السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله حي حي على حي على الفلاح الله لا اله الا الله الحمد لله الذي جعل في السماء بروج وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن اراد ان يتذكر او اراد شكورا احمده تعالى واشكره حمدا وشكرا كثيرا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه واله وسلم تسليما كثيرا اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون اتقوا الله حق التقوى. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما عباد الله الحديث في هذه الخطبة عن امر عظيم فريد من نوعه. نفيس في قيمته يملكه كل انسان الغني والفقير والصغير والكبير والذكر والانثى يملكونه بالتساوي هذا الامر لعظمته ونفاسته وكبير اهميته اقسم به ربنا عز وجل جملة وتفصيلا انه الوقت الوقت الذي هو عمر الانسان وحياته وكل واحد من البشر يملك في اليوم والليلة اربعا وعشرين ساعة هل رأيتم احدا من البشر يملك اكثر من اربع وعشرين ساعة؟ كلا ولكن الناس متفاوتون تفاوتا عظيما في ادراك اهميته فظلا عن حسن اغتنامه فيما ينفع فمن الناس من يعيش عمرا طويلا وسنين عديدة. ولكن عندما تتأمل في واقعه وحاله تجد ان وقتهم ضائعا مبعثرا ما بين اشغال الدنيا التي لا تنقضي او الاستغراق في شهواته وملذاته او امضاء الوقت فيما لا ينفع وكأن هذا الانسان مخلوق ليس له هدف في الحياة بينما تجد اخرين اغتنموا اوقاتهم فيما ينفعهم فهم يرون ان الواجبات اكثر من الاوقات. فعمروا اوقاتهم فيما ينفعهم من دينهم ودنياهم ومن امور اخرتهم ودنياهم قاموا بحقوق الله وحقوق خلقه فهم من اكثر الناس سعادة ومن اهنئهم عيشا عباد الله ان الوقت هو عمر الانسان في هذه الحياة. وقد كتب لكل انسان ان يعيش عمرا محددا في هذه الدنيا لا يتقدم عليه ولو بدقيقة ولا يستأخر عنه ولو بدقيقة. ولن يؤخر الله نفسا اذا جاء اجلوها اذا جاء اجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. هذا الوقت هو عمره فلا يزيد وعليه ولا ينقص منه هذا الوقت الذي يعيشه الانسان في هذه الدنيا هو محل اختبار له. ماذا يعمل فيه؟ فنحن الان نعيش في هذا الاختبار تحصى علينا جميع اعمالنا واقوالنا وحركاتنا وسكناتنا. ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد. وان عليكم لحافظين. كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون. وهذه الايام بمثابة الخزائن التي نودع فيها كل يوم اعمالا ثم يوم القيامة تفتح هذه الخزائن يحاسب كل انسان على ما اودعه فيها حسابا دقيقا. ولو ان للذين ظلموا ما في الارض جميعا ومثله ومعه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة. وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون. وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون عباد الله ولنفاسة الوقت وعظيم شأنه اقسم الله تعالى به جملة وتفصيلا اقسم الله تعالى به جملة فقال والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ومن المعلوم ان الله عز وجل اذا اقسم بشيء دل ذلك على عظمة المقسم به وعلى اهميته وعلو شأنه والعصر هو الدهر اي الزمن والوقت كما قال به اكثر المفسرين وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما واختاره ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره قال ابن القيم رحمه الله ان تسمية الدهر عصرا امر معروف في لغات العرب وكما اقسم الله تعالى بالوقت جملة فقد اقسم باجزاء منه. فقال سبحانه والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى والفجر وليال عشر والضحى والليل اذا سجى وقد جاء في السنة احاديث كثيرة تؤكد قيمة الوقت واهمية اغتنامه فيما ينفع وعن معاذ رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لن تزول قدم عبدي يوم القيامة حتى يسأل عن اربع عن عمره فيما افناه وعن شبابه فيما ابلاه وعن ماله من اين اكتسبه وفيم انفقه وعن علمه ماذا عمل فيه فانظروا عباد الله الى هذه الاسئلة الاربعة التي توجه الى المكلف يوم القيامة كم يخص الوقت منها نعم انه يخص الوقت منها سؤالان رئيسان السؤال الاول عن عمره فيما افناه والسؤال الثاني عن شبابه فيما ابلاه وهكذا يسأل الانسان عن عمره عامة وعن شبابه خاصة مع ان الشباب داخل في العمر ولكن لان الشباب هو سن الحيوية والعزيمة. ولان الشباب هو سن القوة مرحلة القوة بين ضعفين ضعف الطفولة ضعف الشيخوخة فيسأل عنه سؤالا خاصا فالموفق من عرف كيف يغتنم وقته وكيف يعد للسؤال جوابا؟ وللجواب صوابا ويعرف كيف يستفيد من فراغه وصحته فيما ينفعه وفيما يغتبط به يوم يلقى ربه عباد الله ان هذا الوقت عجيب عجيب جدا في سرعة انقضائه. فهو يمر مر السحاب ويجري جري الريح. سواء اكان الانسان في زمن مسرة او اكتئاب ومهما طال عمر الانسان فهو قصير ما دام ان الموت نهايته وعند الموت تنكمش الاعوام والعقود التي عاشها الانسان حتى لك انها لحظات مرت كالبرق الخاطف اخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ وتأملوا عباد الله هذا الحديث العظيم الذي ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم هاتين النعمتين وبين ان اجتماعهما نعمة من الله على الانسان وان المفرط في اغتنامهما وفي الافادة منهما منهما كثير من الناس. فهم المغبون بذلك ويفهم من ذلك ان الموفق لاغتنام هاتين النعمتين قليل من الناس قال بعض اهل العلم معنى هذا الحديث ان المرء لا يكون فارغا حتى يكون مكفيا صحيح البدن فمن حصل له ذلك فليحرص احرص على الا يغبن بان يترك شكر ما انعم الله به عليه. ومن شكره امتثال اوامره واجتناب نواهيه. فمن فرط في ذلك هو المغبون قال ابن الجوزي رحمه الله قد يكون الانسان صحيحا ولا يكون متفرغا لشغله بالمعاش وقد يكون مستغنيا ولا يكون صحيحا فاذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون وتمام ذلك ان الدنيا مزرعة الاخرة وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الاخرة فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبون ومن استعملهما في معصية الله فهو المغبون لان الفراغ يعقبه الشغل والصحة يعقبها السقم ولو لم يكن الا الهرم عباد الله واسوتنا وقدوتنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اعظم الناس اغتناما لوقته بعث وعمره اربعون ومات وعمره ثلاث وستون اي انه بقي في البعثة والرسالة ثلاثا وعشرين سنة فقط ومع ذلك غير وجه التاريخ البشرية واخرج الله به الناس من الظلمات الى النور في ثلاث وعشرين سنة فقط واكمل الله به الدين واتم به النعمة وهو اسوتنا وقدوتنا في اغتنام الاوقات. صلوات الله وسلامه عليه واذا نظرنا الى واقع صحابته رضي الله عنهم نجد ان عندهم الحرص الشديد على حسن ادارة واغتنام اوقاتهم هذا سعد بن معاذ رضي الله عنه اسلم وعمره واحد وثلاثون ومات وعمره سبع او ثمان وثلاثون اي انه بقي في الاسلام ستة او سبعة سنين فقط ومع ذلك لما مات اهتز لموته عرش الرحمن سبحان الله بقي في الاسلام ست او سبع سنين ولما مات اهتز لموته عرش الرحمن فيا ترى بما امضى هذه السنيات هذه السنوات القليلة ما الذي عمل فيها ما الذي عمل فيها من اعمال كانت النتيجة ان عرش الرحمن يهتز لموته فرحا بقدومه كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه اجلي ولم يزدد فيه عملي وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه اذا غربت الشمس ضرب قدميه بالدرة وقال يا نفس هذا يوم غربت شمسه ماذا عملت اليوم؟ ماذا قدمت لغد؟ ويحاسب نفسه وقيل لعمر ابن عبد العزيز رحمه الله لو ركبت وتروحت فقال من يقوم عني بعمل ذلك اليوم؟ قالوا تؤديه من الغد قال قد اعياني عمل يوم واحد فكيف اذا اجتمع علي عمل يومين ويصف الحسن رحمه الله حرص السلف الصالح على اغتنام اوقاتهم فيقول ادركت اقواما كان الواحد منهم اشح على عمره منه على دراهمه اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائل المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله على ما اعطى والشكر له وعلى ما اسدى نحمده ونشكره حمدا وشكرا كما يليق بجلاله بجلال وجهه وعظيم سلطانه وكما يحب ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة عباد الله يقول ربنا عز وجل فاذا فرغت فانصب والى ربك فارغب. فتأملوا كيف ان الله سبحانه امر بالنصب في عبادته عند الفراغ. نعم ان المسلم ينبغي الا يكون عنده وقت فراغ. قال ابن جرير رحمه الله في سيرة واولى الاقوال في تفسير هذه الاية ان الله امر نبيه بان يجعل فراغه من كل ما كان مشتغلا به من امر دنياه واخرته مما ادى له مما ادى له الشغل به الى النصب في عبادته. والاشتغال فيما قربه اليه والى ربك فارغب اي اجعل رغبتك الى الله دون من سواه من خلقه عباد الله واذا نظرنا الى واقع الناس نجد العجب العجاب في تضييع الاوقات فيما لا ينفع. بل وفي التفنن في اضاعتها ولذلك اسباب كثيرة من ابرزها عدم ادراك اهمية الوقت واهمية اغتنامه وقد سمعتم ما له من اهمية كبيرة ومنزلة عظيمة. وكيف ان الله تعالى اقسم به جملة وتفصيلا. وان الوقت هو عمر انساني وحياته وانفس ما يملك فالوقت انفس من المال. لان المال يمكن ان يعوض. واما الوقت اذا ذهب فلا يمكن تعويظه ومن اسباب تضييع الوقت التسويف والتعويل على العمل في المستقبل فاذا هم الانسان بعمل خير قال سوف اعمل في المستقبل وما اكثر الذين يتخذون من التسويف شعارا لهم والتسويف هو من اكبر اسباب اضاعة الوقت والا فلو قدر ان الانسان علم بان اجله قريب تجد انه لا يضيع اوقاته. بل يبادر لاغتنام ما يمكنه من هذا الوقت لكن عندما يأمل الانسان على طول العمر فانه يسوف ويسوف حتى يدركه الموت فيندم حين لا ينفع الندم ومن الاسباب الشيطان الرجيم الذي حذرنا الله تعالى منه فقال ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير الشيطان حريص غاية الحرص على ان يضيع الانسان وقته فيما يضره ان استطاع فان لم فيحرص على ان يضيع الانسان وقتهم فيما لا ينفع فليستحضر الانسان ان عدوا له متفرغ لاضلاله وهو الشيطان الرجيم. فليحذر منه غاية الحذر وليتخذه عدوا. ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ومن الاسباب الغفلة كما قال ربنا عز وجل ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا. وبعض الناس يعيش في ذهول وفي غفلة تمر عليه الليالي والايام والشهور والاعوام وهو في سبات وفي غفلة لم يشأ ان يحاسب نفسه وان يعيد ترتيب ادارة وقته وان يرفع الوقت المخصص لعبادة ربه عز وجل ولما في اخرته ولما يسر ويغتبط به اذا لقي ربه عباد الله ان حسن ادارة الوقت وتقديم وحسن تقديم الاولويات ليورث الانسان السعادة والا فان الانسان عندما يكون عنده خلل في فقه الاولويات تكون النتيجة الخسارة. كما قال ربنا سبحانه يا ايها الذين امنوا لا تلهكم اموالكم ولا اولادكم عن ذكر الله. ومن يفعل ذلك فاولئك هم الخاسرون فهؤلاء كان عندهم خلل في ترتيب الاولويات. فقدموا الاموال والاولاد على ذكر الله عز وجل. فالهتهم ماذا كانت النتيجة لا تلهكم اموالكم ولا اولادكم عن ذكر الله النتيجة لمن فعل ذلك ومن يفعل ذلك فاولئك هم الخاسرون. وانما الترتيب الصحيح ان تقدم ذكر الله عز وجل على الاموال انادي على كل شيء وترفع مستوى الاهتمام بذلك عباد الله وان الانسان عندما يتفكر فيما مضى من عمره ليطرح على نفسه سؤالا ما الذي يفرح الان ويسر به اذا تذكره ما الذي يفرح به ما مضى من عمرك عمرك اذا كان ثلاثين او اربعين او خمسين او ستين او اقل او اكثر القي نظرة على ما مضى من العمر. ما الذي تفرح به الان اذا تذكرته وتتمنى انك قد ازددت منه لا شيء سوى العمل الصالح وما عدا ذلك فقد ذهب ذهب كالسراب ما عدا ذلك قد ذهب لا شيء تسر به الان وتفرح به وتتمنى ان لو ازددت منه سوى العمل الصالح. واذا كان ذلك الان فما بالك بما سيكون عند الممات وفي الدار الاخرة عباد الله هل رأيتم احدا عمل صالحا وندم هل رأيتم احدا استقام على طاعة الله وندم كلا والله ان صاحب الطاعة والاستقامة يسر ويسعد بتوفيق الله له. وان الذي يندم هو من يعمل المعاصي. من يرتكب الموبقات يندم ويندم كذلك من مرت عليه الايام والليالي وهو في غفلة وفي سبات تصرم عليه العمر وهو في تلك الغفلة فيندم حينما يبغته الموت حين لا ينفع الندم عباد الله ليستحظر المسلم بانه عندما يعمل صالحا فانما يظيف ذلك لرصيد حسناته. واذا وقع منه معصية فانه يضيف ذلك لرصيد سيئاته. وتجمع الحسنات والسيئات التي عملها الانسان في هذه الدنيا وتوزن في الميزان فاما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية. واما من خفت موازينه فامه هاوية وما ادراك ما هي نار حامية ثم تكون نهاية مستقر البشرية فريق في الجنة وفريق في السعير الا واكثروا من الصلاة والسلام على بشير النذير والسراج المنير. فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. اللهم ارضى عن صحابته اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم انصر من نصر دين الاسلام في كل مكان. اللهم اخذل من خذل دين الاسلام في كل مكان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم اصلح احوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين. اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعك واجعلهم رحمة لرعاياهم. اللهم وفق امام انه ولي امرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيتي للبر والتقوى وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الحق وتعينه عليه يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك. اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا واصلح لنا اخرتنا التي اليها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين اللهم