الحمد لله المحمود على كل حال الموصوف بصفات الجلال والكمال المعروف بمزيد الانعام والافضال سبحانه وهو المحمود على كل حال وفي كل حال واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو العظمة والجلال واشهد ان محمدا عبده ورسوله وخليله الصادق المقال اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى اله وصحبه خير صحب وال وسلم تسليما كثيرا اما بعد فاتقوا الله عباد الله. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما عباد الله ان نعم الله تعالى على عباده كثيرة جدا بل انها من كثرتها لا يمكن ان تعد او تحصى. كما قال ربنا سبحانه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها وان من اعظم هذه النعم بعد نعمة الهداية والايمان نعمة لا تقدر بثمن نعمة هي من اعظم النعم هي اعظم من نعمة المال مهما بلغ. انها نعمة الصحة والعافية التي هي من اعظم ما ينعم الله تعالى به على الانسان. وهي اعظم من نعمة المال ويدل لذلك ان الانسان اذا اصابه مرض فانه ينفق ويبذل من ماله الكثير طلبا للصحة والعافية. ولا يسأل مهما بلغت النفقة يقول النبي صلى الله عليه وسلم نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ اخرجه البخاري عباد الله الصحة كما يقال تاج على رؤوس الاصحاء لا يعرف قدرها الا المرضى. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الله العافية ويستعيذ بالله من سيء الاسقام. ففي سنن ابي داود بسند صحيح عن انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ويقول اللهم اني اعوذ بك من البرص والجنون والجذام وسيء الاسقام فكان عليه الصلاة والسلام يستعيذ بالله من هذه الامراض ثم يختم هذا الدعاء بالاستعاذة بالله من سيء الاسقام وكان عليه الصلاة والسلام يسأل الله العافية ويكثر من هذا الدعاء ويجعله مع اذكار الصباح والمساء فقد كان اذا اصبح وامسى سأل الله العافية. قال ابن عمر رضي الله عنهما لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي يقول اللهم اني اسألك العافية في الدنيا والاخرة. اللهم اني اسألك العفو والعافية في ديني ودنياي واهلي ومالي. اللهم استر عوراتي وامن روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن وعن شمالي واعوذ بعظمتك ان اغتال من تحتي وجاء في صحيح مسلم عن انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد خفت وصار مثل الفرخ اي من شدة المرظ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم هل كنت تدعو بشيء او تسأل الله شيئا؟ قال نعم. كنت اقول اللهم ما كنت معاقبي به في الاخرة فعجله لي في الدنيا فقال النبي صلى الله عليه وسلم سبحان الله سبحان الله لا تطيقه هلا قلت اللهم اتني في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار قال فادعوا الله لي فدعا الله فشفاه. قال اهل العلم وفي هذا الحديث النهي عن تعجيل العقوبة. وبذلك يعلم خطأ بعض الناس عندما يقولون يا الله عذاب الدنيا ولا عذاب الاخرة. فان هذا خطأ لان الانسان قد لا يحتمل عذاب الدنيا قبل عذاب الاخرة الذي ينبغي تجنب هذه الالفاظ وان يقول المسلم ما ارشد اليه النبي صلى الله عليه وسلم. اللهم اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة سنة وقنا عذاب النار وفي هذه القصة من الفوائد كراهة تمني البلاء كراهة تمني البلاء فان الانسان ما دام في العافية فهو في سلامة فلا البلاء ولا يتعرض له ولا يتشوف له. يقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله فاذا لقيتموهم فاصبروا. متفق عليه وفيه ان البلاء موكل بالمنطق. فقد يبتلى الانسان بمرظ او بغيره بسبب كلمة تكلم بها او بسبب دعوة دعا بها كما حصل لهذا الرجل عباد الله والمطلوب من المسلم عندما يصاب بمرض او غيره من مصائب الدنيا. المطلوب منه الصبر والاحتسام وان يبتعد عن والتشكي والجزع فان الابتلاء بالمصائب لابد منه. ولا يمكن ان تصفو هذه الدنيا لاحد. لان هذا ينافي طبيعته فهذه الحياة والله تعالى يقول لقد خلقنا الانسان في كبد اي في مكابدة لمصاعب ومشاق الحياة. واخبر النبي صلى الله عليه وسلم بان المؤمن كثير الالام في بدنه واهله وماله ليكفر الله تعالى بها من سيئاته. ويرفع بها من درجاته. يقول عليه الصلاة والسلام كما في الحديث المتفق على صحته مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع. تفيءها الريح مرة وتعدلها مرة. ومثل المنافق كالارزة لا تزال حتى يكون انجعافها مرة واحدة فضرب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مثل المؤمن بخامة الزرع وهي الطاقة الطرية اللينة من الزرع اول ما ينبت بها الريح يمينا وشمالا. واما المنافق والفاجر فشبهه بشجرة الارز وهي الشجرة العظيمة التي لا تحركها ولا تزعزعها الريح وهي شجرة شبيهة بالصنوبر ومعنى الحديث ان المؤمن كثير الالام في بدنه او اهله او ماله. وذلك مكفر لسيئاته رافع لدرجاته. واما الكافر والمنافق فقليل الالام والمصائب حتى يأتي بسيئاته كاملة يوم القيامة عباد الله وان من رحمة الله تعالى بالمؤمنين ان جعل جميع ما يصيبهم من المصائب في الدنيا على اختلاف انواعها مكفرة لذنوبهم خطاياهم حتى الشوكة يشاكها يقول النبي صلى الله عليه وسلم ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا اذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها الا كفر الله بها من خطاياه وفي هذا الحديث بشارة للمسلم فاذا كان مجرد الشوكة يشاكها بل جاء في لفظ عند مسلم حتى الهم يهمه الا كفر الله تعالى بها من سيئاته. فاذا كان مجرد الشوكة ومجرد الهم يكفر الله تعالى عنه به من خطاياه. فكيف بما هو هو اعظم من ذلك. عن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يصيبه اذى شوكة فما فوقها الا الله تعالى بها من سيئاته كما تحط الشجرة ورقها. اخرجه البخاري. فهذا من حكمة ابتلاء الله عز وجل للمؤمن ان ذلك يكون مكفرا لسيئاته وخطاياه اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو التواب الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين واشهد ان محمدا عبده ورسوله امام المتقين صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة عباد الله ان الابتلاء للمؤمن لابد منه لتمحيص المؤمنين الصادقين من غير الصادقين. كما قال ربنا سبحانه ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين. الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون. ويقول احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا تنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ومن انواع الابتلاء التي يبتلي الله عز وجل بها عباده الابتلاء بالامراض والاسقام وقد ذكر الله تعالى عن نبي من انبيائه انه ابتلي بمرض عظيم استمر معه مدة طويلة وهو ايوب عليه الصلاة والسلام والذي يضرب به المثل في الصبر فقد ابتلي بمرض عظيم اطرحه الفراش واصبح لا يتحرك منه الا لسانه وابتلي مع المرظ بالفقر فاصبح طريح الفراش مريضا فقيرا. فتركه الناس القريب والبعيد ولم يبق معه سوى زوجته البارة الصالحة التي من لطف الله تعالى ان هيأها له لكي تقوم عليه ومن عظيم البلاء انه كان قبل ذلك في صحة وفي مال كثير واولاد وسعة من الدنيا ثم فجأة سلب ذلك كله منه ابتلي بالمرض والفقر فبقي طريح الفراش مريضا وحيدا لم يبق معه سوى هذه المرأة الصالحة التي تقوم عليه بالخدمة وتأتي له بالطعام والشراب وذات يوم لم تجد ما تطعمه اياه فباعت شيئا من ظفيرتها بخبز لتطعمه به فلما علم بذلك غضب وحلف بالله العظيم ان شفاه الله تعالى ليظربنها مئة جلدة واشتد به البلاء اشتدادا عظيما وبقي ثماني عشرة سنة على ما قيل بقي على ذلك البلاء العظيم لا يتحرك منه الا لسانه حتى مر به اثنان كان من اخص اصحابه. فقال احدهما للاخر لقد اذنب ايوب ذنبا ما اذنبه احد من العالمين منذ ثماني عشرة سنة وهو على هذا البلاء ولم يرحمه الله. فلما اشتدت به الحال والبلاء تضرع الى ارحم الراحمين. تضرع الى رب العالمين اني مسني الظر اني قد مسني الظر وانت ارحم الراحمين فشفاه الله سبحانه ووهبنا له اهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لاولي الالباب وافتاه الله تعالى بشأن يمينه التي حلف فيها على ضرب امرأته البارة الصالحة التي وقفت معه حين تركه الناس افتاه الله بان يأخذ ظغثا وهو الشمراخ من النخل. فيه مئة قضيب فيظربها به ظربة واحدة فيكون بها هذا قد بر بيمينه وخرج من حنفه وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث ولم تكن كفارة اليمين مشروعة في وقته. والا كان امره الله بها. فانظروا يا عباد الله كيف ان الله تعالى قد جعل هذا النبي مثالا للصابرين ابتلي بهذا البلاء العظيم. ولم ومع ذلك لم يجزع بل صبر. وكان يذكر الله تعالى بهذا اللسان الذي لا يتحرك شيء من اعضائه الا هو الا لسانه فقط وكان طيلة وقته ذاكرا صابرا حتى شفاه الله تعالى فكان مثالا للصابرين الى قيام الساعة وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض موته. يشتد عليه المرض والحمى. يقول ابن مسعود رضي الله عنه دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك اي يصيبه الالم والتعب من الحمى. فقلت يا رسول الله انك لتوعك وعكا شديدا. قال اجل ان اوعك كما يوعك رجلان منكم. قلت ذلك ان لك اجرين؟ قال اجل. ما من مسلم يصيبه اذى شوكة فما فوقه الا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها وهذا عمران بن حصين الصحابي الجليل رضي الله عنه ابتلي بمرض استمر معه قرابة ثلاثين سنة فصبر ولم يجزع ولم يتشكى ولم تسخط وجاء في صحيح مسلم ان الملائكة كانت تسلم عليه عند السحر كل ليلة كل ليلة تسلم عليه الملائكة حتى اشار عليه بعض الناس بان يكتوي فلما اكتوى لم تعد الملائكة تسلم عليه فترك الكي فعادت الملائكة تسلم عليه قبيل وفاته وهذا عروة ابن الزبير التابعي الجليل ذهب الى الخليفة الوليد بن عبدالملك وصحب معه اكبر ابنائه ثمان ابنه دخل اسطبل الخيل فرمحت ابنه فمات وبعد ذلك اصيبت احدى قدميه فقرر الاطباء بترها فبتروها وقد اصيب بفقد الولد واصيب بفقد احدى رجليه ومع ذلك لم يجزع فصبر بل كان يقول اللهم انك قد وهبتني اربعة من البنين اخذت منهم واحدا وابقيت ثلاثة اللهم لك الحمد ولك الشكر. واعطيتني اربعة اطراف يريد ورجليه اخذت واحدة وابقيت ثلاثة اللهم فلك الحمد ولك الشكر انظر الى الصبر وانظر الى الشكر وانظر الى التفاؤل وانظر الى النظرة الايجابية كيف ان من ابتلي ببلاء ينظر الى النعم الاخرى التي انعم الله تعالى بها عليه. ولهذا فان الحالة النفسية للمريض مهمة جدا ينبغي ان يسعى المريض الى رفع معنوياته وان يسعى من حوله كذلك الى رفع معنوياته وان يكون متفائلا حسن الظن بالله عز وجل وان ينظر الى النعم الاخرى التي انعم الله تعالى بها عليه. وان ينظر الى من هو اشد منه مرضا وابتلاء. يقول النبي صلى الله الله عليه وسلم انظروا الى من هو اقل منكم ولا تنظروا الى من هو فوقكم فهو اجدر الا تزدروا الله عليكم اي اجدر الا تحتقروا نعمة الله عليكم الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير. فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه سلموا تسليما. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. وارض اللهم عن صحابته اجمعين وعن التابعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك يا رب العالمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم اذل الكفر والكافرين اللهم اصلح احوال المسلمين في كل مكان. اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعك. واجعلهم رحمة لرعاياهم. ووفق امامنا وولي امرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيتي للبر والتقوى ولما فيه صلاح البلاد والعباد وقرب منه البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم التي تدلهم على الخير وتعينه عليه يا حي يا قيوم. اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات. نسألك اللهم من الخير كله عاجله واجله ما علمنا منه ما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم سبحان ربك رب العزة اما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين