الحمد لله الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا. وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن اراد ان يتذكر او اراد شكورا. احمده تعالى واشكره حمدا كما يحب ربنا ويرضاه واحمده واشكره حمدا وشكرا عدد خلقه وزنة عرشه ورضاه نفسه ومداد كلماته واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا. وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا وصلوات الله وسلامه عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون. اتقوا الله حق التقوى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. ولا تموتن الا وانتم مسلمون. عباد الله بالامس القريب ننتظر ونترقب دخول شهر رمضان واتى شهر رمضان وانقضت ايام ولياليه وطويت صحائفه. مضت ايامه ولياليه سريعا. وذهبت جميع ان وطويت صحائفها بما عملنا فيها. ثم اتت ايام العيد وانقضت وهكذا كل ما هو ات فهو قريب. عباد الله ان في تعاقب الليل والنهار واختلافهما على الايام لعبرة لاولي الاهباب. كما قال ربنا سبحانه ان في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والارض لايات لايات لقوم يتقون. ان الليل والنهار من ايات الله العظيمة وما من اعجب ايات الله وبدائع مصنوعاته. ولذلك ذكرهما الله تعالى في ايات كثيرة من القرآن وامر باخذ العبرة والدلائل. كما قال ربنا عز وجل ومن اياته الليل والنهار وهو الذي جعل الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا. وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس امر كل في فلك يسبحون. الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا. فانظروا الى هاتين الايتين الليل والنهار وما تضمنتاه من العبر والدلائل على ربوبية الله عز وجل وعظيم قدرته وحكمته جل وعلا. وكيف جعل الليل سكنا ولباسا يغشى العالم؟ فتسكن فيه الحركات وتهوي الحيوانات الى بيوتها والطير الى اوكارها وتستجم فيه النفوس وتستريح من كد السعي ثم يجيء من بعده النهار يطلبه حثيثا حتى يزيل سلطانه يغسي الليل النهار يطلبه حفيظ وهو الذي جعل الليل والنهار خلفه فيخلف احدهما الاخر لا يجتمع معه ثم اذا طلع النهار انتشر الحيوان وتصرف في معاشه ومصالحه. وخرجت الطيور من اوكارها. قل ارأيتم جعل الله عليكم الليل شرمدا الى يوم القيامة. من اله غير الله يأتيكم بضياء. افلا تسمعون؟ قل ارأيت جعل الله عليكم النهار سرمدا الى يوم القيامة. من اله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه افلا تبصرون؟ ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون عباد الله لقد بين ربنا عز وجل في القرآن الكريم ان في اختلاف الليل والنهار وفي بهما لعبرة لاولي الالباب ولقوم يتقون ولمن اراد ان يذكر او اراد شكورا. فهذه العظيمة منذ ان خلقها الله تعالى وهي تجري في فلكها كل يوم تطلع من كل يوم لها مطلع مطلع اليوم الاخر ولها مغيب غير مغيب اليوم الاخر. فلا اقسم برب المشارق والمغارب. تجري في لمستقر لها لا تتجاوزه صاعدة ولا تنحدر عنه نازلة ذلك تقدير العزيز العليم اخرج البخاري في صحيحه عن ابي ذر رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غربت الشمس اتدري الى اين تذهب؟ قلت الله ورسوله اعلم. قال فانها تذهب حتى تسجد تحت العرش فيؤذن لها ويوشك ان تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها. ويقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله والشمس تجري لمستقر لها. ذلك تقدير العزيز العليم عباد الله تأملوا مقادير الليل والنهار وكيف انهما يسيران بابداع واتقان عجيب فما ينقص به احدهما يزيد به الاخر. قال الامام ابن القيم رحمه الله تأمل في مقادير الليل والنهار تجدها على غاية المصلحة والحكمة. وان مقدار اليوم والليلة لو زاد على ما قدر عليه او ونقص لفاتت المصلحة واخته واختلفت الحكمة بذلك. بل جعل مقدارهما اربعا ساعة وجعلهما يتعاوظان الزيادة والنقصان بينهما. فما يزيد في احدهما من الاخر يعود الاخر فيشتريه من كما قال ربنا سبحانه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل عباد الله هذه الشمس التي نراها كل يوم تطلع من مشرقها ثم تكون فوق الرؤوس منتصف النهار ثم تغرب من مغربها ان ذلك ان في ذلك اعظم اعتبار بان طلوعها ثم غيوبها ايذان بان هذه الدنيا ليست بدار قرار وانما هي طلوع ثم غيوم واقبال ثم ادبار. ثم هذا القمر الذي نراه يطلع هلالا صغيرا في اول الشهر يولد كما يولد الاطفال ثم ينمو رويدا رويدا كما تنمو الاجسام حتى اذا تكامل في النمو واصبح بدرا اخذ اخذ في النقص والاضمحلال. والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم. وهكذا جسم الانسان وحياته في هذه الدنيا فاعتبروا يا اولي الابصار ان هذه الايام والليالي مراحل نقطعها الى الدار الاخرة. وكل يوم يمضي نقطع به مرحلة وكل يوم يمضي نقترب به من اجالنا يوم يمضي نقترب به من الدار الاخرة ونبتعد به عن الدنيا قال بعض السلف الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما. ابن ادم انما انت كلما ذهب يوم ذهب بعضك وهو الذي جعل الليل والنهار خيفة لمن اراد ان يذكر او اراد شكورا. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من ايات وذكر الحكيم. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم المسلمون من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو التواب الرحيم الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما واشهد ان محمدا عبده ورسوله الداعي الى رضوانه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثات بدعة عباد الله ان من حكمة الله عز وجل تقدير القمر منازل حتى نشعر بمرور الزمن ونعلم عدد السنين والحساب وهو الذي هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل. اي قدر القمر منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك الا بالحق. يفصل الايات لقوم يعلمون. ولولا هذا التقديم ما استطاع الناس معرفة عدد السنين والحساب. واليوم والليلة في الارض اربعا وعشرون ساعة. اما عند الله عز فاليوم يعادل الف سنة مما نعده من من ايام الارض كما قال سبحانه وان يوما عند رب بك كالف سنة مما تعدون. والاحساس بمرور الوقت والزمن لا يكون الا مع الحياة والوعي اما مع فقدان الحياة او الوعي فان الانسان لا يحس بمرور الزمن. ولهذا فان النائم لا يحس والزمن وقد ذكر الله تعالى عن اصحاب الكهف انهم لبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا. اي مئة سنة بالتقدير الشمسي وثلاث مئة وتسعة بالتقدير القمري. ومع ذلك لما قاموا قالوا لبثنا يوم او بعض يوم وكذلك قصة الرجل الذي اماته الله مئة عام ثم بعثه. قال كم لبثت؟ قال لبثت يوما او يوم قال بل لبست مئة عام. قال بعظ اهل العلم والظاهر ان الميت اذا مات لا يحس بمرور الزمن فهو كالنائم لكنه ينعم في قبره او يعذب. فعذاب القبر ونعيمه قد اتت به الادلة من القرآن والسنة ولكن الزمن يمر كما يمر الزمن على النائم. ولهذا يتفاجأ الانسان تفاجأ الانسان بقيام الساعة. لانه من حين ان يموت يتفاجأ بقيام الساعة عليه. قالوا يا لنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون. فما اقرب يوم القيامة منا ايها الاخوة ما اقرب يوم القيامة منا يصبح الانسان صحيحا معافا ما خطر بباله الموت ثم يمسي مع اصحاب القبور ومع هذا التقرير الذي ذكرت لا يشعر بمرور الزمن واذا به وقد قامت القيامة وقامت الساعة فيوم القيامة قريب جدا منا اقتربت الساعة وانشق القمر اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون عباد الله وان الغافل المسكين الذي اصيب بقصر النظر لا يرى الا ما بين يديه يحسب ان حياة الانسان انما هي في هذه الايام التي يقضيها في هذه الدنيا. ولو نظر بمنظار الشرع لرأى ان الطريق امامه طويل ان السفر بعيد وان هذه الحياة الدنيا مرحلة من المراحل التي يقضيها الانسان في سيره. يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه. فمهما عمر الانسان فلابد في النهاية من لقاء الله عز وجل ومهما متع الانسان في هذه الدنيا فلا بد من نقطة توقف. للقاء الله عز وجل انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه. افرأيت ان متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون. ما اغنى عنهم ما كانوا يمتعون. عباد الله وان مما حث عليه النبي صلى الله عليه في شهر شوال صيام الست من شوال. قال عليه الصلاة والسلام من صام رمضان ثم اتبعه ستا من شوال كصيام الدهر كله رواه مسلم. ومعنى كان كصيام الدهر كله اي كان كصيام السنة كلها. العرب تطلق السنة على الدهر ووجه ذلك ان الحسنة بعشر امثالها ومن صام شهر رمضان فكأنما صام عشرة اشهر ومن صام ستة ايام بعد رمظان كانما صام ستين يوما اي شهرين. فاذا اظفت شهرين الى عشرة اشهر اصبح المجموع اثني عشر شهرا فهذا هو معنى قوله كان كصيام الدهر كله. فمن صام هذه الست فليحمد الله عز وجل على نعمة التوفيق لهذا الصالح ومن لم يصمها فعليه ان يبادر لصيامها فان الاجر عظيم والثواب جزيل والعمل الذي يقوم به الانسان يسير وفرص الخير ينبغي للانسان ان يبادرها وان يغتنمها فان العمر قصير ولا فلربما لا تتهيأ له مثل هذه الفرص فعلى المسلم ان يغتنم هذه الفرص ومن لم يصم هذه الست فعليه بان يبادر بصيامها ولا بأس بان تصام متتابعة او متفرقة. وينبغي ان يبيت النية لصيام بهذه الست حتى يكون الاجر كاملا. وان كان تبيت النية لا يجب في صيام النافلة. لكنه شرط لحصول الثواب الوارد في هذا الحديث فانه عليه الصلاة والسلام قال من صام رمظان ثم اتبعه ستة من شوال فلو انه بيت النية من الليل لخمسة ايام وفي اليوم السادس لم ينشئ النية الا منتصف النهار فانه يصدق عليه انه صام خمسة ايام ونصف لا يصدق عليه انه صام ستة ايام. وحينئذ فالمطلوب هو ان يبيت النية لصيام هذه الست من شوال من وفقه الله عز وجل الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. اللهم ارضى عن صحابته اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسانه الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم انصر من نصر دين في كل مكان اخذل من خذل دين الاسلام في كل مكان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اصلح احوال المسلمين في كل كل ما كان اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعه والعمل بكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم واجعلهم رحمة لرعاياهم اللهم وفق امامنا وولي امرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيتي للبر والتقوى وخذ بناصيته للبر والتقوى اللهم وفقه وولي عهده اخوانه واعوانه ولما فيه خير البلاد لما فيه صلاح البلاد والعباد. يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اغفر وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات. نسألك اللهم من الخير كله عاجله واجله. ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله. عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم. سبحان ربك رب العزة عما يصفون. وسلام على المرسلين والحمد الحمد لله رب العالمين