الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا حسنا. ماكثين فيه ابدا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله وعليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. ولا تموتن الا وانتم مسلمون. ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا. ومن يتق الله يكفر عنه وسيئاته ويعظم له اجرا. عباد الله الكلام يعظم بعظمة قائله والحديد في هذه الخطبة عن كلام ربنا في كتابه الكريم. الحديث عن عظمة القرآن ويكفي في ذلك قول الله عز وجل لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله. وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتذكرون. نعم انها عظمة القرآن لو نزل على جبل شامخ يناطح السحاب يناطح السحاب في علوه شموخه تراه خاشعا متصدعا من خشية الله. هذا القرآن العظيم تحدى الله به والانس على ان يأتوا بمثله فعجزوا كما قال ربنا سبحانه قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. ثم تحداهم على ان بعشر سور مثله فعجزوا كما قال سبحانه ام يقولون افترى قل فاتوا بعشر سور مثله وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين. ثم تحداهم على ان يأتوا بسورة من مثله فعجب كما قال سبحانه وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله. وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين انه المعجزة الباقية والشفاء لما في الصدور. نور لا يخبو ضياؤه وبحر لا يدرك غوره. كل كلمة منه لها عجب فيه قصص باهرة وحكم زاهرة ومواعظ زاجرة وادلة ظاهرة يهدي به اله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه ويهديهم الى صراط مستقيم القرآن العظيم ابهر الناس باعجازه وفصاحته وبراعة ايجازه فدالت له القلوب اثرت به النفوس وخضعت له المشاعر وانقادت لسماعه الاسماع الجن عندما سمعوا القرآن تعجبوا منه. تعجبوا منه في عظمته وبلاغته وبيانه تأثيره كما قال الله تعالى عنهم قل اوحي الي انه استبع قل اوحي الي انه استمع نفر من فقالوا انا سمعنا قرآنا عجبا. قرآنا عجبا يهدي الى الرشد امنا به ولن نشرك بربنا احدا. فانظر كيف وصفوا القرآن بانه عجب. عجب غير مألوف يثير الدهاشة في القلوب. وهذه صفة القرآن عند من يتلقاه بحس واع ومشاعر مرهفة عجب ذو سلطان متسلط وذو جاذبية غلابة يلمس المشاعر ويهز اوتار القلوب. يهدي الى وهذه هي الصفة الثانية البارزة كذلك في هذا القرآن. والتي احسها النفر من الجن. حين وجدوا حقيقتها في قلوبهم فاعلنوا الاسلام مباشرة فامنا به ولن نشرك بربنا احدا وكان الكافر المعارض من العرب يسمع القرآن وهم عرب اقحاح يفهمون القرآن جيدا لانه نزل بلغتهم وعندما يسمع القرآن يتحول في لحظة من كافر معاند الى صحابي جليل يضحي الغالي والنفيس من اجل القرآن. فهذا عمر بن الخطاب كان في الجاهلية خصما عنيدا وعدوا لديدا للاسلام وللنبي صلى الله عليه وسلم فما الذي غيره؟ ومن الذي حوله؟ انه القرآن. عندما قرئ عليه قول الله عز وجل طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى الا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الارض والسماوات العلى الرحمن على العرش استوى له ما في السماوات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثرى. وان تجهر بالقول فانه يعلم السر الله لا اله الا هو له الاسماء الحسنى. فتأثر عمر ورق قلبه ودمعت عيناه ولن صدره حتى عرف الصحابة تأثير القرآن في وجهه. ثم اسلم متأثرا بالقرآن وببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له وهذا جبير بن مطعم رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بسورة الطور ولم قد اسلم يومئذ قال فلما بلغ هذه الاية ام خلقوا من غير شيء ام هم الخالقون ام خلقوا السماوات والارض بل لا يوقنون ام عندهم خزائن ربك ام هم المسيطرون؟ قال كاد قلبي ان يطير ثم اسلم رضي الله عنه وهذا النجاشي ملك الحبشة رجل اعجمي ليس بعربي لما سمع جعفر الطيار يقرأ عليه اول مريم بكى حتى اختلت لحيته بدموعه ثم قال ان هذا اي القرآن والذي انزل على عيسى الانجيل يخرج من مشكاة واحدة. وان تعجم فاعجب من ابي جهل وابي سفيان وغيره من صناديد قريش يتسللون في ظلمة الليل الى بيت النبي صلى الله عليه وسلم ليسمعه وهو يرتل القرآن ترتيلا. ولهذا فانهم عندما اكدوا ان لسماع القرآن تأثيرا كبيرا على النفوس. قالوا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوث لعلكم تغلبون. وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون. ولعظمة القرآن كانت الليلة التي انزل فيها خير من الف شهر كما قال ربنا سبحانه انا انزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر. القرآن الكريم له تأثير عظيم في النفوس وله هيبة كبيرة في القلوب تنشرح الصدور بسماعه وتقشعر جلود المؤمنين بالاستماع اليه كما قال ربنا سبحانه الله نزل بل احسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد. القرآن العظيم فيه نبأ ما قبلنا ما بعدنا وحكم ما بيننا هو الفصل ليس بالهزل. من تركه من جبار قصمه الله. ومن ابتغى الهدى في غيره اضله الله. هو الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الاهواء ولا تلتبس به الالسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه. من قال به صدق ومن عمل به اجر ومن حكم به عدل ومن دعا اليه هدي الى صراط مستقيم. عباد الله ان من عظمة القرآن قوة تأثيره على النفوس لمن قرأه بتدبر. ولذلك فان تلاوته والاستماع اليه من اعظم اسباب الثبات خاصة في زمننا هذا الذي تلاطمت فيه امواج الفتن فتن الشبهات وفتن الشهوات بما نراه من انفتاح العالم بعضه على بعض. فنشأت هذه الفتن فالمسلم بحاجة للثبات. ومن اعظم اسباب الشباب ان يرتبط بهذا القرآن العظيم. بل ان الارتباط بهذا القرآن من اعظم اسباب زيادة كما قال الله سبحانه انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم. واذا تليت عليهم اياته زادت ايمانا واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون. فتأمل قول الله واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا. يزيد ايمانهم بالاستماع للقرآن وبتلاوة القرآن من باب اولى ومن عظمة القرآن ان الله يسره للذكر كما قال سبحانه ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من من مدكر؟ ترى الاعجمي الذي لا يعرف من اللغة العربية كلمة واحدة. يقرأ القرآن باتقان واداء عجيب كما يقرأه العربي ومن عظمة القرآن حفظ الله تعالى له. فلن يتغير منه حرف واحد. نقرأه غظا طريا كما نزل. لان وها قد تكفل بحفظه فقال انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون. بينما الكتب السماوية الاخرى كالتوراة والانجيل دخل هالتحريف لان الله لم يتكفل بحفظها بل اوكل بل اوكل حفظها للبشر فلم يحفظوها كما قال سبحانه بما من كتاب الله ورغم ما تعرضت له الامة الاسلامية من هجمات وحروب عسكرية وفكرية شرسة على القرون الماضية الا ان هذا القرآن بقي محفوظا بحفظ الله عز وجل لم يتغير منه حرف واحد وسيبقى محفوظا بحفظ الله عز وجل الى قيام الساعة. ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم. ويبشر المؤمنين الذين الصالحات ان لهم اجرا كبيرا. وان الذين لا يؤمنون بالاخرة اعتدنا لهم عذابا اليما. بارك الله لي ولكم في القرآن ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو التواب الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين. واشهد ان محمدا عبده ورسوله امام متقي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير هدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة. عباد الله ان عظمة القرآن من عظمة به وهو الله سبحانه وتعالى وهو كتاب عظيم مبارك. وعظمة المسلم انما تكون بارتباطه بهذا القرآن العظيم فعلى المسلم اولا ان يعظم هذا القرآن غاية التعظيم. وعليه ان يرتبط به ويعنى به. ومن ذلك ان يتلوه وحق تلاوته. واذا نظرنا الى واقع الناس في تلاوة القرآن الكريم نجد ان احوال الناس في هذا تفاوتا كبيرا. فمن الناس من لا يكاد يقرأ القرآن الكريم في غير الصلوات الا نادرا وهذا يصدق عليه هجر القرآن وانه قد هجر كتاب الله سبحانه. وقال الرسول يا ربي ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورة ومنهم من لا يقرأه الا في رمضان. ومنهم من جعل تلاوة القرآن على الهامش. ان وجد وقت فراغ او اتى المسجد مبكرا قرأ القرآن. والا فقد تمضي عليه مدد طويلة لم يقرأ فيه فيها شيئا من كتاب الله عز وجل وهؤلاء مقصرون في الارتباط بكتاب الله عز وجل. ونجد في مقابلة هؤلاء نجد في مجتمعنا قوما من الله تعالى عليهم بالارتباط بالقرآن الكريم. فنجد من الناس من رتب من وقته نصيبا نصيبا من الوقت لتلاوة القرآن الكريم ورتب على ذلك ان يختم القرآن الكريم في وقت معين. فمن الناس من يختمه في الشهر مرة ومنهم من يختم في كل عشرة ايام مرة ومنهم من يختمه في كل اسبوع مرة ومنهم من يختمه في كل ثلاثة ايام مرة بل قد وجد من يختمه في اقل من ذلك. فهؤلاء ما اعظم اجرهم وثوابهم عند الله عز وجل. ان الذين يتلون كتاب الله واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم اجورهم ويزيدهم من فضله انه غفور شكور. فانظر يا اخي المسلم الى حالك مع القرآن الكريم. فان وجدت تقصيرا في ذلك فابدأ من الان واجعل لك قدرا معينا لا تنقص عنه. قد تزيد عليه لكن لا تنقص عنه. تقرأه كل يوم. لا يمضي في هذا اليوم الا وقد قرأت فيه هذا القدر. وان قدر انه عرظ لك عارض فتقظيه من اليوم الاخر. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من نام عن حزبه يعني عن النصيب الذي قدر لتلاوة القرآن. من نام عن حزبه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب كانما قرأه من الليل. رواه مسلم عباد الله وان من نعم الله تعالى علينا في هذه البلاد. وجود حلقات تحفيظ القرآن الكريم. فلا تكاد تجد مسجدا الا وفي حلقة او حلقات لتحفيظ القرآن الكريم. وهذه الحلقات قد نفع الله تعالى بها نفعا عظيما. ورأينا ثمارها يانعة فمعظم ائمة الحرمين ومعظم ائمة المساجد هم من خريجي هذه الحلقات. هذه الحلقات يجتمع فيها ثلة من ابنائنا يتدارسون كتاب الله عز وجل واحسبوا انه ينطبق عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم قوم في بيت من بيوت الله اي في المسجد يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم وهذا ينطبق على هذه الحلقات فانهم القرآن الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده. رواه مسلم انظر الى هذا الشرف وهذا الفضل العظيم لهؤلاء الذين يجتمعون في المسجد لتدارس كتاب الله عز وجل. ثم هم من خير الناس كما قال عليه الصلاة والسلام خيركم من تعلم القرآن وعلمه. ومن اعظم اسباب صلاح الابناء واستقامتهم ربطهم ومن اعظم اسباب صلاح الابناء واستقامتهم ربطهم بهذه الحلقات. فان الاب عندما ابنه بهذه الحلقات يحسن اليه احسانا عظيما وهو هذا من اعظم اسباب الثبات ومن اعظم اسباب صلاح هذا الابن واستقامته وسيجد اثر بركة القرآن على هذا الابن. وهذه الحلقات تلقى ولله الحمد الدعم ولاة الامر وفقهم الله وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين حفظه الله فقد كان هو الرئيس الشرفي لجمعية تحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض لسنوات طويلة ويدعمها دعما كبيرا. واهيب بدعم هذه الحلقات دعما ماديا حسب الانظمة المتبعة ودعاما معنويا في تشجيع القائمين عليها فانها من المظاهر المشرقة في المجتمع اللهم اجعلنا من اهل القرآن اللهم انفعنا وارفعنا بالقرآن العظيم. اللهم انا نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك او انزلته في كتابك او علمته احدا من خلقك او استأثرت به في علم الغيب عندك ان تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء همومنا احزاننا وهمومنا اللهم اجعله حجة لنا يوم نلقاك وانفعنا وارفعنا بهذا القرآن العظيم. اللهم واعز الاسلام والمسلمين واذلك والمشركين وانصروا من نصر دين الاسلام في كل مكان واخذل من خذل دين اسلامه في كل مكان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم اغفر لنا المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات. اللهم ابري لامة الاسلام امرا رشدا. يعز فيه اهل طاعتك. ويهدى فيه اهل معصيته ويأمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة وجميع سخطك. اللهم انا نسألك ان تستعملنا في طاعتك. اللهم لا تدع لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ووفقنا لما تحب وترظى من الاقوال والاعمال يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في غل الذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى ال وصحبه وسلم