الحمد لله الغني الحميد المبدع المعين ذو العرش المجيد الفعال لما يريد احاط بكل شيء علما وهو على كل شيء شهيد. احمده سبحانه على ما اولاه من الانعام والاكرام والتشديد واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له العزيز الحميد واشهد ان محمدا عبده ورسوله افضل من دعا الى الايمان والتوحيد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون. اتقوا الله حق التقوى. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. ولا تموتن الا وانتم مسلمون. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله قولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. عباد الله اخرج احمد وابن ماجة بسند صحيح عن عبدالله بن عامر رضي الله عنهما انه قيل للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله اي الناس افضل ثم قال كل مخموم القلب صدوق اللسان. قالوا يا رسول الله صدوق اللسان اعرفه فما مخموم القلب؟ قال هو التقي النقي لا اثم فيه ولا بغي ولا لا غل ولا حسد. هذا هو مخموم القلب. هو سليم الصدر الذي لا ما بغي ولا غل ولا حسد تقي نقي. هذا هو افضل الناس اذا اجتمع مع ذلك صدق اللسان ان من سمات المؤمنين العظيمة وصفاتهم الكريمة الدالة على كمال ايمانهم صدورهم والسنتهم تجاه اخوانهم المؤمنين. فليس في قلوبهم حسد او غل او بغظاء او ضغينة وليس في السنتهم غيبة او نميمة او وقيعة. بل لا يحملون في قلوبهم الا المحبة والخير والرحمة والاحسان والعطف والاكرام. ولا يتلفظون بالسنتهم الا بالكلمات النافعة والاقوال المفيدة والدعوات الصادقة ينتقون الطيب من القول. هم الذين قال الله فيهم والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم. فنعتهم ربهم بخصلتين عظيمتين. احداهما تتعلق باللسان فليس في السنتهم تجاه اخوانهم المؤمنين الا النصح والدعاء. يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. والخصلة الثانية متعلقة بالقلب. فقلوبهم سليمة تجاه اخوانهم ليس فيهم غل او حسد او حقد او ضغينة او نحو ذلك. واذا كان الله اثنى عليهم لكونه دعوا فقالوا ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا. فكيف بمن لا يحمل الغل للذين امنوا اصلا فهو اولى بالحمد واولى بالثناء. ان سلامة الصدر واللسان هما من اوضح الدلائل واصدق ابراهيم على تمام الايمان وكماله. وقد كان السلف الصالح رحمهم الله يعدون الافضل فيهم من كان سليم الصدر سليما لسانا. قال اياس بن معاوية بن قرة كان افضلهم عندهم اي عند السلف اسلمهم صدورا واقلهم لهم غيبة. وقال سفيان وقال سفيان ابن دينار قلت لابي بشر اخبرني عن اعمال من كان قبلنا قال كانوا يعملون يسيرا ويؤجرون كثيرا. قلت ولم ذاك؟ قال لسلامة صدورهم ولما دخل على ابي دجانة رضي الله عنه وهو مريض كان وجهه يتهلل فقيل ما شأنك؟ قال ما من عمل اوثق عندي من اثنتين. كنت لا اتكلم فيما لا يعنيني. والاخرى فقد كان قلبي للمسلمين سليما نعم ان سلامة الصدر هي من اخلاق العظماء. وكما قيل لا يحمل الحقد تعلو به الرتب. هذا الامام احمد بن حنبل امام اهل السنة والجماعة في زمنه قد اوذي وسجن عذاب شديدا. ويعفو ويصفح عن جميع من اساء اليه. ويقول كل من ذكرني اي فهو في حلم الا مبتدع. وقال ذات مرة اكتبوا عن فلان فانه رجل صالح فانه يتكلم فيك يقول كذا وكذا. قال وماذا اقول؟ هذا رجل صالح قد ابتلي بي. فماذا اعمل وهذا الامام ابن تيمية رحمه الله لما فرج عنه وخرج من السجن قال احللت كل من كذب علي وظلمني يقول عنه تلميذه ابن القيم ما رأيت اجمع لخصال الصفح والعفو وسلامة الصدر منه وان احد تلاميذه يوما بشره بموت اكبر اعدائه الذين اذوه فنهره واسترجع وقام مسرعا من فوره عزى اهل الميت وقال لهم اني لكم مكانة ان سلامة الصدر هي من اخلاق اولياء الله عز وجل واخلاق المؤمنين الصادقين الذين امتدحهم الله عز وجل في نتابع فينبغي للمسلم ان يحرص على الاقتداء بهم وان يكون سليم الصدر لاخوانه المسلمين بعيدا عن الاحقاد والشحناء والبغضاء. وان مما يعين المسلم على ذلك اللجوء الى الله عز وجل. وان يسأله بصدق اخلاص بالا يجعل في قلبه غلا للذين امنوا. وان ينظر للعواقب الحميدة لسلامة الصدر في الدنيا والاخرة في رحمة ومن الادعية العظيمة النافعة في هذا الباب ما جاء عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال ابو بكر الصديق رضي الله عنه يا رسول الله اؤمرني بشيء اقوله اذا اصبحت واذا امسيت. قال قل اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السماوات والارض رب كل شيء ومليكه رب كل شيء ومليكه اشهد ان لا اله الا ان اعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه وان اقترف على نفسي سوءا او اجره الى مسلم. قله اذا اصبحت واذا امسيت واذا اخذت مضجعك فتضمن هذا الحديث العظيم الاستعاذة بالله تعالى من الشر واسبابه وغايته. فان الشر كله اما ان يصدر من النفس او من الشيطان فاستعاذ بالله منهما في قوله اعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه. وغاية الشر اما ان عود على العامل نفسه او على المسلم. وفي هذا الحديث الاستعاذة من ذلك ونقترف على نفسي سوء او اجر الى مسلم فتضمن هذا الحديث الاستعاذة من مصدري الشر اللذين يعود الذين يرجع عنهما وغايتيه اللتين يصل اليهما. ولذلك فقد ارشد النبي صلى الله عليه وسلم الى الدعاء به في الصباح والمساء وعند النوم فهو من اذكار الصباح والمساء. ومن الاذكار التي تقال قبل النوم. عباد الله وفي مقابل من الناس من جعل صدره مستودعا للاحقاد والغل والحسد. فهذا الانسان من اشقى الناس عيشا ومن اضيقهم صدرا واحزنهم قلبا. وتظهر عليه اثار هذه الاحقاد في امراض النفوس من الغيبة والوقوع في اعراض الناس فان من اعظم اسباب الوقوع في الغيبة الحقد والحسد. لان من حسد احدا وقع في عرضه بما يكره لاجل ان ينفس عن نفسه. ولاجل ان يتنقص هذا الذي قد حسده وان يقلل من شأنه ويقع كذلك بسبب الحسد في النميمة. فان من اعظم اسباب البواعث عليها الحقد والحسد. وربما وقع كذلك في قطيعة الرحم فان من اسباب القطيعة ان بعض الارحام يحسد قريبه على ما اتاه الله من فضله. فيفتعل اي مشكلة لمقاطعته. ولو كان قلبه سليما على قريبه لما قاطعه. بل قد يحمل الحقد والحسد. قد يحمل الى عقوقه لوالديه كما حصل من اخوة يوسف حيث فعلوا ما فعلوا باخيهم يوسف مما قصه الله تعالى علينا في سورة يوسف فعلوا ما فعلوا حسدا على محبة ابيهم العظيمة لاخيهم يوسف. فاحرقوا قلب ابيهم حتى ابيظت عيناه من الحزن فهو كظيم. فوقعوا في عقوق ابيهم. بسبب الحسد ثم ان من يحمل الحقد والحسد يعيش في توتر وقلق وغم وهم وكما قيل لله در الحسد ما اعدله بدأ بصاحبه فقتله. والحسد جرح لا يبرأ. الا قل لمن ظل لي حاسدا اتدري على من اسأت الادب اسأت على الله بحكمه اذ لم ترضى لي ما وهن. فالحاسد لسان حاله انه يعترض على قضاء الله وقدره لماذا اعطى فلانا هذه العطايا ولم يعطني مثله. فهو بلسان الحال يعترض على ربه عز وجل ولهذا كانت هذه الخصلة كانت خصلة ذميمة اول من اتصف بها ابليس اللعين الذي حسد ابانا ادم لما فضله الله تعالى واظهر شرفه وامر الملائكة بالسجود له. فحسده وقال ااسجد لمن خلقت طينا فلعنه الله تعالى وطرده. واتصف به شرار البشر واتصف به اليهود واتصف به شرار فالحسد خصلة ذميمة مشؤومة لا يتصف بها انسان الا ونزع منه الخير والبركة والمطلوب من المسلم ان يجاهد نفسه على ان يكون صدره سليما لاخوانه المسلمين بعيدا عن الاحقاد والافغان اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله المحمود على كل حال. الموصوف بصفات الجلال والكمال المعروف المعروف بمزيد الانعام والافظال. احمده تعالى واشكره. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة. عباد الله وكما ان الحسد يسبب للانسان القلق والتوتر ويعيش الانسان في ضيق وفي نكد وفي توتر فانه في المقابل سلامة الصدر يعيش الانسان معها في راحة عظيمة. فهي نعمة من اجل النعم. ولذلك فان الله تعالى امتن على اهل الجنة بان جعل صدورهم سليمة. ونزع من قلوبهم الغل. فقال سبحانه ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين. فاهل الجنة لا اختلاف بينهم ولا تباغض. قلوبهم قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا. فذكر الله تعالى من النعيم الذي اعطاه لاهل الجنة سلامة صدورهم. وان الله نزع من قلوبهم الغل والحسد والحقد. وهذا يدل على ان سلامة الصدر انها نعمة من الله على الانسان فينبغي ان يسعى الانسان الى تحقيق هذه الخصلة العظيمة الشريفة التي تسبب له والطمأنينة وتبعده عن القلق والتوتر. ما اجمل ان يأوي الانسان الى المبيت وهو سليم الصدر لاخوانه مسلمين ليس في قلبه غش او حسد او بغظاء لاحد من المسلمين. ليس بينه وبين احد من المسلمين قطيعة او هجران يحب لاخوانه المسلمين ما يحب لنفسه. ويكره لهم ما يكره لنفسه. ما اجمل ان يصل الانسان الى تلك المرحلة ليس بينه وبين احد من المسلمين قطيعة ولا هجران. ويحمل الخير والمحبة لاخوانه المسلمين بعيدا عن البغضاء. بعيدا عن الاحكام بعيدا عن الشحناء. تلك والله خصلة عظيمة يرتاح الانسان وينعم ويريح غيره وينال بذلك الاجر والثواب من الله عز وجل. تلك الخصلة اعني سلامة الصدر خصلة عظيمة لا تكون الا للعظماء. الذين اثروا الاخرة على الدنيا واستحظروا ان هذه الدنيا لا تستحق من الانسان كل هذا العناء والنصب والهجر والقطيعة والتحاسد والتدابر. اين من كان قبلنا ممن عاش على هذه الارض وحصل من بعضهم ما حصل من شحناء وقطيعة وتناحر وتدابر وحروب وقتال. اين هم الان هم الان في باطن الارض يتمنون ان لم يحصل ذلك ان لم يحصل ذلك كله. وانهم كانوا على جانب من الصدر لاخوانهم المسلمين وانهم سلموا من تبعات ذلك في الدنيا والاخرة. هذه الدنيا هي دار ممر فليجاهد المسلم نفسه على ان تستقيم نفسه على طاعة الله عز وجل. وان يسلم صدره من الغل والبغضاء والشحناء لاخوانهم المسلمين وليحرص على ان يسأل الله تعالى ويدعوه بهذا الدعاء الذي اثنى الله تعالى على من يدعو به وهو وان يقول ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا. ربنا انك رؤوف هذا الدعاء دعاء عظيم ينبغي ان يدعو به المسلم كل يوم وان يحرص عليه وعلى تحقيقه فان مجرد الدعاء به منقبة وفضيلة. فكيف اذا تحقق ما دعا به وكان لا يحمل في صدره الغنى الا للذين امنوا اللهم ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذي امنوا ربنا انك رؤوف رحيم. اللهم اصلح احوالنا واحوال المسلمين في كل مكان. اللهم واعز الاسلام والمسلمين وادلة كبرى والكافرين وانصر من نصر دين الاسلام في كل مكان واخذل من خذل دين الاسلام في كل مكان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا واصلح لنا اخرتنا التي اليها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر. اللهم ادم علينا نعمة الامن والاستقرار والرخاء ورغد العيش واجعلها لنا على طاعتك ومرضاتك. واجعلنا لنعمك والائك شاكرين. اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعك. واجعلهم رحمة لرعاياهم. اللهم وفق امامنا وولي امرنا لما تحب وترضى. وقرب منه البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه اذا ذكر وتذكره اذا يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اسألك اللهم من الخير كله عاجل واجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين