على ضيق طرقها واختلاف مجاريها الى ان ساقها الى مستقرها فجعلها في قرار مكين لا يناله هواء يفسده ولا برد يجمده ولا عارض يصل اليه ولا افة تتسلط عليه ثم قلب تلك النطفة البيضاء الى علقة حمراء ثم جعلها مضغة لحم مخالفة للعلقة في لونها وحقيقتها وشكلها ثم جعلها عظاما مجردة لا كسوة عليها مباينة للمضغة في شكلها وهيئتها وانظر كيف قسم تلك الاجزاء المتشابهة المتساوية الى الاعصاب والعظام والعروق والاوتار؟ ثم كيف ربط بعضها ببعض اقوى رباط واشده وابعده عن الانحلال ثم كساها لحما ركبه عليها وجعله وعاء لها. وركب الاعضاء الباطنة من القلب والمعدة والكبد والطحال والرئة والرحم والمثانة والامعاء وبقية اجهزة الجسم كل واحد منها له قدر يخصه ومنفعة تخصه ثم انظر الحكمة البالغة في تركيب العظام قواما للبدن وعمادا له وكيف قدرها ربها وخالقها بتقادير واشكال مختلفة فمنها الصغير والكبير والطويل والقصير والمنحني والمستدير والدقيق والعريظ والمجوف كيف خلق الله تعالى هذه العظام؟ وكيف ركب بعظها في بعظ وجعل بينها مفاصل حتى تتيسر بها الحركة وتأمل في كيفية خلق الرأس وما فيه من العظام حتى قيل انها خمسة وخمسون عظما مختلفة الاشكال والمقادير والمنافع. كيف ركبه سبحانه وتعالى على البدن؟ وجعله عاليا. وجعل فيه الحواس الخمس والات الادراك من السمع والبصر والشم والذوق واللمس وجعل جعل فيه العينين وحسن شكل العينين وهيئتها وجمله وجملا العينين بالاجفان وجعلهما غطاء لها وسترا وحفظا وزينة وانظر الى عجيب صنع الله تعالى في العينين شحمة يبصر بها الانسان لم يستطع الطب الحديث ان يحيط باسرارها وعجائبها واطباء العيون كل منهم يتخصص في جزئية دقيقة من العين فهذا طبيب مختص هذا طبيب متخصص في الشبكية وذاك طبيب متخصص في القرنية وذاك طبيب متخصص في جزء من اجزاء العين ومع ذلك هذا الطبيب المختص لا يحيط بكل شيء في تخصصه وخلق الاذن احسن خلقة وابلغها في حصول المقصود. وجعلها مجوفة لتجمع الصوت فتؤديه الى الصماخ ومن العجيب ان الله تعالى جعل ماء الاذن مرا شديد المرارة وماء العينين مالحا شديد الملوحة وماء الفم عذبا ثلاثة مياه في الرأس احدها مر شديد المرارة والاخر مالح شديد الملوحة والثالث عذب اما ماء الاذن فجعله الله تعالى في غاية المرارة ولله الحكمة في هذا حتى لا يجاوز الاذن الهوام والحيوان ولا يقطعه داخلا الى باطن الاذن ولغير ذلك من الاسرار. وجعل ماء العينين ملحا ليحفظها فانها شحمة قابلة للفساد. فكانت ملوحة مائها صيانة لها وحفظا. وجعل ماء فمي عذبا حلوا ليدرك به طعوم الاشياء على ما هي عليه فتبارك الله احسن الخالقين وشق عز وجل شق للانسان الفم في احسن موظع واليقه واودع فيه من المنافع والات الذوق والكلام والات الطحن والقطع ما يبهر العقول. فاودعه اللسان الذي هو احد اياته الدالة عليه وجعله ترجمان ترجمانا وجعله ترجمانا لملك الاعضاء القلب مبينا مؤديا عنه كما جعل الاذن رسولا مؤديا مبلغا اليه ثم زين سبحانه الفم بما فيه من الاصنام التي هي جمال له وزينة وقوام وبها قوام العبد وغذاؤه وجعل بعظها حاء للطحن وبعضها الة للقطع. واحاط سبحانه على ذلك حائطين واودعهما من المنافع والحكم ما اودعهم وهما الشفتان وخلق للانسان يديه هما الة العبد وسلاحه. وجعل فيهما الاصابع الخمس. وقسم كل اصبع بثلاث انامل والابهام باثنتين وركب الاظفار على رؤوسها زينة لها وعمادا ووقاية يلتقط بها الاشياء الدقيقة التي لا ينالها جسم الاصابع ثم انظر الى الحكمة البالغة في جعل عظام اسفل البدن غليظة قوية لانها اساس له وعظام اعاليه دونها في الثخانة والصلابة لانها محمولة وانظر كيف كسا العظام العريضة كعظام الظهر والرأس كسوة من اللحم تناسبها. والعظام الدقيقة كسوة تناسبها كالاصابع والمتوسطة كذلك كعظام الذراعين والعظدين فالانسان مركب من ثلاث مئة وستون عظما. مئتان وثمانية واربعون مفاصل وباقيها صغار حشيت خلال المفاصل ولو زادت العظام لو زادت عظام الانسان عظما واحدا لكانت مضرة عليه يحتاج الى قلعه ولو نقصت عظام الانسان عظما واحدا لكان نقصانا يحتاج الى جبره فسبحان الله العظيم ومن عجائب خلق الله عز وجل في الانسان ما فيه من الامور الباطنة التي لا تشاهد كالقلب والكبد والطحال والرئة والكلية والمثانة وسائر ما في بطنه من الالات العجيبة والقوى المتعددة المختلفة المنافع وانظر كيف ان الله تعالى جعل هذه الاجهزة الباطنة تعمل بغير اختيار الانسان وهذا من رحمة الله تعالى به. فلو ان القلب يخضع عمله ارادة الانسان فكيف سينام وكيف سيعمل وهكذا بقية الاجهزة الباطنة من المعدة والكبد والطحال والامعاء والكليتين وسائر الاجهزة والمقصود التنبيه على اقل القليل من وجوه الحكمة في خلق الانسان. والامر اضعاف اضعاف ما يخطر بالبال. او يجري فيه المقال واذا ويكفي العبد ان ينظر الى غذائه فقط في مدخله ومستقره ومخرجه فانه يرى فيه العجب العجاب كيف جعل له الة يتناول بها؟ ثم باب يدخل منه ثم الة تقطعه صغارا ثم طاحون يطحنه ثم اعين بماء يعجنه ثم جعل له مجرى وطريقا الى جانب النفس ينزل هذا ويصعد هذا فلا يلتقيان مع غاية قرب ولو التقيا لشرق الانسان ثم جعل له حوايا وطرقا توصله الى المعدة فهي خزانته وموضع اجتماعه ولها باب اعلى يدخل منه الطعام وباب اسفل يخرج منه والباب الاعلى اوسع من الاسفل فاذا انتهى الهضم فان ذلك الباب ينفتح الى انقضاء الدفع ويحيط بالمعدة من داخلها وخارجها حرارة نارية لاجل ان ينضج بها عام كما ينضج كما ينضج الطعام في القدر بالنار المحيطة به ويكون الغذاء داخل المعدة من طرق ومجار وخارجا منها الى الاعضاء من طرق ومجار هذا هذا هذا داخل وهذا وارد اليها بحكمة بالغة. والكبد تمتص الطعام والكبد تمتص اه واشرف ما في ذلك وهو الدم ثم تبعثه الى جميع البدن من عرق واحد ينقسم على مجال كثيرة يوصل الى كل واحد من الشعور والاعصاب والعظام والعروق وما يكون به قوام سبحان الله يأكل الإنسان الطعام ثم بعد ذلك تتولى هذه الاجهزة هظم الطعام وامتصاص النافع منه واخراج الفضلات تفعل ذلك باتقان عجيب. وتناسق بديع سبحان الله قطع لحم. ما الذي الهمها لان تفعل ما الذي الهم هذه المعدة لان تهظم الطعام بهذه الطريقة؟ ما الذي الهم الكبد؟ لان تفعل ذلك ما الذي الطحال والبنكرياس والامعاء وهذه الاجهزة. ان تعمل بهذا الاتقان البديع العجيب. وبهذا فيما بينها وتمتص احسن ما في الغذاء ثم تطرد الفضلات انها قدرة العزيز الحكيم فسبحان الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى وفي انفسكم افلا تبصرون؟ بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو التواب الرحيم الحمد لله الذي تفرد بالخلق والتدبير وتصرف بالحكمة البالغة وبديع التقدير لا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء وهو اللطيف الخبير. احمده تعالى واشكره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة عباد الله ان خلق الانسان به عجائب وعبر فينبغي للانسان ان يتبصر وان يعتبر وانظر الى مبتدأ خلق الانسان من نطفة من ماء مهين وتأمل حالها اولا وما صارت اليه ثانيا وانه لو اجتمع الانس والجن على ان يخلقوا لهذه النطفة سمعا او بصرا او عقلا او قدرة او علما او بل عظما واحدا من اصغر عظامها بل عرقا من ادق عروقها بل شعرة واحدة لعجزوا عن ذلك كله سبحان الله قطرة من ماء مهين خلق الله عز وجل منها هذا الانسان فمن هذا صنعه في قطرة ماء؟ فكيف صنعه في ملكوت السماوات والارض كيف صنعه في ملكوت السماوات؟ علوها وسعتها واستدارتها وعظيم خلقها وحسن بنائها وعجائب شمسها وقمرها وكواكبها ومقاديرها واشكالها. فلا ذرة فيها تنفك عن حكمة بل هي احكم خلقا واتقن صنعا واجمعوا العجائب من بدن الانسان بل لا نسبة لجميع ما في الارض الى عجائب السماوات. كما قال الله عز وجل اانتم اشد خلقا ام السماء؟ بناها؟ رفع سمكها فسواها واغطش ليلها واخرج ضحاها عباد الله واذا واذا كنا نعجب من بديع خلق الله تعالى للانسان من سلالة من ماء مهين فالعجب الذي لا ينقضي من هذه الروح التي تحل في الجسد منذ ان يكون عمر الجنين اربعة اشهر يرسل الله تعالى للانسان الملك وهو في بطن امه ويؤمر بنفخ روحه في جسده فيصبح انسانا هذه الروح لا نعلم كونهها ولا حقيقتها وليست من عالم المادة الذي نعرف شيئا يسيرا من معالمه وانما هي من عالم اخر لا نعرفه ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح توقف حتى نزل عليه الوحي بقول الله تعالى ويسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا والعجيب ان الانسان لا يرى روحه التي بين جنبيه ولا اين هي ولا كيفية سريانها في الجسم ويستدل على وجودها باثارها الروح جسم نوراني علوي خفيف حي متحرك مخالف بالماهية لهذا الجسم المحسوس ينفذ في جوهر الاعضاء ويسري فيها سريان الماء في النبات وان تعجب اعجب من الملحد الذي لا يؤمن بوجود الله لانه لم يرى الله بينما يؤمن بوجود روحه التي بين جنبيه وهو لم يرها يريد ان يرى الله الذي لا تدركه الابصار في الدنيا وهو عاجز عن رؤية روحه التي بين جنبيه ويؤمن بوجود روحه باثارها ولا يؤمن بالله الذي له في كل شيء اية تدل على وحدانيته جل وعلا عباد الله ليحرص المسلم على التفكر فانه مما يزيد الايمان ومما يقوي اليقين. تفكر في عظمة خلقه. تفكر في عظمة خلق الله عز وجل للسموات وما فيهما وما بث فيهما من دابة. هذا التفكر والتأمل يزيد من الخشية. ويزيد من الايمان ويزيد ومن اليقين ويزيد من استحضار العبد لعظيم قدرة الله عز وجل وبديع صنعته وعجائب اياته الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. اللهم ارضى عن صحابة نبيك اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين اللهم اعز الاسلام والمسلمين اللهم اذل الكفر والكافرين اللهم انصر من نصر دين الاسلام في كل مكان اللهم اخذل من خذل دين الاسلام في كل مكان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا. واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا. واصلح لنا اخرتنا التي اليها واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير. واجعل الموت راحة لنا من كل شر. اللهم اصلح احوال المسلمين في كل مكان اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعك واجعلهم رحمة لرعاياهم ووفق امامنا وولي امرنا لما تحبه وترظى وقرب منهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الخير وتعينه عليه. يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات. والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غل للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم