ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. يا ايها اناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله عليكم رقيبا. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما عباد الله اخرج مسلم في صحيحه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا مات الانسان انقطع عمله الا من ثلاثة الا من صدقة جارية او علمي ينتفع به او ولد صالح يدعو له. في هذا الحديث العظيم النبي صلى الله عليه وسلم ان عمل الانسان ينقطع بالموت. فان من مات فقد انقطع عن دار العمل وانتقل الى دار الجزاء والحساب. ولذلك فان الحياة فرصة عظيمة للاحياء. في ان يعملوا وفي ان يتزودوا بالاعمال الصالحة فرصة لان ينيبوا الى الله ويرجعوا اليه انك انت ايها انسان انك في دار يتمناها الاموات لكي يعملوا صالحا وما من ميت يموت الا وقد ندم ان كان مسيئا ندم الا يكون قد استعتب وانام. وان كان محسنا ندم الا يكون قد ازداد. روي بعض رؤي بعض الموتى في المنام فقال نحن ايها الاموات نعلم ولا نستطيع ان نعمل وانتم ايها الاحياء تعملون ولا تعلمون. والله لتسبيحة واحدة يجدها احدنا في صحيفته خير من الدنيا وما فيها ولذلك فقد نهي عن تمني الموت لانه بالموت تنقطع الاعمال. ففي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يتمنين احدكم الموت لضر نزل به المؤمن اذا مات انقطع عمله وان المؤمن لن يزيده عمره الا خيرا. عباد الله وفي هذا الحديث العظيم يخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بان امورا ثلاثة لا تنقطع بالموت وانما يجري للانسان اجرها وثوابها بعد مماته. نعم ان الموت تنقطع به الاعمال لكنها الامور الثلاثة لا تنقطع بالموت. الامر الاول صدقة جارية. قال صدقة جارية والصدقة الجارية هي الوقف هي الوقف والتسبيل في امور الخير. فما وقفه المسلم لله تعالى فهو من الصدقة الجارية التي يستمر ثوابها له بعد مماته كعمارة المساجد والاوقاف التي تسبل اوقفوا للانفاق منها على الفقراء والمحتاجين والغارمين. وتفطير الصائمين وسقيا الحجاج وفي مجال الدعوة الى الله عز وجل ونشر العلم النافع ونحو ذلك من الاوقاف في امور الخير. والوقف هو تسبيل الاصل وتسبيل والوقف هو تحبيس الاصل وتسبيل المنفعة. فلا يباع ولا يورث ولا يوهب من افضل انواع القرب اذا كان في امور الخير. ويكفي في بيان فظله ان ثوابه يستمر للانسان بعد مماته ما دام ينتفع به. ولهذا اشار به النبي صلى الله عليه وسلم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما استشاره في انفس مال اصابه ماذا يفعل به؟ ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال اصاب عمر ارضا بخيبر فاتى النبي صلى الله عليه وسلم يستشيره فيها. فقال يا رسول الله اني اصبت ارضا لم اصب ما لم قط هو انفس عندي منه. فما تأمرني به يا رسول الله؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ان شئت حبست اصلها وتصدقت بها اي اوقفتها. فتصدق بها عمر انه لا يباع اصلها ولا يبتلى ولا يورث ولا يهب تصدق بها في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وفي السبيل والضيف. لا جناح على من ولي ان يأكل منها او يطعم صديقا. فتأملوا رحمكم الله هذه القصة وكيف ان النبي صلى الله عليه وسلم اشار على عمر في انفس مال اصابه عمر في حياته. فاشار عليه النبي صلى الله عليه وسلم بان يوقفه فاوقف عمر هذه الارض في وجوه الخير على الفقراء وعلى اقاربه وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف قال اهل العلم ولو كان هناك شيء افضل من الوقت لاشار به النبي صلى الله عليه وسلم على عمر لان مستشارا مؤتمن وعمر اتى النبي صلى الله عليه وسلم يستشيره في انفس مال اصابه في حياته فاشار عليه الصلاة والسلام اشار على عمر بالوقف. فدل ذلك على ان الوقف هو افضل ما تبذل فيه الاموال ولهذا فقد حرص الصحابة رضي الله عنهم حرصوا حرصا شديدا على الوقف. يقول جابر رضي الله عنه لم يكن احد من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة الا وقاه. والمسلمون في العصور الماضية على مر العصور الماضية حرصوا حرصا كبيرا على الاوقاف. بل ان سر نهضة الحضارة الاسلامية هو الوقف. فان الدولة الاسلامية في الماضية كانت مهمتها حفظ الامن الداخلي والخارجي والتقاظي بين الناس. واما ما يتعلق بالخدمات سواء في مجال التعليم او الصحة او الصحة او الطرق او غير ذلك من الخدمات فكانت تعتمد اعتمادا كليا على الاوقاف. فالوقف هو افضل ما تبذل فيه الاموال. والوقف ان وفق الواقف في في ان يقول الوقف مما ينفع المسلمين فقد وفق لخير عظيم. كم من انسان هو في عداد الاموات ووقفه الذي وقفه يدر عليه حسنات عظيمة وهو في قبره. وهذا من التوفيق الذي يوفق الله تعالى له بعض من يشاء من عباده. عباد الله والامر الثاني مما يستمر اجره وثوابه للميت بعد مماته علم ينتفع به. والمراد بهذا العلم العلم الشرعي المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه فيكون توريثه بالتعليم والتأليف والنشر ونحو ذلك. وها نحن نذكر علماء ماتوا من مئات السنين ونترحم وندعوا لهم هذا هو العلم النافع الذي يبقى للانسان بعد مماته. وكلما كان العلم اكثر نفعا واوسع انتشارا كان اعظم ثوابا واجرا. ويدخل في ذلك من دعا الى هدى فان له من الاجر مثل اجور من تبعه ولو كان ذلك بعد مماته. يقول عليه الصلاة والسلام من دعا الى هدى كان له من الاجر مثل اجور من تبعه لا ينقص ذلك من اجورهم شيئا. وثالث هذه الاعمال التي لا تنقطع بالموت او ولد صالح يدعو دعاء الولد الصالح. وهنا نقف وقفة مع هذا الامر. كيف اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم دعاء الولد عمل للانسان وكسبا له مع ان الدعاء من عمل شخص اخر هو الولد. قال اهل العلم ان الولد يعتبر بكسب الانسان وفي هذا دليل على انه ينبغي للمسلم ان يسعى لطلب الولد عن طريق الزواج فان الزواج من سنن كما قال الله تعالى ولقد ارسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم ازواجا وذرية. وقال النبي صلى الله عليه وسلم يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر واحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه فانه له وجاء. ثم انه بعدما يرزق بالولد ينبغي ان يسعى الى اصلاحه وتربيته ببذل اسباب هداية الدلالة والارشاد له وسؤال لها تعالى هداية الارهاب والتوفيق وفي هذا الحديث دليل على ان دعاء الولد الصالح لوالديه انه ينفعهما بعد مماتهما. قال النووي رحمه الله في هذا الحديث من الفوائد ان الدعاء يصل ثوابه الى الميت. وكذلك الصدقة وهما مجمع عليهما. بل ان دعاء ولدي لوالديه حري بالاجابة لان الله تعالى قد امر به في قوله وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. فينبغي اخي المسلم ان تجتهد في الدعاء لوالديك في حياتهما وبعد مماتهما فان هذا داخل في البر بهما وقد امر الله تعالى به في معرض امره بالبر بهما. فقال وقل ربي ارحمهما. فقال وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه احسانا مما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. فذكر الله تعالى الدعاء للوالدين من البر بالوالدين فينبغي للمسلم ان يحرص على الدعاء لوالديه خاصة بعد مماتهما وانقطاع اعمالهما وان من يفعل ذلك لحري بان الله تعالى يقيض له من اولاده فليفعلوا به كذلك فيدعوا له بعد مماته. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب واستغفروه واتوب اليه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين واشهد ان محمد محمدا عبده ورسوله امام المتقين صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. وشر الامور محدثاتها وكل محدثات البدعة. عباد الله ان من الناس من يموت ولا يكون له اي اثار من اعمال صالحة بعد مماته. بل تطوى صحيفة حسناته بموته كل الانسان كان يملك ثروة كبيرة قد تعب في جمعها وتحصيلها. ثم فجأة جاءه الموت انتقل من عالم الدنيا الى عالم الاخرة. وانت قلت هذه الثروة للورثة من بعده. لهم ظلمها وعليه حسابها ولم يوفق لجعل شيء من هذه الثروة فيما ينفعه بعد مماته. ومن الناس من يوفق فيكون له اثار اعمالا صالحة ومن عداد الاموات لكن ثوابها واجرها يجري له من صدقة جارية انفذها في حياته او علم ينتفع به بقيت اثاره بعد مماته او من دعاء ولد صالح له. عباد الله كل الناس يتمنون ان له اثار من اعمال صالحة يدري ثوابها لهم بعد مماتهم. ولكن بعض الناس يؤتى من جهة التفريط. يؤتى الجهة التفريط والابهام وطول الامل حتى يبغته الموت. او حتى يبغته مرض الموت. فلا يستطيع حينئذ ان يقدم ما كان يتمناه. ولهذا قال عليه الصلاة والسلام ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين له شيء يريد ان يوصي به الا ووصيته مكتوبة عند رأسه. قال ابن عمر ما بت ليلة الا ووصيتي مكتوبة عند رأسي فينبغي ان يبادر المسلم لانفاذ ما يريد من اوقاف او وصايا وكتابتها والاشهاد عليها. وينبغي ان اهل العلم في صياغتها حتى لا تشكل حتى لا يشكل تنفيذها على الورثة من بعده. فانه ربما دل على صياغة محررة تكون يكون يكون التنفيذ واضحا بعد مماته ولا يشكل تنفيذ الوصية او الوقف بعد مماته والوقف افضل من الوصية. الوقف يكون في جميع المال اذا لم يكن الانسان في مرض الموت فلانسان ان يوقف ما شاء. واما الوصية فانها لا تكون الا في حدود الثلث فاقل. الا اذا الوقف بعد الممات فيكون حكمه حكم الوصية. عباد الله ومن الامور الحسنة التي يفعلها بعض بعض الناس ومن الامور الحسنة التي يفعلها بعض الناس انه يوقف بيته ويشترط ان يسكنه هو طيلة حياته ويسكن ويسكن فيه من بعده من يحتاج من ورثته. فيكون هذا البيت مركزا للعائلة من بعده. يسكن فيه محتاج من عائلته من ارملة او بنت مطلقة او لم تتزوج ومن اولاد صغار يعيشون في هذا معززين مكرمين ليس لاحد عليهم منا. واذا استغنى عنهم جميع الورثة جعل ريعه في وجوه البر فهذا من حسن التدبير الذي يوفق له بعض الناس. فيحسن بهذا الوقف للمحتاج الى ورثة احسانا عظيما وهو مأجور على هذا الاحسان. الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وارضى اللهم عن صحابة نبيك اجمعين. وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم الاسلام والمسلمين. اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم انصر من نصر دين الاسلام في كل مكان. وخذ من خذل دين الاسلام في كل مكان يا حي يا قيوم يا يا ذا الجلال والاكرام. اللهم امر بامة الاسلام امرا رشدا. يعز فيه اهل طاعته. ويهدى فيه اهل معصيته. ويأمر فيه بالمعروف. وينافيه عن وترفع فيه السنة وتقمع فيه البدعة. يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم واصلح احوال المسلمين في كل مكان. اللهم ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعه واجعلهم رحمة لرعاياهم. اللهم وفق امامنا وولي امرنا لما تحب وترضى. اللهم وفقه وولي عهده لما فيه صلاح البلاد والعباد يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطه نسألك اللهم من الخير كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه ما لم نعلم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غنى للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم