الحمد لله الذي فتح لاوليائه ابواب الخيرات. واسبغ عليه بالهبات الواسعة والمبرات ولم يوفق المعرضين فبقيت قلوبهم في الظلم والضلالات. امر بحفظ الاوقات ونهى عن في اللهو والغفلات بده تعالى واشكره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله الله تعالى بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون اتقوا الله حق التقوى. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق ولا تموتن الا وانتم مسلمون. عباد الله الحديث في هذه الخطبة عن امر فريد من نوعه نفيس في قيمته يملكه كل انسان الغني والفقير هو الصغير والكبير والذكر والانثى ويملكونه بالتساوي. وهذا الامر لعظمته ونفاسته وكبير اهميته اقسم الله تعالى به جملة وتفصيلا. انه الوقت الوقت الذي هو الحياة الوقت الذي هو عمر الانسان وكل واحد من البشر يملك في اليوم والليلة اربعا وعشرين ساعة هي حياته وهي عمره في هذه الدنيا. اقسم به ربنا عز جملة فقال سبحانه والعصر. والمقصود بالعصر اي الوقت والدهر. كما قال ابن رضي الله عنهما وقد اختاره ابن جرير الطبري في تفسيره ونسبه للاكثر وقال ان تسمية الدهر عصرا امر معروف في لغة العرب فقد اقسم الله تعالى به جملة. ثم اقسم به على وجه التفصيل باجزاء منه فقال سبحانه والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى والضحى والليل اذا سجى والفجر ليال عشر ومن المعلوم ان الله تعالى اذا اقسم بشيء دل ذلك على عظمة المقسم به وعلى اهميته و وعلو شأنه هذا الوقت النفيس الناس متفاوتون في كيفية امضاءه تفاوتا عظيما. فمن من يعيش عمرا طويلا وسنين عديدة. وعندما تتأمل في واقعه تجد ان معظم وقته ضائع مبعثر في امضاء الوقت فيما لا ينفع. وكأن هذا الانسان وكان هذا الانسان مخلوق لا هدف له في الحياة بينما تجد اخرين من الله تعالى عليهم فاغتنموا اوقاتهم فيما ينفعهم. فهم يرون ان الواجبات من الاوقات فعبروا اوقاتهم فيما ينفعهم من امور اخرتهم ودنياهم. ان الوقت هو عمر الانسان في هذه الحياة وقد كتب لكل انسان ان يعيش وقتا محددا في هذه الدنيا. لا يتقدم عنه لحظة ولا تأخر عنه لحظة اذا جاء اجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. هذا الوقت هو عمره هذا الوقت الذي يعيشه الانسان في الدنيا هو محل اختبار له. ماذا يعمل فيه؟ فنحن الان نعيش في هذا الاختبار العظيم تحصى علينا جميع اعمالنا واقوالنا ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد. وهذه الليالي والايام بمثابة الخزائن التي نودع فيها كل يوم اعمالا ثم يوم ثم يوم القيامة تفتح هذه الخزائن ويحاسب الانسان على ما اودعه فيها يحاسب حسابا دقيقا. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. عباد الله هل رأيتم احدا من عمل صالحا وندم؟ هل رأيتم احدا استقام على طاعة ربه واناب اليه وندم؟ كلا كلا والله بل ان صاحب الطاعة يسر ويسعد ويغتبط بتوفيق الله تعالى له. ان الذي يندم هو من يعمل المعاصي من يتجرأ على الحرمات من يرتكب الموبقات ويندم كذلك من تمر عليه الليالي والايام وفي غفلة وسباط يتسرب العمر وتتوالى عليه المناسبات تلو المناسبات. وهو على تلك الحال حتى يبغته الموت فيبدأ حين لا ينفع الندم ان الانسان عندما يعمل طاعة لله فانما يضيفها لرصيد حسناته. كما انه اذا عمل معصية فانه ضيفها لرصيد سيئاته. وتجمعه اعمال ابن ادم يوم القيامة. وتجعل الحسنات في كفة. وتجعل السيئات في كفة فيها ان رجحت كفة حسناته. كان من اهل السعادة. وان رجحت كفة سيئاته كان من اهل الشقاوة الا ان والله عبده فمن ثقلت موازينه فاما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية واما من خفت موازينه هاوية وما ادراك ما هي نار حاذية. عباد الله على كل واحد منا ان يتأمل حاله مع وقته الذي هو حياته كيف يقضيه؟ وبماذا يعمره؟ وبماذا يملأ ساعات الليل والنهار انها اسئلة مهمة والاهم منها حسن التعامل مع الاجابة عليها والتوفيق لاستثمارها فيما ينفع الوقت هو انفس ما يملك الانسان. الوقت اغلى من الذهب والفضة. لان الذهب والفضة يذكر تعويضهما اذا فاته. واما الوقت اذا ذهب فلا يمكن تعويضه. ومن خصائص الوقت ايضا انه سريع الانقضاء فهو يمر مر السحاب ويجري جري ريح سواء اكان في زمن مسرة وفرح ام كان في زمن اكتئاب وترحب ومهما طال عمر الانسان في هذه الدنيا ومهما عمر فيها من سنوات وعقود فهو قصير وعند الموت تنكمش شو الاعوام وان طالت عند الموت تتقلص العقود وان امتدت حتى تصبح لكأنها لحظات برت كالبرق الخاطف. والوقت على سرعة انقضائه ومروره ما مضى منه لا يعود ابدا يقول الحسن رحمه الله ما باليوم ينشق فجره الا وينادي مناد يا ابن ادم انا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني فاني لا اعود ابدا الى يوم القيامة. وكل يوم يمضي يقرب الانسان من الموت وما بعده ويبعده عن الدنيا كما كان الحسن رحمه الله يقول يا ابن ادم انما انت ايام فاذا ذهب يوم الذهب فبعضك والوقت يسأل عنه الانسان يوم القيامة. يسأل عنه سؤالان من اربعة اسئلة كما قال عليه الصلاة والسلام لن تزول قدم عبدي يوم القيامة حتى يسأل عن اربع عن عمره فيما افناه وعن شبابه فيما ابلاه وعن ماله من اين اكتسبه وفيما انفقه وعن علمه ماذا عمل فيه. فانظروا الى هذه الاسئلة الاسئلة الاربعة التي توجه المكلف يوم القيامة يخص الوقت منها سؤالان. سؤال عن العمر عامة فيما ابلاه؟ وسؤاله عن الشباب خاصة مع ان الشباب داخل في العمر ولكن يسأل عنه سؤالا خاصا لمرحلة الشباب هي مرحلة القوة وهي مرحلة الحيوية والعزيمة هي هي القوة بين ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة فلنعد للسؤال جوابا وللجواب صوابا. عباد الله ان من جهل قيمة الوقت وجهل الساعات والدقائق واللحظات فسيأتي عليه حين يعرف فيه قدر الوقت ونفاسته. ولكن بعد فوات الاوان ويعرض ربنا تبارك وتعالى في كتابه الكريم مشهدا من مشاهد الندامة والحسرة التي تمتلئ بها قلوب اقوام لم يعرفوا للوقت قيمته. حينما تحين ساعة الاحتضار ويستدبر الانسان الدنيا ويستقبل الاخرة في تلك اللحظات يتمنى لو منح مهلة من الزمن. واعطي فرصة من العمر واخر الى اجل قريب ليصلح ما افسد ويتدارك ما فات. يقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تلهكم ولا اولادكم عن ذكر الله. ومن يفعل ذلك فاولئك هم الخاسرون. وانفقوا مما رزقناكم من قبل ان احدكم الموت فيقول ربي لولا اخرتني الى اجل قريب. فيقول ربي لو لاخرتني الى اجل قريب فاصدق واكن من الصالحين. ولكن هيهات هيهات ان يجاب طلبه فالاجال مضروبة. ولهذا قال عز وجل ولن يؤخر الله نفسا اذا جاء اجلها والله خبير بما تعملون ومشهد اخر من مشاهد الحسرة والندامة يكون حين توفى كل نفس ما عملت وتجزى كل نفس بما كسبت ويدخلها اهل الجنة الجنة واهل النار النار في تلك اللحظات يتمنى اهل النار لو يعودون مرة الى الدنيا من اجل التدارك الوقت لكي يعملوا صالحا ولكن انى لهم ذلك وقد انقضى زمن العمل وبدأ وقت الحساب. يقول الله تعالى والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها. كذلك نجزي كل كفور وهم يصطلخون فيها ربنا اخرجنا نعما صالحا غير الذي كنا نعمل او لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر اولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوه فما للظالمين من نصيب هذه مشاهد من مشاهد الندامة والحسرة التي تمتلئ بها قلوب اقوام انعم الله بنعمة الوقت والحياة وانعم عليهم بنعمة الصحة والفراغ وفتحت امامهم مجالات العمل الصالح لكنهم فرطوا فيها فعلى المسلم ان يغتنم زمن حياته فيما ينفعه بعد مماته. وان يرى ان كل يوم هو هبة من الله تعالى فالحياة فرصة يتمناها الاموات لكي يعملوا صالحا. فليحرص على الا يمر عليه يوم الا وقد تزود فيه اعمال صالحة يسر ويغتبط بها احوج ما يكون اليها. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم حتى اذا جاء احد لهم الموت قال ربي ارجعون قال ربي ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت. كلا انها كلمة هو قائل ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون. فاذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون. ومن خفت موازينهم فاولئك الذين خسروا انفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كادحون. الم تكن اياتي تتلى عليكم؟ فكنتم بها تكذبون؟ قالوا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين. ربنا اخرجنا منها فان عدنا فانا ظالمون. قال اخشئوا فيها ولا تكلمون انه كان فريق من عبادي يقولون يقولون ربنا امنا فاغفر لنا وارحمنا وانت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا حتى انسوكم ذكري وكنتم منه تضحكون. اني جزيتهم اليوم بما صبروا انهم الفائز بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من ايات وذكر الحكيم. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولسائلكم ولسائر المسلمين لذنبك فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله الكريم المدان العزيز ذي السلطان. خلق الانسان من تراب ثم قال له كن فكان يعطي ويمنع ويخفض ويرفع وكل يوم هو في شأن. احمده تعالى واشكره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ترى لاموري محادثاتها وكل محدثة بدعة. عباد الله واذا نظرنا الى واقع الناس في اغتنام اوقاتهم نجد ان كثيرا من الناس لم يعرفوا نفاسة اوقاتهم. ولذلك فهم يضيعونها فيما لا ينفع. فمن الناس من يضيع كثيرا من وقته في البحث عن متعة الجسد ولو كان ذلك بالحرام. ومنهم من يضيع معظم وقته في مجالس اللعب واللهو والغيبة والنميمة. ومن من هو مشغول طيلة وقته بالتجارة ما ان ينتهي من شغل الا وينفتح عليه ابواب اخرى وكأنه خلق لذلك بينما نجد من الناس من عرف نفاسة وقته فحدد اهدافه واغتنم وقته فيما ينفعه في امور دينه ودنياه وعندما نتأمل في اسباب تضييع الوقت عند كثير من الناس نجد ان من ابرزها عدم وجود اهداف او خطط ان الحياة فهو يعيش وكانه سيخلد في هذه الدنيا. تمر عليه الليالي والايام والشهور والاعوام والمواسم تلو ولا يحدث ذلك في نفسه اثرا او يدعوه لوقفة محاسبة صادقة مع النفس. وقد ذكر الله تعالى عن الكفار انهم يعيشون في هذه الدنيا للطعام والشراب ومتعة الجسد فحسب وليس عندهم اهداف غير ذلك. فحياتهم اشبه بالحيوانات كما قال الله تعالى والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار والمسلم اكرمه الله بالاسلام فعليه ان يحقق الغاية التي من اجلها خلق وهي العبودية لله تعالى حتى يسعد دنيا واخرى. وبالاسباب تضييع الوقت الغفلة وطول الامل. فهو يغفل عن مصيره الذي هو صائر اليه يوما من الايام مهما كدح ومهما امتد به العمر. يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه وان تذكر هذا المصير اذا تذكر هذا البصير يعين الانسان على على اغتنام الوقت. اما الغفلة وطول الامل والغفلة عن هذا المصير الذي لا يتذكره الانسان وان تذكره فيتذكره مع طول الامل في الدنيا وكانه قد ظمن بانه يعيش طويلا يمكنه معهم التدارك. فتظيع اوقاته بسبب ذلك. مع انه يرى الموت حوله يتخطف الناس يتخطف الناس من حوله اصحاء ومرضى وصغارا وكبارا. وان الاجل مغيب عن الانسان ومن اسباب تضييع الوقت الصحبة السيئة للبطالين الذين لا يكتفون بتضييع اوقاتهم بل يصدون على اوقات غيرهم والصحبة لها الاثر الكبير على الانسان. ولذلك فان من يضيع اوقاته يندم يوم القيامة على الصحبة السيئة ويعض على يديه كما قال الله تعالى ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا. لقد اضلني عن الذكر بعد اذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا. يندم في في ذلك الموقف ندما عظيما ويعض على يديه يندم على حياة مليئة بالندم لكن اشد ما يندم عليه الصحبة السيئة لانه يرى اثرها السيء العظيم عليه. فيقول ليتني لم اتخذ فلانا خليلا. ويبين سبب في ذلك بتأثيره الكبير عليه في اظلاله. لقد اظلني عن الذكر بعد اذ جاءني ومن اسباب تضييع الوقت عدم ادراك عدم ادراك نفاسته فهو لا يبالي في تضييعه كيفما اتفق. ولو انه استشعر نفاسة وقته وان الوقت هو الحياة وان الوقت هو عمر الانسان. وان الوقت فرصة يتمناها الاموات كي يتداركوا وان مصير سعادته او شقاوته بحسب ما يملأ هذا الوقت من اعمال فانه لن يضيع وقته النفيس فيما لا ينفع الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير. فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. اللهم ارضى عن صحابة نبيك اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم انصر من نصر دين الاسلام في كل مكان. اللهم اخذل من خذل الاسلام في كل مكان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم حي لامة الاسلام امرا رشدا. يعز فيه اهل طاعتك ويدى فيه اهل معصيتك يأمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن منكر وترفع فيه اعلام السنة وتقمع فيه البدعة يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعه واجعلهم رحمة لرعاياهم. ووفق امامنا وولي امرنا لما تحب وترضى وقرب منه البطالة الصالحة الناصحة التي تدله على الحق وتعينه عليه يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وهجاءة نقمتك وجميع سخطك نسألك اللهم من الخير كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه ما لم نعلم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم