الحمد لله الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحمد لله الذي جعل الليل والنهار في الفتى لمن اراد ان يذكر او اراد شكورا احمده تعالى واشكره حمدا وشكرا كما يحب ربنا ويرضى. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا. فصلوات الله وسلامه عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين. اما بعد فاوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. عباد الله اليوم ورق التقويم الهجري هي اخر ورقة في هذا العام الهجري الف واربعمائة واربعين للهجرة وكنا بالامس القريب ننظر لاول ورقة في تقويم هذا العام وننظر لاخره نظر البعيد وها نحن الان في اخره. عباد الله لو اعمل العاقل فكره في سرعة مرور الليالي والايام وسرعة تصرمها لرأى من ذلك عجبا. ولو تأمل متأمل فيما مضى من عمره قال انقصه لوجد انه قد مر سريعا كلبح البصر. بالامس بدأ هذا العام محملا بالليالي والايام مثقلا بالساعات والدقائق والثواني. فمرت ايامه تباعا من ساعاته سراعا اخذا بعضها برقاب بعض ومؤذنا رحيل اولها بفناء اخرها بدأ هذا العام بشهر محرم ومر على الناس ثمانية اشهر كثمانية ايام. ثم دخل شهر رمضان وعاش المسلمون فيه ليالي يعمرون نهارهم فيه بالصيام وجزء من ليلهم فيه بالقيام. ثم انقضت تلك الليالي والايام. ومر عيد الفطر ورحل. وانتهى موسم الحج حجي وعشر ذي الحجة وانتهى وانتهى موسم عشر ذي الحجة وموسم الحج سريعا وها نحن في اخر هذا العام. وكلما انتهت سنة ومضت تمنى البطالون الاماني في السنة التي تليها وما علم هؤلاء ان الزمن اذا مضى لا يعود وان العمر يذهب وان كل يوم يمر على الانسان يزيد به عمره وينقص من اجله ويقربه الى قبره ويبعده عن اهله يقربه من الاخرة عن الدنيا وكما يقول الحسن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما تمر الليالي والايام والشهور والاعوام تمر ونحن في سبات وفي غفلة هذا يوم تشرق شمسه وذات يوم تغرب شمسه. هذا شهر يدخل وذاك شهر يخرج. هذا يدخل وذاك عام يخرج يقلب الله الليل والنهار. ان في ذلك لعبرة لاولي الابصار. الم الى هذه الشمس تطلع كل يوم من مشرقها وتغرب من مغربها وفي ذلك اعظم الاعتبار فان طلوع ثم غيوبها ايمان بان هذه الدنيا ليست بدار قرار وانما هي طلوع وغيوم لم تروا الى هذه الشهور تهل فيها الاهلة صغيرة كما يولد الاطفال. ثم تنمو رويدا رويدا كما تنوي الاجسام حتى اذا تكامل نموها اخذت بالنقص والاطحلال. وهكذا عمر الانسان فاعتبروا يا اولي ابصار الم تروا الى هذه الاعوام تتجدد عاما بعد عام فاذا دخل العام الجديد نظر الانسان الى اخره نظر البعيد ثم تمر به الايام سراعا فيتصرم ذلك العام كلمح البصر هو في اخر العام وهكذا عمر الانسان يتطلع الانسان الى اخره تطلع البعيد. فاذا به قد هجم عليه الموت بغتة وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد. ربما يؤمل الانسان بطول العمر ويتسلى بالاماني فاذا بحبل الامل قد انصرم واذا ببناء الامان قد انهد وكل ات فهو قريب. عباد الله السنا نرى من يخرج من بيته صحيحا معافا لا يشكو من علة القبر قد اصبح لا يشكو من اي مرض في كامل صحته وعافيته ثم يقام مات فلان ابن فلان اما في حادث سيارة او بسكتة قلبية او بغير ذلك من الاسباب. اصبح سليما معافى لم يخطر بباله الموت ولو بنسبة واحد بالمئة. وامسى في عداد الاموات. لو ان هذا كان قيل له قبل حصول هذا الحادث او السكتة القلبية ونحو ذلك. لو انه اوقف قبل ذلك بدقيقة قال ما املك في هذه الدنيا؟ فسيذكر املا طويلا وعمرا طويلا قوة تجد انه مستبعد الموت في قرارة نفسه ثم اذا هو بعد دقائق تتبدل تلك الاماني والاحلام ويتحسر على تفريطه في على ما مضى من عمره. وتأتي تلك اللحظة الفاصلة التي ينتقل فيها من عالم الدنيا الى عالم الاخرة. مثل نفسك يا اخي مكان هذا الانسان. وكل واحد معرض لان يكون مكانه وما المانع من ان يكون مصيره مصير هذا الانسان. فاتقوا الله عباد الله حاسبوا انفسكم اليوم فانتم اقدر على العلاج منكم غدا فانكم لا تدرون ما يأتي في الغد. حاسبوا انفسكم في ختام وفي جميع ايامكم. فانها خزائنكم التي تحفظ لكم فيها اعمالكم وعما قريب تفتح ترون ما اودعتم فيها خطب ابو بكر الصديق رضي الله عنه قصب الناس فقال ايها انكم تغدون وتروحون الى اجل قد غيب عنكم فان استطعتم الا يمضي هذا الاجل الا وانتم في عمل صالح فافعله. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد خطب الناس ايها الناس حاسبوا انفسكم قبل ان حاسبوا وزنوها قبل ان توزنوا وتأهبوا للعرض الاكبر على الله. يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية عباد الله ولنتذكر بسرعة انقضاء هذا العام نتذكر بذلك سرعة انقضاء العمر وبتغير الاحوال زوال الدنيا. فكم ولد في هذا العام من مولود؟ وكم مات فيه من حي؟ وكم استغنى فيه من فقير وكم افتقر من غني وكم عز من ذليل وكم ذل من عزيز قل اللهم ما لك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير. تولد الليل في النهار وتورث النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب. عباد الله يستبعد الانسان الاجل وربما انه قريب منه وهو لا يشعر. افرأيت ان متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما اغنى عنهم ما كانوا يمتعون. ان هذه الايام والليالي مراحل نقطعها للدار الاخرة. والموت هو مصير جميعا وبموت ينتقل الانسان من دار العمل الى دار الجزاء والحساب. فاستعيدوا من اغتنم عمره في هذه الدار في بما ينفعه في الدار الاخرة. عباد الله ان من الناس من هو منهمك في مشاغل الدنيا على حساب اخرته وما ان ينتهي من شغل الا ويدخل في شغل اخر. وكأنه ما خلق الا للدنيا ويستمر على هذه الوتيرة حتى يفجأه الموت وهو على تلك الحال. يفجأه الموت ولم تنقض اشغاله جاءه الموت على حين غفلة وغرة فيبوء بالحسرة والندامة. يقول الحسن رحمه الله اياكم وما شغل من الدنيا فان الدنيا كثيرة الاشغال لا يفتح رجل على نفسه باب شغل الا اوشك ذلك الباب ان يفتح عليه عشرة تذكر يا اخي تذكر رجل كنت تعرفه من اقاربك او اصدقائك او جيرانك او غيرهم. وتأمل كيف كانت حياته. وكيف كان يقضي اوقاته ثم فجأة اتاه الموت فانتقل من عالم الدنيا الى عالم الاخرة ترك اموالهم وداره واهله ووسد التراب وفارق الاحباب. فما الذي ينفعه الان بعد مماته. وما الذي يتحسر عليه بعد مفارقته لهذه الدار شيع احد السلف جنازة فقال لاحد الحاضرين اترى ان هذا الميت لو رد الى الدنيا لكان يعمل غير الذي يعمل؟ قال نعم. قال فاذا لم يكن هو فكن انت. نعم ان السعيد من اتعظ بغيره وان الشقي من اتعظ به غيرك. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يا ايها الانسان يا ايها الانسان انك فادح الى ربك كدحا فملاقيه. فاما من اوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا الى اهله مسرورا. واما من اوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا. انه كان في اهل مسرورا انه ظن ان لن يحوب. بلى ان ربه كان به بصيرا. بارك الله لي ولكم القرآن العظيم ونفعني واياكم فيهم الايات والذكر الحكيم. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ونساء المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه. انه هو الغفور الرحيم الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد ان محمدا عبده ورسوله الداعي الى رضوانه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. مشار للامور محدثاتها وكل محدثات بدعة عباد الله ان الشهور والاعوام والليالي والايام مواقيت الاعمال ومقادير الاجال ننقضي جميعا وتمضي سريعا والليل والنهار يتعاقبان لا يفتران ومطيتان تقربان كل بعيد كل جديد والسعيد لا يركن الى الخدع ولا يغتر بالطمع. فكم من فكم من مستقبل يوما لا يستكمله وكم من مؤمل لغد لا يدركه ولن يؤخر الله نفسا اذا جاء اجلها. والله خبير بما تعملون عباد الله هذا عام من اعمالكم قد تصرمت ايامه وقوضت خيامه. وغابت شمسه واضمحل هلاله اذا لم بان هذه الدنيا ليست بدار قرار وان ما بعدها وان ما بعدها من دار الا الجنة او فاحذروا الدنيا ومكائدها. فكم مرت من مخلد فيها وصرعت من مكب عليها. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال كن في الدنيا كأدنك غريب او عابر سبيل. وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول اذا امسيت فلا تنتظر الصباح. واذا اصبحت فلا تنتظر المساء. وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك رواه البخاري عباد الله ان الانسان على خير والى خير ما دام يحاسب نفسه ما دام ان محاسبة النفس قائمة ولكن المصيبة عندما تنعدم محاسبة النفس. فيمضي عليه العمر في غفلة ولهو ولا يستيقظ الا بالنوم. ولكن اذا كان الانسان على جانب محاسبة النفس فهو على خير. فينبغي ايها الاخوة ان نحاسب انفسنا ويتأكد ذلك عند تغير الاحوال ومنها في نهاية عام وبداية عام ينبغي ان يقف الانسان مع وقفة محاسبة صادقة يحاسبها عما مضى من العمر ويشارطها على اغتنام ما تبقى من العمر وحياة الانسان فرصة واحدة غير قابلة للتعويض. وليست مجالا للمغامرة والمخاطرة فان هو نجح في هذا الجبال العظيم الذي نحن فيه سعد السعادة الابدية وان ضاع عمره في لهو وفي غفلة فانه يمر بالحسرة والندامة عباد الله جرت عادة بعض الناس في بعض البلدان الاحتفال برأس السنة الهجرية هذا من البدع المحدثة ولا اصل له وانما يفعله بعض المسلمين تشبها بالنصارى الذين يحتفلون برأس السنة الميلادية وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولعن الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم انهم كانوا يحتفلون برأس السنة الهجرية. ويشبه هذا من بعض الوجوه تخصيص اخر يوم من ايام العام الهجري بالصيام او بعبادة من العبادات او يقول اختم عامك بكذا فان هذا كله لا اصل له. نعم محاسبة النفس مطلوبة في جميع الاحوال وتتأكد عند تغير الاحوال كما في نهاية العام كما اثر عن بعض الصحابة انهم يحاسبون انفسهم عند نهاية كل يوم وعند نهاية كل شهر وعند نهاية كل عام وعند توالي المواسم. وان كانت محاسبة النفس مطلوبة في كل وقت كما قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان الله وخبير بما تعملون. اللهم بارك لنا في اعمارنا. اللهم بارك لنا في اعمالنا. اللهم بارك لنا في اعمارنا اللهم وبارك لنا في اوقاتنا. اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسر. اللهم اعنا على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا. اللهم وفقنا لتدارك ما تبقى من اعمارنا في هذه الدنيا. واختم بخاتمة خير يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات. الاحياء منهم والاموات واعز الاسلام والمسلمين واذل الكفر والكافرين. اللهم انصر من نصر دين الاسلام في كل مكان. واخذل من خذل دين الاسلام في كل يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعك. واجعلهم رحمة لرعاياهم. ووفق امامنا وولي امرنا تحب وترضى وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الحق وتعينه عليه ولما فيه صلاح البلاد والعباد يا يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك. نسألك اللهم من الخير كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين