الحمد لله الذي تفرد بالخلق والتدبير وتصرف بالحكمة البالغة وبديع التقدير لا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر وهو اللطيف الخبير. احمده تعالى واشكره حمدا وشكرا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم وتسليما كثيرا. اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون. اتقوا الله حق التقوى. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم. ومن يطع الله ورسوله فقد خان فوزا عظيما. عباد الله يقول ربنا تبارك وتعالى في محكم التنزيل لقد خلقنا الانسان في كبده خلق الله الانسان يكابد مصاعب ومتاعب هذه الحياة. تختلط فيها المسرات بالاحزان والافراح بالاتراح. والعافية والسلامة بالمصائب والصحة المرض تلك هي الحياة. وهي مع ذلك سريعة التقلب والتغير. فاحداثها متسارعة وامورها لا تثبت على حال كما قال الله تعالى وتلك الايام نداولها بين الناس نعم ان الدنيا لا تثبت للانسان على حال. وخير شاهد لهذا الجائحة التي يعيشها العالم من ثلاثة اشهر تقريبا جائحة الكورونا فلو قيل لاي واحد منا قبل خمسة اشهر فقط ان هناك جائحة ستجتاح العالم هذا العام تغلق بسببها المساجد ويصلي الناس ظهرا في بيوتهم وتعلق بسببها العمرة ويقلصوا بسببها الحجاج الى الف حاج من من الف الى عشرة الاف وتعطل بسببها الدراسة والاعمال وتغلق معظم المحلات التجارية بسببها الناس في بيوتهم فهل سيصدق او انه سيعتذر هذا من عالم الخيالين واذا بهذه الاحداث كلها تقع تقع متسارعة في تغير سريع لاحوال الناس فسبحان من يدبر الامور بحكمته البالغة وهو احكم الحاكمين يقول ابن الجوزي رحمه الله اعلم ان الزمان لا يثبت على حال. كما قال عز وجل وتلك الايام نداولها بين الناس وتارة فقر وتارة غنى وتارة ذل وتارة عز وتارة يفلح يفرح الموالي وتارة الاعادي فالسعيد من لازم اصلا واحدا على كل حال وهو تقوى الله عز وجل فانه ان استغنى زانته وان افتقر فتحت له ابواب الصبر وان عوفي تمت عليه النعمة وان ابتلي جملته لازم التقوى في كل حال فانك لا ترى في الظيق الا السعة. وفي المرظ الا العافية. هذا العاجل والآجل معلوم عباد الله ان المؤمن في هذه الدنيا بين مخافتين بين اجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه واجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه. فليأخذ العبد من نفسه لنفسه. ومن صحته لمرضه ومن من حياته لموته عباد الله تأملوا في هذه الدنيا واحوالها وسرعة تقلباتها وسرعة مرور ايامها ايام وليال تمر سريعا. وتمضي جميعا. قيسوا ما يستقبل منها بما مضى. واعلموا ان ما ما تبقى من العمر سيمر بنفس السرعة التي مر بها ما مضى. فاتقوا الله عباد الله ولا تغفلوا ما لاجله خلقتم وماذا تصيرون اليه اذا انتم متم؟ واعتبروا يا اولي الابصار. عباد الله ان هذه الجائحة جائحة كورونا باحداثها المتسارعة والمتقلبة فيها دروس وعبر وذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد. ومن اعظم دروسها سرعة تقلب الدنيا. وسرعة تغيرها تغير احوال الناس فليعتبر المسلم بذلك. وبما يرى من احداث غريبة عجيبة. وليتدارك ما تبقى من من عمره في طاعة الله عز وجل وفيما ينفعه بعد مماته. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يا ايها الناس ان وعد الله الحق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله غرور. ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ونساء المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو التواب الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين واشهد ان محمد عبده ورسوله امام المتقين صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان خير الحديث كتاب الله. وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة عباد الله انما اتخذته الدولة ايدها الله من اجراءات لتعليق العمرة مؤقتا. وبتقليص اعداد الحجاج من الف الى عشرة الاف يدخل ذلك في الاسباب التي تمنع وتحد من انتشار هذا الفيروس. فانه لو قدر وجود معتمرين مصابين بهذا الفيروس او حجاج مصابين بهذا الفيروس فمن المحتمل ان يتسببوا في نقل العدوى لمعتمرين وحجاج اخرين. بل وللناس المقيمين في مكة ثم ينتقل من مكة الى بقية مناطق المملكة وينتشر انتشارا واسعا. وهذه الاوبئة تنتشر بسرعة في مواطن الزحام. وهذا الاجراء الذي اتخذته دولة اجراء لابد منه. اجراء ضروري لا بد منه للوقاية من الاصابة بهذا الفيروس. ومحاصرته وما ينقل في بعض وسائل التواصل الاجتماعي من ان مكة لا يأتيها امراض معدية فغير صحيح. الواقع ان الامراض المعدية تنتشر في مكة كما تنتشر في غيرها وقد ذكر ابن بشرى رحمه الله تعالى في تاريخه عنوان المجد في تاريخ نجد انه في سنة الف ومائتين وستة واربعين للهجرة وقع وباء عظيم بمكة ابتدأ في اول شهر ذي القعدة من ذلك العام. ثم ارتفع قليلا على دخول ذي الحجة فلما كان يوم النحر في اليوم العاشر من ذي الحجة حل الوباء والموت العظيم في الحجاج وغيرهم. وانه احصي عدد الذين ماتوا فكانوا ستة عشر الف انسان هذا الرقم الكبير من الحجاج ومن اهل مكة كلهم ماتوا في تلك السنة بسبب ذلك الوباء العظيم ولهذا فان هذا الاجراء الذي اتخذته الدولة اجراء ضروري لابد منه. فنسأل الله تعالى ان يرفع هذا الوباء عنا وعن الناس اجمعين. اللهم ارفع الوباء عن عبادك. اللهم ارفعه عن عبادك. وافتح علينا رحمة من رحمته تشفي بها مرضانا وترحم بها موتانا وتجلي بها هذا الوباء عنا. ربنا اتنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب. اللهم اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا. ربنا انك رؤوف اللهم اعز الاسلام والمسلمين واذل الشرك والمشركين. اللهم انصر دينك وكتابك وعبادك المؤمنين. اللهم وفق ولاة والمسلمين تحكيم شرعك والعمل بكتابك وسنة نبيك واجعلهم رحمة لرعاياهم. اللهم وفق امامنا وولي امرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الحق وعلى ما فيه صلاح البلاد والعباد عليه يا ذا الجلال والاكرام. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم انا نسألك من الخير كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم اللهم صلي على عبدك ورسولك محمد وعلى اله وصحبه وسلم