الحمد لله الذي يعلم سر كل نفس ونجواها. وكل بكل انسان ملكين يكتبان ما زكى به نفسه وما دساها احمده واشكره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة من طهر نفسه من الشرك وزكاها. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. المبعوث باكمل شرائع واسناها صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون. اتقوا الله حق التقوى. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. ومن يتق الله ايجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا. ومن يتق الله يكفر وعنه سيئاته ويعظم له اجرا. عباد الله ان من حكمة الله تعالى وتمام عدله ان وكل انسان ملكين يكتبان جميع اقواله واعماله كما قال سبحانه اذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد. ما يلفظ من ولد الا لديه رقيب عتيد. تلى الحسن البصري رحمه الله هذه الاية. فقال يا ابن ادم بسطت لك صحيفة ووكل بك ملكان كريمان. احدهما عن يمينك والاخر عن شمالك فاما الذي عن يمينك في حفظ حسناتك. واما الذي عن يسارك في حفظ سيئاتك. فاعمل ما شئت او اكثر حتى اذا مت طويت صحيفتك. حتى تخرج يوم القيامة. فعند ذلك يقول الله قال وكل انسان الزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا. قال عدل والله فيك من جعلك حسيبا نفسك. ويقول ربنا عز وجل وان عليكم لحافظين. كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون. ويقول انا نحن نحيي الموتى ونكتب ونكتب ما قدموا واثارهم وكل شيء احصيناه في امام مبين. فالعمل الصالح يكتب والعمل السيء يكتب كذلك اما العمل الصالح فكما في قول الله تعالى ما كان لاهل المدينة ومن حولهم من الاعراب ان يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغب بانفسهم عن نفسه ذلك بانهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصبوا ولا مخمصة في سبيل الله. ولا يطأون ان يغيظوا الكفار ولا ينالون عدو ولا ينالون من عدو ميلا الا كتب لهم. الا كتب لهم به صالح ان الله لا يضيع اجر المحسنين. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم اذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على ابواب المسجد فكتبوا من جاء الى الجمعة الاول فالاول. فاذا خرج الامام طويت طوي فاذا خرج الامام طوت الملائكة الصحف. متفق عليه. وكما يكتب العمل الصالح فكذلك العمل السيء يكتب كما قال الله تعالى واذا اذقنا الناس رحمة من بعد الضراء مستهم اذا لهم مكروه في اياتنا قل الله اسرع مكرا. ان رسلنا يكتبون. ان رسلنا يكتبون ما تمكرون. وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثا. اشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون. افرأيت الذي كفر يأتينا وقال لاوتين مال وولد اطلع الغيب ام اتخذ عند الرحمن عهدا؟ كلا سنكتب ما يقول ما يقول ونمد له من العذاب مدا. عباد الله وان من رحمة الله عز وجل بعباده ان الحسنة تكتب في الصحيفة عشر حسنة. اما السيئة فلا تكتب الا سيئة واحدة. اخرج مسلم في صحيحه عن ابي وردت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل اذا تحدث عبدي بان يعمل حسنة فانا اكتبها له حسنة ما لم يعمل فاذا عملها فانا اكتبها بعشر امثالها واذا تحدث بان يعمل سيئة فانا اغفرها له ما لم يعملها. فاذا عملها فانا اكتبها له بمثلها. وقال صلى الله عليه وسلم قالت الملائكة ربي ذاك عبدك يريد ان يعمل سيئة وهو ابصر به. فقال ارقبوه فان عمل فاكتبوها له بمثلها. وان تركها فاكتبوها له حسنة فانما تركها من جراء وكذلك عمل المريض والمسافر يكتب له يكتب ولو لم يعملاه لمن اعتاد على عمل صالح ومنعه منه المرض او السفر يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي اخرجه البخاري في صحيحه يقول اذا مرض العبد او سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما عباد الله ماذا لو استحضر ماذا لو استحضر العبد قبل ان يتكلم او يباشر المعصية ان ذلك مكتوب عليه وكيف ستتغير حال العبد حينما يريد ان يكذب او يغتاب او يطلق لسانه في الكلام البذيء كيف ستتغير عندما يتوقف عند قول الله تعالى ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ان العبد ليعمل اعمالا في الخفاء. يستحي ان يعملها امام الناظرين. فماذا لو استشعر وجود الملكين بيت الا يدعوه ذلك الى الحياء منهم؟ ثم ماذا لو صعد قلبه الى اعلى؟ فاستشعر مراقبة الله تعالى له ينبغي للمسلم اذا اراد ان يتكلم او يقدم على عمل ان يستحضر وجود الحافظين الكرام الكاتبين. فذلك ادعى لان يحاسب نفسه وان يزن الفاظه واعماله قبل ان يندم عليها. عباد الله لو قدر ان انسانا وضعت عليه كاميرا تراقبه بالصوت والصورة ليوم واحد فقط. ستجد ان هذا الانسان يستشعر المسؤولية تحفظوا في كلماته وتصرفاته لاجل نظر المخلوقين في الدنيا. فلماذا لا يستشعر المسؤولية كان يكتبان عليه جميع اقواله واعماله في الدنيا. ثم يحاسب عليها يوم القيامة ان استحضار كتابة الملكين للاقوال والاعمال يجعل المسلم يزن كلماته قبل ان يطلقها. ويزن افعاله وتصرفه قبل ان يعملها نعم ان من يستحضر ان كل كلمة يتكلم بها انها تكتب وان كل تصرف يقوم به انه يكتب ان من يستحضر ذلك فسيتحفظ عن كلام كثير وعن تصرفات كثيرة وتأمل قول الله عز وجل اذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد اي ملك قاعد عن يمينه وملك قاعد عن يساره. ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد. هذا الملك معد ومتفرغ للكتابة عليك يا ابن ادم. ولذلك فهو رقيب ان يراقب الانسان مراقبة شديدة فما ان يلفظ من قول الا ويكتبه. وما ان يعملوا من عمل الا ويكتبه. فهو معد لمراقبة هذا الانسان واحصاء كلماته واعماله وافعاله. وكتابة جميع ذلك. فليستحضر المسلم ليستحظر وجود هذين الملكين وانهما يكتبان عليه كل شيء. وان هذا الكتاب سيخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه من شورى اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولي الصالح واشهد ان محمدا عبده ورسوله امام المتقين صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثات بدعة وكل بدعة ضلالة عباد الله هذا التدوير يكون في الدنيا من الملكين. ويوم القيامة يطلع العبد على عمله. ويقرأ كتابة وكل انسان الزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى اليوم عليك حسيبا. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره. في تفسير الاية وكل انسان الزمناه طائره في عنقه قال ان طائره هو ما طار عنه من عمله. نعم اي عمل تعمله يطير عنك ولكن يبقى الجزاء له او عليه بذلك العمل ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا صغيرة ولا كبيرة الا احصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا. كان الفضيل ابن عياض رحمه الله الله اذا قرأ هذه الاية يقول يا ويلتنا ضجوا الى الله من الصغائر قبل الكبائر. اي انهم قالوا ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها عباد الله المؤمن يأخذ صحيفته بيمينه. والكافر والمنافق يأخذها بالشمال او من وراء ظهره. المؤمن عندما ما يأخذ صحيفته يفرح بها. حتى انه يعرضها على غيره ليقرأها. فاما من اوتي كتابه بيمينه اقول هاء مقرأ كتابية اني ظننت اني ملاق حسابية فهو في عيشة راضية في جنة عالية دانية كلوا واشربوا هنيئا بما اسلفتم في الايام الخالية. فهو يفرح بصحيفته ويطلب من غيره ان يقرأها هاؤمكم فيقول هاؤم اقرؤوا كتابية. واما الكافر او المنافق فانه يأخذها بالشمال او من وراء ظهره ويخاف مما فيها. حتى انه ليتمنى انه لم يعطها ولم يأخذها. واما من اوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم اوت كتابي ولم ادري ما حسابي يا ليتها كانت القاضية ما اغنى عني ماليا هل عني سلطاني ومن هول ما في صحيفته يتمنى الموت فيقول يا ليتها كانت القاضية قال قتادة تمنى الموت ولم يكن في الدنيا شيء اكره عنده من الموت. هذه الصحف يقرأها الانسان على كل حال حتى ولو كان اميا لا لا يعرف القراءة ولا الكتابة. قال الحسن رحمه الله يقرأ الانسان كتابه اميا كان او غير امي وبقرائتها يتبين للانسان نتيجة اعماله ظاهرة امامه حسنة ام قبيحة فاستحضر استحضر ان كل يوم تشرق شمسه هو هبة من الله تعالى لك كي تضيف لصحيفة حسناتك اعمالا الصالحة تسر وتغتبط بها احوج ما تكون اليها. عباد الله ان موقف نشر الصحائف توزيعها على العباد يوم القيامة لموقف عظيم. لموقف مهيب لموقف عصيب. يترقبه الانسان بتلحف شديد. ويظهر للانسان اهمية وقيمة العمل الصالح في الدنيا. كما يظهر له سوء عاقبة في الذنوب والمعاصي كما يظهر كما يظهر للانسان بعدما يستلم صحيفة اعماله ان هناك امور كان يستهين بها في الدنيا لكن اثمها كبير وذنبها عند الله عز وجل عظيم. كما قال الله تعالى لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون وان الايمان بنشر الصحائف يوم الحساب هو من مستلزمات عقيدة المؤمن لثبوته في الكتاب والسنة. وهو وهو ونشر الصحائف والله موقف عظيم ينبغي ان يستحضره المسلم وان يستحضر كتابة الملائكة لاعماله في الدنيا فان هذا الاستحضار يجعله يستشعر المسؤولية عن كلماته التي يتكلم بها وعن اعماله وافعاله التي يقوم بها في الدنيا يستشعر بان كل شيء محصن عليه وان كل شيء مكتوب عليه وانه سيعطى صحيفة اعماله يوم القيامة وسيجد فيها جميع اعماله واقواله التي عملها في الدنيا. ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب اي كتاب الاعمال لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها فكل شيء قد احصي في هذا الكتاب كل شيء قد كتب في هذا الكتاب ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا الا واكثروا من الصلاة والسلام على بشير النذير والسراج المنير. فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. اللهم ارضى عن صحابة نبيك اجمعين وعن التابعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم انصر من نصر دين الاسلام في كل مكان. واخذل من خذل دين الاسلام في كل مكان ان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم امر بامة الاسلام امرا رشدا. يعز فيه اهل طاعتك. ويهدى فيه اهل معصيتك. ويؤمر فيه بالمعروف وانها في هذا المنكر وترفع فيه السنة وتقمع فيه البدعة. يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اصلح احوال المسلمين في كل مكان اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعه واجعلهم رحمة لرعاياهم ووفق امامنا وولي امرنا لما تحبه وترضى وقرب منه البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الخير وعلى ما فيه صلاح البلاد والعباد. يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات. ربنا ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. نسألك اللهم من الخير كله. عاجله واجله ما علمنا منه ما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله لله رب العالمين