الحمد لله الذي حث على الاكل من الطيبات. وامر بحمده وشكره وهو المتفضل على كل حال رسم بين عباده الاخلاق والارزاق والاجال. احمده تعالى ويشكره وهو الكبير ان واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما عباد الله ان العمل في الاسلام له مكانة عالية ومنزلة رفيعة يا له من اهمية في بناء الامم والحضارات. وفي رقي الافراد والجماعات. وها هم الانبياء البشر عليهم الصلاة والسلام قد عملوا في مجالات شتى. فما من نبي الا له عمل له عمل او مهنة يكسب بها عيشه ويأكل رزقه منها. يقول النبي صلى الله عليه وسلم ما اكل احد طعاما خيرا من ان يأكل من عمل يدك. وان نبي الله داود كان يأكل من عمل يده. ومن الانبياء من عمل نجارا كنوح وزكريا عليهما الصلاة والسلام. ومنهم من عمل حدادا وجميعهم رعوا الغنم كما قال عليه الصلاة والسلام ما من نبي الا رعى الغنم ولم يكن هذا ليعيبهم وهم صفوة عليهم الصلاة والسلام. ان العمل منة شريفة للانسان وهو خير خير له من ان يبقى عالة على غيره من يعيش على ذل السؤال يتكفف الناس سؤالهم واموالهم. عن الزبير بن العوام رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لان يأخذ احدكم حبلا فيذهب فيحتطب ثم يأتي به يحمله على ظهره فيبيعه خير له من ان يسأل الناس اعطوه او منعوه. عباد الله وان الوظيفة امانة تكليف فعلى الموظف ان يحرص على اداء عمله بكل اخلاص وانضباط واتقان. فان الموظف ويتقاضى اجرا على وظيفته. فاذا اخل بجزء من عمله فمعنى ذلك انه قد تقاضى اجرا بغير حق. وكما ان موظف لا يرظى بان يخصم عليه في اخر الشهر شيء من مرتبه. فكذلك ينبغي الا يقصر في اداء عمله. ولكن والموظفين لسان حالهم يصدق عليهم قول الله عز وجل ويل للمطففين. الذين اذا اكتالوا على الناس واذا كالوه او وزنوهم يخسرون. الا يظن اولئك انهم مبعوثون ليوم عظيم؟ فهم يريدون ان مرتباتهم كاملة من غير نقص ولكنهم لا يؤدون العمل المطلوب منهم على الوجه الاكمل الموظف اجير خاص نفعه مقدر بالزمن. فعليه ان يلتزم بالحضور في اول الدوام والا ينصرف الا في اخره وان بعض الموظفين قد اعتاد على التأخر في الحضور واعتاد على الانصراف قبل اخر الدوام. وهذا لا يحل له. لانه يترتب على وهذا انه سيتقاضى اجرا بغير حق. واسوأ من هذا ان يأتي الموظف متأخرا ويوقع على انه حضر مبكرا فجمع بين السيئتين بين مجيئه متأخرا وكذبه. وبعض الناس يخل بعمله بحجة ان ان مديره في العمل قد اذن له وهذه ليست بحجة لان المدير قد يكون متساهلا وقد يكون اسوأ من الموظف في نفسه والمدير له صلاحية محدودة. ولا يملك ما هو فوق حدوده وصلاحيته. والعبرة بنظام المنشأة اذا كان نظام المنشأة يلزم الموظف بالحضور من اول الدوام ولا يسمح له بالانصراف الا في اخره لم يملك ذلك المدير الاخلال بهذا النظام الا في حدود صلاحيته وفي حدود ضيقة مما يكون للموظف فيها اعذار معتبرة عباد الله فينبغي للموظف ان يحرص على الرفق واللين مع المراجعين وعلى تقديم يد العون والمساعدة لهم استطاع الى ذلك سبيلا. فانه ان فعل ذلك ووجد لديه هذا النفس نفس اللين والرفق والمساعدة بمن يأتيه فان النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا له بان الله تعالى يرفق به. يقول عليه الصلاة والسلام اللهم من ولي من امر امتي شيئا فرفق بهم اللهم فارفق به. واما ان شق الموظف على الناس وعقد عليهم واثقل عليهم في طلبات كان بامكانه الا يطلبها منهم. فقد دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم بان يشق الله عليه يقول عليه الصلاة والسلام اللهم من ولي من امتي شيئا فشق عليهم اللهم فاشقق عليه وان هناك امورا اساسية في الانظمة لابد ان يلتزم بها الجميع لانها وضعت للمصلحة العامة وليس المخالف وليس للموظف ان يخالف هذه الانظمة بحجة التيسير على الناس. ولكن هناك امور تخضع لاجتهاد الموظف او ما يسمى بروح النظام او ان الموظف يمكنه ان يقوم بها بدلا من ان يطلب ذلك من المراجع ونحو ذلك. فينبغي ان يكون لدى الموظف نفس التيسير والرفق والحرص على منفعة الناس ما استطاع الى ذلك سبيلا. ان بعض الموظفين موفق لا يكاد يخرج من عنده احد الا وهو راض اما ان يقضي حاجته واما ان يرشده الى كيفية قضاء حاجته واما ان يرده بلطف ورفق ويمحض له النصيحة بادب جم وخلق رفيع فالكل يدعو له. فهنيئا له الاجر من الله تعالى اولا ثم التيسير والتوفيق في حياته والسمعة الحسنة والذكر الطيب له عند الناس ومن الموظفين من هو على العكس من ذلك. معقد صعب لا يكاد يخرج منه احد وهو راض. حتى لو كان لا يملك المساعدة لا يتبرع بالارشاد والتوجيه الى من يساعده. لا تكاد تسمع منه كلمة طيبة كلمة فيها لطف فهذا حري بان يشق الله عليه والا ييسر عليه اموره الخاصة به عباد الله وانه ينبغي غرس ثقافة الانضباط لدى الموظفين بحيث يكون انضباطه في الدوام والانتاجية عادة وسجية للموظف. فعلى المسؤولين من المدراء وغيرهم ان يغرسوا في نفوس موظفيهم جانب والخوف من الله عز وجل وان هذا الموظف اذا اخل بوظيفته فان هذا الاخلال يؤثر على طيب المكسب وانه يكون قد تقاضى جزءا من مرتبه بغير حق. عباد الله ومن حصل له اخلال في وظيفته او صرف له مبلغ من المال بغير حق فلا تصح توبته الا بان يعيد هذه المبالغ التي اخذها بغير حق الى الجهات التي اخذها منها. فان كان الحكوميا فيعيدها الى حساب ابراء الذمة. وقد وضعت الدولة حسابا بنكيا يسمى حساب ابراء الذمة يضع الموظف ما اخذه من الدولة من اموال بغير حق او فيها شبهة من غير مسائلة تيسيرا على الناس واذا كان اخذ اموال بغير حق فما عليه الا ان يعيد تلك الاموال لهذا الحساب مع الندم والتوبة الى الله عز وجل وان كان قد اخذ رشاوى من الناس فلا تصح توبته الا بان يتصدق بمثلها مع الندم والعزم على الا يعود الى ذلك والتوبة الى الله عز وجل. وان كان الانسان لم يأخذ مالا بغير حق بسبب وظيفته. لكنه يخشى من التقصير القيام بالوظيفة على الوجه المطلوب فعليه ان يكثر من الصدقة. فان الصدقة تجبر ما قد يكون لديه من التقصير. وقد اوصى النبي صلى الله عليه وسلم التجار بالصدقة. لان التجارة يشوبها ما يشوبها من الاموال المشتبهة. فكانت هذه الصدقة فيها جبر لذلك الخلل. ولذلك النقص الذي قد يقع من الانسان بسبب تلك التجارة. يقول عليه الصلاة والسلام يا معشر التجار ان هذا البيع يحضره شيء من الكذب فشوبوا اموالكم الصدقة. فارشد عليه الصلاة والسلام ارشد التجار لان يتصدقوا بجزء من اموالهم جبرا لما قد يحصل في تجارته من الخلل والتقصير. وكذا يقال بالنسبة للموظف الذي تخشى من التقصير في القيام بوظيفته ينبغي ان يجبر ذلك بكثرة الصدقة. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. ولي الصالحين. واشهد ان محمدا عبده ورسوله امام المتقين صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة. عباد الله ما قد يقع فيه بعض الموظفين انهم يأخذون هدايا من المراجعين. وهذه الهدايا لا تحل لهم. وهي نوع من الغلول. يقول النبي صلى الله عليه وسلم وقد استعمل عاملا على الصدقة فجاء العامل حين فرغ من عمله فقال يا رسول الله هذا لكم وهذا اهدي الي تعظم النبي صلى الله عليه وسلم شأن هذه المسألة. وخطب وقال ما بال الرجل نستعمله؟ فيقول هذا لكم وهذا اهدي اليك افلا جلس في بيت ابيه وامه فينظر ايهدى اليه شيء ام لا؟ والذي نفس محمد بيده لا يضل احد منها شيئا الا جاء به يوم القيامة. يحمله على عنقه. ان كان بعيرا جاء به له رغاة. وان كانت بقرة جاء بها لها وان كانت شاة جاء بها تيعر. اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد. فانظروا كيف عظم النبي صلى الله عليه وسلم شأن هذه المسألة فما يأخذه الانسان بسبب منصبه الوظيفي كل ذلك معدود من الغلول ومحرم عليه وسيأتي به يوم القيامة يحمله على ظهره وهو على حسب الانظمة والتعليمات مجرم ومعدود ذلك من الفساد. فعلى الموظف ان يتقي الله عز وجل والا يأخذ هدايا من الناس ومن المراجعين بسبب الوظيفة الا ان كان من عادته انه يتهادى مع انسان قبل وظيفته وانه لو قعد في بيت ابيه وامه لاهدى اليه ذلك المراجع هذه الهدية فلا بأس بذلك ضابطوا في هذه المسألة هو قول النبي صلى الله عليه وسلم افلا جلس في بيت ابيه وامه فينظر ايهدى اليه شيء ام لا؟ فاذا اشكل على الانسان هدية اهديت اليه فليطرأ على نفسه هذا السؤال. هل لو جلس في بيت ابيه وامه؟ هل سيهدي له ذلك المهدي هذه الهدية. فان كان الجواب نعم فلا بأس بها. وان كان الجواب لا وان هذه الهدية انما اهديت له بسبب منصبه الوظيفي وهذا نوع من الغلول ولا يحل له ويدخل في الوعيد المذكور في الحديث. ومن الغلول الاختلاس من الاموال العامة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة. رواه مسلم. ومن الصور بذل الرشوة للحصول على مشاريع حكومية بمبالغ باهظة فان الزيادة على التكلفة الفعلية وعلى الارباح المعتادة يعتبر نوعا من الغلول. والرشوة من كبائر الذنوب. وقد لعن صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. ومن الصور ايضا والتلبيس والتزوير على الجهات الحكومية بدفع فواتير غير صحيحة ونحوها فما يأخذه بسبب ذلك فهو داخل في الغنون. ومن ذلك ايضا ان يأخذ مالا مقابلا وهو في واقع الامر لم ينتدب او ان يأخذ مالا مقابل خارج الدوام وهو في الواقع لم يعمل خارج الدوام. هذا لا يحل له ويدخل في الغلو ومن ذلك ان يكتب انه حضر الدوام في وقت كذا والواقع انه حضر بعد ذلك. فعلى المسلم ان يتقي الله عز وجل وان يحرص على طيب المكسب والا يستهين بهذه المسائل. فان بعض الناس يستهين بها باعتبارات كثيرة ومنها ان كثيرا من الناس يفعل ذلك. وهذا ليس بحجة فاذا استهان كثير من الناس بمعصية من المعاصي فان لا يبرر ارتكابها وليستحضر المسلم ما ورد في ذلك من الوعيد. وقد ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم رجل واثني عليه فقال كلا فاني قد رأيته في النار في غلة قد غلها او عباءة وهي شيء من المال الزهيد مجرد عباءة اخذها من المال العام فيقول عليه الصلاة والسلام رأيته في النار. وجاء في رواية اني اني رأيت وفي النار في شملة او عباءة اخذها. والعباءة او الشملة شيء ليس كبيرا. ومع ذلك اخبر النبي النبي صلى الله عليه وسلم بالوعيد الشديد في حق هذا الرجل. وهذا يدل على الوعيد الشديد في حق من يختلس من الاموال العامة لانها ملك مشترك لجميع المسلمين. فعلى المسلم ان يتقي الله عز وجل وان يحرص على طيب مكسبه. وان يجعل ذلك له في الحياة فان خبث المكسب من اسباب عدم اجابة الدعاء وعدم طيب المكسب وعدم وعدم طيب المكسب من اسباب موانع الاجابة. فعلى المسلم ان يحرص ان يكون مكسبه طيبا وان يكون ذلك مبدأ له في حياته. والدولة ايدها الله لها جهات رقابية لمحاربة هذا الامر اعني الفساد المالي والاختلاس من الجهات مؤمن من من الاموال العامة فينبغي التعاون مع هذه الجهات في كشف هؤلاء المفسدين الذين الذين يأخذون من الاموال العامة بغير حق والتعاون مع الجهات التي اناط ولي الامر المسئولية بها في محاربة الفساد الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير. فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. اللهم ارضى عن صحابة نبيك اجمعين. وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم انصر من نصر دين الاسلام في كل مكان وخذل من خذل دين الاسلام في كل مكان وهيء لامة الاسلام امرا رشدا يعز فيه اهل طاعته ويهدى فيه اهلها ويأمر فيه بالمعروف وينافيه عن المنكر وترفع فيه السنة وتقمع فيه البدعة يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعك واجعلهم رحمة لرعاياهم. ووفق امامنا وولي امرنا لما تحب وترضى وارزقه البطانة الصالحة تعينه اذا ذكر وتذكره اذا نسي ووفقه لما فيه صلاح البلاد والعباد. يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انا نسألك من الخير كله عاجله واجله ما علمنا منه ما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم. سبحان ربك رب العزة وكانوا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين