الحمد لله معز من اطاعه واتقاه ومذل من خالف امره وعصاه مجيب الداعي اذا دعاه ومن توجه اليه واستهداه ومحقق رجاء من صدق في معاملته ورجاه. احمده تعالى واشكره حمدا وشكرا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه. ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون. اتقوا الله حق التقوى. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما عباد الله لقد خلق الله تعالى عباده وفاوت بينهم في الرزق. فبسط الرزق لبعضهم وضيقه على اخرين يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر. انه بكل شيء عليم. وهذا التفاوت في الارزاق بين العباد له حكم عظيمة ومصالح كبيرة ومن تلك الحكم ان يعتبر العباد بذلك التفاوت في الدنيا على ما بينهم من تفاوت في درجات الاخرة. كما قال ربنا عز وجل انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللاخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا ومن ذلك تسخير بعضهم لبعض فلو كان الناس في الرزق على درجة واحدة ولم يتخذ بعضهم بعضا سخريا لم احدهم للاخر صنعة ولم يحترف له بحرفة لان الكل على درجة واحدة. فليس احدهم باولى من الاخر يقول الله عز وجل نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون. عباد الله وقد من الله تعالى علينا في هذه البلاد برغد العيش فاصبح يفد الى هذه البلاد اناس كثير من بلاد شتى يطلبون الرزق انهم العمال والخدم الذين تركوا اوطانهم واولادهم وهاجروا الى هذه البلاد طلبا لكسب الرزق والمعيشة يغيب الواحد منهم عن اهله سنوات كثيرة. ويتغرب وينقطع عن اهله واولاده. وقد كان كثير من اهل هذه في ازمنة مضت قبل ان يفتح الله تعالى على هذه البلاد واهلها بالارزاق ورغد العيش كانوا يرحلون الى طلبا للرزق والمعيشة. ولعل كبار السن منكم يعرفون هذا. فالحمد لله فالحمد لله تعالى الذي بدل فقرنا الى غنى ونسأله ان يجعل ذلك عونا لنا على طاعته ومرضاته عباد الله وانه لينبغي للكفيل ان يستشعر ان ان هذا العامل المسكين او هذا الخادم او الخادمة قدم اليه من بلاد بعيدة قد ترك اهله وماله طلبا للقمة العيش طلبا للقمة العيش له ولاسرته فليتق الله فيه ولا يبخس حقه. ويسمع بتجاوزات تحصل من بعض الكفلاء تجاه هؤلاء المال والخدم ومنها المعاملة القاسية التي يعاملها بعض الكفلاء بعمالهم ولخدمهم فبعضهم يعامل العامل او الخادم معاملة قاسية لا رحمة فيها ولا هوادة. فلا يكلمه الا برفع لسانه عليه ولا ينظر اليه الا شجرا يتعامل معه باحتقار واذلال فليتق الله هذا الكفيل وليعلم بان هذا العامل له حق الاسلام فلا يجوز له ان يحتقره او ان يعامله تلك المعاملة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم امرئ من الشر ان يحقر اخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. وان بعض الكفلاء ليحول كثيرا من حسناته الى اولئك العمال او الخدم بسبب الاساءات المتكررة التي تحصل منه يقول النبي صلى الله عليه وسلم اتدرون من المفلس؟ ان المفلس من امتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيامكم وزكاة وصدقة ويأتي وقد ضرب هذا واكل مال هذا وقذف هذا فيؤخذ لهذا من حسناته ويؤخذ لذاك من حسناته فان فنيت حسناته اخذت فان فنيت حسناته اخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار رواه مسلم ومن التجاوزات التي قد تحصل ان بعض الكفلاء يؤخر تسليم الراتب الى مكفوله من عامل او خادما وربما يستمر ذلك تأخير مدة طويلة فترى ذلك العام او المسكين يتذلل لكفيله ويكرر عليه طلب حقه بل ربما تسابق دموعه كلماته فاذا لم يرى نتيجة ذهب حائرا وربما شكا حاله الى من يعرف والى من لا يعرف وبعض هؤلاء العمال يذهبون تارة اما الى امام مسجد واما الى بعض جماعة المسجد او الى غيرهم. وربما يجد من يساعده وربما لا يجد فيرجع الى بلاده وهو لم يستوفي اجره او لم يستوفي بعض اجره. الا فليسمع اولئك الذين يبخسون هؤلاء العمال والخدم حقوقهم الا فليسمعوا الى قول النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى ثلاثة انا خصمهم يوم القيامة. ومن كنت خصمه فقد خصمه. وذكر منهم رجلا استأجر اجيرا فاستوفى منه ثم لم يعطه اجرا فهذا الذي استوفى عاملا او خادمة ولم يعطيه اجره ولم يعطه مرتبه لن يكون هذا العامل المسكين هو خصمه يوم القيامة بل خصمه سيكون هو الله رب العالمين. ومن كان الله خصمه فلا شك انه مخصوم فليستغفر فليستحضر الانسان هذا الحديث العظيم وان كل من بخس شيئا لاجير استأجره من عامل او قادم او غيره فان رب العالمين هو الذي سيكون خصمه يوم القيامة عباد الله ان العامل او الخادم لا بد ان يقع منه اخطاء اثناء عمله فهو انسان وليس بمعصوم. فهو للخطأ ولهذا فالمطلوب هو ان تتسع دائرة العفو والتسامح. وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كم نعفو عن الخادم فصمت ثم اعاد عليه الكلام فصمد ثم لما كان في الثالثة قال النبي صلى الله عليه وسلم اعف عنه في كل يوم سبعين مرة. اخرجه ابو داوود والترمذي باسناد صحيح قال بعض اهل العلم وقول النبي صلى الله عليه وسلم اعف عنه في كل يوم سبعين مرة المراد به التكفير لا التحديد. وقد النبي صلى الله عليه وسلم المثل في هذا بسيرته. ففي الصحيحين عن انس رضي الله عنه قال خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي قط اف ولا قال لشيء فعلته لما فعلت كذا ولا لشيء لم افعله الا فعلت كذا كان عليه الصلاة والسلام كريم الاخلاق مع الخدم ومع غيرهم. قال بعض الحكماء اذا اردت ان تعرف حقيقة اخلاق اي انسان فلا تنظر الى تعامله مع الوجهاء. وانما انظر الى تعامله مع العمال فاذا كان تعامله معهم كريما فهذا دليل على طيب اخلاقه وطيب معدنه واذا كان معهم سيئا فهذا دليل على سوء خلقه ولو كان تعامله كريما مع غيره. فهذا هو المحكي التعامل مع العمال والخدم ومن للانسان له عليه سلطة فهذا هو المحك وهو الذي يبين طيب المعدن وكريم الخلق وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين من الغير والعافين عن الناس. والله يحب المحسنين. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. اقول قولي بهذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو التواب الرحيم الحمد لله الواحد العظيم الجبار القوي القدير القهار واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له المتفرد بالخلق والتدبير وربك يخلق ما يشاء ويختار. واشهد ان محمدا عبده ورسوله افضل الانبياء الاطهار صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثات بدعة عباد الله لقد سنت الدولة ايدها الله انظمة للعمل والعمال لاجل تحقيق المصلحة العامة. ومن ذلك ان العامل مستقدم انما يعمل عند كفيله وباقامة نظامية. اما ان تستخدم عمالة ثم يطلقهم كفيلهم يعملون لدى الناس. ويقتطع منهم مبلغا معينا كل شهر فهذا تمنع منه انظمة الدولة بما يترتب عليه من المفاسد. ولان هذا الكفيل يتقاضى منهم بغير حق ومجرد كفالته ليست سببا لاستحقاق هذا الاجر والاقتطاع هذه المبالغ منه كل شهر وبالجملة تجب طاعة ولي الامر فيما وضعه من انظمة وتعليمات فيما يتعلق بالعمال او بغيرهم مما يحقق المصلحة العامة للبلاد والعباد. يقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم عباد الله وان معظم الجرائم والمخالفات التي تقع من العمالة انما هي من العمالة السائبة. وقد بينت احصائية وزارة الداخلية لعدد من الجرائم بمختلف انواعها في عام من الاعوام ان ما لا يقل عن ربع تلك الجرائم انما تقع من العمال ومعظمها من هذه العمالة السائبة فلابد من التعاون تعاون المواطن مع اجهزة الدولة المعنية بالعمل والعمال وهذا التعاون من شأنه التقليل من تلك الجرائم ومن شأنه تحقيق المصلحة العامة للبلاد والعباد الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير. فقد امركم الله بذلك وقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. اللهم ارضى عن صحابة نبيك اجمعين وعن التابعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم ارنا الكفر والكافرين. اللهم من ارادنا واراد الاسلام والمسلمين بسوء. اللهم فاشغله في نفسه. اللهم وكيده في نحره اللهم اجعل تدبيره وتدميرا عليه يا قوي يا عزيز يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم ادم علينا نعمة الامن والامان والاستقرار وخاي ورغد العيش واجتماع الكلمة واجعلها عونا لنا على طاعتك ومرضاتك واجعلنا لنعمك والائك شاكرين. اللهم اعنا على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك. اللهم اصلح احوال المسلمين في كل مكان. اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعك. واجعلهم رحمة لرعاياهم اللهم وفق امامنا وولي امرنا لما تحبه وترضى. اللهم قرب منه البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه اذا ذكر وتذكره اذا نسي يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف اللهم انا نسألك من الخير كله عاجله واجله ما علمنا منه ما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه ما لم نعلم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين