ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. يا ايها الذين اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة خلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما اما بعد فنقف في هذه الخطبة مع حديث من مشكاة النبوة عظيم نفعه جليل قدره ينبغي لكل مسلم ان يتفهم معانيه وان يكون مستحضرا لها عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال يا غلام الا اعلمك فكلمات ينفعك الله بهم فقلت بلى. قال احفظ الله يحفظك. احفظ الله تجده تجاهك تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة. اذا سألت فاسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله. واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك. ولو اجتمعت على ان يضرك بشيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك. رفعت الاقلام وجفت الصحف. وفي رواية قد جف القلم بما هو كائن. فلو ان الخلق كلهم جميعا ارادوا ان ينفعوك بشيء لم يقضه الله لم يقدروا عليه ان ارادوا ان يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه. واعلم ان النصر مع الصبر وان الفرج مع الكرب وان مع العسر يسرا. اخرجه احمد والترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح هذه الوصية وصية من النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس وهي وصية له وللامة جميعا. ويا له ان وصية عظيمة يا لها من وصية جامعة. ولهذا فقد عني بها اهل العلم بل ان بعضهم صنف في طرحها مصنفات وممن صنف في ذلك الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الوصية بقوله احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك. والمعنى احفظ حدود الله وحقوقه واوامره ونواهيه وحفظ ذلك يكون بالوقوف عند اوامره بالامتثال وعند لنواهيه بالاجتناب فيدخل في ذلك فعل الواجبات كجميعها وترك المحرمات كلها. وذلك كله في حفظ حدود الله كما قال الله تعالى والحافظون لحدود الله والعبد اذا حفظ اذا حفظ الله وحفظ حدوده وراعى حقوقه فقد وعد بان يحفظه الله عز وجل فان الجزاء من جنس العمل يحفظه في دينه ويحفظه في دنياه. يقول الله سبحانه له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله. قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الاية هم الملائكة يحفظونه الله فاذا جاء القدر خلوا بينه وبينه. وقال علي رضي الله عنه ان مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر فاذا جاء القدر خليا بينه وبينه. له اي للانسان معقبات من الملائكة يتعاقبون عليه يحفظونه. وقد ذكر الحافظ ابن حجر وقد ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله وغيره. ان كل انسان بين يديه في اليوم والليلة ثمانية من الملائكة. ثمانية من الملائكة. اثنان حافظان واثنان كاتبان فهؤلاء اربعة ويتعاقبون في صلاة الفجر وفي صلاة العصر. كما قال عليه الصلاة والسلام يتعاقبون فيكم ملائكة في صلاة الصبح وصلاة العصر فيسأله ربهم وهو اعلم بهم كيف وجدتم عبادي؟ فيقولون اتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون فاربعة تأتي واربعة تصعد. فاربعة تأتي في في صلاة الصبح الى صلاة العصر اثنان حافظان يحفظان الانسان بامر الله عز وجل. من المكروه. حتى اذا جاء القدر خلا بينه وبينه واثنان يكتبان اعماله عن اليمين وعن الشمال قعيد. ثم يستمر هؤلاء الاربعة من الملائكة مع الانسان الى صلاة العصر فاذا اتت صلاة العصر صعد هؤلاء الاربعة واتى اربعة غيرهم. ويبقى هؤلاء الملائكة الاربع الى صلاة الصبح وهكذا فهذا معنى قوله له معقبات اي ملائكة يتعاقبون عليه. فانظر الى عناية الله عز وجل بالانسان. كل انسان تكون معهم هؤلاء الثمانية من الملائكة بل ان الله عز وجل يحفظ العبد بصلاحه في ولده وذريته كما قال سبحانه في قصة الخضر مع موسى واما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان ابوهما صالحا عباد الله وكما ان الله تعالى يحفظ الانسان الذي حفظه في امور دينه في بدنه واهله وماله فانه كذلك حفظا اخر من نوع خاص هو اشرف واعظم من النوع الاول. وهو حفظه في دينه وايمانه. فيحفظه في حياته من الشبهات المضلة ومن الشهوات المحرمة ويحفظ عليه دينه عند موته فيتوفاه على الايمان عباد الله ما اكثر الصوارف للعبد عن الاستقامة خاصة في زماننا هذا الذي كثرت فيه الفتن. فمن حفظ الله تعالى بحفظ حدوده وصدق تدينه فان الله عز وجل يحفظ عليه دينه. فما ان تعرض له فتنة شبهة الا الله له من يكشفها ويزيلها عنه فلا تستقر عنده. وما ان تعرض له فتنة شهوة الا ويعصمه الله منها جزاء بصدقه واخلاصه كما قال الله عن يوسف عليه الصلاة والسلام كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه اي لانه من عبادنا المخلصين. ولهذا فان الذين يقعون في الفتن فتن الشبهات وفتن الشهوات. اناس لم يحفظوا الله تعالى ولو حفظوا الله عز وجل لحفظهم الله وعصمهم من هذه الفتن ثم قال عليه الصلاة والسلام تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة. اي انك اذا اتقيت الله وحفظت حدوده في حال رخائك وصحتك فقد تعرفت بذلك الى الله فيعرفك ربك في الشدة فينجيك من الشدائد. هذا يونس عليه الصلاة والسلام التقمه والحوت وهو مليم فنادى في الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين. فقالت الملائكة يا رب هذا صوت معروف من عبد معروف فنجاه الله سبحانه فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. ثم قال عليه الصلاة والسلام اذا سألت فاسأل الله اي الله تعالى بالسؤال ولا تسأل غيره من الخلق. اسأل ربك كل ما تريد من خيري الدنيا والاخرة. بل والح على الله تعالى السؤال والدعاء فان الله تعالى يحب الملحين ويحب المتضرعين. لكن لا تسأل الناس لا تسأل الناس اموالهم الا عند الضرورة وقد قال عليه الصلاة والسلام من سأل الناس تكثرا فانما يسأل جمرا فليستقل او ليستكثر كان الامام احمد رحمه الله يقول في دعائه اللهم كما صمت وجهي عن السجود لغيرك فصنه عن المسألة لغيرك ثم قال عليه الصلاة والسلام اذا استعنت فاستعن بالله. وذلك ان العبد عاجز عن الاستقلال بنفسه في الطاعات. ولا معين له على مصالح دينه ودنياه الا الله عز وجل. فمن اعانه الله فهو المعان. ومن خذل فهو المخذول. ولهذا كان من انفع الادعية ان يسأل العبد ربه ان يعينه على طاعته. قال الامام ابن تيمية رحمه الله تأملت انفع الدعاء. فوجدته سؤال العبد ربه ان يعينه على طاعته. ثم تأملت ذلك فوجدته في قول الله تعالى اياك نعبد واياك نستعين. وقد وصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا فقال يا معاذ والله اني لاحبك لا تدعن ان تقول دبر كل صلاة اللهم اعني على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك. فاحرصوا على هذا الدعاء. احرصوا عليه في كل صلاة تصلونها فريضة كانت ام نافلة في الاخير قبيل السلام قل اللهم اعني على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك. بل ادع الله تعالى بهذا الدعاء حتى في الصلاة واكثر منه. فينبغي للعبد ان يستحضر الاستعانة بالله في جميع اموره. في مصالح دينه ودنياه. اخرج البخاري في صحيحه عن الزبير بن عوام رضي الله عنه انه لما كان عند مرض موته وصى ابنه عبد الله بقضاء دينه بعد موته. وقال له يا بني ان عجزت عن قضاء ديني فاستعن عليه بمولاي. قال عبد الله يا ابتي من مولاك؟ قال الله عز وجل ونعم المولى ونعم الوكيل. قال ابنه عبد الله فوالله ما وقعت في كربة من دينه الا قلت يا مولى الزبير اقضي عنه دينه فيقضي الله تعالى عنه دينه اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو التواب الرحيم الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما من شأنه واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان خير الحديث كتاب الله. وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم واشار لهم محدثاتها وكل محدثات بدعة. عباد الله ثم قال عليه الصلاة والسلام في هذه الوصية العظيمة الجامعة. واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك. ولو اجتمعت على ان يضروك بشيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله وعليكم قال الحافظ ابن حجر رحمه الله اعلم ان مدار جميع هذه الوصية على هذا الاصل وما بعده وما قبله متفرع عليه وراجع اليه فانه اذا علم العبد انه لن يصيبه الا ما كتب الله له من خير او شر او نفع او ضر. وان اجتهاد الخلق كلهم جميعا على خلاف المقدور غير مفيد شيئا البتة. علم حينئذ ان الله تعالى هو النافع الضار وهو معطي المانع فاوجب ذلك للعبد توحيد ربه سبحانه وافراده بالاستعانة والسؤال والتضرع والابتهام وافراده العبادة والطاعة عباد الله ان هذه العقيدة اذا اعتقدها المسلم تورثه الرضا وتورثه الاطمئنان وتزيل عنه القلق والهموم والغموم. فهو على يقين بانه لا احد يستطيع ان او يضر الا باذن الله. كما قال الله سبحانه عن السحرة وما هم بضارين به من احد الا باذن الله. فالامور كلها بيد الله تعالى فان فلو اجتمعت الامة كلها من انسها وجنها على ان تنفع الانسان بشيء فلا تستطيع ان تنفعه الا اذا كان الله تعالى قد كتبه له. وان اجتمعت على ان تضره بشيء فلن تستطيع ان تضره الا باذن الله كان الله قد كتبه عليه فالمخلوقون ضعفاء لا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا. وهذا يوجب ان يعلق المسلم رجاءه بالله ولا يلتفت للمخلوقين ان من الناس من هو كثير المخاوف والهموم كثير القلق كثير الخوف والقلق على كثير القلق والخوف على وظيفته. كثير القلق والخوف على صحته. وتجد شاهد هذا في هذه الايام تجد قلقا شديدا وخوفا كبيرا من بعض الناس من انتقال الوباء او العدوى وهذه المبالغة وفي الخوف هذه قد تكون نتيجتها عكسية وكما قال اهل الاختصاص انها تتسبب قد تتسبب في ضعف المناعة عند الانسان هذا من الجهات الصحية ومن الجهة الاخرى ان ان هذا يكون قد تعلق بغير الله سبحانه وتعالى فيوكل الله تعالى هذا العبد الى ما تعلق به فيقع مكروه. لكن الانسان مطلوب منه ان يفعل الاسباب وان يأخذ بالاحترازات الوقائية ويتعلق قلبه بالله سبحانه. فلا داعي لكثرة القلق ولا لكثرة الخوف. انما يفعل ما هو مطلوب منه من بذل اسباب ويعلق قلبه بالله سبحانه. وتجد كذلك في المجتمع من الناس من هو كثير القلق والخوف من السحر ومن العين ومن مس الجاني ومن غير ذلك وتجد انه يتكتم على اموره يكون الله تعالى قد اغناه واعطاه ثروة عظيمة لكن يراه الناس فيظنه فقيرا بسبب شدة التكتم خوفا من العين ونحو ذلك. وهذا دليل على ضعف التوكل عنده وضعف الايمان والا لو قويت عنده هذه العقيدة ورسخت لديه لزالت عنه هذه المخاوف كلها فاصبح لا يرجو الا الله ولا يخاف الا من الله فهو الذي يدبر الامور وهو على كل شيء قدير الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنيب فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن صحابته اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب رب العالمين. اللهم انصر الاسلام والمسلمين. اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم انصر من نصر دين الاسلام في كل مكان. واخذل من خذل دين الاسلام في كل مكان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعه. واجعلهم رحمة لرعاياهم. ووفق ووفق امامنا وولي امرنا ولي عهده لما تحب وترضى. واللهم وفقهما لما تحب وترضى ولما فيه صلاح البلاد والعباد وارزقهم بطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه. يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين الاحياء منهم والاموات نسألك اللهم من الخير كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا وما لم نعلم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين