجنة وحنوط من حانوت الجنة حتى يجلسوا علمه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول ايتها النفس الطيبة اخرجي اخرجي الى مغفرة من الله ورضوان. فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء. فيأخذها اذا اخذها لم يدعها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوت وتخرج ويخرج منها كاطيب ريح ويخرج منها كاطيب نفحة مسك وجدت على وجه الارض قال فيصعدون بها فلا يمرون فلا يمرون على ملأ من الملائكة الا قالوا ما هذه الروح الطيبة؟ فيقولون فلان فلان ابن فلان باحسن اسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا بها الى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح لهم فيشيعه من كل سماء مقربوها الى السماء التي تليها حتى ينتهى به الى السماء السابعة فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين واعيدوه الى الارض فاني منها خلقتهم وفيها اعيدهم ومنها اخرجهم تارة اخرى فتعاد روحهم في جسده وانه ليسمع قرع نعال اصحابه اي بعد دفنهم وانصرافهم. فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك؟ فيقول ربي الله. فيقولان ما دينك؟ فيقول ديني الاسلام. فيقول ان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول هو رسول الله هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. في نادي مناد في السماء ان صدق عبدي فافرشوه من والبسوه من الجنة وافتحوا له بابا الى الجنة فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول ابشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت تعد فيقول له من انت؟ فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير فيقول انا عملك الصالح. فيقول حينئذ ربي اقم الساعة حتى يرجع الى حتى ارجع الى اهلي ومالي وان الكافر اذا كان في انقطاع من الدنيا واقبال من الاخرة نزل اليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول ايتها النفس الخبيثة اخرجي الى سخطك من الله وغضب قال فتفرقوا في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فاذا اخذها لم يدعها في يده طرفة عين حتى يجعلها في تلك المسوح وتخرج منها كأنتني ريح جيفة وجدت على وجه الارض فيصعد وبها ولا يمرون بها على ملأ من الملائكة الا قالوا ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون فلان ابن فلان باقبح اسمائهم التي كان يسمى بها في الدنيا فينتهى به الى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفتح لهم ابواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط. فيقول الله عز وجل اكتبوا في سجينا في الارض في الارض السفلى فتطرح روحه طرحا ثم قرأ ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطيب او تهوي به الريح في مكان سحيق. فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك؟ فيقول قولوا ها ها لا ادري فيقولان ما دينك؟ فيقول ها ها لا ادري فيقولان ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول ها ها لا ادري فينادي منادي من السماء ان كذب وفي رواية فيضربونه بمرزبة من فيصيح صيحة يسمعه جميع من في الارض الا الثقلين اي الا الجن والانس. وينادي منادي من ان كذب فافرشوا له من النار وافتحوا له بابا الى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى فيه اضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول ابشر بالذي يسوء هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من انت؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر فيقول انا عملك الخبيث. فيقول يا ربي لا تقم الساعة وانما يقول يا ربي لا تقم الساعة مع انه في عذاب القبر الا انه يعلم بانه اذا قامت الساعة سينتقل الى عذاب اشد منه. فاتقوا الله ايها المسلمون. وتداركوا ما تبقى من العمر. فلا ان لم يتبقى من العمر لعله يكون قليلا. ولعل تلك الساعة قريبة من الانسان وهو لا يشعر. فكم من انسان اصبح صحيحا معافى لم يخطر بباله الموت وامسى بين اهل القبور. اللهم وفقنا لتدارك ما تبقى من اعمارنا في طاعتك. اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اللهم ارزقنا التوبة النصوحة. اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا اللهم وفقنا لان نعبدك كما تحب وترضى. اللهم استعملنا في طاعتك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام الحمد لله على حسابه والشكر له على توفيقه وامتنانه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيم لشأنه. واشهد ان محمدا عبده ورسوله الداعي الى رضوانه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاعلموا ان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي وخير الهدي محمد صلى الله عليه وسلم بدعة. عباد الله وان الانسان اذا كان في فترة البرزخ عليه مقعده من الجنة ومقعده من النار. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته اذا مات الرجل عرض عليه مقعده بالغداة والعشي. ان كان من اهل الجنة فالجنة. وان كان من اهل النار فالنار. ثم يقال هذا مقعدك الذي يبعث اليه يوم القيامة كم بيننا وبين هذا الموقف الذي يعرض فيه على الانسان مقعده من الجنة والنار. يعرض عليه في اليوم مرتين المرة الاولى بالغداة اي في اول النهار والمرة الثانية بالعشي اي في اخر النهار. يعرض عليه مقعده من الجنة والنار الى ان يبعث يوم القيامة ويعرض عليه مرتين غدوة وعشيا. فاما من كان من اهل الجنة فانه يسر يرتبط ويشكر الله عز وجل ويقول ربي اقم الساعة حتى يكون في مقعده في ذلك الجنة. واما من كان من اهل النار فيزداد حصدة والما وكل يوم يرى مقعده وكل يوم يرى مقعده غدوة وعشية الى يوم القيامة. ويقال هذا هو مقعدك من النار الذي تبعث اليه يوم القيامة. فيكون متحسرا يا ربي لا تقم الساعة. مع ما هو في ما فيه العذاب الا انه يرى ان انه اذا قام في الساعة فسينتقل الى عذاب اشد. عباد الله كم بيننا وبين هذا الموقف الذي يعرض على الانسان فيه مقعده كل يوم مرتين غدوة وعشيا ما بيننا وبينه الا الموت. والموت مغيب عنا وما اتدري نفس باي ارض تموت؟ واذا كانت لا تدري باي ارض تموت فانها لا تدري في اي زمن تموت من باب اولى عباد الله نعيش في هذه الحياة الدنيا ونقطع كل يوم مرحلة من مراحلها. وكل يوم يمضي كل يوم تغرب شمسه يقربنا الى الموت وما بعده. نقطع به مرحلة الى الدار الاخرة. ونبتعد به عن الدنيا كل يوم ينقص به العمر ويقترب به الاجل. كما قال بعض السلف يا ابن ادم انما انت ايام اذا ذهب يوم ذهب بعضك والعجيب ان الانسان يرى يرى الموت يتخطف الناس من حوله من غير ان يفرق بين صغير وكبير وصحيح ومريض غني وفقير واعجب من ذلك ان الانسان يشيع جنائز هؤلاء الموتى ولا يحدث ذلك في نفسه اثرا كبيرا لانه يستبعد الموت ويمنيه الشيطان ويعده بان يعيش عمرا طويلا ولا يعتبر بمن كانت حاله كذلك يعيش في وعافية قد علق الامال وخطط للمشاريع وخطط لاعمال يريد القيام بها ثم اذا به يفجأه الموت ينتقل في لحظات في لحظات يسيرة من دار العمل الى دار الجزاء والحساب. قد ترك الدنيا وراءه ظهريا ترك المال وترك الاهل وترك البنين ولم يبقى له الا ما قدم من عمل صالح. فالعاقل من يعتبر ويستعد لتلك الاهوال العظيمة يستعد للموت وما بعده. فان الحياة ايها الاخوة فرصة واحدة غير قابلة للتعويض من نجح في هذا الاختبار العظيم الذي نعيش فيه الان فقد سعد السعادة العظيمة والسعادة الابدية ومن فشل في هذا اختبار الذي نعيشه الان فقد خسر الخسارة العظيمة خسر كل شيء حتى نفسه فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فاولئك الذين خسروا انفسهم في جهنم خالدون. خسروا كل شيء حتى انفسهم. حتى اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون قال ربي ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنيب فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. اللهم ارض عن صحابة نبيك اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك رب العالمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم ادم الكفر والكافرين. اللهم انصر من نصر دين الاسلام في كل مكان. اللهم اخذل من خذل دين الاسلام في كل كل مكان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم وابرم لامة الاسلام امرا رشدا. يعز فيه اهل طاعتك ويهدى فيه اهل معصيتك. ويأمر فيه بالمعروف منها في اهل المنكر يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا. واصلح لنا اخرتنا التي اليها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير. واجعل الموت راحة لنا من كل شر. اللهم اصلح احوال المسلمين في كل مكان اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعه والعمل بكتابه وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم واجعلهم رحمة لرعاياهم. اللهم وفق امامنا ولي امرنا ونائبه لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم البر والتقوى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الحق وتعينهم عليه يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام نسألك اللهم من الخير كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله ما علمنا منه وما لم نعلم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين